رياض الحبيّب
خاص – موقع لينغا
ليت الأستاذ المذكور في حلقة بحر السّريع اكتفى بالصفر وحافظ على اليمين الذي حلفه عقب تخرجه في الجامعة (أو المعهد) ولم يتجاوز حدود مهنته ليسُبّ التلميذ ويضرب. وليته تذكّر أنه يومًا كان تلميذًا مثله وتذكّر كم خشِيَ التعرّض للسَّبِّ والضرب من بعض أساتذته وكم تخفّى من معاون المدرسة المُتبختِر في مَشْيهِ خلال فترة استراحة التلاميذ حاملًـا بيده اليمنى قضيبًا من الخيزران. وليت الأستاذ والمعاون فكّرا طويلًـا في موضوع السب والضرب وتأثيره على شخصيّة التلميذ وخصوصًا الانعكاس السلبيّ يوم يشبّ عودُهُ وتقوى شوكته. وكيف ينسى المُعَلِّم أنّ كلمة “أستاذ” صفة لائقة به وحده لا يستحقها سواه؟! فمِن الغلط الشائع مناداة المهندس بها والمحامي والمحاسب والموظف وإن وصل الأخير إلى منصب وزير. فإذا نُودِيَ بها أحدُ هؤلاء، دلّت على الإحترام والتقدير، ما لم تدلّ على خوف أو تحقير! لذا يتشرّف الأستاذ بصفته كأهمّ من سِواها وإلّـا لتمَّ اختيار سِواها عوضًا عنها لتدلّ على ما تدلّ في الدوائر الرَّسميّة وشبه الرسميّة
لذلك عِيبَ المُعَلِّمُ على فقدان صوابه بسبّ التلميذ تارة وبضربه تارة، حتى نزل إلى مستوى أخلاق الشارع (الشرق أوسطي) ونظر إليه التلاميذ نظرة خوف ورعب. فإنْ عانى الأستاذ من تدنّي مستوى التلميذ بمادة أدبية (أو علمية) ومن تقصيره في الواجب المُناط به فلكُلِّ مشكلة سبب ولا بدّ من وجود حلّ مناسب لها، يحتاج المُعَلِّم إلى وقت قصير للتأمّل في كِلَيهِما. عِلمًا أنَّ مِن التلاميذ “القويّ” أو “المدعوم” الذي رآى شخصية هذا المُعَلِّم (أو المُدرِّس) مهزوزة فحاول استفزازه بدهاء للسخرية منه أمام زملائه وربّما أمام الناس، أي داخل الصفّ وخارجه، مُطمَئِنًّا إلى أن مُعَلِّمَه يتجنّب سبّه أو ضربه. وفي العراق يُسمّى أستاذ المرحلة الإبتدائيّة مُعَلِّمًا وأستاذ المرحلتين المتوسطة والثانويّة مُدرِّسًا، لكنّ الإثنين ينتميان إلى دائرة واحدة هي نقابة المُعَلِّمين. ومن المُؤسِف ذِكر الرواية التالية؛ يومَ أقمت في الأردنّ- تحيّاتي له من العقبة إلى الرمثا- في أوائل التِّسعينيّات، إقامة مُؤقَّتة مُدَّتها ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرّة واحدة، رغِبتُ في زيارة أحد البلدان العربيّة اضطرارًا، كي أعود إلى الأردن فأحصل على إقامة مؤقتة جديدة. فقال لي صديق عربي قُبيل مغادرتي إلى بلده: إيّاك أن تقول لأحد “أستاذ” إذا ما وصلت إلى هناك لأنّ معناها عندنا: حمار
ولا يغيب عن بالي ما رأيت خلال سفرة ما بالقطار الأوروپي؛ يوم لفتت انتباهي سيدة (غربيّة) جالسة أمامي، حاولَتْ إقناع طفلها بالتخلّي عن دُمية انتزعها من يد طفل آخر. كان طفلها عنيدًا أمّا هي فتحلَّت بالهدوء والحكمة والاتزان، حتى نجحت في تهدئته بعد إرضائه بدمية أخرى. فتذكّرتُ حينئذ ضربات موجعة رأيتُها خلال عملي في العراق، نسِيْتُها إلّـا واحدة لأنها آلمتني كثيرًا، صيف سنة 1991 في قاعة امتحان نهائي؛ إذ ضرب أحد الزملاء من مراقبي الإمتحان تلميذًا كان مِرماشًا (يُحرِّك حواجب عينيه كثيرًا) فسقط نظرُهُ بدون قصد على عـينَي الزميل فاندفع صوب المسكين كالصّاروخ وضربه ضربًا مُبرِّحًا بيديه وحذائه، ما اضطرّني إلى ترك حقل المراقبة المخصّص لي بسرعة لإيقافه. فلمّا رآى التلميذ دفاع أستاذ آخَر عنه تأثَّر فترك الإمتحان فورًا واٌنقطعت أخباره. كانت تلك الهَمَجيَّة من أسباب تَركي العراق خريف تلك السنة
