كنت قد إنتهيت للتو من مشاهدة فيلم “مولانا ” عن قصة الكاتب المصري المعروف إبراهيم عيسى. والتي قراتها قبل ما ’يقارب السنة وتحولت مؤخرا إلى فيلم. كنت مأخودة بروعة التعبيرات والتأويلات الدينية التي تصدر من شيخ بسيط. ’يبسط الأمور في سياقها الماضي ويعيد صياغتها لتتماشى مع الحاضر. ليبين للإنسان البسيط كيف أن العمل بغيرها ليس خروجا عن الدين. وإمكانية ربط الإختلافات في سياق العصر جائز وممكن، مادام الإنسان مرتاح ضميريا بأنه لا يؤدي الآخر ولا يؤدي المجتمع من حوله. وأن الكراهية والبغض ليست من صفات الله عز وجل، ربط الدين بالضمير الفردي والجمعي. التي أجدها الطريق الصحيح لتقديم صورة فلسفية عصرية تنبض بالإنسانية لتجديد الخطاب الديني. ولكن الهزة كانت بإنتظاري لتطفىء الفرحة في قلبي، و’تعيد الغصة إلى حلقي، وأنا أسمع وأرى مشاهد الإبادة الجماعية التي هدف إليها عامدا و’متعمدا إرهابيو منفدي عملية مسجد الروضة بقرية بئر العبد في شمال سيناء..
وبدأت في التساؤل من الدي أوصل الإنسان العربي إلى هده الدرجه من الإنحدار. الإنحدار الدي وصل لدرجة سلب الله عز وجل من أولى وأهم صفاته الحسنى، “” الرحمة “” ؟؟؟أليس هدا ما تعلمناه عن الله عز وجل مند نعومة أظافرنا ؟؟ “”الرحمن الرحيم “” ؟؟؟؟ ألا يقع السكوت على مثل هده العمليات في خانة تبريرها ؟؟؟ من أين أتى هدا الفكر المنغلق والمتشدد ليمحو من ضمائر هده الشردمة أية إنسانية ؟؟
لن أتقبل القول بأن المسؤول عن هدا التطرف الغرب وحده. ولا النظم الإستبدادية وحدها. ولا الفقر أيضا.. ولن أنحدر لأقول بأن المسؤول الدين.. لأن كل الأديان أحتوت الكثير من الإيجابيات والسلبيات.. ولكن أقولها وبدون خوف، أن مجموعها مسؤول. وإن كنت أؤمن أن المسؤول الأول هو الجهل..نعم جهل الحكومات التي إعتقدت بأن نشر الإسلام واجبها الأول وعملت على بناء المدارس الإسلامية في كل بقاع الأرض.. وجهل الشعوب التي إستمعت لخطباء الجوامع وسكتت عن إدانتهم حين بثوا الحقد والطائفية بين مواطني البلد الواحد مستندين لتبريرات لا تستند إلى العقل والمنطق وتخلو من الإنسانية..
ولن ألقي اللوم كله على الحكومة المصرية المثقلة بالأعباء، والتي ’يحملها مضمون الفيلم الكثير من المسؤولية ؟؟ ولكني أيضا لن أغض الطرف عن تقصيرها في منع فقهاء الدين الدين أفتوا بما لا يتوافق مع أي عقل.. حين لم يستوعب مسؤوليها أن بناء بيوت الله في كل بناية وزاوية حارة. ومنح تخفيضات ضريبية لكل صاحب عمارة حين بناء مسجد في أسفل البناية ؟؟.. بحيث بنوا كمية هائلة من الجوامع.. خالية من وجود الله.. حين روجوا للحقد والفرقة بين أبناء الوطن الواحد؟
أكشاك الفتاوي الشاده والتي الكثير منها ’يثير الجدل التي سمحت الدولة بفتحها في محطات قطارات الأنفاق.. وأدت إلى ضبابية الرؤية للإنسان البسيط.
حين أهملت التهديد الدي جاء على لسان أحد قياديي التنظيم بأن داعش سيسعى لإستهداف أتباع الطريقة الجريرية.. حينما تصل عناصره المشؤومة إلى هده المنطقة.. في يناير..
لن أستطيع السكوت عن تراخي الأمن في حماية المنطقة بناء على عدم وجود سابقة للمنظمات الإرهابية في إستهداف المساجد.. خاصة وفي يوم جمعة؟ متناسين بأن الإرهاب لا دين له أصلآ و لم يتوانى عن قتل مصلين في الكنائس سابقا والتي أؤمن بأن لا فرق بين بيوت الله..
مند فترة ليست بالقصيرة ثبت للأجهزة الأمنية في مصر وجود فعلي للقاعدة وداعش ؟؟ كلاهما يريد إثبات وجوده.. فهل يكون تنافسهما على السيطرة على سيناء لبث الرعب بين الأهالي والحصول على ولائهم أحد أسباب القيام بهده العملية القدرة ؟؟؟
البعض يعتقد بأن فتح مراكز توعية ستحد من التطرف.. ولكني وصلت غلى قناعة راسخة بأنه لن تنفع مراكز التوعية وحدها لوأد التطرف ومكافحة الإرهاب.. هؤلاء ليسوا مرضى نفسيين.. بل هم سرطان في قلب المجتمع يجب إستئصالة..
العمل على التوعية وبناء مراكز لمكافحة الإرهاب والتطرف في مصر والدول العربية.. لن ’يجدي بدون إيقاف التمويل عن المدارس الدينية المنتشرة سواء في الدول العربية أم خارجها.. لوقفها عن العمل وتصدير طلابها للدول الإسلامية والغير إسلامية ؟؟
ومع إحترامي فإن مبادرة الملك سلمان بن عبد العزيز الأخيرة في تنقيح الأحاديث وحدها لن تكفي بدون البحث عن الأسباب الكامنة في النصوص أيضا ؟؟ قد تكون طريقة “مولانا” في تجديد تفسير النصوص..هي واحدة من الطرق.. متلازمة مع التركيز في الخطاب الجديد على حرمة الدم.. وخضوع أي خطيب للمسائلة القانونية والعقاب حال أهدر دم أي إنسان من خلال أي شكل من أشكال التحريض..
جميعها متلازمة مع مناهج تعليمية متطورة وتتناسب مع العصر تستند إلى المبادىء العالمية لحقوق الإنسان. الرجل والمرأة.. بغض النظر عن الدين او الجنس والمدهب. الخروج من عباءة أننا الوحيدون المؤمنون بأكمل الشرائع. والإعتراف بأن كل الأديان تؤمن بإمتلاكها لأكمل الشرائع. الإعتراف بأننا بشر نتساوى أمام الله عز وجل.. وليس هناك من عقيدة ولا مدهب أفضل من الآخر فكلهم من عند الله.. علينا العمل على غرس بدور فكر إنساني مشابه للفكر الإلهي في المحبة والرحمة.. والتدكر بأن النبي نفسه (سلام الله عليه ) قال ما أنا إلا بشر مثلكم..
العمل على أن نكون أفضل لأنفسنا ولمجتمعنا.. أقل عنصرية.. وأكثر تسامحا.. أقل تحيزا وأكثر محبة لنكون قدوة لأطفالنا…
لقد آن الأوان لمواجهة أنفسنا ومجتمعاتنا والتساؤل بصدق مادا جنينا من عقيدة التطرف سوى قتل أبنائنا وضياع الإحساس بالطمأنينة النفسية للفرد وللمجتمع.. وفقدان إحترامنا لأنفسنا وإحترام العالم لنا.
المصدر ايلاف