نحن لسنا متفائلين من المشهد المصري بشكل عام, مع اننا لا ننكر الجوانب الإجابية التي نتجت عن انتفاضتيهما المجيدتين, ونحن ننعتهما بالمجيدتين لأنهما خطوتان ضروريتان للبدئ بتصحيح المسار, بالرغم من ان مصر حالياً ما زالت بعيدة كل البعد عن الطريق الذي يؤدي الى الحرية والكرامة وعلى رأسها الحرية الاقتصادية والتي تؤدي الى رفع مستوى دخل الفرد والعيش الرغيد كما في البلدان المتحضرة , والتي بدونها لا معن للحريات الاخرى كما اوضحنا بمقالات سابقة, ونقصد هنا بالحرية الاقتصادية هو تبني قوانين الاقتصاد التنافسي الحر وهو الطريقة الوحيدة المعروفة للنهوض بالبلاد إقتصادياً, ولكي ننصف المصريين سنقوم بتحليل الجوانب السلبية والايجابية لما يجري هناك من وجهة نظر علم الاقتصاد.
المسخ الاول الذي تمخض عنه الربيع المصري هو وصول الإخوان المسلمين للسلطة بإنتخابات يقال بأنها ( حرة), ولا يهمنا بهذا المقال ان كانت بالفعل حرة ام لا , فقد تم مناقشة هذا الموضوع من قبل المختضين بمصر, لكن ما يهمنا هو أن القادة في المسخ الاخواني لم يضعوا أي خطة اقتصادية للمضي بالبلاد نحو الإزدهار والرقي, وكل ما قدموه هو بضعة خطب فقهية مليئة بالكذب والدجل والعواطف الدينية واللعب على وتر الطائفية.
فلو قال امساخ الاخوان المسلمين بأنهم سيستخدمون المثال المتبع في سينغافورة لبناء مصر واقتصادها وتحفيز التطور العلمي وبدؤا فعليا بوضع الخطط والبرامج لذلك لكانوا كسبوا احترامنا ولقمنا بالدفاع عنهم مع كل مصري شريف.
ولو قال امساخ الاخوان بأنهم سيتبنون المثال الياباني في بناء مصر….. , او المثال الكوري الجنوبي…., لكنا رفعنا القبعة لهم واحنينا رؤوسنا اجلالاً لهم. ولكن عوضا عن اتباع مثال الدول الناجحة في بناء مصر, قام امساخ الاخوان بإتباع مثال افشل دولتين بالعالم. والمثال الاول الذي حاولوه هو:
إتباع مثال السودان والقيام بما قام به المسخ الإخواني السوداني حسن الترابي والذي خدع النميري وأوهمه بأنه سيصبح والياً وخليفة للمسلمين ثم انقلبوا عليه وسيطروا على الحكم وتمت اسلمة الحكم في السودان واعادوا السودان متخلفة مئات السنين للوراء مما نتج عنه حرب اهلية مدمرة وانفصال الجنوب عن السودان.
لذلك وتماشياً مع المثال الترابي في السودان اراد الاخوان ان يعقدوا صفقة مع العسكر لكي يحكموا من خلفهم ريثما يسيطيروا على مفاصل الدولة وتتم اخونة الجيش والمخابرات والشرطة, ثم يفعلون كما فعل الترابي بالنميري وينقلبون عليهم بعد ان يكونوا قد تمكنوا, وحسناً فعلوا في الجيش المصري بأنهم لم ينجروا الى هذه الخديعة الاخوانية المعروفة (ديجا فو) كما يقال بالفرنسية والتي اصبحت تستخدم بكل اللغات العالمية (وها نحن نساهم بادخالها للعربية ).
بعد ذلك حاول الاخوان بأتباع المثال الاستبدادي الفاشل الاخر, وهو مثال الولي الفقيه بإيران السئ السمعة, لذلك قاموا بدعوة قاسم سليماني قائد فيلق القدس الارهابي لكي يساعدهم في بناء دولة بوليصية مخاباراتية ارهابية بمصر, لكي ينكلوا بشعبها ويحكموه بالحديد والنار بآوامر الهية تصدر عن الله نفسه.
