قام الدكتور طلال عبدالله الخوري, رئيس تحرير موقع مفكر حر, قبل سنتين, بكتابة أهم بحث باللغة العربية عن معنى العلمانية, لم يسبقه إليه باحث قط, تجدونه على هذا الرابط ( علماني والثورة السورية ), وقال فيه بأن معنى العلمانية لا علاقة له بتاريخ المعنى القاموسي لكلمة العلمانية, وإنما هي الأحداث التاريخية التي قادت إلى النظام السياسي العلماني المطبق الآن في جميع الدول العلمانية, والتي بدأت قبل 400 سنة بمعاهدة ” ويستفاليا”عام 1648, التي أوقفت حرب الثلاثين عاما بين البروتستانت والكاثوليك والتي راح ضحيتها ما يقارب ال 30 مليون قتيل, عدا الخراب والدمار… حيث عندها أدرك المتحاربون بأن لا فائدة من استمرار القتال واتفقوا على تحييد الخلافات الدينية التي اشعلت الحروب, وتسليم زمام الحكم لهيئة مدنية محايدة منفصلة عن تناقضات الخلافات العقائدية,.. ثم وضع تعريف مبسط للعلمانية وهو: لندع كل الخلافات التي تفرقنا واعتبارها مسألة شخصية, ولنلتف حول ما يجمعنا من عيش مشترك لنبني ونطور مجتمعاتنا, ونضع صيغة دستورية تمنع رجال الدين والسلطة من استغلال الدين لاستعباد الناس وسرقة عرقهم أو زجهم بحروب هدفها زيادة ثروة وتسلط رجال الدين والسلطة,.. واضاف بانه ليس هناك أي علاقة بين الالحاد والعلمانية, والذين اسسوا للعلمانية هم مؤمنون بالله لا بل بذلوا دمائهم في سبيل الله حسب معتقدهم, والفصل بين الدولة والدين هو لحماية الدين والمؤمنين من استغلال رجال الدين والسلطة.
بعد هذه المقدمة نعود للموضوع الأساسي وهو ما تداوله نشطاء المعارضة السورية عن الوثيقة الموقعة بين جبهة النصرة الإرهابية التي يدعمها ويمولها كل من تركيا وقطر وجماعة الإخوان, وهيئة تحرير الشام التي تمولها السعودية بشأن إيقاف الاقتتال بينهما (شاهد صورة الوثيقة) والتي جاء بها ما يلي: ” تم الإتفاق بين الأخوة في حركة أحرار الشام الإسلامية وهيئة تحرير الشام على وقف إطلاق النار وإخلاء المحتجزين من الطرفين وخروج الفصائل من معبر باب الهوى وتسليمه لإدارة مدنية.” انتهى الإقتباس من الوثيقة
وكأن التاريخ يعيد نفسه حرفياً, واعتراف الطرفين بوضع الاحتكام الى الشريعة الاسلامية جانبا لأنه غير مجدي, وتسليم الحكم لإدارة مدنية مفصولة عن الخلافات العقائدية, هو العلمانية بالضبط, وهذا هو اعتراف موثق منهم بأن العلمانية هي الحل !! اي بالضبط كما حدث في أوروبا قبل 400 سنة.