تحت العنوان اعلاه وبمبادرة من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عقدت ندوة صحفية يوم الإثنين 30 أيار/مايو بمشاركة كل من الدكتور محمد السلمي المحلل والكاتب السعودي رئيس مركز الدراسات الإيرانية والسيد صالح حميد المحلل السياسي وناشط حقوق الإنسان من الأهواز ود. سنابرق زاهدي رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وكان محاور النقاش كالتالي:
· خامنئي انتشل رجله من قاع القائمة إلى صدرها وجعل منه رئيساً!
· جميع مقاعد طهران كان من حصة رفسنجاني- روحاني فلماذا خضعا أمام جنتي رئيسا لهما؟
· ما ذا يعني تربّع شخص في التسعين من العمر علي رأس أهم مؤسستين في حكم الملالي مجلس المراقبة على الدستور ومجلس الخبراء؟
· خامنئي يحسم أمر رئاسة مجلس من المفترض أن ينصب زعيم النظام ويراقب تصرفاته وأعماله
واستهل الدكتور سنابرق زاهدي حديثه بالقول: «بعدانتخابات مجلس الشورى في نظام ولاية الفقيه وانتخابات مجلس الخبراء التي أجريت في 26 شباط من هذا العام حصلت جناح رفسنجاني –روحاني علي جميع مقاعد طهران العاصمة في مجلس الشورى وعلى مجمل مقاعد مجلس الخبراء الستة عشر ما عدى واحد منها الذي خرج باسم أحمد جنتي رئيس مجلس المراقبة على الدستور او مجلس الأوصياء. وكان لجناح ولاية الفقيه –خامنئي ثلاثة مرشحين يعتبرهم هذا الجناح خطاً أحمر لهم لدخول مجلس الخبراء، وهؤلاء الثلاثة الذين يرمز بهم بـ«مثلث الجيم» هم جنتي ويزدي ومصباح. جنتي هو أحمد جنتي من أقرب المقرّبين بخامنئي والشخص الذي يتربع منذ 24 عاماً على رئاسة مجلس المراقبة على الدستور الذي له القول الفصل في جميع قرارات مجلس الشورى والأهم من ذلك له القول الفصل في تحديد المرشحين للرئاسة ومجلس الشورى ومجلس الخبراء وغيرها من مؤسسات الحكم. محمد يزدي كان لمدة عشرة أعوام رئيس السلطة القضائية وأصبح في الدورة السابقة رئيس مجلس الخبراء وهو أيضا من أشدّاء الأوفياء بولاية الفقيه. ومصباح يزدي هو الأب الروحي لأحمدي نجاد ولقوات الباسيج وهو الذي يقبّل يد خامنئي ويقف خلف ممارسات شبيحة النظام الإجرامية. فهؤلاء الثلاثة «مثلث الجيم» لهم أهمية خاصة ودور حاسم في الحفاظ على مؤسسة ولاية الفقيه والحرس والباسيج وتصدير الحروب إلى الدول الأخرى.
المفاجئة التي حصلت في الانتخابات هي أن اثنين من هؤلاء الثلاثة (أي محمد يزدي ومحمد تقي مصباح يزدي) كانا منبوذين بين أوساط التابعين للنظام إلى حد لم يستطعا من الفوز في انتخابات الخبراء. خامنئي كان مستاءا جداً من عدم فوزهما وقال بعد أيام من الانتخابات وفي أول لقاء من المنتخبين «هناك بعض الكبار الذين فوزهم أو عدم فوزهم لايغيّران من شأنهم والسيدان يزدي ومصباح من هؤلاء الأشخاص اللذين وجودهما في الخبراء كان يزدي من ثقل هذا المجلس وعدم وجودها خسارة للمجلس».
والضلع الثالث من مثلث الجيم أحمد جنتي أيضاً رسب في هذا الاختبار حيث في المرتبة السابع عشر من القائمة في طهران. فكيف أصبح عضواً في الخبراء؟ المعلومات الجديدة الواردة من داخل النظام تفيد أن علي أصغر … المستشار الأمني الخاص لخامنئي جلس مع رفسنجاني واتفقا بشطب شخص باسم «سجادي» الذي كان في المرتبة الثالث عشر وبذلك صعد أحمد جنتي من المرتبة السابع عشر إلى المرتبة السادس عشر وأصبح آخر شخص من الفائزين.
