طلال عبدالله الخوري 13\9\2016 © مفكر حر
قبل أن ابدأ بتفكيك الاقتصاد السوري بظل حكم عائلة الاسد الاجرامية اريد ان اذكر بما كتبناه سابقاُ بأننا نعتبر أن المخابرات الروسية هي من حكمت وتحكم سوريا منذ 46 عاماً من وراء ستار عائلة الاسد التي يعمل افرادها كعملاء مزدوجين للمخابرات الروسية الكي جي بي والمخابرات السورية, والتي ما هي الا الفرع السوري للروسية, وأن الانقلاب الذي قام به حافظ الاسد تم بتخطيط وتنفيذ من المخابرات الكي جي بي وعملائها في الاحزاب السياسية الشيوعية واليسارية والقومية والاسلامية السورية, وان حرب تشرين ما هي الا رسالة ارسلتها المخابرات الروسية للاميركية عن اسلحتها المتطورة ولم يكن هدفها التحرير قط, وقد تم ايقافها بعد ايصال الرسالة, ونفس الشئ ينطبق على حرب لبنان وحزب الله التي هي ايضا من تخطيط وتنفيذ الفرع السوري للمخابرات الروسية وايضا من اجل ارسال رسالة للمخابرات الاميركية, فمن يصدق بان معمم شيعي يقبل يد الولي الفقيه يستطيع ان يخطط ويخوض حرب ضد اسرائيل اكبر قوة عسكرية بالعالم وورائها اميركا والغرب يكون جاهلاً.
سأبدأ المقالة بالتذكير بمؤتمر صحفي شاهدته بالتلفزيون الرسمي السوري للصحافة العالمية مع المقبور حافظ الاسد بعد نجاح انقلابه مباشرة, عندما نظمت له المخابرات الروسية زيارة الى كل دول اروروبا الشرقية من اجل تقديمه للعالم بأنه هو رجلهم في سوريا, وان سوريا اصبحت من ملاك المخابرات الروسية ويجب على الاميركية ان تأخذ العلم بهذا, وهناك طرح عليه احد الصحفيين الغربيين السؤال التالي:” سوريا بلد غير مستقر وتجري بها انقلابات عسكرية بأستمرار فلا تخاف بانه سيطاح بك قريبا بإنقلاب ايضاً؟” وكان رد الاسد واثقا بنفسه مبتسما قائلاً:” من يستطيع ان يدفع رواتب الموظفين سيحكم سوريا, وانا قادر بأن ادفع رواتب الموظفين”. وبالفعل لكي ينجح الانقلاب يجب ان تكون قادرا على دفع رواتب الموظفين وتؤمن المواد في الاسواق, وهذا ما تكفلت به الكي جي بي الروسية صاحبة الانقلاب اصلاً, وعندما تدفع رواتب الموظفين وتكون المواد متوفرة في الاسواق فإن النظام سيسير بسلاسة, لان رب الاسرة الذي يقبض مرتبه اخر كل شهر ليلبي متطلبات اولاده سيقوم بعمله الوظيفي ويطيع اوامر رؤسائه, والتاجر الذي يرى البضاعة تتصرف من مخازنه وتدخل الارباح في جيوبه سيتمسك بالنظام وصاحب النظام وحتى ولو كان انقلابي … وهذا بالضبط سبب نجاح صمود الاسد الابن للأن بعد 6 سنوات من الحرب! فقد استطاعت روسيا بالتعاون مع ايران من تمكين النظام من دفع رواتب موظفيه وتأمين السلع في الاسواق, والأكثر من هذا قاموا بسد العجز في القوى البشرية الناتج جراء هجرة ملايين السوريين.. واذا استمر هذا الدعم, فمن الصعب ان يسقط النظام , وهو قادر على الصمود طالما انه يتلقى هذا الدعم من روسيا وايران.
