جاء عنوان مقالي منقول عن عبارة يرددها الإسلاميين اليوم متضرعين بالمشرع وللأسباب التي سأوردها لاحقاً حيث تشبثوا ولا زالوا يتشبثون بها متحججين بالحق الشرعي لهم رغم ما يحيط بهم من مشاكل جمة , بل هي كوارث لا عد لها ولا حصر, ابتداءً من الفقر إلى الجهل والتخلف وإلى تعدد الحروب وما لحق بنا من دمار وقتل وانعدام لأبسط المقومات الحياتية .
فما تعانيه مجتمعاتنا من التخلف والانحطاط الفكري صار على كل لسان ,لسان الجاهل قبل العالم , لسان المتخلف قبل الواعي , حصر المتخلف اسباب مشاكله وما يعانيه من تدهور بسبب واحد وهو الابتعاد عن الدين حيث لا يعرف سوى تلك المفاهيم التي حفظها وورثها دون تفكير ولا تدقيق , ويطالب بالرجوع إلى ما كان عليه الإنسان القديم بعقله وبممارساته رغم ان الإنسان القديم كان لا يعرف من الحياة شيء سوى تلبية نداء غرائزه ومن ثم الغزوات والحروب ليكسب رزقه منها, إضافة إلى انعدام الحياة آنذاك بمعانيها الحاضرة والتي كان من المفروض لها ان تكون جميلة ,فالجميع بات يعرف ويعترف بتخلفنا ورجوعنا خطوات كلما تقدمنا خطوة إلى الأمام ,هكذا يريدون لنا , السلطات صاحبة المصلحة بتخلفنا مع اسيادهم المستعمرين الذين حصروا الشعوب في قالب ضيق وبطرق مختلفة لتكون هذه الشعوب أو بالأحرى ما تمتلكه من ثروات لقمة سائغة تلوك بها وترميها أنقاض لتتلقى مصيرها الأسود المحتوم , وأول تلك الطرق هي حصر العقل العربي وتقييده ليتوقف عن التأمل والتفكير وليبقى مشلول القوى والإرادة ,او يسير ببطيء شديد في جميع مجالات حياته واولها المناصفة بين الجنسين فيعززوا فكرة إن المرأة مجرد شيء مكمل للرجل , القضاء على النصف الفعّال من المجتمع ليسهل وبعدها بعدها القضاء على النصف الآخر,من هنا تبدأ المجتمعات بالإعاقة الفكرية لتتحول إلى عالة لا تستطيع أن تصنع حتى ابرة الخياطة كما هي حالها اليوم .
كثر الحديث عن تعدد الزوجات ومساوئه ورغم كل الاحاديث التي قيلت وتُقال في هذا المضمار ورغم محاولات التوعية التي يعمل بها البعض ولكن لا تزال حملاتهم قائمة بل وفي ازدياد مستمر نظراً للظرف التعس الذي تمر بها بلداننا ومن ضمن هذه الحملات الهوجاء الساعية لخراب مجتمعاتنا أكثر مما هي عليه حملة عنوانها ’’تعدد الزوجات وما يسببه من فوبيا للعلمانيين والملاحدة أعداء ألدين ’’ ولا غرابة من اللعب على الوتر الحساس وإدخال الدين في ملعبهم كونه السند الأكبر لهم والحجة التي لا تقبل النقاش حيث يسلطونها كالسيف على رقبة كل من يعترضهم , يتلاعبون بها على عقول البسطاء من الناس ليصلوا لمبغاهم ولمصالحهم , فهلهل لها الرجال قبل النساء ,أما الأسباب التي ذكروها فكانت أغرب من الخيال حيث حصروا التعدد بفوائد جمة وبحجج واهية وسخيفة , منها:
– وجود امرأة ثانية في حياة الرجل يخلق روح من التنافس بين الزوجات من اجل امتاع الرجل !! .
حيث اعتبروا المرأة هنا مجرّد بهيمة تفتقد لسمات الإنسان الحر والتي حصروها بالرجل فقط , تتنافس الزوجة هي وثلاثة زوجات معها عليه فهي مخلوق لإمتاع الرجل فقط وليذهب المجتمع إلى الجحيم ولتستمر هي في خلق أجيال عاقرة بعقولها مستنسخة تمضي حياتها وهي تقدس غرائزها وتلف وتدور تجمع المال وتتناسل وتفتخر بكثرة نسلها مهما كانت النوعية , شغلهم وشاغلهم وحياتهم ومماتهم من اجل قضية واحدة وهي أن يكون قضيب الرجل في حالة رخاء واسترخاء .
– التعاون في الجنس لخلق حياة سعيد !! .
فهذا الكون الواسع وبما يحمله من عوالم ومجموعات شمسية وكواكب ومجرات والخ …والذي كان من المفترض به أن يتعاون على فهمه وحل الغازه ليطوّر حياته ومن ثم يسعد بها , لكنهم بدلاً من هذا تعاونوا حول قضية واحدة وهي قضيب الرجل وكيفية إسعاده.
