توثيق جرائم بشار الأسد والخليفة الدجال ابو بكر البغدادي
في خضم الحرب والقصف الجوي في سوريا، هناك جيش سري يعمل بهدؤ وبسرعة في معركة من نوع أخر وهي جمع الحقائق والأدلة والوثائق المتعلقة بأي جرائم تم ارتكابها على الساحة السورية من قبل المتصارعين لا سيما النظام السوري وتنظيم داعش.
حيث كشفت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا النقاب عن تحرك دولي برئاسة هيئة العدالة والمحاسبة الدولية
Commission for International Justice and Accountability
لتوثيق جرائم النظام السوري وتنظيم داعش بهدف عقد محاكمات دولية للمتورطين بجرائم ضد الانسانية.
وقبل الخوض بالتفاصيل لا بد من التذكير انه عشية انعقاد «جنيف 2»، نشرت وسائل اعلام غربية تقريراً موّلته قطر تضمّن 55 ألف صورة لـ 11 ألف معتقل «توثّق جرائم حرب يرتكبها النظام السوري. وفيما أدانت أنقرة «الصمت العالمي»، شككت موسكو بالأدلة وطالبت بالتحقق لأن الأزمة السورية تشهد حرباً إعلامية أكثر منها ديبلوماسية حسب التقييم الروسي. رغم التحفظ الروسي أكدت «سي أن أن» أنها «قد تدين الأسد بالقتل الممنهج»، ونشرت مع صحيفة «غارديان» البريطانية، حصرياً، «تقرير الأدلة المتعلق بتعذيب وإعدام الأشخاص المسجونين من قبل النظام السوري الحالي». يتألف التقرير من 31 صفحة، وقد أعدّه ثلاثة محامين وأُرفق بالصور التي أظهرت جثثاً لأشخاص «قتلوا جراء الجوع والتعذيب»، وهم أشبه بهياكل عظمية، غالبيتهم عراة، وتحمل أجسادهم آثار تعذيب شديد. ويؤكّد التقرير أنه لم يجر التلاعب بالصور، بحسب «مختبر بريطاني».
الموقف الروسي معروف واجندته معروفة وهي استمرار النظام لأطول فترة ممكنة بغض النظر عن الجرائم والاخطاء الكارثية التي ارتكبها منذ ربيع عام 2011.
وأكد قانونيون وجود الكثير من الوثائق التي تؤكد انتهاكات النظام السوري، جرى رصدها وتوثيقها بشكل مهني لاستخدامها في أي تحرك قادم لمحاكمة الرئيس السوري بشار الأسد وكل من تلطخت يداه بدماء السوريين.
كما تولى ناشطون سوريون وشخصيات في النظام السوري متضامنة مع الثورة توثيق كل انتهاكات وجرائم نظام بشار الأسد، تحضيرًا لملف محاكمة من تلطخت يداه بدم الشعب.
تطورات جديدة ستزعج دمشق وداعش:
وفي تطور جديد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية 7 اكتوبر الحالي تقريرا كان غير قابل للنشر قبل شهور لأسباب تتعلق بحماية جمعيات وافراد من انتقام السلطات. مهمة تلك الجماعات والافراد جمع ما تسميه الصحيفة بالغنائم وهي الأدلة التي تحتوي اسماء المتورطين بجرائم النظام. اسماء العسكريون الذين يصدرون الأوامر بقصف المدنيين وتعذيبهم واستهدافهم بالبراميل المتفجرة. الهدف في النهاية هو مثولهم امام محكمة الجنايات الدولية بتهمة جرائم ضد الانسانية. وفي هذا السياق صرح السيد وليام وايلي
William H Wiley
الخبير القانوني الكندي المخضرم ذو الباع الطويل في ملفات راوندا ويوغسلافيا ويترأس الهيئة الدولية للعدالة والمحاسبة: “انه من المهم جدا تأمين الوثائق ونقلها الى مكان آمن قبل ان يتم تخبئتها أو العبث بها أو حتى حرقها. عملية جمع المعلومات والوثائق يتم بهدؤ وبدون ضجة لعدم جلب انتباه السلطات. التجارب السابقة تشير الى اهمية جمع الوثائق والسجلات سواء من السجون او المراكز العسكرية التي أخليت او مكاتب حكومية قبل ان يتم اتلافها وحرقها”.
جمع الأدلة والوثائق يتم بالتعاون مع ناشطين في الداخل، ومسؤولين في النظام متعاونين مع الثورة السورية واستطاعوا جمع مئات الأدلة بشكل مهني.