أمّا ضَرْبُ المرأة فيكفي ذِكر مثل من بلاد الصين هو: لا تضرِب المرأة ولو بزهرة! وأغلبُ الظنّ أنَّ قائِلَهُ لا يعرف الله أو لا يؤمن به. فالسؤال الآن؛ ماذا لدى المُؤمِنِ بالله ليُقابلَ بهِ هذا المَثلَ أو قائِلَهُ؟ لعلّ الجواب: أخي الصِّينيَّ المحترم؛ ما فكَّرتُ قطّ بضرب المرأة، لا بزهرة ولا بحلوى “شعر بنات” كيف لي أن أفكّر بضرب الجنس الذي أهداني الحبيبة التي رغِـبْتُ في رشّ مِخَدَّتها بأطيب العطور الفرنسية كلّ مساء، التي تنسّمْتُ مِن كُحْل عينيها رائحة الرّضا كلّ صباح، التي حَلُمْتُ بقبولها دعوتي إلى مهرجان النبيذ القبرصي الذي يُقام سنويًّا في ليماسول بين أواخر أوغسطس وأوائل سبتمبر وإلى حضور عزف إحدى سيمفونيّات موزارت في ڤـيينا خلال الربيع وإلى مرافقتي لزيارة عِـيَل صديقة في سانت بطرسبرغ وكراكوڤ كلّما مرّت عطلة مدتها أسبوع، التي حلمت بحَمْلها على كتفيّ في شارع الشانزليزيه مُتأرجِحَين بين قوس النصر وبرج إيفل؟! فقد قيل: (عندما يشعر الله بالملل يفتح النافذة ويتأمّل في شوارع پاريس- هاينرش هاينه، شاعر ألماني) ولا بأس في إخباركَ يا أخا كونفوشيوس بشيء عن قلب حبيبتي؛ هو أرقُّ مِن الزَّهرة وأنعَمُ مِن جَناح الفراشة. وبشيء من أقوال النساء؛ من منثورة شعريّة (أميرة في قصركَ الثلجي) للأديبة السورية غادة السمان
أين أنت أيّها الأحمق الغالي؟
ضيَّعْـتَني لأنَّكَ أردتَ اٌمتلاكي
– – –
ضيَّعْـتَ قدرتنا المتناغمة على الطيران معًا
وعلى الإقلاع في الغوّاصة الصّفراء
– – –
حاولتَ أنْ تجعـلَ مِنّي
أميرة في قصْركَ الثلجيّ
لكنني فضَّلتُ أن أبقى
صُعـلوكة في براري حُرِّيَّتي
– – –
ولا بأس في إحاطتكَ عِلمًا بمعاني كلمة “ضرب” في لغتنا العربيّة؛ مِن حُسن الحظِّ أنَّكَ مُطَّلِع على لسان العرب وغيره لتكتشف حوالي أربعين معنىً. لكنّ «لسان العرب» أوجَزَ المعاني السابقة ولا يستطيع أحد اليوم أن يزوِّدَهُ بالمعاني اللاحقة، لأنّ مؤلِّفه ابن منظور (ت1311 م \ 711 هـ) قد تُوفِّي منذ سبعة قرون. فإليك معلومة إضافيّة، من العراق؛ ضَرَبَ دجاجة مَشويَّة (أي أكل) وضَرَبَ وإيّاها رُبْعِـيَّة عَرَق مِسْتَكي أو زحلاوي (أي شَرِب) ومن الجزائر، محلّ ولادة المُفكِّر الفرنسي ألبير كامو؛ روى لنا عنها أنّه سمِع الناس تقول: لنَضْرِبْ حَمّامًا أي لنستحِمّ
أمّا لو بحثتَ عن كلمة “ضرب” في الكتاب المقدّس لعثرتَ لها على معانٍ ومواعظ؛ هنا ضرب موسى النبيّ صخرة: {ها أنا أقف أمامك هناك على الصّخرة في حوريب فتضرب الصخرة فيخرج منها ماء ليشرب الشعب. ففعل موسى هكذا أمام عيون شيوخ اسرائيل} سِفر الخروج 17 وهنا ضرب الإنسان أخاه الإنسان (الخروج 21) وهناك ضرب بالأبواق (العدد 10 ويشوع 6) قُصِد به النفخ، كذلك في سِفر الرؤيا 18 {وصوت الضاربين بالقيثارة والمُغـنِّين والمُزمِّرين والنافخين بالبوق} والضرب بالعُود لإخراج روح رديء (صموئيل 16) والضرب بالناي (الملوك الأول1) أمّا حثّ الأب على ضرب اٌبنه في العهد القديم فكانت الغاية منه تأديبيّة، كي لا يَحيد الإبن عن عبادة الله وعن تعاليمه ووصاياه: {لا تمنع التأديب عن الولد لأنك إن ضَرَبْتهُ بعَـصًا لا يموت. تضربه أنت بعصا فتُـنـقِـذ نفسَهُ من الهاوية} الأمثال 23
