لا زلت اذكر ذلك اليوم الذي أتت فيه إبنتي ذات السبعة سنوات لتقول لي بأن معلمتها في مدرسة يوم السبت العربية أخبرتها أن عليها إرتداء الحجاب ؟؟ وأنني بمظهري بدون حجاب أعتبر سافرة مستهترة .. وبرغم توقي وحرصي على تعليم أبنائي اللغة العربية . إلا أنني أخرجتهم من المدرسة .. ولم أمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة تلك المعلمة آنذاك ؟؟؟؟
السنين علمتني ان لا أسكت .. مظاهر التعالي والفوقية في حجاب الكبيرة والصغيرة مظاهر الأسلمة المجتمعية وسلطة رجال الدين تخيفني وتُذكرني بما عانيته في المجتمع الذكوري .. وتنبهني إلى الخطر القادم ..
لا أدري كم من البريطانيين المسلمين شاهد الوثائقية عن الإنفصال المجتمعي التام بين البريطانيين البيض وبين البريطانيين المسلمين في مدينة بلاك بورن ..
ُبثت الوثائقية على القناة الرابعة قبل أسبوعين . وهي تكملة لنفس موضوع الوثائقية الذي عرضته القناة قبل 9 سنوات في نفس المدينة .. ومع نفس المواطنين اللذان حذرا آنذاك من عواقب الأسلمة التي تؤدي إلى الإنفصال المجتمعي وتمنع الإندماج . وعاد كلاهما بعد تسع سنوات ليؤكد أن الشرخ تعمّق أكثر وزادت الفجوة بحيث أدت لخروج البريطانيين البيض من المدينة لتصبح ثاني أو ثالث مدينة تقطنها أغلبية بريطانية مسلمة .. ؟؟
المشكلة ليست في من ُيكّون الأغلبية . المشكلة التي تواجهها بريطانيا والتي ساعد على تفاقمها تصاعد الإسلام السياسي .. تكمن في رفض هذه الأغلبية القيم البريطانية والتحايل لتفاديها .. وعدم إلتزامهم بالقوانين البريطانية التي ُتجرم مثلا ختان الإناث . العنف .. تعدد الزوجات .. وغيره .. وتستعمل الديمقراطية لفرض حقوق تتعارض مع القيم البريطانية وغير عابئة بأن أهم مبادىء الديمقراطية حماية حقوق الأقلية قبل الأغلبية ..
في هذه الوثائقية تحدى أحد المواطنين “”بريطاني من أصل آسيوي”” الإنفصال وقام بالسكن في منطقة الأقلية البيضاء .ماراعني عدم فهمه في شكواه وتذمره من عدم الترحاب بإستقباله كجار لهم . ولم يفطن انه طعنهم في صميم قيمهم.. في لقطة بيّنت السبب الرئيسي لتجاهله , حين كان يجهز إبنته ذات ال 6-7 سنوات للخروج إلى مدرستها .. وهو يضع الحجاب على رأسها .. وتحمل حقيبة مدرسية مكتوب عليها مدرسه ؟؟؟؟؟ وهو الإسم المرتبط بمدارس إسلامية تشجع على الإنعزال عن المجتمع البريطاني وتبث التحريض على إنحدار قيمه وفساد أخلاقه ؟؟؟
ُترى على من ُالقي اللوم ؟؟ هل ألوم الحكومة البريطانية في تساهلها وفي نواياها الحسنة المتجذرة في الليبرالية الغربية التي أعطت القادمين كل الحريات في ممارسة كل ما يشاؤون تحت بند الحفاظ على الحريات وحقوق الإنسان في شئونه . وعدم تاهيلهم حين دخولهم على معنى المواطنه والحريات التي كانوا محرومون منها في بلدانهم الأصلية .. وأتت فكرة التعددية الثقافية أيام بلير لتزيد من الإنعزال والإنقسام المجتمعي حين أعطت لهم الضوء الأخضر في ممارسة وإرساء قوانينهم بالطرق القانونية حتى وهي تتعارض مع القوانين البريطانية كما في مجالس الشريعة ؟؟؟؟ والمدارس الإسلامية التي تحث على الإلتزام بالقوانين الدينية .. والفصل بين الجنسين وتأهيل كلاهما بعدم المساواة والتحريض المبطن ضد المختلف ؟؟؟؟
