فاجأت المحكمة الدولية اللبنانيين بتسجيلات صوتية قدمتها جهة الادعاء للقاء جمع بين الرئيس رفيق الحريري ورستم غزالي في حضور رئيس تحرير جريدة الديار شارل ايوب، حيث اعتبرها البعض سلاحاً ذو حدين، الأول أنه يكشف تفاصيل عن شخصية الحريري وأسلوب تعاطيه مع النظام السوري، والثاني أن التسجيلات تثبت بداية الخلاف الحاد مع الجانب السوري الذي عبرّ عنه غزالي، وفي الوقت نفسه لا تثبت سوى أن الخلاف هو أحد أسباب ذلك التفجير الارهابي.
نبرة صوت الحريري أوضحت مدى غضبه من تصرفات النظام السوري في لبنان، كما أن البعض اعتبر اقدامه على تسجيل فحوى اللقاء يؤكد مدى حذره، خصوصاً بعدما شهد محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، حيث اعتبرت التسجيلات كاثبات على انطلاق الحريري في معركة ابعاد الوصاية السورية عن لبنان وخوض معركة انتخابية في كل المناطق من دون استثناء. وفي سياق الأسئلة التي ولدها عرض التسجيلات أمس، برز تساؤل قانون حول هدف المحكمة من عرض تسجيلات مماثلة علانية، حتى لو اتسمت بعض المضامين بصبغة شخصية؟
سبب الاغتيال!
لا يستغرب وزير العدل السابق ابرهيم نجار أن يقدم “مكتب الادعاء وثائق ومن بينها تسجيلات صوتية في المحكمة لأن هذا الأمر شائع في القضايا الجنائية، لكن يبقى تقدير قيمة المحتوى وجواز التذرع به متعلقاً بقرار المحكمة بصرف النظر عن مضمونه”، مضيفا” ” أنا على يقين أن مكتب الدفاع سيناقش في قبول هذا الاثبات من دون التعرض إلى كيفية الاستحصال عليه لأنه بالطبع لم نعرف (على الأقل هنا في لبنان) كيف ومن دفع بهذا الشريط حتى يصل إلى ملف مكتب الادعاء”.
أما من حيث المضمون الذي وضع علامات استفهام، يؤكد نجار لـ”النهار” أن “السجال الذي استمعنا إليه بين الرئيس الحريري ورستم غزالي، يقوم على شيء من التباين الملفت، فمن جهة يصر الرئيس الحريري اصراراً كاملاً على استقلال القرار اللبناني من دون ان يؤدي هذا الاستقلال إلى النيل من مصالح سوريا ومن جهة أخرى نجد انه طلب من غزالي التدخل كي تحال قضية محاولة اغتيال النائب مروان حمادة الى المجلس العدلي”.
ويقول: “هذا الأمر يضع وجهة نظر الادعاء وكأنها ترمي إلى القول: ان سبب الاغتيال الارهابي الفظيع كان ناتجاً عن اختلاف في وجهات النظر مع النظام السوري والاشارة إلى التحضر الذي كان يسود موقف الحريري للمطالبة بانسحاب القوات السورية من لبنان، اضافة إلى موضوع الانتخابات ومشروع القانون”. وختم: “هذا كله يخضع إلى المناقشات الوجاهية وانا شخصياً درجت على الاستنكاف عن ابداء رأيي في الأساس لأسباب نابعة من المسلكية وقواعد احترامي لاستقلال المحكمة وعدم جواز التأثير على قناعاتها”.
الخلافات واضحة!
أعادت التسجيلات النظام السوري إلى دائرة الاتهام المباشر، إذ يرى عضو المكتب السياسي في “تيار المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش أن “التسجيلات أكدت الخلافات الواضحة في مسألة الانتخابات وهي موثقة من خلال تسجيلات بين الحريري والجانب السوري، وهي جزء من الملف لكن في رأيي انها لا تكفي لكنها تزيد بعض العناصر”.
بات معروفاً ان اللواء الشهيد وسام الحسن قبل استشهاده كان قد قدم التسجيلات الى محكمة، لكن لماذا كان يسجلها؟ يجيب علوش: “لأنه كان واضحاً انه في وضع ليس سهلاً ويحاول ان يوثّق كل الأمور التي يقوم بها”. ويقول: “كانت لهجة الرئيس الحريري في البداية صدامية لكن بعد عرض الأفكار الخاصة به بوضوح وتأكيده الاستمرار في المعركة على كل لبنان خف التشنج، وكانت ردة الفعل الخاصة برستم غزالي منذ بداية الأمر مسالمة، ما يوحي بالخطر وكأن الحفر في اتجاه الانفجار بدأ من ذلك الوقت”.
أما في شأن ما قاله الرئيس الحريري بخصوص بعض الشخصيات السياسية اللبنانية، ومنها الرئيسان نبيه بري وأمين الجميل، يرى علوش أن “هذه الامور هي جزء من المد والجزر في السياسة ولو تم تسجيل كل ما يحكى في الأوساط المغلقة لكنا شاهدنا الفضائح فيما الاساس هو النتيجة من هذا الكلام وليس المضمون”.