كلما ذكر التدخين تذكرنا معاناة الناس المستمرة وبشكل يومي, بفعل السلوك الوقح للبعض, عبر التدخين في الأماكن العامة, وخصوصا داخل الباص, في زمن مات فيه الضمير! واضمحلت فيه القيم الأخلاقية, ومع غياب الردع! فالفعل عبارة عن تجاوز على حق الآخرين, وقد تم تشريع قانون يحظر التدخين في الأماكن العامة, لكن ولد هذا القانون ميتاَ, لتواجد حكومة فاسدة وضعيفة, تقوم بتفعيل فقط القوانين التي تهمها وتدر عليها الربح, إما القوانين التي لا تنفعها وتكون موجه بالكامل لمصلحة المواطنين فلا تهتم بتطبيقها, وتتساهل مع الجناة.
بعد أن شاهدت الرفض الجماهيري للطبقة السياسية, عمدت لتشريع قوانين تهم الناس, في حملة الحكومة لزرع الثقة مع الناس, فأصدرت الحكومة العراقية قانون منع التدخين في الأماكن العامة, لكنها فشلت في تطبيقه بسبب فساد أجهزتها وضعف إرادتها, وعدم قدرتها على وضع واقعية للتطبيق, بل والاهم عدم جديتها في تنفيذه, مما جعلها أضحوكة للعالم, فهي تطبق القوانين التي تضغط على الشعب العراقي فقط! مثل قانون الاستقطاع من رواتب الموظفين, حيث طبق بسرعة كبيرة, إما قانون يسهم في حفظ كرامة العراقي فلا تهتم الحكومة العزيزة بتطبيقه! ببساطة لأنها لا تهتم لكرامة العراقي.
عندما يعود الناس من زيارة المراقد الدينية في إيران, يحدثونا بتعجب عن تطور مجتمع إيران والدولة هناك, نتيجة التطبيق الصارم للقوانين, ومنها حظر التدخين في الأماكن العامة, حتى يجعلنا نعتقد إن إيران لا يوجد فيها مدخنين, وكذلك الأردن ولبنان ودول الخليج, كلها تطبق القوانين لتحفظ كرامة المواطن, فقط في العراق تتمسك الحكومة بالخطيئة, بل البعض يعتبر التدخين مكمل للرجولة, في نظرة مريضة ومقلوبة لمعنى الرجولة.
التقيت ببعض المواطنين, ودار الحديث حول قضية التدخين في الأماكن العامة, وأسباب استمرار المشكلة, مع إن الدولة شرعت قانون عرف ب” قانون حظر التدخين في الأماكن العامة”, فكان حديث طويل ومحزن, وكانت هذه الآراء:
● محنتنا مع دخان المدخنين لا تنتهي
يقول المواطن أزهر العبادي (طالب جامعي): كل يوم عندما اصعد الكية متجها نحو الباب المعظم نجد بعض الركاب يدخنون, وإذا طلبنا منهم التوقف لأنه يزعجنا, فان بعضهم يرفض ويصر, لا بل إن الآخرين يساندوه ويشجبون طلبنا, فعلينا إن نملئ جوفنا من دخان المدخنين, وكثيرا ما تشاجرنا, والى إن مللنا وأصبحنا نتقبل الواقع, لأنه لا يتغير, فالحكومة جبانة وتخاف تطبيق قانونها, لأنها اضعف من إن تمنع مدخن, فكيف نتصور أنها قادرة على حل أزمات البلد, وهذا دليل فاضح على كذب كل وعود الطبقة الحاكمة.
● التدخين سببه ضعف الدولة
أما المواطن عبد الحميد ألبياتي (من سكنة منطقة بغداد الجديدة) فيقول: التدخين في الأماكن العامة حالة اختفت في اغلب دول الجوار فقط نجدها باقية في العراق والسبب ضعف السلطة التنفيذية المسؤولة عن تنفيذ القوانين, لذلك مازال العراقيون يعانون من تجاوزات المدخنين خصوصا في وسائل النقل, وتزداد المحنة في شهر رمضان, الحقيقة نتمنى إن تنتبه الحكومة الى أهمية هذه القوانين, التي تحفظ حقوق المواطنين من التجاوز عليها, فالسكوت الحكومي هو نوع من المشاركة بالتجاوز على حقوق المواطن.
