تاريخ الإسلام المبكر القسم الأول
تاريخ الإسلام المبكر 6 عبد الملك بن مروان
اكتمال الدولة وبداية الإسلام
الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر
يرى البعض أن عبد الملك بن مروان قد يكون شخصية جاءت من الشرق ذات أصول ساسانية وتولى الحكم بعد أسرة معاوية. واليه ينسب الفضل في تثبيت دعائم الدولة الأموية. لكن لم تكن الدولة الأموية اهم إنجازات عبد الملك. شخصية عبد الملك المتحفزة المتوثبة للسلطة والسيطرة وقوة شخصيته وكاريزميته جعلته يلتفت إلى احدى اهم الضرورات اللازمة لضمان وحدة الدولة لإكمال السيطرة في المنطقة وكذلك ردع القوى الخارجية المجاورة له.
ويمكن أن يكون عبد الملك نصرانيا أو نسطوريا من بلاد الفرس جاء ليحكم في دمشق بعد أسرة معاوية. فالإسم ابن مروان يعني الرجل الذي من مرو وهي منطقة فارسية. لكن هذا الأمر غير ثابت بصورة قطعية. وعندما تسلم الحكم ضرب عملة ونقش عليها صورة لرجل وبيده سيف العدالة الناري للمسيح وكتب إلى جانب الصورة بالآرامية: هلفت الله وهي تعني: خليفة الله. كما أن العملة التي ضربها عبد الملك ثبت عليها عبارة توحيدية هامة مأخوذة من الناموس اليهودي: “اسمع يا إسرائيل الرب الهنا رب واحد” وبالعبرانية يهوه آخاد
Yahweh Elohenu Echad Shema Yisrae
l وترجمتها كانت: قل هو الله أحد. وفي الوجه الآخر: لا إله إلا الله وكتب حول الطوق: محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق.
انتبه عبد الملك إلى البيئة الدينية التي كانت سائدة في البلاد السورية. وربما لفت نظره ذلك التشظي الذي أصاب دين النصارى من حيث كثرة الفئات عندهم واتساع الفجوات بينهم. كان النصارى كما ذكر في فصل سابق تناول الهرطقات في القرون الأولى متمسكين اشد التمسك بشريعة موسى والناموس اليهودي. وكانوا يمثلون المسيحية اليهودية في مواجهة المسيحية الهللينية وبالتالي المسيحية المشرقية في مواجهة المسيحية الغربية التي تمثلها بيزنطة. ومع أن الدولة العربية الناشئة كانت بالكاد قد خرجت من عباءة الهيمنة البيزنطية إلا أن الأمر على ما يبدو راق لهذا الزعيم وتفتق ذهنه عن فكرة توحيد هذه المذاهب النصرانية على دين واحد يكون متوافقا مع دين موسى بحجة أن يسوع المسيح جاء ليكمل الناموس وبحجة أن المسيحية الهللينية انحرفت عن رسالة المسيح الأصلية وان الرسول بولس ارتد عن الإيمان القويم وصار من الواجب الآن الاقتداء بالأمة من بني إسرائيل التي آمنت بالإنجيل.
لا يوجد أي نص يثبت أو يشير بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أن عبد الملك بن مروان طلب من اكليروس النصارى أن يجمعوا له نصوصا يتم ترتيبها على شكل كتاب مصحف يعتمد في القراءات اليومية للصلاة يكون بمثابة الإنجيل النصراني في مواجهة الإنجيل اليوناني. كما لا يوجد أي إشارة في أي مرجع كان أن مثل هذا الكتاب اكتمل في عهد عبد الملك أو انه اتخذ شكلا نهائيا.
على ما يبدو تم جمع القراءات من نصوص سريانية كانت تستخدم في الطقوس الليتورجية اليومية والأسبوعية. وكان الغرض من هذه الكتابات أن تكون مفندة للعقيدة المسيحية الهللينية في المسيح وناقدة لقانون الإيمان الذي أقره مجمع نيقية وكذلك مثبتة ومؤكدة للعقيدة الموسوية في التوحيد والشريعة. وكما كان الإمبراطور في الغرب راعي الكنيسة الغربية صار عبد الملك رئيس الكنيسة الشرقية النصرانية. وكان شديد الاهتمام ومتمسك كثيرا بان تكون هذه النصرانية متوافقة إلى حد التسليم مع الشريعة الموسوية من حيث التوحيد الخالص والالتزام بطقوس تلك الشريعة من ختان ووضوء وصلاة وصوم وزكاة. وجعلت قبلة الصلاة نحو هيكل الرب في بيت المقدس.