وبعد إعلان نتائج الانتخابات هرع بعض المحللين في الغرب وأقلية قليلة من العرب إلى تسويق نتائج هذه الانتخابات بالقول إن المعتدلين فازوا وهذا يشير إلى تغيير كبير في المعادلة الإيرانية، ويجب فتح مجال التجارة والعلاقات مع هذا النظام. ولأن هذا التطور كان بعد الاتفاق النووي بين نظام الملالي مع الغرب أيضاً شاهدنا زيارة العديد من كبار المسؤولين الغربين إلى إيران الملالي. كما أن كثيرا من الشركات أيضاً عقدت اتفاقيات تجارية مع نظام الملالي.
لكن تعيين احمد جنتي لرئاسة مجلس الخبراء وفي عمر يناهز 90عاما وهو من أشرس الملالي من زمرة خامنئي جاء بهندسة هذا التعيين من قبل شخص خامنئي واضطر مجموعة كبيرة من اعضاء مجلس الخبراء على الموافقة على ذلك من خلال التهديد اوالترغيب. ويظهر هذا التعيين بان في نظام ولاية الفقيه لا معنى للإنتخابات، وأن كل ما تصوره البعض كان سراباً حيث النظام يتجه نحو مزيد من الانغلاق في مواجهة الأزمات المتزايدة. إن رئاسة جنتي 90عاما على مؤسستين سياديتين لنظام ولاية الفقيه اي مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء يكشف مأزق نظام ولاية الفقيه وعقمها الفقيه و تشير إلي تضييق أكثر لدائرة الخيارات و الاشخاص الموثوق بهم. كما أنها تعني إطلاق رصاصة الرحمة على مزاعم الاصلاح و الاعتدال في نظام ولاية الفقيه.
وبعد أيام من نصب أحمد جنتي شاهدنا أن في تم اختيار علي لاريجاني رئيسا لمجلس الشورى الذي كان في الدورتين السابقتين رئيسا وكأن شيئا لم يحدث. لاريجاني كان جنرالا في الحرس وكان نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة في قوات الحرس. فلم يكن من المستغرب أن أعضاء مجلس الشورى وقبل يوم من بداية أعمال هذا المجلس اجتمعوا بقاسم سليماني قائد قوات القدس ليشرح لأعضاء المجلس خطة نظام ولاية الفقيه في سوريا والعراق واليمن والطلب من هؤلاء أن يكونوا مؤيدين لهذه الخطة. كما أن قاسم سليماني أشاد بعلي لاريجاني لمساعدته له ولقواته في منصب رئاسة المجلس.
وبعد انتصاب أحمد جنتي كتبت مجلة نيوزويك: هل هناك سياسيون معتدلون في إيران؟ ويجيب أن كثيرا من الأحداث كانت تجري على أمل أن تسهم في دعم هؤلاء المعتدلين المفترضين في إيران، لكن الواقع على الأرض يقول غير هذا، فدعونا ننسى هذا الهراء الذي يزعم وجود معتدلين إيرانيين….
