إن شمول داعش بالإرهاب وإستثناء الميليشيات الشيعية منه أثبت بما لايقبل الشك إزدواجية المعايير عند الولايات المتحدة الأمريكية والغرب والأمم المتحدة بل العرب أيضا في التعامل مع مسألة الإرهاب ـ ولسنا بصدد الدفاع عن تنظيم الدولة الإسلامية مطلقا ـ مع إن مسيرة الإرهاب الميليشياوي الشيعي مستمر منذ الغزو الأمريكي للعراق ولحد الآن مع إختلاف المسميات، إبتداءا من جيش المهدي وإنتهاءا بالحشد الطائفي. والحرب الأهلية عام 2006 لا يزال مذاقها مرُ في فم أهل السنة، مع أن الأمن الداخلي والخارجي حينها كانا من مسؤولية قوات الإحتلال حسب القانون الدولي، لكنها سمحت للميليشيات الشيعية والجيش والشرطة وبقية الأجهزة الأمنية بإبادة جماعية لأهل السنة والقتل على الهوية، ولم تُعتبر تلك الأفعال الوحشية والإبادة الجماعية نوعا من الإرهاب! مع إنها تصنف إرهابا وفق التعريف الدولي والامريكي للإرهاب. عرفت أمريكا الإرهاب وفقا لقانونها
( U.S Code. Section 2656f”d” )
بأنه العنف المتعمد المدفوع بعوامل سياسية والمرتكب ضد أهداف مدنية على أيدي جماعات لا تتمتع بالمواطنة أو عملاء سريين، ويكون هدفه عادة التأثير في جمهور معين”. يقول تشومسكي” عندما تتطور أزمة إنسانية فهناك ثلاثة خيارت متاحة لغير المتورطين بها، الاول العمل على تصعيد الكارثة، والثاني الامتناع عن عمل أي شيء، والاخير محاولة تخفيف الكارثة”. والحقيقة إن قوات الغزو الامريكي إستبعدت الخيار الثالث عام 2006! فكانت المجزرة الكبرى.
الإرهاب الذي مارسته الميليشيات لعشر سنوات ضد أهل السنة كان لا بد أن يُولد إرهاب مقابل يساويه في القوة ويعاكسه في الإتجاه. وحتى لو إفترضنا جدلا إن تنظيم الدولة الإسلامية سينتهي بعد سنتين كأقل تقدير وثلاثين سنة على أبعد تقدير حسب التحليلات الدولية، فهذا لا يعني إنتهاء التطرف المذهبي في المنطقة أو عقم الحركات الدينية المتطرفة. ربما القادم أقوى وأعنف من داعش طالما إن جزاري بغداد ودمشق ونظام الملالي الحاكم في طهران وخدامه في النجف يصبون الزيت على نار التحريض الطائفي. إن الإرهاب يولد إرهاب، والظلم يولد إرهاب، والطائفية تولد إرهاب، والفساد الحكومي يولد إرهاب، والتهميش يولد إرهاب! عندما تستأصل الأسباب حينها فقط ينتهي الإرهاب تلقائيا دون الحاجة الى الحلول العسكرية التي أثتت فشلها في إنهائه. وهذا ما لم يفكر به أو يعمل بموجبه الأطراف التي تحارب الإرهاب.
لو لم يجد تنظيم الدولة الإسلامية قاعدة جماهيرية مظلومة إحتضنته ما نجح كل هذا النجاح. ونجاح التنظيم يعني بالنتيجة فشل الحكومة، وكل إنتصار يحققه داعش يمثل هزيمة للحكومة. وإن توسع قاعدته جماهيريا حسبما تشير مصادر من يحاربه، ناجم عن إستمرار مظلومية أهل السنة من إباداة جماعية وقصف بالطائرات والمدفعية الثقيلة، وحرق بيوت الله وتدميرها او تحويلها الى بيوت للحسين(حسينيات) علاوة على التهجير الطائفي وحرق البيوت والمحلات بعد نهبها من قبل القوات الحكومية والحشد الطائفي ومنع عودة المهجرين، والتمثيل بالجثث والقتل على الهوية، هذه كلها روافد تعزز قوة تنظيم الدولة الإسلامية. وإستمرار هذه السياسة الطائفية للحكومة وحلفائها، يكون ثماره في سلة داعش.