لكن الهيكل كان مدمرا ومجرد أطلال. فما كان من عبد الملك إلا أن بنى هيكلا مصغرا عرف باسم مسجد قبة الصخرة جعله مركزا وقبلة ولم يجعل فيه محرابا وجعل الصخرة التي قيل إن يسوع جلد عليها أو صعد منها إلى السماء في داخل القبة. واستغل جدران مسجد قبة الصخرة الداخلية وكذلك الخارجية لوضع آيات من الكتاب الجديد تناوىء الإيمان النيقاوي وتشدد على إيمان النصارى فيما يتعلق بشخصية المسيح البشر الإنسان النبي الذي رفعه الله إليه.
كان اليهود يتجهون في صلاتهم نحو هيكل الرب في أورشليم. وأراد النصارى أن يتجهوا في قبلة صلاتهم إلى المكان ذاته. ولما كان الهيكل مدمرا وخرابا قام عبد الملك بإعادة بنائه وابتدأ بمسجد قبة الصخرة وجعلها قبلة صلاة وكعبة حج. واستغل عبد الملك جو الانفتاح الديني الذي كان سائدا فنقش على جدران القبة من الداخل نصوصا تتحدى عقيدة نيقية وتعلن عقيدة النصارى في بشرية يسوع وإنكار التثليث والفداء والتجسد والصلب والخلاص.
لماذا بنى عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة وجعلها قبلة للصلاة ولم يتخذ مكة كذلك؟ بكل بساطة لان مكة لم تكن شيئا مهما في ذلك الوقت كما أن سلطانه لم يكن ممتدا إلى هناك. ربما كانت مدينة قائمة وفيها كعبة ويطوف حولها الناس للتبرك والصلاة. وربما كان في مكة نصارى انتشرت عندهم العقيدة الجديدة والكتاب الجديد. ولكن نهض في مكة زعيم يناوىء عبد الملك ويدعي الملك وحماية الدين. وجعل من كعبة مكة قبلة حج يطوف حولها المؤمنون. فما كان من عبد الملك إلا أن بنى مسجد قبة الصخرة وجعله كعبة للطواف من الداخل والخارج وقبلة للصلاة.
استفرد زعيم مكة بالسلطة فيها وجعل كعبتها قبلة ونازع عبد الملك. وكأنه أراد أن تكون الزعامة للحجاز بدلا من الشام. فأهل الحجاز الذين عملوا في جيوش بيزنطة ومن بعدهم في جيوش الدولة الناشئة ومن ثم عادوا إلى موطنهم أرادوا أن يكون لهم شرف القيادة والزعامة. وصفت بعض المراجع زعيم مكة الذي عرف باسم عبد الله بن الزبير بانه كان مزيجا عجيبا من عدد من العناصر يحركها طموح شخصي وصراع قبلي التقتا في نفسه وشخصيته. وقد جرد عبد الملك حملة عسكرية قاسية ضد ابن الزبير ودمر كعبة مكة وأسقط تمرد ابن الزبير.
ولكي يصرف عبد الملك بن مروان أذهان الناس عن كعبة مكة أثناء قتاله ابن الزبير بنى مسجد قبة الصخرة. وجعل ثمة قداسة كبرى لبيت المقدس مع أنها لم تكن تحظى باي قداسة أو مجرد أي اهتمام. ومع اكتمال بناء مسجد قبة الصخرة كان الإسلام الذي نسق جهوده عبد الملك قد تبلور ولكن ليس كدين مستقل ولكن كمحاولة لبلورة النصرانية السائدة وإحياء ملة إبراهيم.
لقد جعل مسجد قبة الصخرة مسجدا بثمانية أضلاع وقبة عريضة بدون أي محراب يتوجه نحو كعبة مكة لأنه هو الكعبة التي كانت قبلة للصلاة. كما كانت وفق طريقة البناء هدفا للطواف حولها بدلا عن كعبة ابن الزبير. وكان في المبنى اثنا عشر عامودا تشير إلى أسباط بني إسرائيل. أما الصخرة فهي التي صعد منها يسوع إلى السماء وقيل كذلك أنها الصخرة التي صارع فيها يعقوب الرب وفق ما يذكر العهد القديم.
بنيت قبة الصخرة على نمط كنيسة بيزنطية لتكون مهوى أفئدة النصارى ومضاهاة لكنيسة القيامة. ولم ترتبط قبة الصخرة بقصة الأسراء والمعراج إلا في القرن الثامن الميلادي عندما ظهرت قصة الأسراء في الموروث الإسلامي. أما في زمن عبد الملك وبداية الإسلام فقد كانت تحتوي آيات لا علاقة لها بالإسراء والمعراج. والآيات المنقوشة الآن أضيفت في أيام السلطان العثماني عبد الحميد عام 1876 وليست هي آيات النقش الأصلية.
