ثلاث حقائب وزارية

iraqdevidedفي الساحة العراقية تشتعل الان ثلاثة تحركات يطلق عليها اولاد الملحة اسم الحقائب الوزارية.
الاولى:اعلام داعش.
الثانية: الاعلام العراقي.
الثالث:الطائفية.
في الاولى،ودعونا واضحين، تخطى اعلام داعش كل المدارس الاعلامية العربية ومنها العراقية بدليل ان المواطن العراقي بشكل خاص يتابع يوميا تقريبا اخبار داعش عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليشبع فضوله اولا وليرى المآسي الالحادية ثانيا.
انه ولاسبيل الى نكران ذلك، اصبح مربوطا من اذنه وعينيه ويديه لهذا الاعلام الذي استغل مواقع التواصل ليؤسس مدرسة اعلامية جديدة قوامها التخويف والترغيب غير عابئ بما يفكر به الاعداء ان وجدوا.
انه اعلام يدخل الى الساحة العربية والعراقية بوجه خاص لاول مرة بعد ماكان محصورا بين ازقة و”درابين” سلاطين الخلافة و”اللكامة” منذ اكثر من الف سنة ولهذا تجد المواطن محاصر من كل الاتجاهات بهذا الاعلام الذي يطل عليه صباح مساء دون كلالة.
لاسبيل الا الى القول ان هذا الاعلام حقق جزءا كبيرا من استراتيجيته فيما يريد.
في الثانية مازال الاعلام العراقي كعادته يمشي على اربع عكازات يستبدلها بين حين وآخر بكرسي متحرك يمشي بوقود الديزل غير المتوفر في الاسواق.
هذا الاعلام الكسيح لم يستطع حتى هذه اللحظة ان يقول مايريده الناس منه، تراه مرة يصير مهرجا ويحسب نفسه ظريفا وهو يسخر من داعش ومرات يحاول ان يقدم برامج على غرار “اكو واحد اثنين ثلاثة” ليقول انه يريد ان يسري عن نفوس المشاهدين التعبانين. وفي كل الاحوال ورغم انه يحاول في استثناءات قليلة ان يكون جادا عارضا للحقائق المجردة الا انه اعرج بانتظار من يعينه في مشيته.
طيلة السنوات الخمسين الماضية لم يستطع هذا الاعلام ان يقدم صورة حقيقية عن تفاصيل الحياة اليومية التي يعيشها الناس انطلاقا من ان الاعلام في اكثره محسوب على الحكومة ولايجوز للحكومة ان تشتم نفسها. انه فخ مريض وقع فيه الاعلام العراقي ولاسبيل الى نهوضه من كبوته الا بقدرة قادر، واول شرط لهذا القادر ان يكون متحيزا للناس وليس للحكومة ولايرتبط باي جهة كانت شريفة او غير شريفة.
لماذا…؟
لأنه امام اعلام لايحسب للمصروفات الباهظة اي حساب ،انه يعمل ضمن ايدلوجية تحتم عليه ان يصافح الشيطان من اجل انجاحها خصوصا وانه عرف بالضبط كيف يفكر الاعلام الآخر.
تخيلوا لو ان “داعش” يفعل مايفعله في الغرب،فماذا سيحدث؟.
سترتجف الحكومات وتبحث في اجتماعات طارئة عن افضل السبل لمواجهتها،وتبرى اقلام الصحفيين بكل فئاتهم ليدلوا بدلوهم، ثم يأتي دور الشعب الذي قد يصبر قليلا ولكن بعد ان يتأكد ان هذه الحكومة او تلك لم تعد صالحة له يخرج الى الشوارع ،ليس باداء فريضة اللطم وانما لاجبارها على الاستقالة واحلال حكومة جديدة.
ستقولون، ان وعي الناس هناك قد اجتاز مراحل الخوف من السلطة منذ سنوات طويلة ونحن مازلنا نعيش المرحلة حتى هذه اللحظة.
هذا صحيح تماما ولكن المعطيات تشير الى اننا مستعدون للاحتجاج والصراخ ضد الظلم بدليل الاستعدا ات الجارية لانطلاقة المسيرة المليونية المتمثلة في “ركضة طويريج” والتي لو استغلت في طرح كل مايعانيه الناس والمطالبة بابسط حقوقهم والنوم في الشوارع كما فعل شعب الفلبين الذي طرد ماركوس اقسى ديكتاتور بالعالم لكنا نعيش في نعيم خصوصا وان اي حكومة قادمة ستحسب الف حساب لهذه الركضة في السنوات المقبلة.
وسيكون كل آل البيت سعيدين وهم في جنات الخلد.
وفي الثالثة تقف الطائفية تنينا يخرج النيران حتى من مؤخرته بوجه الآخرين،وكان الشرفاء يأملون ان يصدر هذا البرلمان الكسيح قانونا يجرم فيه كل من يدعو الى التفرقة بين ابناء الوطن الواحد بل وسيحوز اعلام الحكومة على الاحترام والتقدير حين يعرض نماذج من هؤلاء الامعات،شيعة وسنة، المتهمين بالطائفية وماهي الاحكام التي صدرت بحقهم.
ايتها السيدات والسادة:
عقرب داعش مازال يتحرك بقوة وسطكم ولابد من اعلام يرمي المسبحة بعيدا ويتجه الى هؤلاء الذين يريدون ان يعيشوا بامان.
عقارب الطائفية خرجت ولابد من احذية زبلوق حلا لها.
هناك عقارب صغيرة تنتظر ان تكبر على حساب الملايين في الاهوار والارياف والنواحي والقصبات ولابد من رفع البطاقة الصفراء بوجوههم حتى يقفوا عند حدهم.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.