لكم ُتذهلني الفجوة الكبيرة بين التفكير العربي والغربي .. ولا زلت ُأصدم خاصة حين أقرأ من ُكتاب المفروض بهم المعرفة والثقافة العامة وفهم الدول الغربية التي تتبنى القوانين العلمانية.. وهم يهللون لإنتصار وهمي جديد للإسلام ؟؟
تحت عنوان بارز “”أن الحكومة البريطانية تصدر قانونا بتعدد زوجات المسلمين “” في إحدى الصحف العربية في 2008 .. تصدر صحيفة عربية أخرى عنوانا لا يقل عنه تضليلا “” بما لا ُيخالف شرع الله محكمة بريطانية تعترف بالزواج والطلاق الإسلامي.” “” بمعنى وإنتصر شرع الله الإسلامي على القوانين العلمانية ؟؟؟؟
في المقالة الأولى 05 فبراير , 2008 حول التعدد كتبت إحدى الصحف العربية بأن “”الحكومة البريطانية تعترف قانوناً بتعدد الزيجات التي تجرى في الخارج وتمنحها إعانات خاصة بالرعاية الاجتماعية “” وحتى أنها سمحت للأزواج الذين يحضرون معهم أكثر من زوجة إلى البلاد بالمطالبة بإعانات الرعاية الاجتماعية , وأن الوزراء البريطانيين ُيقدرون أعداد هذه الزيجات بالآلاف “” ؟؟؟؟؟ وأنه سيتم دفع مبلغ الدعم المادي لجميع الزوجات مباشرة في الحساب المصرفي للزوج. وبموجب الصفقة التي اتفق عليها الوزراء يحق للزوج الذي له زوجات متعددة الحصول على إعانات إضافية خاصة بالسكن من أجل سد احتياجه إلى عقار بحجم أكبر لعائلته …
وتضيف “””” وقد أدان الحزب السياسي المعارض “حزب المحافظين” هذا القرار واتهم الحكومة البريطانية بتفضيل مجموعة معينة وبالقيام بسابقة قد تؤدي إلى المطالبة بإجراء المزيد من التغييرات على القانون البريطاني “”” . وُتضيف
“” إلا أنه لم يتم الإعلان رسمياً عن هذا القرار”” .. بينما تؤكد الصحيفة التالي “” . أما في بريطانيا فيعد الزواج بأكثر من امرأة والذي يتم في المملكة المتحدة جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن مدة تصل إلى سبعة أعوام “” ؟؟؟ بمعنى أن الحكومة البريطانية قبلت شرع الله لمسلميها وقننت عدم المساواة وبالتأكيد سيدخل البريطانيون في دين الله أفواجا ؟؟؟
في ذيل المقالة تؤكد الصحيفة على أن التعدد شهد انخفاضاً منذ صدور قانون الهجرة عام 1988 الذي “يمنع الرجل من إدخال زوجة ثانية لهذا البلد إذا ما كانت لديه زوجة أخرى تعيش في المملكة المتحدة إضافة إلى “” بالإضافة إلى ذلك حدد المسؤولون إمكانية وجود ثغرة يستطيع الرجل من خلالها تطليق زوجته بموجب القانون البريطاني بينما يستمر في العيش معها بموجب الشرع الإسلامي فيحصل على تأشيرة دخول لزوجة أخرى يمكنه الزواج بها قانوناً .
الحقيقة الأولى … أن حزب العمال آنذاك وبغباء كبير وتحت مصطلح الخصوصية الثقافية سمح بإحضار الزوجه الثانية .. وإعطاء إعانات إجتماعية .. وهو أحد العوامل التي أدت لخسارتة للمحافظين في الإنتخابات .. لأن قرارته أثارت حفيظة البريطانيين الآخرين الذين ينتظرون الحصول على مساكن وبحاجة أيضا للمعونات .. وأثار النقمة على المسلمين ..
