الأهرام المصرية: محمود الورواري
بعد عودة وزير السياحة هشام زعزوع من طهران وتوقيع اتفاقية التعاون السياحي وتسيير الوفود كثر الحديث والتخوف عن هذا الموضوع ولم اجد تعليقا سريعا يختذل ذلك التخوف المطروح سوي انها سباحة ملتوية وليست سياحة,
سباحة نحو شواطئ يصر اصحابها علي ان تبقي نقية بلا اية تصنيفات مذهبية وتبقي بعيدة عن اي استغلال لتازم اقتصادها او كسادها السياحي.
السياحة الايرانية هذه اخذت صوراواشكالا كثيرة اولها السعي لاستكمال العلاقات الدبلوماسية بمعني ان يرتقي التمثيل إلي مستوي سفراء وليس علي مستوي مديري مكاتب خدمة مصالح وهذا اشتغل عليه وسعي اليه الرئيس محمد خاتمي الذي سبق الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد وتوج ذلك السعي الخاتمي بلقاء جمعه مع مبارك في سويسرا, أعقبه مباشرة حزمة من الاجراءات ابرزها ما انتهي اليه البرلمان بقرار تغيير اسم شارع خالد الاسلامبولي الي شارع الانتفاضه ونزع الجدارية الضخمة لصورة الاسلامبولي نفسه, وفعلا وضعت يافتة تحوي الاسم الجديد علي مدخل ذلك الشارع في منطقة الوزارات بطهران ولم تنزع الجدارية بل زاد عليها اقامة نصب وتمثال ضخم له في جنة بهشتي وهي المقابرالاشهر في طهران.
هذا الاجراء يوضح تعدد متخذي القرار في ايران فليس مجلس الشوري الاسلامي ولا الحكومة ولا الرئاسة وأقول ذلك لأن في عهد خاتمي كان الفصيل الاصلاحي الذي ينتمي اليه خاتمي يمثل اغلبية في البرلمان وفي الحكومة والرئاسة معا لكن القرار في ايران لا يخرج بعيدا عن مكتب المرشد الاعلي الرهبر علي خامنئي. وبعدها حين غادر خاتمي و نجح احمدي نجاد في انتخابات الرئاسة2005 عزف كثيرا علي وتر عودة العلاقات وكان الهدف الايراني. وقتها نعيد العلاقات أولا ثم بعدها نناقش موضوع المحاذير والتحفظات الامنية وهذا ما رفضه النظام المصري حيث اصر علي تنظيف الملف الأمني أولا قبل عودة العلاقات رغم تلويح الايرانيين بجزرة السياحة متمثلة في مائة ألف سائح ايراني سينعشون الاقتصاد المصري ووقتها قال مبارك ومن يضمن انهم ليسوا مائة الف ضابط مخابرات, مبارك قال ذلك علي خلفية كفاءة وقدرة المخابرات الايرانية وعلي خلفية واقعة استقالة جورج تينت رئيس المخابرات الامريكية حين اعلن ان هذه الاستقالة ابمثابة اعلان هزيمة للمخابرات الامريكية في العراق امام المخابرات الايرانية, كلام مبارك عن المخبارات الايرانية جاء ايضا في توقيت اختطاف وذبح السفير المصري ايهاب الشريف وكل ما قيل وكتب وقتها حول محاولة الخطف والاعتداء علي السفراء والدبلوماسيين العرب العاملين في العراق.
أضف الي ذلك التقارير الأمنية التي كانت تشير الي عمليات تشيع في سوريا والنيجر والسنغال وافريقيا الوسطي ومعظمها تتم تحت غطاء السياحة واقامة المراكز الثقافية والدعم والتبرعات هذا كله جعل جزرة السياحه الايرانية تفشل مع نظام مبارك حتي بعد ان اعلنت ايران انها ستتبرع الي مصر بمائة الف طن من الغلال. وقد أدرك المصريون أن النظام الايراني يريد أن يحقق تتطورا في عودة العلاقات السياسية دون ان يقدم اية تنازلات امنية لذلك زاد اندهاشي واستغرابي حين علمت بزيارة وزير السياحة الي طهران وتوقيع هذه الاتفاقات ومرد اندهاشي أنه في حدود علمي لم يحدث أي تطور في القضايا الأمنية العالقة وخبرة الاجهزة المصرية الأمنية والدبلوماسية في هذا كبيرة وقلت ان تم ذلك سيكون كحفلة زفاف وليلة دخلة بدون كتب كتاب. علاوة علي ذلك أن مصر في عز سطوة وقوة وحديدية أجهزتها الأمنية تحفظت وخافت فما بالك بحال هذه الاجهزة الامنية المنهكة الآن بفعل توتر واحتقان اوضاع الداخل.
اذن السياحة الايرانية حتي لو وضعت لها ضوابط كما صرح وزيرالسياحة وحددت لها أماكن تكون بعيدة عن القاهرة وأنها ليست سياحة دينية بل سياحة شاطئية وأن الأجهزة الامنية ستقوم بفرز ومعرفة أهداف وطبيعة السائح القادم حتي لو تحقق كل ذلك فإنها لا تقبل إلا إذا جاءت ضمن حزمة من الاجراءات والتسويات تبدأ بالملف الأمني الغامض علي مستوي القضايا العالقة بين البلدين علي أن يكون تنظيف هذا الملف مرتبطا بايجاد ايجابة علي أسئلة الدور الايراني في كل من اليمن من خلال ورقة الحوثيين, وفي البحرين التي يعتبرونها احدي المحافظات الايرانية, وهكذا في جنوب لبنان حزب الله وسلاحه وفي العراق وسوريا الآن بالإضافة الي دول الخليج وموضوع الجزر الاماراتية طنب الكبري/ كنب الصغري/ ابو موسي.
ليس هذا تلكيكا او وضع العصي في عجلات عودة العلاقة, اطلاقا لكنه الدور الذي كتب علي مصر بفعل الجغرافيا والتاريخ ان تقوم به تجاه محيطها واشقائها. كما أن هذا ليس تجنيا علي النظام الايراني الحالي اطلاقا فالرئيس السابق دكتور محمد خاتمي صرح بأن ايران لو توقفت عن اثارة الحروب والقلاقل في دول الجوار لنجحت في ان تكون دولة محورية وهكذا انتقد الشيخ رفسنجاني اداء نظام احمدي نجاد باتباع سياسة توتير الأوضاع في دول الجوار.
ما أخافه فعلا من مسألة السياحة الايرانية أن يكون هناك من اشار علي الرئاسة وعلي الدكتور مرسي أن يستخدم العلاقات الايرانية للتلويح بها في وجه السلفيين وخصوصا حزب النور بعد اشتداد الخلاف حين سلم الدكتور يونس مخيون ملف الأخونة الي الرئيس في جلسة الحوار الأخيرة. وخوفي الأكبر أن يكون هناك من اقترح علي الرئيس ايضا أن يستخدم أيضا هذه العصا ضد الخليج خصوصا الامارات التي تشهد العلاقات معها سحابة نتمني ان تكون عابرة. والخوف يمتد أيضا من أن يكون هناك أيضا من اقترح علي الرئيس أن يستخدم هذه الورقة ضد أمريكا قبيل زيارة جون كيري التي انتهت مؤخرا محركين رسائل مفادها, أما أن تمدوا أيديكم لمساعدة مصر وإلا فلا تلوموناإن مددنا أيدينا للجميع بمن فيهم أعداؤكم!
لو كان ذلك كذلك سيكون هو اللعب بالنار, لأنه وبمنتهي البساطة هناك من أن لو مددت له يدك فلن تعود إليك سالمة.