عندما درست علم الاقتصاد كمواد تكميلية في شمال اميركا, كانت لدي رغبة جمة بان اخدم بلدي بالقيام بدراسة تحليلية موضوعية للاقتصاد السوري افضح بها هذا النظام الاستبدادي الفاسد الفاشل وامسح به الارض, لأني عندما عملت كدكتور منهدس استاذاً بكلية الهندسة الكهربائية بجامعة دمشق كان راتبي 190 دولار شهرياً وراتب الموظف اقل من 100 دولار شهرياً, بينما وللمقارنة راتب استاذ الجامعة في الغرب حوالي 7 الاف دولار!! وكانت خطتي للدراسة هي فضح النظام من ثلاث محاور:1- العدد الضخم للجهاز الامني المخابراتي واستنزافه للاقتصاد السوري 2- الاقتصاد الحكومي الاحتكاري الفاشل في سوريا مقابل الاقتصاد التنافسي الحر الناجح الموجود بالدول المتقدمة, 3- الفساد وسرقة الاقتصاد واستنزافه من قبل اسرة الاسد واقربائهم واصحاب الذوات من اذنابهم وكبار ضباط الامن والمخابرات… ولكي تكون دراستي علمية يجب ان ادعمها بالارقام والمعطيات من الهيئات الدولية بالامم المتحدة عن ” الناتج المحلي و القومي الاجمالي” وكم هو حجم انفاق الدولة على الصحة والتعليم. ومختلف الخدمات العامة للمواطن السوري … وكدت ان اصدم للمعطيات التي وجدتها ..حيث كانت الارقام كلها معقولة نسبياً؟؟ فالحكومة تصرف على الصحة والتعليم وهناك دخل قومي معقول!!! فإذا لماذا كان راتبي 190 دولار كاستاذ جامعي؟ هل علم الاقتصاد الذي درسته بارقى الجامعات في العالم خطأ؟ وكما يقول المثل الشعبي السوري كدت ان اخبط رأسي بالحيط من هذا التناقض!
هناك الكثير من الدراسات الاقتصادية المنشورة عن بند سري موجود في ميزانية المخابرات الروسية الكي جي بي وحتى الاميركية السي اي ايه, لتمويل تجنيد العملاء الخارجيين ودفع رواتبهم وهناك ايضا بند سري في ميزانية الكي جي بي لتمويل الجنود الاحتياط في دول الحلفاء المدرجين بقوى حلف وارسو في دول المنظومة الاشتراكية والدول التابعة لها مثل سوريا… كاتب المقال يقدر بأن عدد عملاء المخابرات الروسية الذين يقبضون رواتب منها الى جانب رواتبهم السورية بحوالي 100 الف عميل, الى جانب عدد مماثل من جنود القوات المسلحة السورية المدرجين كجنود احتياط في حلف وارسو في زمن الاب حافظ الاسد والان بزمن الابن هم تابعون لنظام بوتين الروسي الجديد على نفس الاسس من التبعية والتمويل.
من هنا نرى بأن نظام الأسد يتباهى ببند سري لا يعرف عنه اي سوري يدخل بتمويل الاقتصاد السوري ويضخ بالاسواق السورية بمئات الملايين من الدولارات شهريا, مما ينعش الاقتصاد ويساهم بأن يعيش الناس في سوريا حياة متوسطة معقولة, مما أدى الى سلاسة واستقرار حكمهم لسوريا, بالرغم من استبدادهم.. اي طعمي العين بيستحي الحاجب كما يقول المثل الشعبي السوري.
اي ان بدل ان يعمل السوريين بجد واجتهاد وينافسوا بالاقتصاد العالمي ويكسبوا قوتهم بعرق جبينهم عن طريق البحث العلمي والابداع في الزراعة والصناعة والتجارة كما في الدول الراقية, جعلتهم عائلة الاسد يكسبون المال السهل الكفيف بتجنيدهم كمرتزقة في الامن والجيش لصالح المخابرات الروسية التي تدفع لهم جزء كبير من رواتبهم!! … الأن هناك من مؤيدي النظام من يقول وطز .. انا مبسوط كنت مع النظام, وكان في استقرار وانا ما بيهمني كيف يحصل النظام على المال, المهم لدي باني كنت اقبض راتبي اخر كل شهر اصرفه على بيتي واسرتي… ولكن هذا كلام خطير جدا لان المساوئ من هذا الاقتصاد على الشعب السوري ومصالحه الوطنية كارثية, وسأحاول ان الخصها بما يلي: 1- عندما يعمل الشعب السوري كمرتزقة لدى الكي جي بي ويعيش اقتصاده على رواتبها, فعليه ان يدفع دمه من اجل مصالح الكي جي بي وهذا ما حصل في حرب تشرين عندما ارادوا تجربة الاسلحة الروسية الحديثة ضد نظيرتها الاميركية مثل صاروخ سام 6 ودبابات تي 62 .. فما كانت فائدة هذه الحرب بالنسبة للشعب السوري؟؟ وكذلك الامر في حرب لبنان عندما ارادت روسيا تجربة صواريخها بعيدة المدى.. وكذلك الامر بحالة الحرب السورية الحالية التي تدور رحاها من 6 سنوات والتي قال فيها “بوتين” بانه يستغلها لكي يجرب اسلحته المتطورة, وان سوريا هي افضل حقل تجارب عملي لقواته واسلحته (كتبنا مقال تقصيلي عن هذا الموضوع يمكن قراءته هنا: ما معنى ان يقول بوتين بأن سوريا ارخص ساحة لتجريب اسلحتنا وتدريب قواتنا) اي عمليا استخدام الشعب السوري كفئران تجارب للاسلحة الروسية -2- تتجنب القوتان العظمتان اميركا وروسيا المواجهة المباشرة بين قواتهما بحرب تكون كارثية ومدمرة لكليهما, فهما تفضلان ان تتحاربا من خلال حروب محدودة بالوكالة, وهذا ما يحدث الان في سوريا, حيث بعد انطلاق الثورة لسورية استغلت اميركا الفرصة لكي تضرب روسيا بخاصرتها السورية, وقامت من خلال حلفائها في تركيا والسعودية وقطر والاردن بتسهيل وتمويل انشقاق مئات الالاف من معارضي النظام وتسليحهم وسهلت ايضا وصول مئات الالاف من المقاتلين الاجانب لكي تنشأ مستنقعا يغرق فيه النظام الروسي من خلال اغراق النظام السوري, وها نحن كسوريين ندفع ثمن حرب بالوكالة بينهما من دمائنا دون ان ندري.. -3- ان قبول الشباب السوري بالعمل الكسول الكفيف كمرتزقة في اجهزة امن الدولة وجيشها لصالح المخابرات الروسية يحرمه من فرصة التعلم واكتساب الخبرات والكفاءات الرفيعة التي تستطيع الابداع والنهوض باقتصاد سوري وطني حقيقي يستطيع المنافسة في الاسواق العالمية.. وهذه خيانة وطنية لا تغتفر لعائلة الاسد الاجرامية الى جانب استخدامها للشباب السوري كوقود لحروب بالوكالة بين روسيا واميركا… ومن هنا نحن نحذر اي حكومة سورية وطنية ستقوم بعد سقوط النظام بانها ستواجه مشكلة ضخمة في تمويل هذا الكم الهائل من الشباب العاطلين عن العمل بكافاءت لا قيمة لها ممن كانوا يعملون بالامن والجيش, وقد رأينا ما حل بهم في العراق حيث اصبحو امراء حرب وشكلوا تنظيم داعش الاجرامي, وهذا ما سيحدث في سوريا عند سقوط النظام اذا لم نتخذ الخطوات الصحيحة لمعالجة هذه المشكلة بالطرق العلمية المعروفة المبنية على اسس علم الاقتصاد.
وفي الختام انا اشعر الان بالارتياح باني وضعت هذه الحقائق بين يدي القارئ السوري والعربي والتي اردت كتابتها منذ بداية الثورة قبل 6 سنوات ولم تسنح لي الفرصة الا الآن.. وفيها الخص ان خيانة عائلة الاسد الاجرامية تبرز في جعل سوريا حديقة خلفية للمخابرات الروسية وجعل الشباب السوري وقوداً لحروب بالوكالة مع المخابرات الاميركية, او ارسال رسائل لها من خلال تجريب اسلحتها الحديثة مستخدمة الشعب السوري كفئران تجارب, وحرمان الشباب السوري من التعليم وتطوير كفاءات رفيعة تساهم في تطوير ونهضة البلد
لم اقرأ اسخف من هذا المقال بالإجمال. ولكن سأتوقف عند مقولة انه كان على سوريا اعتماد المبدأ الاقتصادي الحر والمنافسة بدل الاعتماد معاش اخر الشهر. اي انك تريد ان تعتمد على نظام اقتصادي حروهذا جميل جدا. ولكن النظام الاقتصادي الحر هو جزء من منظومة متكاملة تعرف بالأيديولوجية اي التكامل بين ثلاثة أمور سياسية واقتصادية واجتماعية. والنظام الحر كما هو معروف موجود في الدول الديمقراطية حيث تتكامل هذه الأمور الثلاث.
اخبرني يا سيدي العزيز كيف يمكن ان نستعمل اقتصاد حر بمعزل العاملين الاخريين ؟؟؟ كيف يمكن ذلك وما زلنا نعتبر المراة إنسان ناقص امام الرجل؟ كيف يمكن ذلك وما زلنا نفرح باغتصاب البنات القصر الأطفال باسم الزواج المبكر.
باختصار ان الشعوب العربية دون استثناء ومنها سوريا تحتاج الى أشخاص كعائلة الأسد لنقل هذه المجتمعات المتخلفة الى الامام بتروي وعقلانية .
اعتقد ان ما حصل في بلاد الربيع العربي التي ارادت الحرية كيف اصبح وضعها الان. الحرية والديمقراطية لا تليق بشعوبنا وهناك مراحل علينا المرور بها قبل الحصول عليها.
كفاكم استغلالا لعقول الناس بهذا الأسلوب الملتوي