أخذتني سرعة الأحداث في المنطقة العربية. بحيث أنستني بأن يوم 6 فبراير يصادف اليوم العالمي للقضاء على الختان إلى ان كلمني راديو ال بي بي سي من القاهرة للمشاركة في الحوار حول زيادة إنتشار الختان في المنطقة العربية. حيث ان النسبة في مصر إرتفعت إلى 91 %.. وفي الصومال 98 %….
والأدهى أنها تضاعفت في اميركا. وأن عدد النساء المختونات في الإتحاد الأوروبي وصل إلى 500 ألف إمرأة.
مشاركتي في البرنامج لم تتعدى الخمس دقائق. ومقالتي اليوم ستركز على كيف نتخلص من الختان في الدول العربية. ومصر على قمتها. نظرآ لريادة مصر في التحديث. وأنها تحمل أكبر النسب في هذ ا الإنتهاك.
لفت نظري مؤخرا. الحملة الإعلامية على قنوات التلفزيون المصرية تحث على التخلص من هذه العادة التي تمثل أبشع انواع القهر والتشويه لجسد المرأة.. وهي خطوة تمثل جزء من الحل على الطريق الصحيح. ولكن يبقى السؤال الأساسي هو لماذا تصاعد العمل بهذه العادة القبيحة والتي تعرض المرأة للخطر طيلة حياتها.في المجتمعات العربية والغربية؟؟
مشاركتي في البرنامج كانت مع السيدة السعودية سميره الغامدي. والتي أعادت الأمر إلى أنه عادة مجتمعية تأخذ ’بعدا أقوى من القانون. ولكن والحق ’يقال أنه عادة مجتمعية ’عمل بها من زمن الفراعنه. ولكنها أخذت زخما من ربطها الغير موثق في الدين بناء على حديث ضعيف لا سند له وإلا ولماذا لم يختن النبي أي من بناته او زوجاته. ولماذا لا ’يعمل به في السعودية… ولكن وبناء على الحديث الضعيف إستعمله الإسلام السياسي المتصاعد. والدليل الأكبر. خطبة الشيخ وجدي غنيم في تونس في أحد الجوامع وأمام 15 ألف من المشاركين. دعا فيها إلى العمل بختان البنات. إضافة إلى تجهيز عيادات متنقله من قبل الإخوان المسلمين لتجول في الصعيد المصري تحث على إجراء عملية الختان بطريقة طبية ومجانية.. وأخيرا فتوى أبو بكر البغدادي. الخليفة المدّعي حامل شهادة الدكتوراة في علوم الشريعة. والقاضية بختان كل النساء من عمر 11 وحتى 46 حماية للمجتمع الإسلامي من إنتشار الفسق والرذيلة بين أبنائه وبناته؟
حسب تقرير اليونيسيف بأن هناك ما يزيد عن 27 مليون إمرأة مصرية تتعرض للختان أي بما يعادل 91 % من عدد النساء في مصر وهي من أعلى النسب في العالم.
وللأسف لازالت الحكومة المصرية الحالية والسابقة تأخذ بأنصاف الحلول.. فخلال العهد السابق وبعد تصريح لإثنين من علماء المسلمين عام 2006 بأن لا أصل لعملية الختان في الدين. كان من الأجدر للحكومة أن ’تجرّم العملية بدل أن تسمح بإجرائها تحت إشراف طبي. ففي هذا العمل محاولة للتقليل من خطورتها.. بحيث يستمر الإنتهاك غاضة النظر عن انها ’تمثل اكبر إنتهاك لحق المرأة في الصحة البدنية. وأن آثارها النفسية والجسدية تبقى ملازمة للمرأة طيلة عمرها. إضافة إلى أن البحث الأكاديمي الذي أجراه الدكتور محمد قنديل في 1000 صفحة ” وهو الطبيب المعروف عالميا “” عمل سلبيا على الحد من هذه الجريمة. لأنه خلص إلى نتيجه مفادها بأن ليس هناك من دليل كاف يؤكد خطورة عملية الختان فيما إذا أجريت على يد أطباء.. بحيث قلل من خطورتها وأعطي الضوء الأخضر للإستمرار بالعمل بها. وسلامتها فيما لو أجريت على يد أطباء؟
والآن نشاهد الحملة الإعلامية. ولكننا نعرف تماما بان هذه الحملة لن تؤتى ثمارها في الأمد القريب. ربما بعد 500 سنة أخرى.. وأن الحل الأمثل والأسرع لوأدها. هو تجريمها. ومن خلال المؤسسة الدينية.
. كلنا نعلم بأن علماء الدين كانوا طرفا مباشرا في وضع قانون الأسرة.. وبناء على تفسيراتهم الفقهيه البشرية. شرّعوا لأكثر القوانين ظلما وإجحافا للمرأة وهو ما يتنافى مع عدالة الخالق.. فلماذا يسكتون ولا يتدخلوا في إصدار قانون إيجابي واحد لحماية المرأة خاصة بعد فتوى داعش للتأكيد على عدم إرتباطها بالدين؟
أما لماذا يتصاعد العمل بختان البنات في المجتمعات الغربية. فالأسباب متعددة ومختلطة ببعضها البعض. جزء منه. فشل الحكومات الغربية في فهم وتقدير خطورة الجوانب السلبية من الثقافات الوافدة. فمثلا وتحت عنوان إثراء المجتمع بتعدد الثقافات تغاضت الحكومة البريطانية عن العديد من الجوانب السلبية في الثقافات الوافدة. آملة بإندماج هذه الجاليات.
ولكن وفي المقابل الخيار السلبي للجاليات بالإنعزال عن المجتمعات الأخرى خوفا على تأثير الثقافات على أبنائها وبناتها بالتحديد.. فمعظم ما عملته هذه الجاليات هو بحث وإستقصاء الثغرات القانونية لزيادة الضمان الإجتماعي والحصول على أفضل مسكن. غير عابئه بالجوانب الإيجابية الأخرى للثقافة الغربية. وهو وبالنتيجه ما أدى إلى صراع نفسي داخلي في الجيل الجديد..
بريطانيا كانت السباقة بتجريم الختان. حيث تصل العقوبة إلى ما ’يقارب العشر سنوات بالسجن او أكثر. إضافة إلى التوعية. في المدارس وفي الجاليات. ولكني واثقة أيضا بأن هذه العملية ستجرم في كل الدول الغربية. وقد تصل إلى نهاية لا ’تحمد عقباها بفصل البنات وترحيل المسؤولين عن العملية (إذا لم يكونوا حاصلين على الجنسية البريطانية ’مسبقا ويأملوا في الحصول عليها بعد الإنجاب).. والخيار مفتوح أمام الجميع إما العمل بقوانين هذه الدول. والتوقف عن إنتهاك حقوق المرأة وإما العودة إلى مراتع الفقر. والثقافة السلبية.
أحلام أكرم
المصدر ايلاف