عبدالرحمن مهابادي*
أثبتت تجارب الثورات في دول العالم، أن أهم عامل يمكن أن يؤدي إلى انهيار نظام الديكتاتورية، هو انتفاضة شعب ذلك البلد ضد الديكتاتورية التي تحكم البلاد. ومثل هذا الواقع يتعزز بوجود معارضة قوية، وضعف نظام الحكم، وكذلك عوامل مساعدة في المناخ الدولي، وهذا ما رأيناه في الأشهر الأخيرة من دكتاتورية محمد رضا شاه بهلوي في عام 1978، والآن في عام 2018نرى تكراره في سياق مستوى جديد أو أقوى. في مثل هذه الحالة، لن يتمكن النظام الحاكم من منع انهياره، والشيء الوحيد الذي من المفترض أن يحصل، هو مسألة وقت ولكن على المدى القصير.
خلال حكم الملالي في إيران وعلى الرغم من أننا رأينا انقسامات جاءت بفعل تأثير الشعب والمقاومة الإيرانية، أو حرب الذئاب الدائرة على السلطة داخل النظام وبالتالي ضعف النظام الحاكم، ولكن الآن مع انتفاضة الشعب الإيراني من أجل الحرية، فإن عملية انهيار هذا النظام أخذت مسارها باتجاه تغيير النظام واستبداله بنظام ديمقراطي وشعبي.
لقد أخذ هذا الانهيار أكثر جدية كل يوم، وقد أثرت النتائج المميتة لاستمرار انتفاضة الشعب الإيراني وأنشطة المقاومة الإيرانية داخل وخارج إيران والتطورات الإقليمية والعالمية، على هذا الانهيار مما زاد في تسارع وتيرته وسوف نرى في المستقبل غير البعيد، نتائجها الرائعة على ساحة التطورات في إيران.
الانعكاس الأول للانتفاضة، التي بدأت قبل خمسة أشهر، كان تصعيد المواجهة بين الجناحين للنظام (الأصوليين والإصلاحيين) حيث اتهمت بعضهما البعض بأنه كان مسببا في هذه الحركة الشعبية. الاصوليون رأوا المشكلة في عدم كفاءة حكومة روحاني في الشؤون الاقتصادية، فيما اعتبر الاصلاحيون عدم وجود حرية سياسية فرضها جناح خامنئي على المجتمع! يمكن مشاهدة أحدث الصراع بين الجناحين في السلطة بشأن حجب شبكة تليغرام وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع النظام، والذي يعمل مثل مستنقع مميت يبتلع النظام بكامله.
يقول صادق زيبا كلام، أحد العناصر المحسوبة على جناح روحاني (إصلاحي) في مقابلة مع إذاعة دويتشه فيله الألمانية، إنه إذا جرى استفتاء في إيران، فإن أكثر من 70 في المائة من الشعب سيقولون «لا» للجمهورية الإسلامية.
أبو الفضل قدياني، عضو في زمرة تسمى مجاهدي الثورة الاسلامية، القريبة من جناح روحاني، قارن خامنئي بغوبلز، وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر، وكتب أن خامنئي، يقول أكاذيب كبيرة، مثل جوبلز. وكان قد أكد قبل مدة أيضا إن «ولاية الفقيه، أعتقد، ليس لها مبادئ أساسية في الإسلام. ولاية الفقيه تشكل إساءة إلى الناس بشكل أساسي وولاية الفقيه هي الاستبداد نفسه»..
محمود أحمدي نجاد رئيس الجمهورية السابق للملالي وأعضاء فريقه، حملوا على السلطة القضائية الخاضعة للولي الفقيه، وأبرز وجودهم أمام خامنئي وخلقوا أزمة في منظومة ولاية الفقيه للملالي.
في الآونة الأخيرة، كتب 300 من حواشي أحمدي نجاد في رسالة إلى علي خامنئي في 5 أبريل 2018: «إن الاحتجاجات الشعبية في السنة الماضية قد دقت ناقوس الخطر بخصوص الانهيار الاجتماعي لإيران … لان الشعب لا يشعر الحكومة بأنها تقف بجانبه بل تعمل ضده».
ليس من المصادفة أن نسمع في 21 نيسان / أبريل على لسان النائب الأول لحسن روحاني: «لبعض الوقت هناك ايحاءات تقول إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدأت تنهار، وبعض الناس يستندون في أوساطهم إلى ذلك ويؤكدون الأمر»..
الآن، الوقت يمر على حساب ديكتاتورية الملالي، وتقترب عقارب الساعة كل يوم من وقت تغيير النظام.
ونعلم جميعاً أن الإطاحة بنظام كهذا، ووفقاً للمؤرخين، هو الدكتاتورية الأكثر ترويعا في العصر الحالي، يختلف عن الإطاحة بالعديد من الديكتاتوريين عبر التاريخ. وبالتالي، يجب أن تبرز نتائج انتفاضة الشعب الإيراني وقدرة واستعداد المقاومة الإيرانية وانعكاسات التطورات الدولية فيما يتعلق بإيران في حقيقة أن انهيار نظام الملالي بات وشيكا وحماية الشعب والمقاومة الإيرانية أصبح أمرا ضروريا مهما، وضرورة تاريخية. لقد تطوّر الوضع، وهناك تحولات في طور الوقوع ستترك آثارها على التوازن الإقليمي والدولي.
كل الأنظار الآن مشدودة صوب انتفاضة الشعب ودور المقاومة الإيرانية فيها. لأنه ومن أجل حل المشكلة الإيرانية، لا توجد طريقة أخرى سوى الحماية والاعتراف بالمقاومة المشروعة للشعب الإيراني. التشدق بالاعتدال داخل النظام لا يعود يسقطب أحدا، ولا أحد يتبع حرباً أجنبية، مثل ما حدث في العراق. وإذا كان من المفترض أن تحدث حرب، فمن المؤكد هو من جانب النظام في إيران، ونتائجه واضحة مسبقا للجميع.
في الوقت الذي تحضر المقاومة الإيرانية نفسها لعقد مؤتمرها السنوي العام في باريس، والذي من المقرر أن يعقد في 30 يونيو في العاصمة الفرنسية، فينبغي أن تدعم جميع الحكومات والحركات السياسية، هذا المؤتمر، ويقفون جنبا إلى جنب مع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية، ويأخذون واجبهم التاريخي في هذا التحول العظيم.
إن المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية هو رمز لبديل ديمقراطي شعبي ضد النظام الديكتاتوري الذي الحاكم في إيران، والذي لا يمكن انكاره لكون امتداد جذوره داخل إيران، وأوراقه منتشرة في جميع أنحاء العالم. وهذه حقيقة أكدها عديدون!
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com