صحيح إن داعش ثير علامات إستفهام قلقة حول سلوكياتها ومن الصعب تفسيرها، سيما إنها لا تتعامل مع الإعلام وتضع قيودا حادة عليها، مما يصعب علينا فهم سياستها، مقابل ذلك فإن ماكنة الإعلام العالمي والعربي تصب جام غضبها على التنظيم حقا وباطلا، فيزيد الأمر من حيرتنا، أن تسمع آلاف الأصوات من طرف محارب، ولا تسمع صوتا واحدا من الطرف الآخر، لا يمكنك الحكم على القضية. ولا يكون حكمك عادلا؟ السيد محمد سعيد كاظم الصحاف وزير الإعلام السابق كان يتصرف بحكمة عالية عند الحكم على طرفي متعارضين، عند حدوث مشكلة مثلا بين مدير عام وموظف صغير، يقرأ السيد الصحاف مطالعة المدير العام عن الموظف الضحية، ثم يسأل أين الصوت الآخر؟ أريد إن أسمع صوت الآخر لأعرف الحقيقة.
هذا التعتيم الإعلامي المفرط من قبل داعش، والتضخيم الإعلامي من قبل وسائل الإعلام العالمية والمحلية عن المارد الداعشي والمغالاة في أمره مع التغاضي عن بقية الميليشيات الإرهابية هو من أهم الأسباب التي تربك الكاتب المنصف، وتجعله يتجنب الخوض في هذا الموضوع الشائك، لأن الإعلام بصورة عامة موجها وليس حرا سواء في الدول المتقدمة أو غيرها، صحيح هو أكثر حرية في العالم المتقدم عنه في العالم الثالث، ولكن حريته محددة بأطر وضوابط حكومية. أشار الكاتب والمحلل السياسي الامريكي جيف سيمونز إلى وثيقة لشبكة (سي ان ان) بعنوان ( تذكير بشأن سياسة الموافقة على النصوص) تُلزم ع جميع المراسلين الامريكيين أن يرفعوا النصوص من أجل الموافقة عليها، ولا يسمح بإذاعة أي نص إلا اذا كان مختوما حسب الأصول بموافقة مدير مفوض بذلك الأمر”. هذه الضوابط في بلد الحرية الأول في العالم كما يسمونه، فما بالك بالدول المتخلفة؟ لاحظ التكتم على تقرير الكونغرس حول أساليب التعذيب التي مارستها وكالة المخابرات الأمريكية وقواتها في العراق وإفغانستان والتكتم عليها طوال هذه السنين، مع إنها لا تتضمن سوى النزر اليسير من الكارثة.
سنورد بعض من العقد المحيرة عن تنظيم الدولة الإسلامية الذي أساء للإسلام وشوه صورته وخدم أعدائه خدمة لا تُثمن، كما فعل تنظيم القاعدة قبله.
1. جاء تنظيم الدولة الإسلامية كردة فعل طبيعية ضد الميليشيات الشيعية المسعورة التي إرهبت أهل السنة، وقامت ولا زالت بإبادة وحشية لهم، وهي معروفة للجميع لا تحتاج إلى التفصيل، وتمت بمشاركة حكومة جودي المالكي وخلفه العبادي. ولكن داعش قتلت وأعدمت لحد الآن من أهل السنة أكثر مما قتل من عناصر الميليشيات الشيعية!
2. فتحت داعش عدة جبهات بلا مبرر، وإسلوبها هذا يفتقر إلى الحكمة أو إستراتيجية عسكرية معقولة ومقبولة، منها جبهات ضد الأكراد والأيزيدين والصحوات والعشائر السنية في العراق، وشبيحة الأسد وحزب الله في سوريا، وضد الجيش اللبناني، مع إنه العدو الأول المفترض لها هي الميليشيات الشيعية التي تديرها ولاية الفقيه.
لاشك إن تشتيت القوة العسكرية لداعش على عدة جبهات مع قلة عناصر مقارنة بقوات الأسد والعبادي والميليشيات الشيعية والحرس الثوري الإيراني وحزب الله والجيش اللبناني، وإفتقار التنظيم إلى الإسناد الجوي والبحري والصواريخ البعيدة المدى، أمر يثير الحيرة ولا يتوافق مع المنطق، فما الحكمة من وراء تشتيت قوة التنظيم بهذه الفوضى. اليس من المفروض ان تتم الخطة بتصفية القوى المعادية حسب خطورتها وقوتها كخطوة أولى، وبعدها يتم الإنتقال الى الخطوة الثانية وهكذا.