الحقيقة الثانية.. بغض النظر عن من ه الحزب الحاكم ( المحافظين حاليا ) .. فإن بريطانيا تشهد حاليا تصاعدا كبيرا في أعداد الزواجات الثانية داخل الجاليات المسلمة تقوم بعقدها مجالس الشريعة التي وصل عددها ما ُيقلرب 85 مجلس تشريعي حاليا .. ُتطلق على نفسها لقب محاكم شرعية.. إستغلت الحريات وإستخدمت الدين كأداة سلطوية في تجييش المشاعر الدينية للجاليات المسلمة للحصول على شرعية مجتمعية, وروجت إمتلاكها لهذه السلطة .. وقامت بتقسيم المجتمع البريطاني ما بين مسلمين وآخرين غير مؤمنين لأنهم غير مسلمين .. …
ما يؤسف له …تلجأ لهذه المجالس المرأة المسلمة ذاتها للحصول على تشريع ُيحلل لها العلاقة الجنسية وهي تعلم ُمسبقا بأنها زوجة بلا حقوق في القانون البريطاني الذي لا يعترف بالزواج الديني ويرفض ويمنع التعدد
كما أنها وبموجب الضغط المجتمعي وضغط رجال الدين بما روجوه من الخوف من عذاب الله في الآخره أجبر الكثير من النساء الغير واعين بالقوانين البريطانية التي تنص على إقتسام الثروة على اللجوء إلى مجالس الشريعة وليس المحاكم البريطانية في حالات الطلاق .
التضليل الآخر في 2-8-2018 ورد في إحدى الصحف العربية “”””” بما لا ُيخالف شرع الله محكمة بريطانية تعترف بالزواج والطلاق الإسلامي “”..
القصة إبتدأت حين حاول الزوج رجل الأعمال من أصول باكستانية التحايل على ُمطلقته وحرمانها من حقها حسب القانون البريطاني في تقاسم الثروة التي جمعها خلال فترة زواجهما (18 سنة ) , وتقدم لدحض قضيتها أمام القضاء.. مستغلا نقطة عدم إعتراف الحكومة البريطانية بالزواج الديني.. برغم عقد الزواج الإسلامي علنا وحضور العديد من الأصدقاء( 150 مدعو ) حيث أنهما لم يقوما بالزواج المدني..
كاتب المقالة تناسى بأن حكم القانون البريطاني يختلف كليا عن أي من القوانين الدينية المُشرعة قديما ولا تتناسب مع العصر ولا تحمل روح الله في العدالة والمساواة المليئه بالتمييز بين الرجل والمرأة.. وأن الحكم الذي صدر بحق الزوجة في إقتسام ثروة الزوج ُيخالف الحكم الديني الذي يقدم للزوجة مؤخر صداق يفقد قيمته بفعل التضخم وإرتفاع نفقات المعيشة ونفقة ثلاثة أشهر.. ونفقة ُمتعة إذا كان الزوج كريما… الأهم الذي تجاهله .. تأكيد القاضي بعدم الإعتراف بالزواج الديني حين أقر بان زواجهما كان باطلا.. ثم تأكيده على النظر بكل حالة على حدة في المستقبل.. ؟
حسن حظ الزوجة ووعيها ، أنها لم تلجأ لمجالس الشريعة .. ولجأت للقانون البريطاني.. وبعد المداولات .. أقر القاضي جستس وليامز.. بأنه وبرغم أن زواجهما باطلا وغير معترف به إلا أن حقيقة أنهما عاشا معا وعوملا كزوجين خلال كل السنوات السابقة.. يعطيها الحق في إقتسام ثروته حسب القانون البريطاني…
سيدي القارىء
الحكم الإلهي ينص على إلتزام الأقلية المسلمة ( وهم أقلية في المجتمع البريطاني ) . بقوانين البلد الذي يقيمون فيه …ولكن فقهاء العصر في لندن يدّعون انه لا يجوز للمسلم التحاكم إلى المحاكم الوضعية ؟؟
كما ويدّعون بأنه لا يجوز للمرأة المسلمة إستغلال القوانين الوضعية التي ُتخالف الشريعة الإلهية .. ُترى كم إمرأة ستفضل مثل هذه القوانين التي تمنحها المساواة وتمنحها وضعا ماليا يحمي كرامتها الإنسانية من التسول ؟؟؟؟
سؤالي .. إلى متى سنسمح بإستغلال وتوظيف الدين لكتم أصواتنا التي تتعارض مع مصلحة هؤلاء الشيوخ ؟؟؟؟؟
معركتنا العالمية ليست من هو الدين الأعلى .. معركتنا إستعادة حقوقنا التي سلبتها منا الأديان .. وأصبحت مصدرا لإشعال الحروب . معركتنا الحالية لتجذير المساواة بين البشر, وبين الرجل والمرأة معركتنا الخروج من التخلف في قوانين تمييزية تمحو إنسانيتنا .. وإستعادة إحترامنا بين البشر وأنا أؤمن بأن إنتصار حقوق المرأة هو الطريق الوحيد لإستعادة إنسانيتنا وكرامتنا …
أحلام أكرم