مع بناء مسجد قبة الصخرة في القدس التي قصد منها أن تكون قبلة النصارى في مواجهة كنيسة القيامة قبلة المسيحية الهللينية الأرثودوكسية بدأت الأوضاع تتغير وبدأت النصرانية العربية تأخذ شكلها وصورتها. وان لم يكن يقصد منها أن تكون دينا مستقلا إلا أنها سارت في هذا الاتجاه بموجب تصاعد الأحداث بصورة ربما لم يقصدها عبد الملك ولا خلفاؤه من بعده لكنها هكذا حدثت. فإن كانت كنيسة القيامة للمسيحيين الهللينيين فإن قبة الصخرة للعرب النصارى المتهودين بزعامة عبد الملك بن مروان.
بني مسجد قبة الصخر على جبل الهيكل حيث كان هيكل اليهود الذي دمره الرومان. والقصد كان رغبة عبد الملك لإثبات تفوق عقيدته على اليهود وعلى المسيحيين. وفرض على اتباع العقيدة التوجه في صلاتهم نحو بيت المقدس. وقد ظلوا على ذلك ست عشرة سنة كما يذكر الموروث الإسلامي وقبل تحويل القبلة نحو مكة بعد السيطرة عليها وإعادة بناء الكعبة التي دمرها الحجاج أثناء الحرب مع ابن الزبير.
فالآيات التي نقشت في الأصل قصد منها مجادلة المسيحية الهللينية من حيث طبيعة السيد المسيح وإنكار ألوهيته وبنوته لله وإقناع الناس بعقيدة النصارى في بشرية يسوع. تحمل تلك الآيات شهادة التوحيد ولكن بقصد مختلف. فمن حيث هي ترجمة لنص سرياني كان معروفا في الأصل عند نصارى الشام تبدو وكأنها شهادة التوحيد الإسلامية الحالية. لكن مراجعة النص بتمعن تعطي معنى مختلفا.
الآيات صارت من سورة مريم وتتحدث عن بشرية يسوع المسيح معلنة أن عيسى ابن مريم رسول الله وعبده وليس ابنه على أي حال. ما نقش على جدران قبة الصخرة في عصر عبد الملك يؤكد على فصل النصرانية نهائيا عن بيزنطة ويرسم الحدود الجديدة بينها وبين باقي الأديان الإبراهيمية. صحيح أن النصرانية هي المسيحية اليهودية المسلمة لشريعة موسى وناموس اليهود لكنها مختلفة من حيث إيمانها بالمسيح النبي البشر.
ينكر النص المنقوش على جدران القبة من الداخل عقائد التجسد والفداء والخلاص ويعرض بما يسميه الغلو المسيحي في تأليه يسوع وهذا بسط لعقيدة النصارى في المسيح. ويرى كريستوف لوكسنبرغ صاحب كتاب قراءة سريانية للقرآن أن نقش قبة الصخرة نص نصراني بامتياز يتحدث عن يسوع وكلمة محمد ليست اسم علم هنا لكنها تعني تحميد وتمجيد عبد الله ورسوله عيسى. فالنصارى في الشام كانوا يرون يسوع مجرد خادم وعبد لله ورسول مع انه كلمة الله وروح منه أيضا. لكن نصرانية الشام كانت تنأى عن التأليه والغلو وتلوم المسيحية الهللينية وخاصة بعد مجمع نيقية على تأليه يسوع وجعله ابنا لله ومساويا له.
يورد لوكسنبرغ نقلا عن غرابر تفاصيل النص الذي نقشه عبد الملك على جدران مسجد القبة. طبعا هذا النص نقش بالترجمة العربية المنقطة وليس بالأصل السرياني الذي كتب فيه لو كان مكتوبا على شكل آيات في القراءات المجمعة.
تبدو آيات قبة الصخرة التي وضعها عبد الملك بن مروان التحدي النصراني للمسيحية الهللينية. مؤكدا في هذه الآيات على إنسانية يسوع وبنوته على الطريقة الإبراهيمية واصفا إياه بالرسول والعبد. وتبدو من ناحية ثانية وكأنها بيان من زعيم ديني موجهة إلى اتباع دين أخر يجادلهم في عقيدتهم ويطالبهم الإيمان بما يؤمن به. وقد أضيفت فيما بعد إلى النص القرآني كما هو معروف.