3. أضاع التنظيم فرصة ذهبية في التحلى بصفة التسامح الديني والمذهبي، وبدلا من يفتح ذراعيه للأقليات الدينية كالمسيحيين والأيزيدية ويحتضنهم لأنهم أيضا تضرروا من الممارسات الإرهابية للميليشيات الشيعية وظلم حكومة المالكي، فإذا به ينكل بهم دون أي ذنب إقترفوه. نحن لا نحمله مثلا ذنبا عما فعله مع شيعة تلعفر وجحوش أهل السنة مثل البو نمر والفهداوي والعلواني لأنه لا أحد يجهل ممارساتهم العدوانية ضد أهل السنة قبل ان ينالوا جزائهم العادل عما إقترفوه من جرائم وخيانات بالتعاون مع قوى الإحتلال وإضطهاد أهل الأنبار، لكن ما الذي فعله المسيحيون والإيزيديون لينتقم منهم؟ ونحن لا ننطلق من الحديث عن التهويل الإعلامي حول ما حصل، بل عن حقيقة ما جرى!
الأيزيدية شعب مسالم معروف بعراقيته الصميمية وحرصه الشديد في التمسك بالضوابط الوطنية ولا يمكن لمنصف ان يتجاهل دورهم في حماية العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية وما بعدها. الإنتقام يكون له سبب ومبرر وتوازن مع الخسارة! فما هو السبب والمبرر؟ ولو كان عند التنظيم مبررا كاف ِ على سبيل الإفتراض! فما هو ولماذا لا يوضحه للغير؟ ونحن لا نتحدث أيضا عن تدمير المزارات والمراقد مع إننا نعتبر حرية العبادة مضمون إسلامي واضح أشارت إليه عدة سور في القرآن الكريم، ولكن الحديث ينصب عن النفس التي كرمها الله، وحرم قتلها إلا بالحق. كما إن جرائم البيشمركة ضد الأيزيديين إنسحبت على داعش دون ان يوضح موقفه منها أو يتبرأ منها! والغريب إن داعش يحارب البيشمركة من جهة ويتضامن معهم في التنكيل بالأيزيدية من جهة أخرى! مع إن البيشمركة كما يفترض هي المسؤولة عن حماية الأيزيديين ولكنها تبرأت منهم في سابقة خطيرة لها تداعيات واضحة في المستقبل ولا سيما في مجال الثقة بين الطرفين.
4. إغتصب التنظيم الإسلامي ثورة العشائر العراقية التي ناضلت عن حقوقها ومظلوميتها وقدمت الآلاف من الشهداء والجرحى قبل ظهور التنظيم في نيسان عام 2014. لا حظ وسائل الإعلام الدولية والعربية والعراقية اليوم! لا أحد منها يتحدث عن ثورة أهل العشائر ولا عن الحقوق التي طالبوا بها خلال سنوات الإنتفاضة والتي تجاهلتها حكومتا جودي المالكي وخلفه حيدر العبادي. لقد أختزلت الإنتفاضة بداعش، مع إن داعش لم يظهر إلا بعدها. وكانت من آثار هذه الظاهرة كما عبر عنها رئيس مجلس ثوار العشائر علي حاتم السليمان أن ” ثوار العشائر كانوا قد أوقفوا العمل المسلح منذ تاريخ 15/6/2014 حتى الآن، لكي لا يختلط عمل الثوار المطالبين بالحقوق المشروعة مع العمل المتطرف الذي تمارسه داعش والميليشيات”. بالطبع لا أحد يقر هذا اللغو! لعدة أسباب:
أولا: لم تتوقف العشائر عن القتال، لإن الحكومة الحالية ما تزال تتجاهل مطالبهم ولم تنفذ أي مطلب منها لحد الآن، إنها مجرد وعود كاذبة إنتهت مع تسلم العبادي المنصب.
ثانيا: إن حكومة العبادي وقوات التحالف ما تزال تشن الغارات الجوية وتستخدم البراميل المتفجرة والقصف المدفعي على الأحياء السكنية لأهل السنة ومنها الفلوجة، لذلك فالحديث عن خلط الأوراق الذي تحدث به السليمان هو في الحقيقية لغط وخلط أوراق أيضا.
