عبدالاله مجيد: إيلاف
لطالما سهّل نظام الأسد في سوريا مرور جهاديي تنظيم القاعدة إلى العراق لضرب التحالف الدولي هناك، وهذا ما سهل للتنظيم إقامة بنية تحتية يستفيد منها اليوم لقتال الأسد نفسه.
لنظام الرئيس السوري بشار الأسد سجل أسود في مساعدة تنظيم القاعدة على قتل العراقيين منذ الغزو الاميركي في العام 2003. ومر وقت قررت فيه حكومة نوري المالكي، المؤيدة له الآن، أن تشكوه لدى مجلس الأمن الدولي.
ويرتد اليوم سهم الدعم الذي قدمه الأسد لتنظيم القاعدة إلى نحره. وكان الأسد سمح لعناصر القاعدة بفتح خط من مطار دمشق إلى غرب وشمال غرب العراق. وكان مئات الجهاديين والارهابيين من بلدان مختلفة، بينهم كثيرون جُندوا في شمال أفريقيا، يستقلون الطائرة إلى العاصمة السورية ومن هناك تساعدهم مخابرات الأسد على الالتحاق بشبكات مهمتها تهريبهم عبر الحدود على هذا الخط.
لكن الأسد فاته أن هذا التعاون مع تنظيم القاعدة أتاح للتنظيم في هذه الأثناء أن يقيم بنية تحتية وقاعدة لوجستية داخل الأراضي السورية، يستخدمها الآن ضد قوات الأسد نفسها. فتخوض جبهة النصرة اليوم حربًا ضد نظام الأسد بقوة قوامها نحو 6000 مقاتل.
وتعرف هذه الجماعة كيف تحرك مقاتليها وتنقل اسلحتها معتمدة على الشبكات التي أقامها التنظيم حين كان نظام الأسد يستقبل مقاتليه بالاحضان، في طريقهم إلى العراق. ويقول محللون إن هذه البنية التحتية التي ورثتها جبهة النصرة ساهمت في تحويلها إلى أقوى فصائل المعارضة السورية المسلحة.
قدرات لوجستية
ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن الجنرال جون كين، المستشار السابق لقائد القوات الاميركية في العراق، قوله: “إن مقاتلي القاعدة الذين عادوا إلى سوريا يعتمدون على الكثير مما تعلموه خلال التحرك داخل سوريا والانتقال منها إلى العراق طيلة أكثر من خمس سنوات، حين كانوا يقاتلون قوات التحالف الدولي في العراق”. ويؤكد مركز مكافحة الإرهاب في كلية ويست بوينت الحربية في نيويورك أن تنظيم القاعدة أبقى شبكاته حية في سوريا.
وأشار في تقرير العام الماضي إلى أن لدى تنظيم القاعدة فرعًا نشيطًا في العراق، يتمتع بقدرات لوجستية قديمة داخل سوريا. وكان الأسد يقدم تسهيلات إلى مقاتلي تنظيم القاعدة لاستخدام اراضي بلده ممرًا إلى العراق، حيث تدربوا على قتل المدنيين بالجملة، وعلى نصب الكمائن لقوات الاحتلال الاميركية. وهم اليوم يستخدمون هذه المهارات الفتاكة ضد النظام السوري.
وقال مسؤول سابق في الاستخبارات العسكرية الاميركية لصحيفة واشنطن تايمز، طالبًا عدم ذكر اسمه، أن آلافًا من مجندي القاعدة مروا بسوريا في طريقهم إلى العراق في منتصف العقد الماضي واواخره.
وفي بعض الحالات، كانت القوات الاميركية تعترض 10 إلى 20 عنصرًا في المجموعة الواحدة، كانوا يحاولون الوصول إلى أوكار القائد المسؤول عن شبكتهم. واضاف المسؤول الاستخباراتي السابق أن هؤلاء كانوا في سوريا يتنقلون من بيت آمن إلى آخر، وكانوا يعبرون الحدود من نقاط سيطر فيها افراد متعاطفون معهم، أو كانوا يدفعون الرشاوى إلى حراس فاسدين.
بلحى وبلا أمتعة
أكد المستشار السابق لقائد القوات الاميركية في العراق الجنرال كين أن مخابرات الأسد كانت تسهل وصول مقاتلي القاعدة من مطار دمشق إلى حدود سوريا الشرقية مع العراق. واضاف أن التعرف عليهم كان سهلًا في مطار العاصمة السورية، حيث كانوا يهبطون بلحاهم وتذاكر سفر بلا رجعة، والحد الأدنى من الأمتعة.
وكان مركز مكافحة الارهاب في كلية ويست بوينت الحربية أصدر تقريرًا في العام 2007 عن زهاء 700 مقاتل أجنبي، استنادًا إلى وثائق وقعت بأيدي القوات الاميركية في قرية قرب الحدود السورية، وكان جميع المقاتلين، المسجلة اسماؤهم في الوثائق، تسللوا إلى العراق عن طريق سوريا في غضون عام واحد.
واعتبر مركز مكافحة الارهاب أن دعم النظام السوري للجهاديين سيف ذو حدين. وقال مسؤول اميركي إن جبهة النصرة تقوم بدور مهم في المعارضة، لأن مقاتلي الجماعة البالغ عددهم زهاء 6000 مقاتل، منضبطون ومسلحون تسليحًا حسنًا ومقتدرون. كما أنهم تعاونوا تعاونًا فاعلًا مع ألوية أخرى في المعارضة.
ولاحظ مايكل روبن، المحلل في معهد انتربرايز الاميركي، أنّ المسألة لا تتعلق بالحجم بل بالتصميم والموارد، وجبهة النصرة ليست تنظيمًا سوريا بل تنظيم دولي. واشار روبن إلى أنه بالامكان أن نقرأ على المواقع الجهادية نعي مقاتلين من جنسيات مختلفة بينهم سويديون وألمان.