الحادثة تذكرني بموقف مشابه لبعض جنود حفظ السلام من الأمم المتحدة قاموا بالإعتداء الجنسي على بعض الفتيات أثناء القيام بعملهم قبل سنوات ؟؟؟؟ فموقف المنظمة والعاملين فيها لا يختلف كثيرا. حيث إُتهمت أوكسفام وهي من اكبر المنظمات الخيرية في بريطانيا .. “” بإخفاء نتائج تحقيق في مزاعم قيام بعض العاملين فيها بإستجلاب عاهرات خلال ممارسة عملهم في تسليم مواد الإغاثة الإنسانية في هايتي عام 2011 “” ؟؟
ُتعطي الأوساط الغربية أهمية وأولوية كبرى لحسن التصرف والأخلاق وحسن السمعة كقيم راسخة في مجتمعاتها خاصة في المنظمات الخيرية, وبعد فضائح كبار المسؤولين في قضايا التحرش الجنسي التي بدأت بالظهور كل يوم ..
ولكن علينا الفصل ما بين العمل الخيري الذي تقوم به المنظمة وبين الإتهام الموجه لها وهل حقا تواطأت في إخفاء نتائج التحقيق .. في كل الأحوال ستتعرض للإستجواب والتحقيق .. السؤال هنا من هم المسؤولون الحقيقيون عن إخفاء نتائج التحقيق … منظمة اوكسفام أم العاملون فيها ؟؟؟ .. في رأيي كلاهما مسؤول . وفي هذه الدول كلاهما سيخضع للتحقيقات .. والنتيجة إما إستقالة العاملين في المنظمة كما حدث مع النائبه بيني لورانس أو فصل المتورطين من العمل وخضوعهم لعقوبة ُتحددها المحكمة ؟؟؟ ولكن وبالتأكيد فإن هذا الإتهام بحد ذاته سيترك أثرا سيئا تجاه الثقه التي حظيت بها أوكسفام كمنظمة إنسانية خلال السنوات السابقة .
تحصل أوكسفام على تمويلها من جهتين .. واحد من متبرعين كبار لتمويل عملياتها في الإغاثة خارج بريطانيا وجزء منها ُتمولها الحكومة البريطانية من خلال دائرة التنمية العالمية لدعم الدول النامية – وأيضا إضافة نسبة 25% على أي تبرع من شركات او أفراد من دافعي الضرائب البريطانية .. والآخر من متاجرها المنتشرة في كل بريطانيا والتي تعتمد على تبرعات الأفراد بأشياء لم يعودوا بحاجة لها .. تبيعها للطبقه الفقيرة في مجتمعاتها ..
وعليه فردة فعل لأوساط البريطانيه ستتقرر من خلال الإجابة على السؤال المهم .. هل تقوم أوكسفام بعمل خيري وتقدم خدمة لعملائها من المحتاجين في مجتمعاتها المحلية .. والثاني كيفية إدارة هذه الأموال وكم هي نسبة ما يتقاضاة مدرائها من مجموع التمويلات المتجهه للعمل الخيري خارج بريطانيا ؟؟ بالنسبة للشق الأول المتجه محليا من خلال متاجرها .. فأنا أعتقد أنه لن يتأثر .. لأن الشعب البريطاني محب للخير بطبيعته خاصة وهي تعود على فقراؤه .. وأيضا محب لعملية تدوير الأشياء والتخلص من المتراكمات . ولهذا تجد متاجر عديدة تبيع كل شيء مستعمل يتبرع به الأغنياء .. وكله بحالة جيده .. وتخضع لمعايير النظافه والهايجين .. وكان دخل المنظمة من هذه المتاجر 91 مليون جنيه إسترليني العام الماضي ..
للأسف المتضرر الأكبر من فضيحة أوكسفام هو الدول الفقيرة والمنكوبة التي تستفيد من عمليات الإغاثة خارج بريطانيا . حيث حصلت أوكسفام على ما قيمته 31.7 مليون من الحكومة البريطانية قيمة ال 25% من ما تقدمت به شركات ومؤسسات أخرى لعمليات الإغاثة والمساعدة التي تقوم بها في هذه الدول .. بالإضافة لما تحصل عليه من الحكومة البريطانيه .. وأعتقد أن الكثير من هذا التمويل سيتوجه إما لصالح منظمات أخرى وربما وهو الأغلب لصالح منظمات خيرية تعمل في الداخل البريطاني ..
ولكن وفي كل الأحوال..سيكون هناك ضغط من منظمات العمل المدني على الحكومة للتشديد من إجراءاتها في مراجعة حسابات المنظمات الخيرية كلها .. للكشف عن كيفية إدارة هذه الأموال ومدى شفافية هذه الجمعيات الخيرية ورواتب العاملين فيها .. ونسبة زيادات أجورهم .. وأن تخضع هذه الحسابات للمساءلة الشعبية في اي وقت .. وفي خضم كل هذا سيبقى على أوكسفام وحدها المهمة الأصعب وهي العمل على إستعادة مصداقيتها وثقة مموليها ومتبرعيها لعمليات الإغاثة في الخارج .. وتبقى الدول الفقيرة هي ضحية الفساد الداخلي .. والأخلاقي الدولي.
المصدر ايلاف