5. لم يتطرق التنظيم إلى الدور الإيراني التخريبي في العراق! ولم يتعرض إلى المراجع الدينية في طهران والنجف مع إنهم أصدروا فتاوي ضده ومنها حول تشكيل الحشد الطائفي! علاوة على الإنتقادات الموجعة والمستمرة من قبل نظام الملالي للتنظيم! ولم يُوقظ التنظيم خلاياه النائمة في طهران، ولم يقم بمهام عسكرية داخل إيران مع إن الحدود العراقية الإيرانية مفتوحة أمامه! في حين أن من يقود الحرب ضد التنظيم هو الجنرال الإيراني سليماني. كما إن الحرس الثوري الإيراني يشارك في المعارك ضد داعش، علاوة على معرفة التنظيم بالدعم المالي والتسليحي والتدريبي الإيراني للميليشيات الشيعية. فما الذي يجعله مكبل الأيادي أمام نظام الملالي؟ في حين إنه طالب عناصره بشن هجمات على النظام السعودي ووصفها برأس الأفعى، مهددا ومتوعدا بفتح بركان الجهاد.
من جهة أخرى إستطاع التنظيم أن يقتل ويؤسر العديد من عناصر الحرس الثوري الإيراني والبسيج، ومع هذا ينكر نظام الملالي تدخله العسكري في العراق ويُقصرة على التدريب والمشورة. الغريب إن التنظيم لا يكشف عن الأسرى الإيرانيين أو على عينات منهم، ولا يعرض لقاءات معهم ليكشف كذب الملالي ويفند إدعاءاتهم! لماذا يدعم التنظيم الموقف الإيراني من هذه الناحية ولا يميط اللثام عن حقيقة تدخلهم العسكري؟
6. من المؤكد إن للتنظيم قوة صاروخية حصل عليها سواء من سوريا او العراق وربما من أطراف اخرى اي السوق السوداء، وهذا ما شاهدناه في أفلام وثائقية، مع هذا لم يستهدف التنظيم المنطقة الخضراء بصواريخه، وهو يعلم إنها موطن العلة والداء، ولم يستهدف أي من أعيان مجلس النواب والحكومة، فطرائده خارج هذه المنطقة الخضراء. وهذا أمر يصعب تفسيره وقبوله.
7. تحدى التنظيم إدارة الرئيس أوباما وهدد بأن جنودة ومستشاريه سيُقبرون في العراق في حال إرسالهم، وقبل أوباما التحدي وأرسل ما يقارب ثلاثة آلاف من قواته العسكرية تحت غطاء المستشارين، وهم يُقيمون في مقرات وقواعد عسكرية يعرفها التنظيم جيدا، ولحد الآن لم تخسر القوات الأمريكية سوى جنديا واحدا كما أشيع. فلماذا لم يبر التنظيم بوعده؟ الأمريكان تحت مرمى النيران الآن! فماذا ينتظر؟
8. أخطأت القيادة الكردية في الدخول كطرف ضد تنظيم داعش سيما إن الإقليم منتعش إقتصاديا، ويرفل بالسلام والأمن والرخاء. والقيادة الكردية تعرف جيدا ان الجيل الحالي من الأكراد الذي عاش السلام وحياة الرفاهية والرخاء، هو ليس جيل المحاربين القدامى الأقوياء في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وبعد إن تكبدت البيشمركة خسائر أولية حيث” أعلنت وزارة البيشمركة في اقليم كردستان عن مقتل 727 عنصرا من القوات الكردية وجرح 3564 وفقدان 34 آخرين، خلال المواجهات ضد دولة الخلافة منذ التاسع من حزيران الماضي”. مما حدا بالبرزاني الإستنجاد بقوات التحالف ليخرجوه من هذه الورطة، لكن البرزاني لم يرعوٍ! فقد أرسل قوات من البيشمركة الى كوباني لمقاتلة داعش، وكان من المتوقع أن يقوم التنظيم بعمليات نوعية في الإقليم تجعل البرزاني يعظ على إصبعه بسبب تخبطه السياسي والعسكري، ولكن المفاجأة إنها لم تقم سوى بعمليتين عسكريتين فقط في الإقليم احداهما في أربيل بتأريخ 18/10/2014 ، على العكس مما كان متوقعا! وهذه ليست دعوة لإشعال كردستان وإنما تساؤل مشروع لا أكثر! فالأقليم جزء من العراق ونحرص عليه كما نحرص على بقية الأجزاء. الأمر المثير في عملية أربيل ان التنظيم كما تبين لم يقم بها أصلا بل ولم ينكر مسؤليتها عنها، فقد صرح عضو اللجنة الأمنية في برلمان كردستان، قادر عثمان رسول، في حديث صحفي إن “المسؤولين عن انفجار أربيل هم شبكة إرهابية تضم تسعة أشخاص
ستة من أعضائها من سكنة كركوك من العرب، والباقين من الأكراد، وأكد مصدر أمني كردي رفيع، في حديث إلى (المدى برس)، إن “الانتحاري الذي فجر نفسه داخل السيارة المفخخة، هو كردي من إيران، يدعى بيشتيوان الكردي”.