– احترام الآخرين للمرأة العاقلة التي ستضحي من اجل سعادة زوجها !! .
لست افهم معنى لهذا الاحترام بعد كل ما جاء من احتقار لها , البعض يعترض على كلمة احتقار المرأة المسلمة ويقول عنها المدللة والمعززة والمكرّمة ,ومن شدة اعتزازنا بها سلفنّاها بغية الحفاظ عليها, بخرقة سوداء حجبوا عنها الضوء وحجبوها عن الأنظار كقطعة حلوى لذيذة تنتظر من يشتريها بالمال ليأكلها ,ولا مجال للحديث عن كرامتها كإنسان طالما لقمتها مستجابة وكسوتها حاضرة فماذا تريد المرأة لدينا غير اللقمة والكسوة لتنجب لهم الأطفال؟
– ستكون قدوتك في هذا خير نساء العالمين من امهات المؤمنين والصحابة!! .
علينا أن نقتدي بنساء خُلقن قبل أكثر من 14 قرن وعلينا ان نغفل عن حقيقة ثابتة وننسفها , حقيقة التطور والتغيير في الحياة ثابتة, لكن حقائقنا تختلف عن حقائق هذا الكون وانقلبت رأساً على عقب حيث تقول ,نعم للسكون وللرجوع إلى الوراء ,نعم للموروث القديم بكل ما يحمله من ضيق ورغماً عن انف الحياة الحقيقة التي لا نستطيع ان نطلق عليها حياة فيما لو كانت خالية من الحركة والتغيير ,فالحياة اسم يطلق على الأحياء ,وكل ما هو حي لا بد له من الحركة والتغيير ومن ثم التطور, فكيف نقفز على الحقائق ونقلبها لمجرد إمتاع الرجل الذي شرّعن ودوّن وقلب الحقائق لتكون لصالحه ؟
– المساهمة في حل مشكلة العنوسة والأرامل !!.
يقولون بأن الرجل لا يتزوج لأجل النكاح بل لأجل أن يستر امرأة عانس ’’كما أطلقوا عليها ’’ رغم تحفظي على هذه الكلمة ,أو ارملة تألم الرجل لوضعها , ولكنهم لم يسألوا عقولهم عن السبب الذي به لا ترف لهم الأجفان عند رؤية رجل فقير الحال أو معوق وغيره الكثير من الصور المأساوية التي لحقت بنا , لكنه قد برمج أجفانه لترف للفاتنات فقط ولكل من ليس لها زوج !!.
يضيف مغيّب آخر بقوله ,’’من اعظم مشاكل المجتمع اليوم وأكثرها خطورة ظاهرة كثرة الارامل والمطلقات والعنوسة و من يدعي الثقافة والتطور فليجد حل يحترم و يتلاءم مع كرامة الإنسان , أما كرامة المرأة فلا اعتبار لها كونها برأيه يجب ان تكون تحت وصاية الرجل وكرامتها من كرامته فقط , ويجد أن مشاكلنا قد اقتصرت على النساء الغير متزوجات فقط وهي اخطر من مشكلة الفقر والجهل ومن مشكلة الاستعمار الذي نسف بلداننا نسفاً .
هذه الحجة التافهة والتي صدعوا رؤوسنا بها مراراً وتكراراً وبدلا من التفكير في الفقر الذي سبّب العنوسة ,والحروب التي كثرت بها الأرامل والمعوقين ؟ فكر بإنقاذهن من خلال الزواج بهنّ, ثم اين حقوق الزوجة الأولى وأين اعتبارهم لها كإنسانة كاملة وسنوات عمرها التي امضتها مع الزوج وحملت فوق اكتافها اعباء السنوات التي كدحت بها لاهثة بين خدمته ومتطلبات البيت وإنجاب الأطفال والكثير من الأعمال المرهقة لها ,أين كرامة المرأة هنا وعزة نفسها كإنسانة حرّة تملك ذاتها وترفض ان تكون النصف او الربع.
– الأمة الإسلامية بحاجة لإكثار نسلها لتحارب الكفار !! .فبالنسبة للتكاثر فقد أوصى به الرسول , ومن اقوالهم , اذا كان الرجل متزوج فهو لا يفكر بالزواج مرة اخرى لاجل النكاح بل لأجل ان يكثر نسله ونسل اخوانه المسلمين !!
قلّة الرجال وكثرة الحروب تؤثر سلبا على المجتمعات . والإسلام يحتاج الى الرجال وﻻ-;-بد من تكثير النسل في خضم هذه الحروب الضروس الطاحنة لهم .
هنا وجدوا الحل بكثرة اعدادهم فهم مجرد اعداد يعدّوها للحروب وتدور بهم الدوامة دون استفسار عن أسباب تلك الحروب .
– لعل الزوج لم يجد الراحة مع زوجته الأولى فمن حقه ان يبحث مجددا عن زوجة جديدة !!.
