الشرق الاوسط
مخبركم المخلص متهم، وبين أمور أخرى، بالتحيز إلى دبي. وهو تحيز بصري قائم على مشاهدات أربعين عاما من عمران يبدو مذهلا حتى في قلب أميركا أو أوروبا. وكلما ازداد فشل السياسة العربية ازدادت أهمية دبي كنموذج مثير للتنمية والتطور والازدهار. وخلال الأزمة الاقتصادية العالمية بدت دبي وكأنها كبت كما تكبو أفضل الخيول، لكنها مثل أفضل الخيول قامت إلى ازدهارها من جديد.
تخيل هذا العنوان في بلد بحجم مصر مثلا: «طيران الإمارات تحول أول مليار درهم من أرباحها إلى الدولة» أو «50 مليون مسافر في مطار (بيروت) كل عام». قبل بضع سنوات تناولت الغداء مع الشيخ محمد بن راشد، ومع الأمير فيصل بن سلمان، وقال لنا إن مطار دبي المقبل سوف يستقبل 60 مليونا في العام. ورغم كل ما كنت قد رأيت، اعتقدت أن الرقم حلم. لكن عندما تمر بالمطار اليوم تكاد تراهم أمامك دفعة واحدة.
يعرف صاحب الإنجاز المسمى «دبي الحديثة» عن نفسه بالقول إنه رجل بسيط يحيا حياة بسيطة، تخرج في مدرستي راشد وزايد «ولقد تعرفت إلى الكثيرين من زعماء العالم، السياسيين والاقتصاديين، فلم أشاهد أكثر بساطة من زايد». هكذا يقول في كتابه الجديد «ومضات من فكر»، وهو خلاصة حوارات أجريت معه في «القمة الحكومية» هذا العام: «الحياة خلقت بسيطة، ولا بد أن نعيشها بسيطة كما خلقت. البساطة هي الفطرة، وهي راحة النفس وهدوء الروح. لا أحب القلق، ولا أسعى إليه». كل ما يمتع نفسه هو في الطبيعة أمامه: أشعة الشمس وضوء القمر وجمال الخيول ونبل الإبل.
يقول محمد بن راشد لمحاوريه ردا على سؤال حول المرأة: «عندما قلت إن المرأة روح المكان، كنت أعني كل حرف قلته. المرأة تمتلك عاطفة جياشة وقلبا رحيما وعقلا ذكيا وروحا طموحا ونظرة مختلفة إلى الأمور. وهي أقوى بكثير مما يظن الكثيرون وهي أقرب إلينا أكثر مما نتصور. هل يستطيع أحدنا أن يحيا بغير أم أو أخت؟ وهل تملأ الرحمة البيوت بغير بنت أو زوجة؟ وهل تحلو الحياة بغير روح الحياة»؟
كانت هذا العام الدورة الثانية عشرة لمنتدى الإعلام العربي في دبي. المرة الأولى عقد في فندق عادي على أطراف المدينة. وهذه المرة استضافتنا منى المري في «برج خليفة» أعلى مبنى في العالم. طرحت مرة السؤال على الشيخ محمد: «لماذا الإصرار على أعلى فندق وأعلى برج وأعلى كل شيء»؟ يجيب عن هذا السؤال في «ومضات من فكر». وإلى جميع الشبان الذين يطرحون عليّ السؤال: ما هي أفضل طرق العمل، أنصحهم بقراءة الومضات: درس بسيط خلاصته أن الحياة تحديات يومية. الخيار الآخر هو الخمول.