الفريق المسؤول كان يعمل منذ عام 2011 وبسرعة ومرونة واستقلالية وبالتعاون مع حقوقيين وطلاب يدرسون القانون من بلدان مجاورة.
تمكن المحققون الدوليون من تحضير بيانات مفصلة دقيقة تحتوي اسماء وتواريخ وجرائم موثقة. ساهمت الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا والنرويج والدنمارك في تمويل عملية جمع الأدلة. ولم يتم ذكر اسماء النشطاء او الحقوقيين لأسباب أمنية.
وفي الوقت ذاته وموازيا لعمليات جمع الأدلة عن جرائم النظام يعمل فريق آخر على جمع المعلومات عن انتهاكات حليف النظام المعروف باسم تنظيم داعش. ويوجد أدلة واثباتات قوية على التحالف بين النظام السوري وتنظيم داعش. وآخرها كان اعترافات منشقين داعشيين وتم نشرها في الصحف العربية والغربية.
يريد المحققون معرفة من هم القياديين في داعش الذي يصدرون الأوامر وكيف ومن يقوم بالتنفيذ. ومراحل تمرير القرار من القيادة العليا للأفراد والكوادر.
وأساليب جمع المعلومات ليست جديدة حيث هناك تجارب الخمير الحمر في كمبوديا ويوغسلافيا وراوندا والنازية الألمانية.
عملية البحث عن آلاف الوثائق عملية طويلة ومضنية وتحتاج الى صبر وعمل دؤوب. وبما يتعلق بالنظام السوري تم جمع أطنان من الوثائق وأكثر من نصف مليون صفحة التي تم نقلها لأوروبا عبر الأردن وتركيا وتخضع الآن للفحص والتمحيص من قبل مختصين قانونيين ثم يتم تصنيفها حاسوبيا واعطاءها رموز ومفاتيح رقمية وحفظها بطريقة علمية من خلال الترميز الشريطي
Bar Coding.
يتألف الفريق الذي يتابع جرائم داعش من 12 شخص وتمكنوا من الحصول على وثائق تحتوي توجيهات وتوصيات واوامر وجوازات سفر لمقاتلين واسماء القادة الميدانيين والعسكريين. وتم العثور على كمية من الوثائق العالقة في نوفمبر 2013. على سبيل المثال تقول احدى الوثائق “انه لا يتم قطع الرؤوس الا بعد الحصول على تعليمات من فوق”. في هذه الحالة يمكن الاستنتاج ان قطع روؤس الصحفيين الأميركيين ونشطاء العمل الاغاثي البريطانيين تم بأوامر قادة داعش.
من الجدير بالذكر انه في أغسطس آب 2014 أفاد محققون تابعون للأمم المتحدة أن الحكومة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية يرتكبان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الصراع القائم في سوريا منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وأصدر المحققون الأمميون تقريراً ضم 45 صفحة جاء فيه أن «عناصر تنظيم الدولة الإسلامية شمالي البلاد، تنفذ حملة لبث الخوف والرعب بين الأهالي، تشمل بتر الأطراف والإعدام العلني والجلد».
التقرير ذكر أيضاً أن «القوات الحكومية السورية، ألقت براميل متفجرة على مناطق مدنية، بينها براميل يعتقد أنها كانت تحوي غاز الكلور في ثماني مواقع حدثت خلال شهر أبريل / نيسان من العام الجاري، وارتكبت جرائم حرب أخرى، تستلزم ملاحقة النظام في المحاكم الدولية».
كما أشار التقرير إلى أن «عدد الوفيات في السجون السورية يشهد ارتفاعاً، وهذا يدعم تحليل الخبراء لنحو 26948 صورة، يقال أنها التقطت داخل مراكز الاحتجاز الحكومية بين عامي 2011 و 2013، وتؤكد النتائج التي تم التوصل إليها قبل فترة، حول عمليات التعذيب الممنهجة، ومقتل المعتقلين تحت التعذيب».
يأتي تقرير المحققين الأمميين، ليكون الثامن من نوعه، للجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة، منذ تأسيسها قبل نحو ثلاث سنوات، ويستند إلى مئات المقابلات وأدلة موثقة جمعها فريق اللجنة، الذي يحاول بناء قضية بهدف الملاحقة الجنائية للنظام في المحاكم الدولية.
وحسب هيئة العدالة والمحاسبة الدولية “المشكلة الكبرى التي يواجهها المحققون التابعون للهيئة هي غياب التنسيق بين اطياف المعارضة المقاتلة حيث ان هناك اكثر من 10 جماعات تقاتل وبدون تنسيق او تخطيط وبعضها يغير ولاءته وتحركاته”.
نهاد اسماعيل
لندن