أم ألوم الإسلام السياسي ذا الأجندة الإسلامية الذي تغلغل في النظام السياسي الغربي من خلال البنية التحتية الصلبة التي أسس لها من جمعيات خيرية وبنوك ومؤسسات إسلامية .. ولكن الأخطر تغلغلهم في مختلف المؤسسات التربوية .. فتحت يافطة مناهضة العنصرية وإستغلال الإسلامافوبيا لكل من يحاول إعمال العقل والنقد بحيث باتوا يهددون علنا حريات الغرب خاصة حرية التعبير .. ويعملون بكل الطرق لفرض الأسلمة المجتمعية حتى من خلال حجاب الطفلة ؟؟
تحت بند التعاطف وإحترام ثقافة الآخر.. قدمت الحكومة البريطانيه تنازلآ جديدا حين إحتفلت بيوم الحجاب العالمي وحثت موظفات الوزارة على وضع الحجاب. في ذات الوقت الذي تثور فيه نساء الدول الإسلامية كما حصل في إيران حين خلعت السيدات الإيرانيات الحجاب في تحدي صارخ للقرار الحكومي بلبسه معرضين حياتهن للخطر .. هذا التعاطف من الحكومة البريطانية سيستغلة المتأسلمين في المستقبل القريب بإجبار الحكومة على قبول تنازلات أخرى سيقع فيها حجاب الطفله ضحية هذه التنازلات ؟؟؟ بينما يعلم هؤلاء المتأسلمون علم اليقين أن الحجاب خيار وليس إجبار .. وأن المسلم ُمجبر دينيا على العمل بقوانين الدول التي يسكن فيها وإحترام ثقافتها !!
الأمثلة متعددة في الدول الأخرى ..
ففي إسبانيا وأثناء محاكمة أفراد خلية إرهابية تم إعتقال إثنين من أعضائها عام 2015 كشفت التحقيقات أمرين .. الأول في برشلونة وضواحيها تم بناء ما يقرب من 800 مسجد في الأقبية بدون علم السلطات أو ترخيصها بحيث يسهل نقلها بسرعة .. الثاني تنامي ظاهرة الأسلمة وإعتناق مواطنين إسبان الإسلام على يد عناصر تنتمي إلى جماعات متطرفة تنشط في هذه المساجد وأن إماما مغربيا كان خلف تحويلهم إلى الفكر المتشدد . وأن الإرهابي المغربي الذي نفذ عملية دهس في برشلونة لقي فيها 13 شخصا حتفهم بينما جرح 120 آخرين .. كان يؤم هذا المسجد ؟؟؟ ؟؟؟ وحسب وزارة الداخلية فإن هناك حوالي 1500 مسجد في عموم التراب الإسباني، بينما لا يتجاوز عدد المسلمين المليونين . ُترى هل تسمح أي من الدول العربية ببناء كنائس تفوق عن حاجة المسيحيين الموجودين على أرضها ؟؟؟