ولو بحثتَ أكثر لقرأتَ عن ضَرْب الأمثال (حزقيال 16 وغيره) وعن رؤيا رائعة من رؤى دانيال النبيّ في ولاية عيلام؛ رآى تيسًا مِن المَعَـز ضَرَب كـبْشًا وكـسَرَ قرنَيهِ وطرَحَهُ على الأرض وداسَه… في سِفر دانيال الأصحاح8 وفيه تفسير مُذهل لتلك الرؤيا، فسَّرَها جبرائيل الملاك لدانيال النبي. ذلك من العهد القديم، أمّا من العهد الجديد فاخترت لك من أقوال سيِّدنا المسيح له المجد: {مَن ضَرَبَكَ على خدِّكَ فاٌعرضْ لهُ الآخَرَ أيضا} لوقا 29:6 أي كُنْ مُستعِـدًّا للتحمّل أكثر فأكثر من أجل كسْب أخيك الذي يُعاديك. وكان السَّيِّدُ أيضًا يضرب الأمثال: وضَرَبَ لهُمْ مَثَـلًـا… إلخ
صحيحٌ يا أخا المليار وأربعمِائة مليون نسمة ما تقول عن ضربات إله العهد القديم وقسوته على إنسانه، لكنّه قسا على شعب مُعيَّن وأرضٍ مُحدَّدة، في ظرف زمانيّ خاصّ، لم يكن مزاجيّ الطباع- حاشا- بل كان غيورًا على عبادته وعلى شعبه الذي اختار أن يأتيَ منهُ المسيح مُخلِّصًا جميع البشر. أمّا الأقوام التي أفناها فلأنها أغـوت شعب الله وقادته إلى عبادة آلهة أخرى أي إلى عبادات وثنيّة فعَمِلَتْ رجاسات وأعمالًـا شرِّيرة (ليس صعْبًا على القارئ-ة تخيّل بشاعتها، لأنّ الإنسان الحديث قد فعل أبشع منها ولا سيَّما مجازر الأتراك بالأرمن وهولوكوست ألمانيا النازية باليهود) حتى باتت حجر عثرة أمام شعب الله. وقد أمهَلَ الله المُفسِدين في الأرض زمنًا طويلًـا قبلما محاهم عن بكرة أبيهم. والقسوة طالت شعبه أيضًا، إذ ابتعد عن عبادته بين فترة وأخرى فعَـرَّضَهُ للإضطهاد من شعوب وثنيّة، كالسَّبْي البابلي- راجِعْ لطفًا مراثي إرميا النبي- قبلما عاد فتحنّن من جديد {لأنهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتى بَذلَ اٌبنهُ الوحيدَ، لكي لا يهلكَ كلُّ مَن يُؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية} يوحنّا 16:3 وقد أوضحْتُ في ما مضى معنى {الإبن} وكيف فهِمَهُ جَهَلةُ العَرَب وغيرهم
فلو كان إلهنا قاسِيًا لا على التعيين لأفنى الصين! وضيّعَ علينا فرص التجوّل حِذاءَ سُورِها العظيم ومشاهدة الپاندا العملاقة والتسوّق في شنغهاي وقضاء فترة استراحة مع ألعاب بروس لي الدفاعية! ولأفنى سائِرَ مَن قدَّسَ البشر والحجر والبقر! ولو كان خائفًا على اٌسمِهِ ومركزه لَمَا ترَكَ الصين تصل بنفوسها إلى العدد المذكور ولَمَا ترك الهند جارتها! ولَمَا ترك بوذا يزهد ويسهر ويُعَلِّم وترك البقرة المُقدَّسَة تسرَحُ في شوارع الهند وتمرح! لكنّ الهند والصين لم تقِـفا حَجَر عثرة أمام شعب الله الذي كان مُزمَعًا مجيءُ المسيح من نسله، من يوسف البارّ بحَسَب الشريعة ومن مريم العذراء بحَسَب الطبيعة. هذا من جهة الإنسان، أمّا من جهة الحيوان فلو كان إلهُنا مُتشدِّدا لحَرَّم علينا لحم الخنزير كما حرَّمَه على شعبه القديم (تثنية 8:14) ولَمَنع تكاثرَهُ السريع نسبيًّا، حتى بلغ تعدادُهُ اليوم مليار رأس، نِصْفُهُ يرعى في الصين. إنَّما إلهُنا عادل؛ لمْ يَرْضَ بظُلْم وَقعَ على إنسان من أخيه الإنسان، لم يرضَ بأيّ نوع من أنواعه وأيّ شكل من أشكاله، لا على الإنسان ولا على الحيوان