9. مع نقدنا السابق للتنظيم بشأن فتح عدة جبهات تستنزف قواه وتشتتها، لكن الغريب أنه ليس للتنظيم موقفا واضحا تجاه الكيان الصهيوني! مع أن هذا الكيان المسخ والولايلات المتحدة هما وجهان لعملة واحدة، وهذا مما لا يجهله التنظيم. ويبدو إن الصهاينة أنفسهم مندهشين من موقف داعش إتجاههم، فقد ذكر الباحث الإسرائيليّ رؤوفين باز، في دراسة نشرها موقع مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب” أن اليهود واليهوديّة لا يتواجدان في قاموس أعداء الدولة الاسلامية حتى اللحظة”.
10. تنصل داعش عن أمه الحقيقية تنظيم القاعدة وناصبها العداء، فقد أعلن أبو بكر البغدادي التمرد على أوامر أيمن الظواهري، وكذلك الحال مع جبهة النصرة! حيث ذكر توم جوزسلين المحلل الأمريكي في شؤون الإرهاب” في حالة توقف سفك الدم بين الطرفين فمن السهل عليهما التركيز على قتال الأسد”. (صحيفة الإندبندنت). مع إن العدو كما يفترض واحد. وكما يقول المثل الشائع ” عدو عدوي صديقي”. وهذا ما نلاحظه متجسدا في وحدة الميليشيات الشيعية تجاه أهل السنة بشكل عام. بالرغم من الإختلاف الفكري والمرجعي لها، لكنها موحدة جميعها في جبهة شيعية واحدة.
11. لا أحد يجهل وجود عناصر داخل التنظيم جاءوا من الولايات المتحدة والدول الأوربية لمحاربة الكفار وأعداء الإسلام كما يدعون. فقد أعرب رئيس الاستخبارات السويدية أندرز ثومبرغ عن اعتقاده بأن نحو 300 سويدي انضموا إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية.( في حديث له مع الإذاعة العامة في22/11/2014). كما كشف وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير أن حوالي 550 ألمانيا توجهوا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق. (لقاء مع شبكة فونيكس الألمانية). الغريب في أمر هؤلاء المقاتلين الأجانب إنهم لا يحاربون الكفار في بلدانهم بل يأتون للعراق وسوريا لمحاربتهم!
حسنا! الحكومات الأوربية تخشى حاليا من عودتهم لبلدانهم خشية قيامهم بعمليات إرهابية! لكن لماذا لم يعتبر التنظيم هؤلاء المقاتلين خلايا نائمة في بلدانهم أو يكلفهم بعمليات نوعية داخل البلدان التي يعيشون فيها بدلا من مجيئهم للعراق وسوريا؟ بمعنى أبسط وأوضح، لماذا لا يقوم هؤلاء المقاتلون القادمون من الولايات المتحدة على سبيل المثال بالجهاد في الولايات المتحدة نفسها ضد قوات المارينز وبقية القوات الأمريكية، فيأتوا للعراق وسوريا ليقاتلوهم؟
12. عندما ينسحب التنظيم من مدينة أو قرية كان يسيطر عليها سابقا، يترك أبنائها لقمة سهلة في فم الميليشيات الشيعية والحشد الطائفي، وما حدث في جلولاء والمقدادية وبعض القرى في صلاح الدين خير شاهد على ذلك، فقد فتكوا بأهل السنة فتكا بجريرة داعش وقتلوا وإعتقلوا الشباب، وحرقوا المساجد ونهبوا البيوت والمحلات التجارية، ومنعوا عودة المهجرين من أهل السنة لديارهم، وهناك مشروع طائفي لإسكان أهالي الحشد الطائفي ممن لا يمتلكون بيوتا في دور المهجرين. فهل خدمت داعش حقا أهل السنة بطريقتها هذه؟ وهل وجدت حلا لهذه المشكلة التي يدفع ثمنها الأبرياء بلا مبرر؟
للحديث بقية بعون الله.
علي الكاش