أما مسلمو ألمانيا ..الذي كان سعيد رمضان السكرتير الشخصي لمؤسس جماعة الإخوان في مصر ( حسن البنا ) وزوج إبنته .. أول من إتخذ لهم موضع قدم .. وإستطاعت الجماعة بناء قاعدة واسعة من خلال بناء العديد من المساجد في الشطر الشرقي الذي كان خاضعا للحكم الشيوعي .. بعيد عن الدين والتديّن يؤمن بأفكار علمانية .. مسلمو ألمانيا .. يتجاهلون المحاكم الألمانية ..وعملوا على بناء العديد من مجالس الشريعة غير الرسمية التي تنتشر في جميع أنحاء البلاد .. بحيث أصبح الإنقسام المجتمعي ظاهرة عامة لدرجة أنه وفي مدينة فوبريال الألمانية تحدي 7 من أعضاء جماعة سلفية منهم للقانون الألماني ونصبوا أنفسهم شرطة للشريعة قاموا بتوزيع منشورات ُتعلنها منطقة خاضعة لأحكام الشريعة .. حثت سكان المنطقة المسلمين وغير المسلمين على الإلتزام بالقوانين الشرعية والإمتناع عن شرب الكحول وغيرها إضافة إلى إجبار النساء على الإلتزام بالحجاب الإسلامي ؟؟؟ تماما كما حدث في منطقة في شرقي لندن قبل سنوات ؟؟؟
وفي سبيل الحفاظ على الحريات قضت محكمة ألمانية عام 2016 بأنهم لم يخالفوا القانون الألماني بل كانوا يمارسون حقهم في حرية التعبير ؟؟؟؟
مما يدعونا للتساؤل المحق عن خطط الإخوان والمتأسلمين في ألمانيا وغيرها من دول أوروبا ؟؟؟؟؟
كل ما سبق يؤكد بوجود وتصاعد حالة من الإحتقان المجتمعي متبادلة بين المسلمين يزيد إحتقانها متأسلمي الإسلام السياسي .. وبين السكان الأصليين وأن حسن النية من ممثلي السلطات .. تؤدي إلى مطالبة الإسلاميون للمزيد من الحقوق الصادمة والمتصادمة مع القيم على حساب حقوق الغربي المتأصلة في التسامح والديمقراطية . تؤدي إلى زيادة نقمة هذه الشعوب على ممثليها وتتالي تنازلاتهم .. فلا غرابة أن نسمع متظاهرون في روتردام (هولندة ) يصرخوا أوقفوا أسلمة هولنده وأوقفوا أسلمة أوروبا لصون ثقافتنا وتقاليدنا وقيمنا .. وما نتيجة الإنتخابات الإيطالية اليوم بفوز اليمين إلا البداية ؟؟؟
لقد تعدى المد الإسلامي حدود أوروبا إلى كندا ؟؟؟
تغلغلهم في النظام العام مستغلين غفلة بعض السياسيين الكنديين .. وأكبر دليل على ذلك شكوى الأكاديميين في كيبك كندا من تغلغل الإسلاميين في مختلف المؤسسات التربوية والتعليمية بحيث أصبحوا ُيمثلون تهديدا للحريات ..وبالتحديد حرية التعبير مواصلين الأسلمة المجتمعية . حيث يمنعون بالقوة أي نشاطات علمانية تطرح أفكارا متقدمه قد تتعارض مع الأيدلوجية المتأسلمة بدعوى أنها عنصرية ومعادية للمواطنين المسلمين ؟؟؟ وأن ضغطهم على الحكومة يزداد لإعادة برمجة ثقافتها لتتناسب مع عقليتهم ؟ وألأدهى تكيّف بعض المدارس الكندية مع طلباتهم بحيث أصبحت هي التي تفرض سلوكيات قد تتنافى مع التقاليد العامة إحتراما لقيم هذه الأقليات ؟؟
وبينما نسمع فقهاء الدين في الدول العربية يطنطنون الشاشات والجوامع بالحريات الدينية يبدو أن فكرة الليبرالية والحريات لا تتناسب إطلاقا مع الأجندة الخاصة للمتأسلمين وأنهم وفعلا إستغلوا النوايا الحسنة في الليبرالية الغربية لبث أكثر الأفكار المتطرفة وفرض أسلمة مجتمعية هرب العديد منها في أوطاننا الأصلية ؟؟؟؟؟
أحلام أكرم