د أحمد أبو مطر
الأب المطران الأرشمنديت الفلسطيني العروبي المتميز ” عطا الله حنّا ” رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في القدس، غني عن التعريف فهو مشهور بمواقفه الوطنية المتضمنة مع الحق والعدالة وسط كافة الأوساط الفلسطينية والعربية من مسلمين ومسيحيين، وهو ليس نشازا بين القيادات المسيحية الفلسطينية والعربية التي عرفت دوما بهذه المواقف، ويكفي التذكير بأنّ غالبية دعاة الوحدة والقومية العربية منذ بداية القرن الماضي، كانوا من إخوتنا وبني جلدتنا المسيحيين العرب أمثال المرحومين “قسطنطين زريق” و”ميشيل عفلق” وآخرون، وقيادات مناضلة فلسطينية أمثال المرحومين “جورج حبش” و”وديع حدّاد”.
خلفية نداء التضامن هذا،
هو قرار المجمّع المقدس التابع لبطريركية الروم الأرثوذكس الذي يترأسه البطريرك اليوناني “ثيوفيلوس الثالث”، الذي يقضي بطرد المطران الفلسطيني العربي من كنيسته وفصله من أخوية القبر المقدس….. القبرالمقدس…لماذا؟. لأنّ المطران عطا الله حنّا طالب ويطالب بتطبيق القوانين الكنسية التي من شأنها أن تنصف الرهبان والكهنة والمطارنة العرب في الكنيسة الأرثوذكسية الذين يتعرضون منذ زمن طويل عبر تاريخ هذه الكنيسة إلى تمييز واقصاء وتهميش لا يمكن السكوت عليه. ومن المعروف تاريخيا أنّ بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس يسيطر عليها البطاركة اليونانيين منذ عام 1534 حيث تولى رئاسة البطريركية البطرك اليوناني جرمانوس، فبدأ حملة تصفية وإبعاد بحق البطاركة العرب لإحلال بطاركة يونانيين محلهم في حملة عنصرية لا تمت بصلة لتسامح وسلام الكنيسة، ومنذ ذلك الوقت تعتبر الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية نفسها الكنيسة الأم لجميع الكنائس في القدس رغم وجود كنائس أخرى رومانية وروسية وقبطية وغيرها، وفي هذا السياق يقول المطران عطا الله حنا في مقابلة مع موقع إيلاف بتاريخ الحادي والثلاثين من يوليو 2014 :
( عندما نتحدث عن التاريخ المسيحي، فنحن نلتفت مباشرة إلى المشرق العربي لأن المسيحية لم تأتِنا من روما أو من القسطنطينية وإنما انطلقت من فلسطين ومصر وسوريا والعراق، لأن المشرق العربي كان الأرض المقدسة التي منها انطلقت الرسالة المسيحية ومنها أيضًا انطلق الرسل إلى سائر إنحاء العالم لكي يبشروا بالديانة المسيحية ). وأخطر المواقف التي يتخذها المطران الفلسطيني العروبي “عطا الله حنّا” منذ سنوات وتبيت له عداء وكراهية البطريرك اليوناني هو موقفه الوطني الكاشف لتآمر البطريركية في موضوع بيع بعض ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية للصهاينة ودولة الاحتلال الإسرائيلي خاصة في زمن البطريرك اليوناني السابق “إيرينوس الأول” الذي خلفه البطريرك الحالي “ثيوفيلوس” صاحب قرار طرد وإقصاء المطران عطا الله حنّا. وكان المطران قد تصدى لسياسات تسريب الأوقاف والعقارات لسلطات الاحتلال “الإسرائيلي” ، و طالب المسيحيين بالتصدي لما وصفه بالمؤامرة الكبيرة، التي تتعرض لها الكنيسة الأرثوذكسية في القدس، من خلال العبث الكبير فيها ووصف بعض صفقات بيع أملاكها لمستشمرين يهود بالمؤامرة الكبيرة على القدس، مشدداً على أنها جريمة نكراء وخيانة عظمى بحق الكنيسة والوطن والقدس، وكان موقفه الوطني الشجاع هذا بعد الكشف عن بيع فندقين تاريخيين وعشرات العقارات من أملاك الكنيسة في ميدان عمر بن الخطاب بالقدس ، وتأجير 32 دونما من أراض البطريركية للمستثمرين اليهود. هذا بالإضافة لمواقف وطنية عديدة للمطران خاصة مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ومطالباته الدائمة برفع الحصار عن قطاع غزة، ونداءاته المتواصلة للفصائل والتنظيمات الفلسطينية بالوحدة والتضامن.
حركة تضامن واسعة مع المطران،
شهدتها خاصة الساحة الأردنية بحكم أن أنشطة الكنيسة خاضعة للقانون الأردني الذي ينظم عمل المراجع الدينية في القدس الشرقية. وفي هذا السياق صدر بيان في العاصمة الأردنية عمّان عن (الشباب الأرثوذكسي الأردني ) أعلنوا فيه : ” هذا القرار غير قانوني وصادر عن مجمع غير مؤهل ونُعلن أن السيّد ثيوفيلوس هو ليس بطريركاً شرعيّاً لكنيسة القُدس وهو غير مُستحق للأمانة ولا يُمثلنا ولا يمثل الرعية العربية الأرثوذكسية في الأردن وفلسطين ولا مجمعها “. وهذا ادانة واضحة لقرار اقصاء المطران عطا الله حنا من شبيبة أرثوذكس وطنيين يعرفون مصلحتهم ومصلحة كنيستهم.كما شهدت مناطق من العاصمة الأردنية وقفات تضامن مع المطران وضد قرار البطريركية بطرده وتهميشه، مطالبين الحكومة الأردنية بالتدخل بحكم ولايتها على الكنيسة في فلسطين والأردن.
أب و مطران يستحق التضامن والدعم،
من كل من يسعى للسلام والمحبة في وجه الظلم والطغيان والفساد…فلتتحرك كافة القوى الإسلامية والمسيحية دعما للمطران عطا الله حنا ومطالبة بتعريب الكنيسة الأرثوذكسية في القدس ، فعربها أدرى بتفاصيلها وحاجتها من يونانيها. ولمّا كانت السياسة والكنيسة والأدب بينهما تداخل وتأثير عميق، فكم كان مثيرا أنّ رواية الروائية الفلسطينية الأردنية ليلى الأطرش “ترانيم الغواية” التي قدّمتها منذ أسابيع قليلة هنا في موقع “إيلاف”، قد كتبت صفحات عديدة عن واقع الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين وتنويعات من هذا الصراع القديم الجديد، مما يستدعي العودة للرواية للكتابة مجددا عن صفحات هذا الصراع كما تمّ توثيقه روائيا.
www.drabumatar.com
المصدر ايلاف