يبقى هناك سوآل أخر يتطلب الرد وهو: كيف خضع رفسنجاني وروحاني لرئاسة أحمد جنتي؟ وما ذا دار بين علي اصغر حجازي المستشار الخاص لخامنئي ورفسنجاني؟ معلوم أن النتيجة كانت انتشال أحمد جنتي من قاع البحر ليصبح الشخص السادس عشر في القائمة ويصبح بعد ذلك رئيسا لمجلس الخبراء وذلك بعد أن أعلن رفسنجاني أنه لن يرشح نفسه لرئاسة هذا المجلس؟»
وفي جانت من مداخلته قال الدكتور محمد السلمي: «.. لاشك ان النظام الإيراني وبقيادة علي خامنئي يحاول إطالة عمر النظام قدر الإمكان من خلال تغييرات وتصنيفات داخل الدائرة الصغيرة التي تحكم ايران وهي قسمت إلى المحافظين والمعتدلين والإصلاحيين بينما الواقع يقول والمتتبع لذلك بدقة يدرك انها دائرة واحدة. وهذه التصنيفات التي نشهدها ليست الا كذرّ الرماد في العيون ومحاولة ايهام المتتبع من الخارج ان هناك تنوعا في حكم إيران وان كل التيارات والتصنيفات يتم تمديدها في الحكومة .. نعود إلى قضية اختياراحمد جنتي رئيسا لمجلس خبراء القيادة. نعلم ان هناك عدة مرشحين كانوا على رأس قائمة المتوقعين وكما تعرفون ” ابراهيم نجف آبادي” وعمره 90 الي 91 عاما وكذلك محمود هاشمي شاهرودي وهو في قرابة 70 او 68 عاما وكذلك رفسنجاني الذي كان من المرشحين وان لم يترشح …وكذلك محمد علي كرماني وهو ايضا من كبار السن 85 سنة وهذا الاختيار يشير إلى التركيز على الأصدقاء القدماء..وربما يكون ذلك اشارة إلى انه ليس هناك ثقة في الجيل الجديد وايضا للرموز الدينية الجديدة التي تظهر في إيران بل الاعتماد على اصدقاء الماضي. أحمد جنتي كما ذكرت انت الدكتور زاهدي كان من اقل المرشحين حظوظا من خلال المتابعة ومن خلال استطلاعات الرأي التي سبقت يوم الأختيار حيث اجرت إحدى المحطات التلفزيونية الاميركية عملية الاستطلاع ولم يحصل جنتي إلاّ على تقريبا 08%، انه كان من المستبعد من الترشيح ومن الفوز الاّ ان رغبة خامنئي هي التي تفصل بالامر لان له الرأي النهائي وله لغة الحسم في نهاية المطاف ..من يراه مناسبا وفقًا لتوجهات خامنئي شخصيا. نعلم ان هناك نوع من الاختلاف في وجهات النظر بين روحاني وخامنئي فيما يتعلق بالعلاقة مع الغرب وكان هناك ايضا الحديث بان الاصلاحيين قد فازوا في الانتخابات وقد اشرت إلى ذلك ولكن نعلم في الانتخابات خاصة انتخابات مجلس الشورى كان ثلاثين مقعدا في طهران نصيبا لما يسمون انفسهم بالاصلاحيين … فان الاختيار تم وفقا لتوجه خامنئي حيث انه يقوي تياره الأصولي المتشدد وهو ايضا انعكس مؤخرا على اختيار رئيس البرلمان مؤخرا وهو تجديد اختيار لرئيس البرلمان لعلي لاريجاني وقبل انتخاب لاريجاني شاهدنا بان قاسم سليماني حضر الإجتماع الذي عقده لاريجاني واثنى على لاريجاني و مجّده ووصفه بطلا قوميا فبالتالي اثر بشكل او آخر على اختيار لاريجاني رئيسًا للبرلمان حتى ان كان مؤقتا لمدة عام واستبعد محمد رضا عارف الذي كان كثيرون يعتقدون بانه قد يكون المرشح القادم غيرانه تنازل عن ترشيحه الرئاسي لصالح روحاني وكان هناك بعض التوقعات بان يكون هناك رد للجميل في هذا الجانب. فبالتالي هي لعبة سياسية يمسك خامنئي بكامل الخيوط ويوجه الجميع وفق رؤيته السياسية… وربما ترشيحه هو تجهيزه لان يكون رئيس الجمهورية القادم..