يبدا النص بالبسملة التي كانت معروفة عند السريان، ” بشم ألوهو رحمانو رحيمو “. وهي هكذا باللغة العربية:
1ـ بسم الله الرحمن الرحيم/لا إله إلا الله وحده لا شريك له/ له الملك وله الحمد/ يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير/ هذا المقطع يتطابق مع القرآن آية 2 سورة الحديد.
2ـ محمدٌ عبد الله ورسوله/ إن الله وملائكته يصلون على النبي/يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما/صلى الله عليه والسلام عليه ورحمت الله/ جزء من المقطع يعود للقرآن (الأحزاب آية 56).
3ـ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق/ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه/فآمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة/ انتهوا خيرا لكم/ إنما الله إله واحد/سبحانه/أن يكون له ولد/له ما في السماوات وما في الأرض/وكفى بالله شهيدا (النساء آية171)
4ـ لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون/ومن يستنكف من عبدته ويستكبر فسيحشركم إليه جميعا/ (النساء آية 172).
5ـ اللهم صلي على رسولك وعبدك عيسى ابن مريم/ والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعث حيا/ ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه تمترون/ما كان لله أن يتخذ من ولد/إذا قضى أمرا يقول له كن فيكون/إن الله ربي وربكم فاعبدوه/هذا صراط مستقيم (مريم آية 33ـ 36).
وثمة مصادر أخرى تورد نصوصا إضافية من مثل: قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، محمد رسول الله صلى الله عليه إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.
التساؤل الكبير يبرز هنا عن سبب كراهية نصارى الشام للمسيحية الهللينية؟ فالبيزنطيون الذين انسحبوا من البلاد ومنحوا أسرة معاوية فرصة الحكم يفترض أن يكونوا حلفاء لهذه الأسرة. والتحالف السياسي قد يستتبع تحالف ثقافي وديني. ولكن يبدو أن الاستقلال العربي لم يكن بكامل إرادة البيزنطيين وانما كان قبولهم به قبول الأمر الواقع.
فالتاريخ يخبرنا أن معاوية الذي دفع الجزية للبيزنطيين في فترة ما عاد وحاربهم في الثغور وكذلك فعل عبد الملك. وبما انه كان متسلحا بعقيدة منتشرة وسائدة ولها مؤيدوها وأنصارها في البلاد تجرأ وواجه العقيدة المسيحية التأليهية التي تبناها مجمع نيقية. وعندما لم تكن عقيدة أهل الشام واضحة وسائدة وليس لها كتاب وقيادة لم تأبه بها الدولة البيزنطية. ولكن بعد تجميع النصوص الكتابية في مصحف قراءات على المذهب النصراني بدأت مخاوف بيزنطة وربما بتحريض من المسيحيين في القدس. فكان تحدي عبد الملك ببناء قبة الصخرة وإثبات إنسانية يسوع وبشريته عبر بيان أضيف فيما بعد إلى مصحف النصارى على شكل آيات في سور متناثرة عبر الكتاب.
اشتداد كراهية عبد الملك ورعاياه للدولة البيزنطية وعقيدتها ربما كان نابعا من هزائمهم المتكررة أمام قوات بيزنطة. فكان الانتقام عبر الفصل النهائي مع عقيدة بيزنطة وإثبات انتساب العقيدة النصرانية المسلمة للشريعة الموسوية والناموس التوراتي على ملة إبراهيم. من هنا نفهم عبارة عبد الملك على جدران قبة الصخرة: إن الدين عند الله الإسلام قاصدا مخاطبة بيزنطة بان دينه هو الصحيح لأنه يتطابق مع اليهودية والعهد القيم بينما دين بيزنطة يناهض اليهودية.
بعد القرن السابع وعند بداية الثامن احتاج القادة السياسيون الذين أقاموا الدولة إلى عقيدة دينية لتوحيد الإمبراطورية الجديدة. فبدأ الأمويون الذين أسسوا تلك الدولة يتحدثون أكثر عن الإسلام ونبي الإسلام وكتاب الإسلام. كانت الإمبراطورية الأموية بحاجة إلى بطل أسطوري تقيم الدولة عليه. ولمنافسة ديانة الروم والفرس احتاج الأمويون إلى الإسلام الذي سيضمن لهم ولاء الشعوب. وتقدم الأيدولوجية السياسية أفضل تفسير لاختلاق الدين. فالإمبراطورية العربية احتاجت ذلك لضمان السيطرة على مساحات واسعة ضمتها إليها فكانت المظلة الدينية التي تبنتها هي الأداة التي تخضع لهم الشعوب وتوحدها في ديانة تجمع ما بين اليهودية والمسيحية ولكن ببساطة شديدة لا ترهقهم لا فكريا ولا ماديا.
