حدث في لبنان أن تم قتل شاب والتنكيل بجثته بسبب قوله لأحدهم “حل عن ربي” مما أثار حفيظة إمام مسجد البلدة فقرر قتله.
ولا يمكن للمرء وهو يقرأ هذا الخبر إلا أن يشعر ببالغ الأسى على هذا الشاب، الذي قتل بسم الله والله بريء من دمه، ويبدو أن إمام المسجد لم يقرأ قوله تعالى {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (المائدة 32)
ورغم أن ما قاله الشاب ليس أكثر من لغو لا يقدم ولا يؤخر، وأستطيع التكهن أنه غير مقصود بحرفيته، فالله تعالى نهى عن الخوض في نقاش مع من يستهزئون بآياته {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} (النساء 140) فما بالكم بقتلهم؟
وهكذا جرائم ستبقى موجودة طالما هناك من يناقش تجريمها من عدمه، كما حدث في موضوع الرسوم “المسيئة” أو في قتل مفكرين أو تكفيرهم، ويبدو أن حمى الفكر الداعشي معشعشة في عقول الكثيرين، ومن لا يرى المشكلة فهو يدفن رأسه في الرمال.
علينا العودة إلى التنزيل الحكيم لنحب الله كما يجدر به كخالق رؤوف رحيم، ونحب عباده كما يجدر بنا كمسلمين مؤمنين برسالة الرحمة، ولنعلم أن الله ليس بحاجة من يدافع عنه، بل هو يدافع عن المظلومين والمقهورين، وأن ليس من حق أحد تكفير الناس، وأن احترام الأديان يكون باحترام القيم الأخلاقية التي جاءت بها، لا بالمزاودة على الضعفاء والتدخل في علاقتهم الخاصة مع الله.
وعلينا أن نعلم أيضاً أن الحياة وحرية الاختيار هما أغلى ما يملكه الإنسان، وهما هبة من الله لا منة لأحد علينا فيهما.