لفت نظري عنوان الخبر الذي نشرته إيلاف حول “”مشروع قانون ُيجرّم الإلحاد في مصر” للزميل أحمد حسن في 27 ديسمبر 2017 .
مصر الحبيبة إلى قلبي. والتي آمل أن تكون مركز التنوير للعالم العربي .. وقيادته لكل ما فيه مصلحة الشعوب والمنطقة .. كيف فقدت الإنارة والتنوير وتنتقل بسرعة لمهالك ظلام الفكر المنغلق بحيث أصبحت تعج بفوضى فكرية .. وإقتصاد متدهور وبطالة زادت من حدة الفقر .. وإلتبس فيها فكر التدين بحيث أدى إلى إنهيار الوازع الأخلاقي .. في زيادة نسبة التحرش ضد نسائها ورفض حق الآخرين في التعايش الذي يعزز قيمة المواطنة .. وعليه رفض هذا الحق للأخر .. حقه في المساواة التامة أمام قانون واحد يخضع له الجميع .. وأكبر الأدلة الإعتداء المستمر على الأقباط والشيعة والبهائيون . هل هي بحاجة إلى قانون يضيف إلى الإلتباس الفكري ُيفتش في الضمائر وُيعدم إلى الأبد الوازع الأخلاقي .
الإلتباس الذي أعطى الفرصة لبعض النواب لطرح مثل هذه الأفكار .. أن الفصل الدستوري لم ينص على حق المواطن في أي معتقد غير ديني .. كما في البوذية والهندوسية.. ولكن توقيع مصر على الإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان تؤكد على حرية المعتقد سواء كان دينيا أم لا .. خاصة وأنه يدخل ضمن حرية الضمير ..
ألن ُيدخل مشروع تجريم الإلحاد في تناقض مع المادة 64 المُقررة لحرية الإعتقاد في الدستور المصري ؟؟؟ وتناقض مماثل مع المادة 65 التي تنص على حرية الفكر ؟؟؟؟
أنا لا أدافع عن الإلحاد .. ولكني ادافع عن المساواة في حق الإنسان الشخصي والإجتماعي والفكري في أن يؤمن أو لا يؤمن .. تماما كحقة في الإيمان بالخرافات الدينية . وليس من حق أي سلطة تجريمهما ؟؟؟
أتفهم تأييد الأزهر لخروج مثل هذا القانون .. لأنه ُيهدد سلطته الدينية التي إكتسبها خلال السنوات الثلاثين السابقة .. ولكن ألم ُيسهم تشدد الأزهر وفتاوي علماؤه في بلبلة فكر المواطن وتعارضها مع مصلحة الوطن والمواطن في الإعتدال .. ؟؟؟
نعم هناك بعض النصوص التي فسرها فقهاء الدين على انها ُتجرّم الإلحاد .. ولكن وفي المقابل هناك عدة آيات كريمة تؤكد حق الإنسان في حرية الإعتقاد ” أفأنت ُتكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ” ” ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” .. والأهم أيضا “وجادلهم بالتي هي أحسن “.
تشريع هذا القانون ليس إلا تشريع واضح لمنع التعددية وقبول الآخر .. وهو الأمر الذي ُتعاني منه مصر وكل المجتمعات العربية ..
ما يثيرني وُيقلقني في هذا الموضوع ما جاء في الخبر .. أن من تقدم به لبحثة وتشريعه نائب في البرلمان المصري النائب عمر حمروش , أمين اللجنة الدينية بمجلس النواب .. .. حاملآ لرسالة دكتوراه .. لم ُتسهم في تنويره او فهمه للمواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة المصرية ؟؟؟
وإشادة رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان الأستاذ محمد عبد النعيم على فكرة مشروع القانون مطالبا بسرعة الإنتهاء منه وتغليظ العقوبة على الظاهرة لتهديدها لشباب الوطن ؟؟ ُترى ما هي حقوق الإنسان حسب مفاهيمه ؟؟؟
ثم الدور الإعلامي الملتبس في التحريض حين إتصل الصحفي جمال عبد الرحيم العضو في لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصرية مستشهدا بأحد الأحاديث الضعيفة للمرتد ” من بدل دينه فاقتلوه ” في تحريض علني عليهم ؟؟؟
أقولها بصدق ومن كل قلبي بأن تمرير مثل هذا القانون الجائر يتدخل في حياة الإنسان وينتهك حريته في الإعتقاد ويفرض عليه تدينا كاذبا .. و سيزيد الأمور سوءا وتعقيدا .. إضافة إلى أنه سيُعرض العديد من المواطنين للإعتداءات التي قد تصل إلى القتل, لأنه ببساطة سيُعطي الحرية التامه للمواطن المؤمن بحقة في قتل الملحد على إعتبار انه مرتد ويخضع لإقامة الحد ؟؟؟
السؤال المهم .. هل لدى أي جهة قضائية القدرة على معرفة ما في الضمائر ؟؟ وإذا كان الجواب بنعم فلماذا ُيسمح بالتغاضى عن الشهادة الكاذبة المُبررة تحت إسم التقية وُيعاقب الآخر في مقتل وإنتهاك حقه في حرية المعتقد؟؟
سيدي القارىء ..
نعم أتمنى أن ترفض الدولة المشروع المُقترح تحت بند أن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج من ُيدافع عنه وأنه أكد الحرية الشخصية في الإعتقاد “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” وأنه وحده عليم بالقلوب.
المصدر ايلاف