وللتدليل على سفاهة الاخوان, نريد ان نشير هنا الى جدلهم التافه بعد ان اسقطهم الشعب المصري, حيث كانوا يدعون بان مبارك اخذ فرصة مدتها اربعين سنة ونحن نريد فرصة مماثلة… وكآن مدة الاربعين سنة اصبحت تسعيرة لكل مستبد لكي يستعبد الشعب المصري….. كلا يا سادة ,,… فزمن الخنوع والخضوع قد ولى ولن يصبر الشعب بعد الآن ولا حتى شهور, لأنه بفضل ثورة المعلومات, كل شئ اصبح واضحاً, واصبح الشعب يعرف الحكم الرشيد الذي يؤدي الى الازدهار والحضارة من الحكم الرجعي الذي يؤدي للتخلف والدمار.
مما سبق نستنتج بأنه لم يكن بأي حال من الاحوال عند الاخوان المسلمين اي نية بتطوير مصر, وانما كان هدفهم السيطرة على البلاد وإستعبادها كما فعل اسلافهم.
المسخ الثاني التي افضت عنه ثورة مصر الثانية هي بروز المؤسسة العسكرية الفاسدة والتي هي من مخلفات نظام مبارك ومن ورائها مؤسسة الأزهر الدينية الفاسدة وضمنوا معهم مؤسسة الكنيسة القبطية الدينية ليكتمل عقد تحالف الدين مع العسكر وهي وصفة كاملة ومثالية للفشل.
قد يقول قائل بأننا نستعجل الحكم على العسكر, فنحن نقول بأن المكتوب يقرأ من عنوانه, وابعد ما يستطيع عمله العسكر هو استعادة استنساخ نظام حسني مبارك والاقتصاد الاحتكاري والذي يوزع الاحتكارات على المقربين واصحاب الذوات ويبقى البلد بفقره وتخلفه.
فالمؤسسة العسكرية المصرية هي جزء من المشكلة الاقتصادية بمصر ولن تكون جزءاً من الحل بأي حال من الاحوال وذلك للأسباب التالية:
أولاً: تحتكر المؤسسة العسكرية المصرية 40 بالمئة من الاقتصاد المصري وعندما يكون هذا الحجم من الاقتصاد محتكرا من بضعة الاف من الضباط والقسم الاعظم من بقية الاقتصاد محتكرا من قبل اصحاب القوة والذوات, فماذا سيبقى من الاقتصاد المصري لبقية الثمانين مليون مواطن مصري لكي يتطور الاقتصاد وينهض ويزدهر كما نهض في كوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرهما؟؟
علم الاقتصاد يقول عندما تكون هذه النسبة من حجم اي اقتصاد محتكرا فهو يصيب الاقتصاد بمقتل حيث انه يمنع بقية اجزاء الاقتصاد من ان تكون تنافسية بسبب ان المنتجات التي تنتجها الاقتصاديات الاحتكارية مرتفعة الاسعار, وبالتالي تمنع التنافس الحر عن بقية أجزاء الاقتصاد وتصيبه بمقتل, فتتكون بيئة مثالية للفساد, وبالتالي لانهيار الاقتصاد كما كان هو الحال بعهد مبارك وعهد عائلة الاسد بسورية.
ثانياً: الجيش مؤسسة كهنوتية ماسونية فاسدة مثل الاخوان المسلمين والأزهر, مع العلم بأن كاتب المقال لا يؤمن بوجود منظمة ماسونية عالمية ينضوي تحت لوائها كل الماسونية العالمية (كما يعتقد انصاف المثقفين من اليساريين العرب), وانما يعتقد الكاتب بأن الماسونية هي صفة تطلق على المؤسسات الفاسدة التي لها اجندة سرية وتسيطر على الحكم وتستبد به, اما مباشرة او من خلال دمى تقوم بايصالهم الى السلطة وتحركهم من خلف الستار.
يقول الكاتب والمفكر المصري الليبرالي نبيل شرف الدين في مقاله المعنون: ” مصر.. من “المعزول”.. إلى المأمول” مخاطباً الاخوان المسلمين:” يجهل هذا الفصيل “كود الجيش المصري”، فهذه المؤسسة منذ عهد محمد علي حتى اليوم تسير بموازاة الدولة العميقة، وهي المؤسسات السيادية كأجهزة الأمن والمخابرات والدبلوماسية والقضائية.
فشل مرسي ومن كانوا ينصحونه أو يوجهونه في التناغم مع هذه المؤسسات، بل ناصبوها العداء صراحة متصورين أنهم باستقطاب وزير أو رئيس أو مدير لهذه المؤسسة أو تلك، فإنه سيقدم فروض الولاء والطاعة لمن عينوه، وفاتهم أن تلك المؤسسات أقوى من قادتها، إذ رسخت فيها تقاليد وأعراف، تجبر قادتها على الإنصات بعناية لقادة الصفين الأول والثاني، فضلا عن القاعدة العريضة، وإلا سيجد نفسه يمضي عكس المنظومة، التي يمكنها أن تهمشه أو حتى تلفظه” انتهى الاقتباس.
من هنا نرى بأن المؤسسة العسكرية هي مؤسسة سيادية شبه مستقلة لها مصالحها الاقتصادية ولها ميزانيتها من خزينة الدولة ودافعي الضرائب, والاكثر من هذا بانها تملك قوة عسكرية تستطيع ان تخيف بها كل من يخرج عن طاعتها, بينما يجب ان تكون المؤسسة العسكرية تحت امرة السلطة المدنية المنتخبة من الشعب لكي تجعل المؤسسة العسكرية مسخرة لخدمة الاقتصاد الوطني بشكل عام, لا لخدمة المصالح الاقتصادية الضيقة للمؤسسة نفسها, وهذا بحد ذاته وصفة للفساد وبيئة لافشال اي خطة اقتصادية تسعى للنهوض بالاقتصاد المصرى كما حدث بالدول المتحضرة؟
أي بالنهاية ما حدث في مصر. من وجهة نظرنا, هو صراع على السلطة بين المؤسسات الماسونية الكهنوتية القديمة المتمثلة بتحالف الازهر والجيش, والمؤسسات الكهنوتية القادمة المتمثلة بالاخوان المسلمين بشقيهم السياسي-العسكري والديني, لأن المكان الواحد عادةً لا يتسع الى وحشين ماسونيين, فيتصارعان ويدمر احدهما الاخر, وبعودة الازهر والمؤسسة العسكرية للحكم يكون قد عاد مبارك للحكم وسيتم تجديد نظامه وكأنك يا بوزيد ما غزيت.
تقول المجلة الاميركية المرموقة “فورين أفيرز” بأن للسيسي اجندة اسلامية عسكرية الطابع ومتشددة, وأن لديه أجندة سياسية راديكالية لمصر تقوم على إعادة طرح المشروع الإسلامي الذي أفسدته جماعة الاخوان المسلمين تحت قيادة عسكرية, أي ان عبدالفتاح السيسي يسعى لتأسيس نظام يجمع بين العسكرية والمشروع الإسلامي .
ولفتت المجلة ايضاً إلى ان وراء قرار الرئيس المعزول محمد مرسي تعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع خلفا للمشير طنطاوي يعود في جزء كبير منه إلى القرائن والدلائل التي تقول بإن السيسي متعاطف مع المشروع الاسلامي وإنه مسلم تقي اعتاد الاقتباس بآيات من القرأن الكريم في حوارته غير الرسمية وأضافت:”كما على الارجح وجد مرسي في الرسالة الجامعية التي أعدها السيسي في الكلية الحربية التابعة للجيش الأمريكي بولاية بنسلفانيا ما يسره ، حينما أكد السيسي مركزية الدين في عالم السياسية بمنطقة الشرق الاوسط ، معتبرا أن نجاح الديمقراطيات في المنطقة مرهون باحترامها للطبيعة والثقافة الدينية لشعوبها, وتابعت الصحيفة :” إذ تبدو العلمانية من وجهة نظر الجنرال المصري غير محبذة لاغلب الشرق أوسطيين الذين يعد أغلبهم متدين بالفطرة ، منتقدا الحكومات التي تميل لفرض الحكم العلماني كونها تستعدي بذلك قطاع عريض من شعوبها التي تعتقد بأن الدين يجب الا يفصل عن السياسي ورأت المجلة إنه في حال استمر وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في مساعيه لكسب شرعية من خلال الربط بين العسكرية والمشروع الاسلامي فسيؤدي بمصر إلى كارثة لا محالة أقل عقباها ضرب الديمقراطية في مقتل وتعزيز قبضة الجيش على الاقتصاد الوطني.” انتهى الاقتباس.
من هنا نرى بان مصر انتفضت مرتين فنجم عن هذين المخاضين امساخا من خليط بين العسكر والدين والسياسة واحتكار الاقتصاد والاستبداد بأبشع مظاهره ومكوناته, ولكن الشئ الوحيد الايجابي من هذه الانتفاضات هو ان الشعب قد كسر حاجز الخوف من الالة العسكرية وعرف بأنه هو بنفسه يقرر مصيره وان ثورة المعلومات التكنولوجية علمته بان لا يقبل بأي شئ اقل من ما هو موجود بالدولة المتحضرة وان السيسي سيفشل اذا ما صحت دراستنا حوله كما فشل غيره وسيكون الشعب له بالمرصاد ليس بعد اربعين عاما كما كان مع مبارك وانما مباشرة لان الطريق الذي يؤدي للإزدهار اصبح واضحا.
اخي طلال المحترم تحية وصباح الخير شكرا لك مقال او وجهة نظر تمتلك رؤية صائبة حول الوضع المصري…سيمون
اخ طلال شكراً على هذه الكلمات التي تنبض من ضمن الحقيقه ولكن الكلام لا يفيد، يلزمنا الافعال. نحن بحاجه الى اسلوب لمنع “المسؤولين” عن الحكم من التسلط عليه وتفصيل القوانين لمصلحتهم الخاصه. وذلك بالطريقه الديموقراطيه العاديه ولكن مطوره لاستعمال الانترنت.
الرجاء القاء النظر على صفحتي http://www.syriaspring.com
تحت رابط الإنتخابات ، اتبع التعليمات من اجل تسجيل الدخول كمواطن في احدى المحافظات . ستجد نموذج في قيد التحضير لاتخابات الإئتلاف مبدأياً . وهذا النظام يبقى مفتوحاً ليسمح للمواطنين تغيير اصواتهم متى شاؤوا ويجبر السياسي الاعتزال من وظيفته عندما تهبط اصوات مؤيديه تحت نسبه معيّنه. والبرنامج الثاني تجده تحت رابط الإنتخابات هو “مشروع تعديل دستور 1950” وفيه يطرح المواطنين التعديلات والتصويت عليها سطراً سطراً، وطبعاً يُحتفظ بالسطر الذي يحصل على الاغلبيه.
بذلك نمنع السياسي من تغيير الدستور لتوريث الحكم.
هذه البرامج كبيره جداً ولنجاحها يجب ان يشارك بها اعداد كبيره من المواطنين لاخذ القرارات، ولتأمين المصداقيه. القسم الاسهل الذي هو القسم التقني قريب من مرحلة النشر التجريبي، ولكن القسم الاصعب هو تسويق وتنسيق الفكره.
اذا احببت المشاركه في العمل الرجاء الاتصال معي على الإيميل التالي:
zeldada@valueengineering.ca
ودمت
المهندس زياد الدادا.