والسيد صالح حميد صرّح في مداخلته : « .. اعتقد ان هذه النتائج للانتخابات لاختيار او التنصيب بالواقع لأحمد جنتي لرئاسة مجلس الخبراء وايضا علي لاريجاني لرئاسة مجلس الشورى، حملت الكثير من الدلالات:بالنسبة لمجلس الخبراء كما تفضلت قد فاز رفسنجاني وروحاني وحلفاؤهم بالأغلبية خاصة في طهران ولكن قبل ايام من اختيار رئيس مجلس الخبراء اعلن رفسنجاني بانه لن يترشح وانسحب بالواقع لصالح جنتي رغم ان الكثيرين كانوا يعولون على ان رفسنجاني سيستلم رئاسة المجلس او أحد المقربين منه وبالواقع ما دفع الناس خاصة في طهران للانتخابات وللتصويت لهولاء هو الشعار الذي اطلقوه بحذف ما يسمى بمثلث ” جيم” اي مصباح يزدي، ومحمد يزدي وجنتي….. ولكن هذا الاختيار جنتي يدل على ان خامنئي يريد إحكام قبضته على مجلس الخبراء وهو اعلى هيئة قيادية تشرف على عمل المرشد وبالواقع تضفي الشرعية له بدلا ان تكون تؤدي واجبه القانوني والدستوري وتراقب عمل المرشد فانها وحسب التجارب هذا المجلس تحول إلى مجلس فقط لتثبيت شرعية المرشد ولصلاحياته المطلقة التي تفوق القانون. ايضا هذا يظهر لنا صراع داخل كبار قادة النظام انفسهم وهذا الصراع تبين حتى قبيل الانتخابات عندما تسرب شريط من إحدى جماعات الضغط المقربة من المرشد وهم ”عماريون” وهي إحدى جماعات حزب الله وأغلبهم ينتمون إلى استخبارات الحرس الثوري وكان هناك اصرار من قبل المرشد وكان يقول المتحدث هناك ايعاز من المرشد بحذف رفسنجاني وروحاني وحلفائهم. وكذلك كان الأمربالنسبة لمجلس الشورى. الان هذه النتيجة وتنازل رفسنجاني عن ترشيح للرئاسة، تبين هذا الصراع من جانب، ومن جانب آخر، تبين بان هذا النظام يشعر في حالة خطر لا يثق حتى برجلين يتعتبران من اركان النظام وهما رفسنجاني وروحاني والمقربين منهما ويظهر لنا بان المشروع الإصلاحي ما هو الاّ مجرد سراب اطلقه هولاء من اجل اظهار وجه نوعا ما ديمقراطي للنظام بان هناك انتخابات وتداول للسلطة .. رغم ان المشاركة لم تكن كبيرة كما كانوا يتوقعون ولكن انهم استطاعوا ان يلعبوا هذه الخدعة بالناس وخاصة كسب التيارات الاصلاحية التي كانت تأمل ان يؤدي فوزهم في الانتخابات – خاصة كانوا يأملون كثيرا على مجلس الشورى – ولكن باختيارلاريجاني تبين ان كل آمالهم كانت سرابا .. لا هم استلموا مقاليد مجلس الشوري ( البرلمان) كي يستطيعوا ان يقدموا مشاريع للتغيير او للإصلاح وايضا في مجلس خبراء القيادة و- هو محور حديثنا ساركز على هذا- هذا يبين بان مشروع رفسنجاني الذي كان يخطط له وطرحه عدة مرات حول ” شورى قيادية ” او” مجلس قيادي” بعد مستقبل خامنئي،يحل بدل ولاية الفقيه او ولي الفقيه ايضا اعلن خامنئي هذا خط احمر بهذا الاختيار وانه يريد القضاء على هذه الفكرة أن يكون مجلس الخبراء مجلسا قياديا ويريد الابقاء على فكرة المرشد وربما في المستقبل القريب سيعمل خامنئي ومن حوله على تهيأة مرشد من بعده ربما ان يكون هاشمي شاهرودي، او هناك حديث عن ابن خامنئي، مجتبي وتحضيره لإستلام منصب الولي الفقيه وفي الواقع الاهم في الأمر هذه الفكرة اي الشورى القيادية تقريبا انتهت اما ما اريد التركيز عليه الآن هو ان الذين كانوا يصرون على الإصلاح وعلى ان المشاركة في الانتخابات يمكن ان تؤدى إلى تغيير الواقع شاهدنا بانه منذ انتخاب روحاني ثم انتخابات مجلس الخبراء ومجلس الشورى ورغم وصول الاصلاحيين الى الهيئة التشريعية وإلى مجلس الشورى، لم تحدث اي تغييرات وليست هناك نية لاحداث التغييرات وحتى تسلم مقاليد السلطة .. والان بدأت الصراعات بين الاصلاحيين انفسهم ولوم عارف الذي فاز بالاغلبية .. ولكن تبين الآن ان مشروع الاصلاحيين حتى يهدف إلى ابقاء النظام باي ثمن. وهذا يؤكد على الحديث الذي يقول ان كل المحاولات سواء اكانت الانتخابات التي تجرى والوعود التي اطلقها روحاني وحتي التفاوض مع الغرب والتوصل الى اتفاق نووي كل هذه القضايا تصب في إطار الحفاظ على النظام. »