وكيف لا يحق له ,ان يجّرب حظه بمثنى وثلاث ورباع لغاية ما يجد الحظ طريقا له وان لم يجده فيرمي بواحدة منهنّ بكلمة واحدة لا يثنيها ’’انتِ طالق ’’ انتهت مدة خدمتكِ , ويستبدلها بأخرى ,أما الزوجة فلتذهب إلى الجحيم فيما لو لم تجد راحتها معه حيث امتلكها الرجل و كتبت عليها العبودية عندما وقعت على عقد البيع .
– حكم التعدد هو لتتفرغ الزوجة للعبادة والاعتناء ببيتها كونها ستتفرغ بعد ان يذهب زوجها لغيرها !! .
أين كرامة المرأة هنا ؟ وسألتُ أحداهن مرّة هذا السؤال في محاولة يائسة مني لحرث معتقداتها الساكنة فجاءني جوابها والدهشة تعلو وجهها : وما دخل الكرامة بزواج الزوج من امرأة اخرى !! (الكرامة) هذه المفردة الغنية التي تجسد الإنسان لكنها وعلى ما يبدو لا علاقة لها بجنس النساء في مجتمعاتنا فهي خاصة بالرجل فقط.
-من الرجال من يكون حاد الشهوة ولا تكفيه واحدة وهو تقي وشريف ويخاف الزنا يا حرام فجاءت رحمة الله له وأباح تعدد الزوجات!!.
ولكن …أين رحمة الله للنساء في كل هذا ؟ وما اسباب الكوارث والفساد الذي استُشري والتحرش في ازدياد وجميع انواع الخيانات والزنا ,بل وحتى زنا المحارم ,وكل انواع الرذيلة المعيبة قد تجمعت واستقرت بمجتمعاتنا دون بقية المجتمعات.
كثيرة هي علامات التعجب في مجتمعات غلقت عقلها واستكانت أمام غرائزها وتأتي حواراتهم أغرب من الخيال فالبعض يقول : ماذنبا والروايات تقول عن النبي( تناكحوا، وتكاثروا وتناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) . ولم ترد رواية واحدة تقول ( فكّروا. واخترعوا جهاز الحاسوب ، فاني مباهٍ بكم الامم ) , ولا يزالون في تباه برواياتهم ايضاً !!, ’’ ما ذنبنا ’’والله أمرنا ’’ ونحن عبيده والله يريد ونحن نريد فمتى نكون له عبيد , فلا ذنب عينا وهذه التبريرات التي استنبطوها ليعلقوا عليها أخطائهم وذوبهم لترتاح ضمائرهم .
رأي آخر يقول بأن تعدد الزوجات ليس امر سلبي وليس فيه ضرر على المجتمع وﻻ-;- على الاسرة وﻻ-;- على الزوجة . وكذلك فان الزوجة الثانية ﻻ-;- تأكل زوجك ايتها الزوجة الصالحة المؤمنة , فهو مهما لف ودار سيعود لكِ !!.
وعلى المرأة ان تفكر بالإسلام وبالمذهب قبل ان تفكر في نفسها فقط . وان تترك هذه الغيرة المحرمه لتكبر بعين الله تعالى حيث قال امير المؤمنين عليه السلام. (غيرة الرجل حلال وغيرة المرأة حرام ).على اساس ان المرأة قد خلقها الله بتركيبة مختلفة عن الرجل ولا تمت بصلة لإنسان.
أخرى تضع اللوم كل اللوم على المرأة التي تفكر في الزواج من زوجها, وتقول بأنها ستسوّد عيشتها ,أما زوجها فلا تعتقد بأنه سيتزوج ولكن لو فكّر وتزوج فستجني المرأة التي وقع عليها اختياره على نفسها ,أما هو فلا ملامة عليه كونه مخلوق شبق ولا يستطيع أن يغيّر طبيعته وكذلك غيرته وحميته التي ورثها عن اجداده قد اخذته على تلك المرأة , بمعنى أوضح هم حوّلوا ,وبقدرة القادر, ضعفه إلى قوة وسلبيته إلى ايجابية فلا عتب عليه بل العتب وكل العتب عليها .
الحقيقة كل بند من هذه البنود يحتاج لمقال مفصّل ولكني اخترت الاختزال لموضوع مؤلم , مضحك ومبكي في آنٍ واحد ويُظهر ضحالة ما وصلت له العقلية العربية من انحطاط وضيق فكري لم يكن موجود سابقاً , نعم لم يكن موجود سابقاً ولكنه جاء كنتاج تدريجي لمخطط مرسوم وبات واضحاً للعيان ويحتاج للتوقف عنده وإلى حلول سريعة ربما هي مستحيلة ولكنها ممكنة .
وفي النهاية فأن الفوبيا لا تصيب الذين خرجوا من القطيع ورأوا النور كون النور يظهر لنا عوائق الطريق ,لكنها تصيب قطيع الأغنام الذين سكنوا ويسكنون الظلام .
دمتم بوعيكم سالمين