وفي ذهني أنّ الرّبّ الإله، في أيّام ذلك العهد القاسي والعنيف، الذي انتقده النقاد بدون دراسة أكاديمية، تحنَّن على حِمارة ففتح فاها بمُعْجِزة، كي تعترض على صاحبها الذي ضرَبَها: {27 فلمّا أبْصَرَتِ الأتانُ ملاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلْعَامَ. فحَمِيَ غـضبُ بلعام وضَرَبَ الأتان بالقضيب. 28 ففتح الرَّبُّ فمَ الأتان فقالت لبلعام: ماذا صنعْـتُ بك حتى ضربْتَني الآن ثلاث دفعات؟ 29 فقال بلعام للأتان: لأنَّكِ اٌزدَرَيْتِ بي. لو كان في يدي سيفٌ لكنتُ الآن قد قتلتُكِ…} والرواية حتّى الآية 35 في سفر العدد 22 أمّا بعد فإنّ الشّاعر حاتِم الطّائيّ (ت 605 م) وَبَّخَ ابنهُ لأنهُ ضَرَبَ كلبة الدار، أيّامَ كانت العرب تُوقِدُ نارَ الضّيف ليهتدي بها إلى المُضيف. فإذا خَمَدَتِ النارُ وحاتِمُ نائم اهتدى الضيف إلى بيته مِن نُباح الكلبة، لذا أوصى حاتِمُ اٌبْنَهُ خيرًا بها- من بحر المنسرح
أقولُ لاٌبنِيْ وقد سَطتْ يدُهُ * بكلبةٍ لا يزالُ يَجْـلِدُها
أوصِيكَ خيرًا بها فإنَّ لها * عندي يَدًا لا أزالُ أحْمَدُها
تدُلُّ ضَيْفيْ عَليَّ في غلَسِ الليل إذا النارُ نامَ مَوقِـدُها
* * *
عاشِرًا: بَحْرُ المُنسَرِح
هذا البحر قليل الاستعمال ومختلف قليلًـا عن غيره وصعبٌ إتقانه قبل إتقان ما سبقه من بحور. لكنّه يُصبح من أسهل البحور بعد قراءة قصائد منه لشعراء من الطبقة الأولى بتمعّن، لتذوّق موسيقاه وإتقان الوزن. وزنه (مُسْتَفْعِلُنْ مَفعُـولاتُ مُسْتَفْعِلُنْ) مرّتين والجوازات فيه هي التالي
أوّلًـا؛ جاز في مُسْتَفْعِلُنْ الأولى الخبن مَفاعِلُنْ والطَّيّ مُفتَعِلُنْ- عِوَضَ مُسْتَعِلُنْ- في كُلٍّ من صدر البيت وعجزه
ثانيًا؛ جاز في مُسْتَفْعِلُنْ الثانية (أي العَروض) الطَّيّ مُفتَعِلُنْ واستُحسِن كثيرًا، هذا في صدر البيت. أمّا في عجزه (أي الضرب) فجاز فيها الطيّ مُفتَعِلُنْ وجاز أيضًا القطع مُسْتَفْعِلْ الذي يُنقَلُ إلى مَفعُوْلُنْ. إذًا جميع قصائد المُنسرِح المشهورة على نوعين؛ الأوّل عروضُه مُفتَعِلُنْ وضربُها مثلُها. والثاني عروضُه مُفتَعِلُنْ وضربُهُا مَفعُوْلُنْ
ثالثًـا؛ جاز في مَفعُولاتُ الطَّيّ مَفعُلاتُ= فاعلاتُ واستُحسِن كثيرًا، لكن ما جاز تنوين الضمّة التي على تاء فاعلاتُ (أي ما جازت فاعلاتٌ= فاعلاتُنْ) وإلّـا لتغيّرت موسيقى البحر. عِلمًا أنّ المشهور في المنسرح هو الطَّيّ فاعِلاتُ، لأنّ مفعولاتُ تبدو ثقيلة ما لم يُحسِن الشاعر في استعمالها. لذا بدا تعلُّم المنسرح صعـبًا على هواة الشِّعْـر وشكلُهُ مختلفًا عمّا سبق من بحور
– – –
الخلاصة: لبحر المُنسرِح عروض واحدة مُسْتَفْعِلُنْ لكنّ المشهور فيها هو طيُّها مُفتَعِلُنْ. فللسهولة والتعليم قلت: لبحر المُنسرِح عَروضٌ واحدة مَطويّة مُفتَعِلُنْ، لها ضَرْبانِ؛ مطويّ مثلها (مُفتَعِلُنْ) ومقطوع مَفعُوْلُنْ
– – –
أمثلة على العروض مُفتَعِلُنْ التي ضَرْبُها مثلها، أي
مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُ مُفتَعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُ مُفتَعِلُنْ
أميّة بن أبي الصَّلت 1
قومِي إيادٌ لَوْ أنَّهُمْ أمَمُ * ولَوْ أقاموا فتُجْزَلُ النِّعَمُ
قومِيْئِيا- دُنْلَوْءَنْـنَـ- هُمْأمَمُو * ولَوْءَقا- مُوفتُجْزَ- لُنْـنِعَمُو
مُسْتَفْعِلُنْ- مَفعُـولاتُ- مُفتَعِلُنْ * مَفاعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ
لكنّ الأفضل أن يُقرَأ البيت بتخفيف همزة أنّ أي اعتبارها همزة وصْل لا قطْع، ما يَلزم فتح واو “لو” عوض السكون، لذا سأعيد كتابة صدر البيت وتقطيعه
قومِي إيادٌ لَوَ اٌنَّهُمْ أمَمُ
قومِيْئِيا- دُنْلَوَنْـنَ- هُمْأمَمُو
مُسْتَفْعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ
وهو أوّل ستة أبيات في ديوان أميّة (ت 624 م \ 2 هـ) وفيه من المنسرح أيضًا قصيدة ونُتفة رائيّة وبيتان مُفرَدَان، ما سأذكُرُ تِباعًا
قومٌ لهُمْ ساحةُ العِراقِ إذا * ساروا جميعًا والقِطُّ والقلَمُ
قَومُنْلهُمْ- ساحَتُلْعِ- راقِئِذا * سارُوجَمِيْ- عَنْوَلقِطْطُ- وَلْقلَمُو
مُسْتَفْعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ- مَفعُولاتُ- مُفتَعِلُنْ
القِطّ أي الصحيفة، قيلَ: أراد بالقِطّ هنا الإنجيل (النصرانيّة وآدابها بين عرب الجاهليّة، للأب لويس شيخو اليسوعي، ق 2 ج1 ص222) مشيرًا بالقلم إلى معرفتهم بالكتابة، في زمن لم يعرف الكتابة بالعربيّة سوى قليل
وَيْلُ اٌمِّ قومي قومًا إذا قُحِطَ الـقطْرُ وآضَتْ كأنها أدَمُ
وَيْلُمْمِقَوْ- مِيْقومَنْءِ- ذاقُحِطَلْ * قَطْرُوأَءْ- ظَتْكَأنْنَ- هاءَدَمُ
مُسْتَفْعِلُنْ- مَفعُولاتُ- مُفتَعِلُنْ * مُفتَعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ
وَيْل اٌمِّ؛ اٌمّ بهمزة وَصْل، إذ لزم تخفيف همزة القطْع في أمّ للضرورة الشعريّة أي لتمشية الوزن لا غير، مكتوبة في الديوان بأصلها: وَيْل أمِّ، لكنّها تُكتَب أحيانًا مُركّبة (وَيلُمَّ) وهي تقال للتعجّب والتفجُّع؛ قال عبيد بن الأبرص في قصيدة من المنسرح
وَيلُ اٌمِّها صاحِبًا يُصاحِبُها * مُعتَسِفُ الأَرضِ مُقفِرٌ جَهِلُ
آضتْ= أَأْضَتْ [آضَ يئيضُ أيضًا: صارَ، عادَ. أيضًا: تكرارًا ومُراجِعًا، تُنصَب “أيضًا” على المفعولية المُطلقة أو على الحال- المُنجد في اللغة والأعلام] أدَم: جمع أدَمَة، قشرة الأرض الظاهرة، منها اٌشتُقَّ اسمُ آدَم لأنهُ خُلِق منها
– – –
أميّة بن أبي الصَّلت 2
لا يستوي المَنزلانِ ثَمَّ ولا الأعمالُ لا تستوي طرائقُها
المنزلان في هذا البيت: منزل النعيم ومنزل الجحيم. ثَمَّ، ثَمَّتَ: هناك
هُـما فريقانِ فِرقةٌ تدخلُ الجنَّةَ حَفَّـتْ بهِمْ حدائـقُها
هُـمَافَرِيْ- قاْنِفِرْقَ- تُنْتدْخُلُلْ * جَنْـنَـتَحَفْ- فَـتْبِهِمْحَ- دائـقُها
مَفاعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُسْتَفْعِلُنْ * مُفتَعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ
وفرقةٌ مِنهُمُ قد اُدْخِـلتِ النّارَ فـساءَتْهُمُ مرافِـقُها
وَفِرْقتُنْ- مِنْهُمُوقَ- دُدْخِـلتِنْ * نارَفـسا- أتْهُمُوْمَ- رافِـقُها
مَفاعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ * مُفتَعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ
قد اُدْخِـلت= قد أُدْخِـلت؛ خُفِّفت الهمزة للضرورة الشعريّة لئِلّـا يختلّ الوزن. لاحظ-ي التدوير في الأبيات الثلاثة التي اخترتُ من بين ستّة عشر بيتًا في قصيدة الشاعر. ولاحظ-ي أيضًا وجود العَروض الأصليّة مُسْتَفْعِلُنْ (تُنْتدْخُلُلْ) مع المَطويّة مُفتَعِلُنْ (دُدْخِـلتِنْ) في قصيدة واحدة، ما جاز في المُنسرِح لكنّهُ قليل
هنا النُتفة الرائيّة، يليها البيتان المُفرَدان
يا ليلة لمْ تَبِنْ مِن القِصَرِ * كأنّها قُبلةٌ على حذرِ
لمْ تكُ إلّـا كَلّـا ولا ومَضَتْ * تدفعُ في صَدْرِها يدُ السَّحَرِ
تكُ: تكُنْ، خفِّفتْ بحذف النون للضرورة الشعريّة. كَلّـا ولا: أي قبلة سريعة كسرعة اللفظ بهذين الحرفين. وتبدو النتفة كأنها من قصيدة مفقودة، نظرًا لتصريع البيت الأوّل
المفرد الأوّل: مِن سَبَإ الحاضِرين مأربُ إِذْ * يَبْنون مِن دُونِ سيلِهِ العَرِما
سبأ: إسم يجمع قبائل اليمن. العَرِم- هنا: سدّ يُعْتَرَضُ به الوادي
المفرد الثاني: الحَمْدُ لله لا شَرِيكَ لهُ * مَن لمْ يَقُلْها فنفْسَهُ ظَلَما
– – –
ومن التطبيقات على هذا الضَّرب قطعة حاتِم الطّائي المذكورة أعلى والتالي
المتنبي 1
أَهْـوِنْ بطولِ الثَّواءِ والتّـلَفِ * والسّجْـنِ والقـيْدِ يا أبا دُلَفِ
غَيرَ اٌخْتِيارٍ قبِلْتُ بِرَّكَ لي * والجُوعُ يُرْضي الأسُودَ بالجِيَفِ
كُنْ أيّها السّجنُ كيفَ شئتَ فقدْ * وَطّنْتُ للمَوْتِ نَفْسَ مُعترِفِ
لو كان سُكنايَ فيكَ مَنقصَةً * لَمْ يَكُنِ الدُرُّ ساكِنَ الصَدَفِ
– – –
البُحْتُري 1
لِيَكتَنِفْكَ السُّرورُ والفَرَحُ * ولا يَفُـتْـكَ الإِبريقُ والقدَحُ
فَتحٌ وفِصْحٌ قد وافَياكَ مَعًا * فالفَتحُ يُقرا والفِصحُ يُفتَتَحُ
واليَومُ دَجْنٌ والدارُ قُطْرُبُلٌ * فيها عَنِ الشاغِلين مُنتَزَحُ
فاٌنعَمْ سَليمَ الأَقطارِ تَغتَبِقُ الـصَّهباءَ مِن دَنِّها وتَصطَبِحُ
وإِنْ أَرَدتَ اٌجْـتِراحَ سَـيِّئةٍ * فهَاهُنا السَّـيِّئاتُ تُجْـتَرَحُ
قُطْرُبُّلُ: مَوْضِعانِ؛ أحَدُهُما بالعـراق (القديم) يُنْسَبُ إليه الخَمْرُ
البحتري (ت 897 م \ 284 هـ) من أشهر شعراء العصر العبّاسي. فإذا صحّت رواية ويكيبيديا عن اتصاله بأبي تمّام الطّائي لعرض شعره عليه وتلقّي التوجيه والإرشاد منه فالبحتري من التلاميذ الذين تفوّقوا على مُعَلِّمِيهِم! لأنّهُ كاد يخطف الأضواء كلَّها لولا سطوع نجم المتنبّي بعد موت البحتري ببضعة عقود
* * *
أمثلة على العروض مُفتَعِلُنْ التي ضربُها مَفعُوْلُنْ، أي
مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُ مُفتَعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلاتُ مَفعُوْلُنْ
أبو نؤاس
قد اخترت التالي من قصيدته التي مطلعها
عُـوْجَا صُدُورَ النجائبِ البُزَّلْ * فسائِلا عَنْ قَطِينةِ المَنزِلْ
في سَكرةٍ للصِّبا وعمياءَ لا * نسمعُ غير الصّبا ولا نعْـقِلْ
فِـيْسَكرَتِنْ- لِصْصِباوَ- عَمْياءَلـا * نسْمَعُغَيْ- رَصْصِباوَ- لـانَعْقِلْ
مُسْـتَـفْعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُسْتَفْعِلُنْ * مُفتَعِـلُنْ- فاعِلاتُ- مَفعُـوْلُنْ
حتّى إذا ما اٌنجَلَتْ عَمايتُهُ * روَّحْتُ نفسِيْ والعاذِلَ المُعْـمِلْ
حَتْتائِذا- مَنْجَلَتْعَ- مَايتُهُو * رَوْوَحْتُنَفْ- سِيْوَلْعاذِ- لَلْمُعْـمِلْ
مُسْـتَـفْعِلُنْ- فاعِلاتُ- مُفتَعِلُنْ * مُسْتَفْعِلُنْ- مَفعُولاتُ- مَفعُـوْلُنْ
والنَّفسُ ما لم تكُنْ لسَـكْـرَتِها * عاذلة لمْ ترُحْ إلى عُـذَّلْ
_ _ _
أبو الطَّيِّب المتنبي 2
قد اخترت التالي من قصيدته التي مطلعها
أَوهِ بَديلٌ مِن قولَتي واها * لِمَن نَأَتْ والبَديلُ ذِكراها
أَوْهِ لِمَن لا أَرى مَحاسِنَها * وأَصْلُ واهًا وأَوهِ مَرآها
شامِيَّةٌ طالَما خَلَوتُ بها * تُبصِرُ في ناظِريْ مُحَيّاها
فقـبَّـلَتْ ناظِري تُغالِطُني * وإِنَّما قـبَّلَتْ بهِ فاها
فلَيْتَها لا تَزالُ آوِيَةً * ولَيتهُ لا يَزالُ مَأواها
كُلُّ جَريحٍ تُرجى سَلامَتُهُ * إِلّا فُؤادًا رَمَتهُ عَيناها
تَبُلُّ خَدَّيَّ كُلَّما اٌبتَسَمَتْ * مِن مَطَرٍ بَرقُهُ ثَناياها
ما نَفَضَتْ في يَدِيْ غَدائِرُها * جَعَلْتُهُ في المُدامِ أَفواها
في بَلَدٍ تُضرَبُ الحِجالُ بهِ * عَلى حِسَانٍ ولَسْن أَشْباها