● لم توضع إلية لفرض القانون
والتقينا بالست فريدة.ث (وهي موظفة حكومية), وسألناها عن موضوع التدخين فقالت: دخان المدخنين اكبر همومنا اليومية, ففي الوظيفة اغلب الموظفين مدخنين, وحتى المراجعين, وعندما نطلب منهم الكف عن التدخين يضحكون ويستهزئون, وحتى عندما نقدم طلب للإدارة لتفعيل قانون منع التدخين في الدوائر بحسب كتاب سابق من رئاسة الوزراء فيضحكون ولا يهتمون, لقد وضع القانون ولم توضع إلية لفرضه! مما جعل التجاوزات من قبل المدخنين مستمرة والى اليوم.
● السلطة الحالية وتطبيق منهج صدام بالحكم
وحول الموضوع سئلنا الأستاذ فاضل الكناني عن رأيه فقال: الحكومات المتعاقبة هي السبب في كل ما يحصل في المجتمع من فوضى, فهل عمدت بشكل مستمر على تغييب قانون العقوبات والذي ينظم حياة المجتمع, كي تسيطر على المجتمع لأنه يصبح مشغولا في البحث عن الاستقرار نتيجة غياب القانون, ومن هذه القوانين حضر التدخين في الأماكن العامة, والذي ولد ميتا, نتيجة غياب الإلية التي تضمن تطبيقه, لذلك تم ركن الكتب الرسمية التي تطالب بتطبيقه, اليوم حياتنا بأمس الحاجة إن تنفذ فيها قوانين تحفظ حقوق الناس ومنها “قانون حظر التدخين بالأماكن العامة”, وهو احد قوانين العقوبات التي عمدت السلطة على إماتتها, لان تنفيذها لا يخدم الطبقة السياسية, كما كان الطاغية صدام في أساس منهجه بالحكم, قد أزال قانون العقوبات, كذلك فعلت الطبقة السياسية بعهد الديمقراطية! على الأخذ بسيرة صدام بالحكم, لان خطواته في إماتة قانون العقوبات يجعل المجتمع غارق في المشاكل, وبالتالي يصبح تأثير المجتمع ضعيف لان جهد يتجه نحو مشاكله, ويترك السلطة تفعل كل ما يحلوا لها, وهذا مراد الطبقة السياسية الفاسدة في العراق.
● فوائد تطبيق المادة 17 من قانون حظر التدخين
تقول المادة (المادة ـ 17 ـ يعاقب من يدخن في الأماكن العامة المحددة في المادة (4) من هذا القانون بغرامة قدرها (10000) عشرة آلاف دينار. ), فتخيل معي لو تم تطبيق هذه المادة من القانون ماذا يحصل:
اولا: تعود هيبة الدولة بعد إن أضاعها دواعر السياسية ممن أوصلتهم الصدفة لكرسي الحكم.
ثانيا: تضمن تحصيل إيرادات للدولة ترفد بها الخزينة.
ثالثا: تؤسس لقيمة احترام الأخر, فالخوف من العقوبة يربي على الاحترام.
رابعا: يسهل في منح فرص توظيف, فتطبيق القانون يحتاج لكوادر متخصصة في فرض منع التدخين.
خامسا: يسهم في التقليل من ظاهرة التدخين السلبية, وبذلك تنخفض معدلات الإمراض.
سادسا: يرتفع وعي المجتمع.
سابعا: يتقلص دور العشائر والقبيلة ونتحول لمجتمع القانون, ويرتفع وعي الأمة.
● في الختام
هل ستدرك الحكومة هذه الجوانب الايجابية, في تطبيق قانون فرض حظر التدخين في الأماكن العامة, أو ستبقى دائمة للفوضى كي تستمر مكاسب الطبقة السياسية, الحقيقة نحن نتمنى أن تتجه الحكومة لتفعيل قانون العقوبات, ومنها حظر التدخين في الأماكن العامة, لتحفظ حقوق الناس, وليمثل تحول في سلوك الطبقة الحاكمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب اسعد عبدالله عبدعلي
العراق – بغداد
assad_assa@ymail.com