النهار اللبنانية: روزانا بومنصف
علق ديبلوماسي غربي على المحاولات الاخيرة للرئيس السوري بشار الاسد لكسب تعاطف الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة او بالاحرى تعاطف الولايات المتحدة وحدها كونه انكر على الدول الاوروبية حقها في ان يكون لها رأي في الازمة السورية من خلال احاديث صحافية شبه يومية الى وسائل اعلام عالمية يحاول ان يظهر فيها تماثله مع الاهداف الاميركية في محاربة ” ارهاب ” القاعدة من جهة واكتساب موقع المنتصر من تسليمه الاسلحة الكيميائية التي يمتلكها نظامه الى الاسرة الدولية بأنه ” عمل متأخر جدا” في اشارة الى ان جهود الاسد لن تفلح في تبديل الموقف الدولي منه بعد مسؤوليته عما يزيد على 110 آلاف قتيل في بلاده وتهجير الملايين. الا ان امتداح وزير الخارجية الاميركي جون كيري قبل ايام النظام السوري لامتثاله لتنفيذ نزع اسلحته الكيميائية ترك استياء عبرت عنه الخارجية الاميركية من خلال التوضيح التي اصدرته حول استمرار الموقف الاميركي من الرئيس السوري وعدم تبدله. وهو موقف جديد لكيري بات يثير علامات استفهام خصوصا ان اتفاق الكيميائي مع موسكو جاء على اثر موقف لكيري تلقفه بسرعة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وحوله بسرعة الى اتفاق مما بات يثير تساؤلات كثيرة. وتجزم مصادر ديبلوماسية غربية بصعوبة لا بل باستحالة امكان تبييض النظام السوري صفحته بما يسمح له بالبقاء او الاستمرار في الحكم على رغم اقرارها بان مؤتمر جنيف 2 لن يعقد قريبا على غير ما تم الاعلان عنه او مواكبة للجهود التي تبذل على هذا الصعيد. لكنها تقر في الوقت نفسه بوجود فترة سماح تلقفها الرئيس السوري الذي نجح مع حلفائه الروس في الايحاء بان عرقلة التئام جنيف 2 يرتبط بضعضعة المعارضة في حين تساهم الولايات المتحدة والدول الغربية باشاعة ذلك علما ان العرقلة متأتية ايضا من النظام الذي اعلن وزير خارجيته انه لن يذهب الى مؤتمر جنيف من اجل ان يسلم السلطة. والجميع يعلمون بان النظام لن يسلم في ظل الظروف الراهنة التي مددت له استمرارية على الاقل حتى نهاية ولايته السلطة لحكومة انتقالية مراهنا على تطورات قد تمدد له سنوات اخرى في السلطة.
الا ان الولايات المتحدة وفق هذه المصادر كسرت جدار الثقة بينها وبين بعض الدول الاوروبية الاساسية كفرنسا مثلا كما كسرت جدار الثقة بينها وبين بعض الدول الاقليمية والعربية نتيجة صفقة الاسلحة الكيميائية التي عقدتها مع موسكو من دون الاخذ في الاعتبار ادراج ذلك من ضمن تسوية شاملة للازمة السورية. واذا كانت الدول الاوروبية قد استوعبت نسبيا الضربة او الصفعة التي تلقتها من الولايات المتحدة في هذا الاطار، فان المصادر تتحدث عن خلاف عميق بينها وبين بعض الدول العربية المحورية خصوصا ان دولا اوروبية شهدت زيارات لمسؤولين خليجيين كبار في حين ان الاتصالات ليست حيوية بين الدول الخليجية وواشنطن ويبدو واضحا ان الهوة تتسع بين الجانبين خصوصا على ضوء المواقف الاميركية من الملف النووي الايراني التي تنذر بمعالجة له مماثلة لملف الكيميائي السوري. اذ ان هذه الدول ساءها ان يزور كيري اسرائيل على اثر الاتفاق مع روسيا حول الاسلحة الكيميائية فيما لم يكلف نفسه عناء زيارة الدول الخليجية للغاية نفسها.
وفيما تتوجه الانظار راهنا نحو التطورات على الملف النووي الايراني وتبعا لذلك العلاقات بين الولايات المتحدة وايران، فان مراقبين يهتمون في المقابل بما اذا كانت واشنطن ستهمل علاقاتها مع دول الخليج بالتزامن مع اصلاحها مع ايران او انها ستحاول رأب الصدع مع هذه الدول قبيل اجتماع مجموعة الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران حول الملف النووي؟ وينسحب التساؤل ايضا على تطور الموقف الاميركي من الوضع السوري على رغم اقتناع غالبية المراقبين السياسيين والديبلوماسيين بان الازمة السورية مستمرة بغض النظر عن استحقاق الانتخابات الرئاسية السورية السنة المقبلة الذي يبدو وفق هؤلاء مجرد تفصيل هامشي.