– – –
البحتري 2
في أَيِّ حينٍ رَأَيتُ مَولاتي * في خَيرِ حينٍ وَخَيرِ مِيقاتِ
تُقبِلُ محفوفة مَحاسِنُها * بأَعيُنِ الناسِ والإِشاراتِ
تَلحَظُني والعُيونُ تَلحَظُهّا * قد شُغِلَتْ بي عَنِ المُداراةِ
سَلَبْتُ صَدرَ النَهارِ لَذَّتَهُ * ثُمَّ اٌستَباحَ العَشِيُّ لَذّاتي
* * *
شعراء القرن العشرين والمُنسَرِح
مَن يتصفّح ديوان البحتري يعثر له على حوالي عشرين محاولة ناجحة لرَفد بحر المُنسَرِح ما بين نتفة وقطعة وقصيدة. كذلك في ديوان المتنبي. أمّا في الشعر العمودي الحديث فمن الصعب الحصول على محاولة واحدة أو اثنتين، إلّـا في دواوين شعراء كبار؛ منهم
معروف الرصافي؛ في مدح المتنبّي
كان أبو الطيِّب اٌمرَأً قُـوَلَهْ * يبتكرُ الشِّعْرَ مُذكِيًا شُعَـلَهْ
في شِعرهِ حِكمةٌ مُهَذَّبةٌ * وروعةٌ بالذكاء مشتعِلهْ
ونغمةٌ بالشعور صادحة * وصنعة بالفنون مُـتَّصِلهْ
قدرتُهُ في البيان واسعة * يتيهُ فيها السؤالُ والسّأَلهْ
يا قاتليهِ لو تعلمون بهِ * إذنْ قتلتُمْ نفوسَكُمْ بَدَلهْ
لمْ يزلِ الدّهرُ بعد مقتلهِ * يضْرِبُ في الشِّعْر للورى مَثلهْ
الشِّعرُ معنىً ألفاظهُ حَسُنتْ * فنسَّقتْ في بَلاغةٍ جُمَلَهْ
وكلَّما قصَّرَتْ قوالبَهُ * عَن حُسْنِ معناهُ أوسَعَتْ خَلَلهْ
مَن ذاق في الشِّعر طعْمَ مُعْـجزِهِ * فأحْمَدُ الشّاعرُ الذي أكَلهْ
كان كما قال وَهْوَ مُفتخِرٌ * بفضْلِ ما قالهُ وما فَعَـلهْ… إلخ
فتىً قُوَلَة: كثير القول. أحْمَد: أحمد أبو الطيِّب المتنبّي. والقصيدة من أمثلة الضرب الأوّل- مُفتعِلُنْ. لكنّ الرَّصافي ما مدح المتنبي ولا رثاه فحسب، بل ذهب أبعد؛ إذ أراد لفت انتباه القارئ-ة إلى قصيدة المتنبّي التي من طراز هذا الوزن وهذه القافية. أي أنّه قدّم للقارئ-ة معارضة سخيّة لرائعة المتنبّي (38 بيتًا) التي مطلعُها
لا تَحسَبوا رَبْعَكُم وَلا طَلَلَهْ * أَوَّلَ حَيٍّ فِراقُكُم قتَلَهْ
قد تَلِفَتْ قَبلَهُ النُفوسُ بكُمْ * وأكثَرَتْ في هَواكُمُ العَذَلَهْ
لو سارَ ذاكَ الحَبيبُ عَن فَلَكٍ * ما رَضِيَ الشَّمسَ بُرجُهُ بَدَلَهْ
أُحِبُّهُ والهَوى وأَدؤرَهُ * وكُلُّ حُبٍّ صَبابَةٌ وَوَلَهْ
يَنصُرُها الغيثُ وهْيَ ظامِئةٌ * إلى سِواهُ وسُحْبُها هَطِلَهْ
لو خُلِطَ المِسْكُ والعَبيرُ بها * ولَسْتِ فيها لَخِلتُها تَفِلَهْ
أَنا الَّذي بَيَّنَ الإلهُ بهِ الـ — أَقدارَ والمَرءُ حَيثما جَعَلَهْ
فلا مُبالٍ وَلا مُداجٍ ولا * وانٍ ولا عاجِزٌ ولا تُكَلَهْ
وسامِعٍ رُعْـتُهُ بقافيةٍ * يَحارُ فـيها المُنـقِّـحُ القُـوَلَهْ
ورُبَّما أُشهِدُ الطَّعامَ معي * مَنْ لا يُساوي الخُبزَ الَّذي أَكَلَهْ
ويُظهِرُ الجَهْـلَ بي وأَعْـرِفُهُ * والدُرُّ دُرٌّ برَغْـمِ مَن جَهِلَهْ
– – –
جبران خليل جبران؛ في تأمُّل عُـرس قانا الجليل
يا حُسْنَها ساعةً مِن العُمْرِ * فريدةً في قلادة الدَّهرِ
في يومِ قانا الجليل شرَّفَها * فادي البرايا وغافرُ الوِزْرِ
أتمَّ فيها هناءَ سامِرها * فأودَعَ الماءَ نشوة الخمْرِ
لحكمةٍ شاءَها أحلَّ لهُمْ * شَـرْبَ الطلى مَن نهى عـن السُّكْرِ
وحَـبَّذا هذه السُّلافة مِن * عَريقة الأصل حرَّة النّشْرِ
أنظُرْ إليها في كفِّ كاهِنِها * كأنّها ذائبٌ من التّبْرِ
يُسقى العَروسان مِن مُحَلِّلِها * رمز اٌمتزاج العفافِ والبِرِّ
وهذهِ في يدي مشعشعة * بَعـثـتُها مِن غيابة القـبْرِ
