عاد فضل الله يندب حظه العاثر, حيث لم يستلم المعونة الشهرية من شبكة الرعاية, فقد اخبره صاحب صراف بطاقة “الكي كارد” أن اسمه ضمن المبعدين, لأنه مكتوب عليه انه فوق خط الفقر, حسب القرار الحكومي المقدس, أصاب فضل الله الذهول, فهل غادر عالم الفقر من دون أن يدري, لعن الحكام فردا فردا بكل أنواع اللعن والشتيمة الى أن وصل بيته, تردد كثيرا أن يدخل بيته, فهو لا يحمل لهم الا الخيبة.
كل العائلة تنتظر المعونة, قد سهروا ليلة ألامس يفكرون في رواتب المعونة التي تخص أربعة أشهر, أنها خمسمائة ألف دينار, الأب (فضل الله) كان تفكيره محصورا في شراء مدفأة وكمية من النفط, كي يبدد برودة الجو القارصة, أما ابنه الطالب في الخامس الإعدادي, فكان يفكر في شراء كتب ومجموعة ملازم وقاموس انكليزي, فكل زملائه اشتروها وهو الى ألان يتحسر, أما الابنة فهي طالبة في الثاني المتوسط, وكانت تفكر في شراء حقيبة جديدة وملابس جديدة, كباقي زميلاتها, أما أفكار الزوجة فهي تتمحور في أصلاح باب المطبخ, وشراء زجاج لشباك غرفة النوم المكسور.
تبددت أحلام العائلة الفقيرة, بسبب تقرير الباحث الاجتماعي, الذي استضافوه قبل أن يكتب تقريره المشئوم, هم رحبوا به كثيرا, وقد اشترى له (فضل الله) علبة “سفن آب” كترحيب بالضيف, وقد صلوا معا في غرفة البيت, بقي فضل الله يفكر كثيرا بهذا النوع من الناس, الذي يطعن غدرا بسكين مسمومة.
كان فضل الله يفكرا وبصوت عال: ( ترى لماذا بعض الناس يحمل هذه الكمية من الخبث والحقد, ولماذا تصر الحكومات المتعاقبة على سحقنا, هل الفقر جريمة في العراق الديمقراطي؟ وما هو تأثير مائة ألف دينار على خزينة انفجارية بمليارات الدولارات, لماذا يصر الساسة على استحقارنا, الذنب ذنبنا بان ننتخب فئة قذرة نتنة, بل هم جماعة من الشواذ واللصوص يتحكمون بحياتنا, فيكون طبيعيا أن لا يملكون أي مؤشر أنساني, لأنهم عبارة عن أولاد حرام)).
جلس فضل الله في باب بيته لا يقوى على الدخول, خجلا من عائلته, فهو محبط من حكومة تدعي التدين وأفعالها كفر وطغيان, فان من يحكم مجرد عصابة فاقد للإحساس الإنساني, تتحكم بالمال العام, فتقسوا على الفقير, وتفتح خزائنها للدواعر والشواذ, ممن ينتمون لطبقتها الغارقة بالمال.
أخيرا دخل فضل الله لبيته وتلقته العائلة, انتشرت الخيبة والحزن في أرجاء البيت الصغير, لم يتكلم فضل الله بأي كلمة, فقط أعطائهم الوصل ومكتوب فيه عدم الاستحقاق لان فضل الله فوق خط الفقر.
جلس قرب الطباخ حيث يستشعر الدفء من نار التي يسخن عليها الشاي, يفكر في ما جرى له : ( أحاول أن افهم مغزى هذا التناقض العجيب في العراق, فمن جهة يتجاهلون المليارات الشهرية التي تهدر, كرواتب ومخصصات وإعانات ومنح للبرلمانيين والوزراء والرئاسات الثلاث, ولبطانتهم مثل كل هذا, ثم يجاهدون وبصخب رواتب الفقراء التي هي مجرد “ملاليم” لا تعني شيئا في الموازنة, فيقتطعوها من الفقراء تحت عنوان كاذب وهو ( فوق خط الفقر), أتذكر جارتي العجوز أم فرقد وهي تبكي لمنعها المعونة, أنها أم فرقد التي بالكاد تجد عشاء لأطفالها, لكن الحكومة اعتبرتها ميسورة الحال, حكومة بقسوة كفار قريش, أنها مهزلة حكم الشواذ والعواهر).
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر