جيم هوغلاند: الشرق الاوسط
وظف الرئيس أوباما قوته العسكرية وتهديدات مقنعة في مواجهة تهديد كوريا الشمالية بإطلاق صواريخ نووية واتجاه إيران إلى تخصيب كميات أكبر من اليورانيوم بشكل أسرع مع بداية فترة رئاسته الثانية. وقد ذهب طموحه العظيم على مدى أربعة أعوام مضت، المتمثل في منع انتشار الأسلحة النووية عبر الشراكة الدبلوماسية، سدى.
وهذا لا يعني أن مطامح أوباما في ما يتعلق بمنع انتشار الأسلحة لم تكن تستحق العناء أو أنه يتحتم التخلي عن الجهود الدبلوماسية، إنما يعني هذا أن على الرئيس توجيه المزيد من الاهتمام لتهيئة الظروف من أجل التوظيف الفعال للسبل الدبلوماسية.
يبدو أن الرئيس أوباما افترض أن ترتيب انسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان من شأنه أن يعزز على الفور قدرته على التعامل مع أزمات خارجية أخرى.
كيف إذن يمكن تفسير ثقته الراسخة في قدرته على تحقيق أهداف أجندته العالمية واسعة النطاق؟
إن التجربة الأميركية في أعقاب حرب فيتنام تنم عن العكس؛ فالمدخرات والتأجيلات التي تجلبها الانسحابات الاستراتيجية تأتي ببطء. وتتجلى حالات عدم اليقين والشكوك المعرقلة التي تنتشر بين الحلفاء على الفور وتجد حلها في خضم احتدام عملية إدارة الأزمات.
ومن ثم، كان لزاما على الرئيس نشر قاذفات الشبح «بي 2» لتحلق فوق سيول بهدف طمأنة اليابان وكوريا الجنوبية أن الولايات المتحدة ستحميهما حال نفذ رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون تهديداته غير المتوقعة التي وجهها.
وبعد انتهاء آخر جولة مباحثات دولية مع إيران من دون التوصل إلى أية نتيجة ملموسة، صدق أوباما بشكل نهائي الأسبوع الماضي على صفقة بيع أسلحة قيمتها 10 مليارات دولار لإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي الدول التي تعارض جميعا امتلاك إيران أسلحة نووية.
ووصف وزير الدفاع، تشاك هيغل، صفقة الأسلحة بأنها «إشارة واضحة» إلى إيران، غير أن الرسالة كانت موجهة إلى دول الخليج العربية. هذا وقد نبذت وسائل الإعلام الإيرانية بشكل ساخر وصف صفقة البيع بأنها «تحريض على نزاع إقليمي».
وكان من المقرر أن تشمل زيارة هيغل للإمارات حاليا, الاتفاق على التفاصيل النهائية لصفقة السلاح المعقدة، التي لم تخلُ المفاوضات بشأنها من خلافات، والتي قد تفضي إلى تقليص المساحة المتاحة لأوباما لتوظيف الدبلوماسية في إطار جهوده لحظر انتشار الأسلحة النووية.
إنها حزمة ثقيلة غير متوازنة سوف يصعب إدارتها بشكل موحد، تحمل أجزاؤها كل على حدة مغزى بالنسبة لكل دولة من الدول الثلاث. لكن جمعها معا في صورة حزمة سياسية من أجل القضاء على المعارضة من جانب إسرائيل وفي الكونغرس بشأن صفقات الأسلحة مع الدول العربية مسألة متعلقة بالتكتيكات، وتبدو تشاؤمية في هذا الصدد.
سيزود البنتاغون إسرائيل بطائرة نقل الجنود «V – 22 Osprey» وطائرات «KC – 135» لإعادة التزود بالوقود في الجو، وصواريخ أرض – جو، لترفع من قدرة إسرائيل على شن غارة على إيران، على الرغم من الضغوط المكثفة التي مارسها أوباما على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتجنب هذا الخيار. مثل هذه الإمدادات ستضعف من دون قصد استراتيجية الاحتواء التي مارستها إدارة أوباما في الشرق الأوسط، الهادفة إلى احتواء إسرائيل.
وستضطر الإدارة أيضا إلى التعامل مع التجاهل الاستراتيجي الذي أظهرته برفضها، حتى الآن، تزويد بعض دول الخليج بصواريخ هجومية متسللة، رغم طلبها المساعدة في تطوير القدرات الضرورية للتعامل مع التهديد الإيراني، نقلا عن مسؤول بالإدارة طلب عدم ذكر اسمه.
إن الإمارات على وجه الخصوص بحاجة إلى معاملة أفضل من ذلك، فقد دعمت سياسة الولايات المتحدة الخارجية من أفغانستان إلى شمال أفريقيا كحليف يمكن الوثوق به. لكن سياسة «الإصدار الفردي» التي تنتهجها وزارة الدفاع تفرض ضرورة إتاحة الفرصة أمام أعضاء آخرين في مجلس التعاون الخليجي، للحصول على الأسلحة التي تحصل عليها الإمارات.
وكانت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات قد طلبتا تزويدهما بأحدث وأقوى صواريخ جو – أرض الموجهة بدقة «AGM – 158»، لكن البنتاغون طلب من الدولتين الاستقرار على صاروخ أقل تطورا، ربما الصاروخ «AGM – 88»، بحسب المصدر الأميركي.
ويمثل الصاروخ «AGM – 158» فعالية خاصة في ضرب الدفاعات الجوية الإيرانية وإصابة المنشآت النووية شديدة التحصينات تحت الأرض في حالة الحرب. لكن البنتاغون لم يبِع هذه الصواريخ إلا لأستراليا وفنلندا، وإسرائيل التي تشير التقارير إلى أنها طورت صاروخها المتسلل الخاص.
هذا ما يحدث عند الاضطرار إلى وضع سياسة متغيرة استجابة لأزمات متتالية، حينها تصبح الرسائل بشأن النيات غير واضحة للحلفاء والأعداء على حد سواء، وتتصاعد الشكوك تجاه قيادة الولايات المتحدة. وهو درس ينبغي أن نعيه جيدا.
* خدمة واشنطن بوست