مِن عَهْد قانا تسَلسَلتْ قِدَمًا * ورُوِّقتْ في مَخابئ الدَّهْـرِ
روحَ سرورٍ في شبهِ لؤلؤةٍ * ودَمْعَ فجرٍ بحُمرة الجَمْرِ
أشْرَبُها في هناءِ مَن شَرِبا * كأسَ الغرام المُنزَّهِ الحُـرِّ
كلاهُما كان كُفءَ صاحبهِ * بنبْعَـتيهِ ورِفعَةِ القدْرِ… إلخ
والقصيدة من أمثلة الضرب الثّاني- مَفعُولُنْ. والمقالة انتهت عند هذا الحَدّ
– – –
لكنّ للكاتب قصيدة على الضرب الأوّل (مُفتعِلُنْ) قد أُعجِبَ بها بعض الأصدقاء فحازت منهم ومنهنّ على ثناء وإطراء، يمكن الإطِّلاع عليها كاملة في حقل التعليقات، بعد نشر المقالة بسُويعات؛ منها مطلعُها مع بضعة أبيات مُتفرِّقة
حبيبتي حِرتُ كيف أُقنِـعُها * تفضَحُ ضَعْفَ الفؤادِ أدمُـعُـها
قلتُ لها أنَّني أحِـبُّـكِ يا * حـبيبتي والتشكيكُ يَصْـرَعُـها
حـبيبتي تسـتحـقّ مِن قـلمي * أحـلى البياناتِ ما أُوَقِّـعُـها
فُضُولُ مَحبُوبَةٍ على غَـنَج ٍ * راقٍ وأرقى الفنونِ أوجَـعُـها
يا سارة الحُـبِّ بلْ مَشاكِلُنا * قد قرَّبَـتْـنا فكـيف نَمْـنَـعُـها
تَدَخُّلُ الناسِ حين نقـبَلُهُ * كارثةٌ والإزعاجُ أفـظَـعُها
¤ ¤ ¤
سلامًا ونعمة. وشكرًا جزيلًـا لموقع المفكر الحُرّ الجميل والراقي
على تفضله بنشر سلسلة بحور الشعر
هنا القصيدة (سارة الحُبّ) كاملة التي أشرتُ إليها في نهاية حلقة المُنسَرِح
نُظِمَت في 19.07.2010
حبيبتي حِرتُ كيف أقنِـعُها * تفضحُ ضَعْفَ الفؤاد أدمُـعُها
قلتُ لها أنّني أحِـبّـكِ يا * حبيبتي والتـشكـيكُ يَصْـرَعُها
غِبْتُ عنِ البيتِ فترة نسِيَتْ * أنّي على جمرةٍ مُوَدِّعُها
وحين غابتْ مَضَيْتُ في عَـمَلي * ظِلالُها مِن حَوْلي وشَـعْـشَـعُها
والليلُ من دونها اٌنقضى أرَقًا * أمّا نهاري فـكادَ يصْنـعُها
تسألُني أنّى كيفَ أين متى * أسألُها ما اٌلذي يُشجّـعُها
على سؤالٍ أجَبتُهُ سَلَفًا * قالتْ رموزُ الكيمياء تدفـعُها
حـبٌّ بدون الكيمياء مَضْيَعَةٌ * للوقتِ فهْيَ الحياة أجْمَـعُها
عناصِرُ الحـبّ سِرّ مولـدِهِ * وعُمْرِهِ خابَ مَنْ يُضيّـعُها
آخِـرُها مُلفِتٌ كأوّلِـها * دائرةٌ قُـطرُها يُوسِّـعُها
وقـطْرُها عينُهُ يُضيِّـقها * ورُبّما نقطة تزعزعُها
قلتُ لها فاٌسألي بلا حَرَج ٍ * علّ جديدَ الجواب يُـشبـعُها
حبيبتي تستحقّ مِن قـلمي * أحلى البياناتِ ما أوقِّـعُها
فضولُ محبوبةٍ على غـنجٍ * راقٍ وأرقى الفنون أوجَـعُها
* * *
يا سارة الحُـبّ بل مشاكـلـنا * قد قرّبَـتـنا فكـيف نمنـعُها
ما السَّهْـلُ إمّا يعـِزّ ممتـنـَعاً * إلّا حقولًـا بالحُـبّ نزرعُها
فصْلاً ففصْلاً تـروي حدائقَنا * سحابةُ الحُـبّ حيـثُ نُبدِعُها
نُشغَلُ عنها حينًا ونشرَبُها * نخفِضُها تارةً ونرفعُها
أصْلبُ عودٍ هو النزاهة هَلْ * تـقوى رياحُ الجَفا فتـقـلـعُها
وبيننا مَسْقـط الكرامة لا * حَياءَ لا كبرياءَ تنفـعُها
كم اٌخـتبرْنا الصِّعابَ في دَعَةٍ * تُحكى لِمامًا ونحنُ نسْمـعُها
لا غيْرنا إنّما مداخَلةٌ * من غيْرِنا نتّـقي ونُرجِـعُها
تدَخُّلُ الناس حين نقـبَلهُ * كارثةٌ والإزعاجُ أفظـعُها
فلا يلومنَّ غافـِلٌ سَقطتْ * أوراقُهُ ما سِواهُ يبلـعُها
يا ليل… يا عين… مَحْضُ لعْـلعَةٍ * أنّى سرى حُلْوُها ومُمْتِـعُها
في زمنٍ بات النوحُ مسخـرةً * بديلُهُ نهضةٌ نُشرِّعُها
نكتبُ عنوانها وأسْطرَها * على بياضٍ يضوءُ مَطلَـعُها
في ساحة الفكر والحداثةِ والـ ـعَدلِ وأمّا الرُّقِـيُّ مَنبَـعُها