جميل صدقي الزهاوي؛ نُظِمت في تشرين الأول- أكتوبر 1929
مراجعة: رياض الحبيّب؛ تموز- يوليو 2012
https://mufakerhur.org/?author=6
خاص: المُفكِّر الحُرّ
– – –
سادسًا: الإله
قال ماذا هو الإلهُ فهلْ أنتَ مُجيبي كما يُجيب الخبيرُ؟
قلتُ أنّ الإله فوق منال العقل مِنّا وهْوَ العزيزُ الكبيرُ
إنّما هذه الطبيعة ذاتُ اللاتناهي كتابُهُ المسطورُ
إنها للإله سِفْـرٌ قديمٌ * ذو فصول والكائنات سُطورُ
ولقد قال واصفوهُ هو الأعلمُ مِنّا بما تكنّ الصدورُ
إنه في الجبال والبر والبحر من الأرض والسماوات نورُ
فلهُ الأرض ما لها من سكون * والسماوات ما بهنّ فطورُ
كل حَيٍّ به يعيش ويردى * ليس إلّـا كما أراد الأمورُ
إنهُ واهب الوجود فلولاه لما كان للوجود ظهورُ
إنه واجب الوجود فقد كان ولا عالمٌ ولا دستورُ
عرشه في السماء وهْوَ عليهِ * مُستوٍ ما لأمْرِهِ تغييرُ
وهو يهتز للمعاصي كما يهتز في زرقة الصباح السَّريرُ
وهو إن قال كنْ لشيء يكون الشيءُ من فوره فلا تأخيرُ
إنّ هذا ما قد تلقّنتُهُ والقلبُ مِن شكِّهِ يكاد يخورُ
قلتُ ما قلتُ ثمَّ أنّكَ لا تدري أحقٌّ ما قلتُهُ أمْ زورُ
وأرى في الصّفات ما هُوَ لله تعالتْ شؤونُهُ تصغيرُ
ما عقابي مِن بَعْد ما صَحَّ نقلًـا * إنّ ما قد أتيتُهُ مقدورُ
ليس في ما قد جئتُهُ مِن خَيارٍ * إنني في جميعِهِ مجبورُ
وإذا كان منه كفري وإيماني فإنّ الجزاء شيءٌ نكيرُ
ألِلَهْوٍ والله ليس بلـاهٍ * أم لجُورٍ والله ليس يجورُ
أمِن الحقّ خلقُ إبليسَ وهْو المُستبدّ المُضَلِّلُ الشِّرِّيرُ
إنه يُلقي في النفوس شكوكًا * ذاتَ أظفارٍ نزْعُهُنّ عَسيرُ
إنّما في الدّارَين عَسْفٌ وحَيفٌ * غير أنّ السماء ليست تَمُورُ
فلِناسٍ تعاسةٌ وشقاءٌ * ولناسٍ سعادةٌ وحُبُورُ
قال ما ذاتُهُ؟ فقلتُ مجيبًا * بلسانٍ قد خانهُ التفكيرُ
إنني لا أدري مِن الذّات شيئًا* فلقد أُسدِلتْ عليها السُّتورُ
إنما عِلْمِي كلُّهُ هُوَ أنّ الله حيٌّ وأنَّهُ لا يَبُورُ
ما لكلِّ الأكوان إلّـا إلهٌ * واحدٌ لا يزول وهْوَ الأثيرُ
ليس بين الأثير والله فرقٌ * في سوى اللفظ إنْ هَداكَ الشّعورُ
وبحسْبي إني صَدَعْتُ بما أدري على عِلْمِي أنهُ سيَضِيرُ
وإذا لم أرِدْ لأبْسُطَ رأيي * في جوابي فإنني مَعـذورُ
أمِن السهل أن أغيّرَ قلبي * بعد ما في الفؤاد بان القثيرُ
قال إني أرى بخدِّك تصعيرًا فهلْ أنتَ يزدهيكَ الغرورُ؟
قلت من مات لا يُصَعِّر خدًّا * ليس بالموتى يُخلَقُ التصعيرُ
إنني أخشى الظالمين فلا أفـتي إليهِمْ بما برأسي يدورُ
أيّ ذي شَكوةٍ يقولُ صَريحًا * وعَـليهِ سَيفُ الأذى مشهورُ؟
* * *
فطور؛ أظنّ الشاعر أراد بها جمْع فَطْر أي شَقّ، ج: شقوق. فلعلّه قصد أنّ السماوات متصلة لا فاصل بينها وتاليًا فالسماوات= سماء واحدة¤ الصفات؛ أراد بها أسماء الله الحُسنى¤ الدّارَين؛ أراد بهما الأولى والآخِرة- المُراجع
– – –
من قاموس المُنجد في اللغة والأعلام ط 38 دار المشرق، بيروت
المسطور: المكتوب¤ يخور: يفتر ويضعف، ينكسر¤ عسف السلطان: ظلم¤ حاف عليه يحِيف حَيفًا: جارَ وظلم¤ تمور: تمُوج وتضطرب¤ حُبور: مسرّة| الحَبْرة: السرور، النعمة¤ لا يبورُ: لا يهلك¤ الأثير- عند علماء الطبيعة: مادة لا تقع تحت الوزن تتخلل الأجسام ويكون امتداد الصوت والحرارة بواسطة تموّجاتها (يونانية)¤ صَدَعت؛ صَدَعَ الأمر: كشَفهُ وبيَّنهُ| صدع بالحق: تكلّم به جهارًا وذلك مأخوذ من الصّديع وهو الصّبح¤ يضِير؛ ضارَه الأمر: أضرّ به¤ القثير؛ تقثّر الرَّجُل: تردّد وجزع¤ صَعَّر خدَّه للناس: أي أماله بحيث ينال منه الناس دلالة على المَذلَّة¤ مشهور؛ شَهَرَ السّيف: سَلَّهُ فرفعَهُ
¤ ¤ ¤