طوال عهد الأمويين ظل الدين الجديد وان لم يعرف على انه دين مستقل ظل مرتبطا بالإبراهيمية باليهودية بصورة أو بأخرى إلى أن وقع الانفصال التام بعد انهيار الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية في منتصف القرن الثامن وقيام الإسلام الرسمي.
تاريخ الإسلام المبكر 7 كعبة مكة وقِبلة القدس
أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟
وما جعلنا القبلة التي كنت عليها
إلا لنعلم من يتبع الرسول ومن ينقلب على عقبيه
وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض
كانت قبة الصخرة التي بنيت على جبل الهيكل قبلة الصلاة للنصارى. وكانت الدولة الأموية محدودة في بلاد الشام. وكانت محاولات عبد الملك في التوسع نحو الحجاز قد اصطدمت بثورة ابن الزبير الذي كان يتبع النصرانية على ملة إبراهيم أيضا ويريد أن يكون مركزها مكة وجعل فيها كعبة يحج إليها الناس للتبرك والصلاة.
في الوقت الذي جعل فيه ابن الزبير مكة مركزا دينيا وبنى كعبتها كان عبد الملك يبني قبة الصخرة في القدس. وحيث لم يعجبه تفرد ابن الزبير في مكة فقد أرسل إليه أحد اشد قادته قسوة: الحجاج بن يوسف.
وصل الحجاج مكة وحاصرها وقصف الكعبة بالمنجنيق ودمرها. وقتل ابن الزبير اشد قتلة. تقول لنا الروايات التي كتبت فيما بعد انه بعد أن قتله قطع راسه وأرسله إلى عبد الملك وعلق جثته مصلوبة أياما عدة إلى أن تشفع له عبد الله بن عمر على ما تقول الروايات إذ قال للحجاج: أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟ فانزله وتم دفنه.
لماذا كان ابن الزبير يرى نفسه أحق بزعامة النصارى؟ في الواقع إن هذا الإسم قد لا يكون حقيقيا. ولكن الحقيقي أن زعيما من زعماء الحجاز اتخذ مكة مركزا ونازع الأمويين السلطة الدينية والسياسية. وبعد أن فرض الحجاج سيطرة عبد الملك على مكة وعبرها على الحجاز كله، وتخلص من كل أعوان ابن الزبير قام اكليروس عبد الملك بمراجعة ما كان ينادي به ابن الزبير ويعلنه للناس. لقد كان لدى ابن الزبير كتابه الذي يبشر به بين الناس فتبناه عبد الملك وضمه إلى كتابه الذي جمعه في الشام. وبحكمته وحنكته وبمكر الحجاج ودهائه تم تحويل قبلة الصلاة من قبة القدس إلى كعبة مكة حتى لا تكون كعبة ابن الزبير هدفا يقسم المؤمنين ولكي يكسب قلوب وعقول أهل الحجاز الذي كان بأمس الحاجة إلى سيوفهم في تعضيد ملكه وفرض سطوته على ما جاوره من بلدان وشعوب.
بحسب المرويات الإسلامية كانت مكة مهد الإسلام. ولكن الغريب أنها لم تذكر بهذا الإسم ولا بهذه الصفة طوال الفترة السابقة على انتصار عبد الملك على ابن الزبير وضم الحجاز إلى مملكة الأمويين. كما أن اسم مكة لم يذكر في المصادر غير الإسلامية المعاصرة للفترة التي يقال إن الإسلام الرسمي ظهر فيها. وتقول بعض المراجع الحديثة التي بحثت في قصة مكة أنها ليست كما ذكرت المرويات الإسلامية المتأخرة. فهي لا تقع على طريق التجارة بين اليمن والشام بل كانت القوافل تمر على بعد مئة ميل منها. ولو كان هناك مدينة عامرة في مكة وذات تجارة واسعة ورجال أعمال كبار فمن المفترض أن يكون لها ذكر في سجلات عملائهم الذين كانوا يزودونهم بالبضائع والسلع.
وإذ تتحدث المصادر الإسلامية عن تجارة قريش مع الروم فإن المصادر البيزنطية لا تذكر شيئا عن أي تجارة مع عرب الحجاز. وبعد بحوث مضنية خرجت الباحثة الأوروبية باتريشيا كرونة بنتيجة خطيرة: إن “محمد” لو كان حقيقيا فإنه لم يظهر في مكة بل في مكان ما في شمالي غربي الحجاز أقرب ما تكون إلى بلاد الشام، وهي تشير أحيانا إلى منطقة ما بجنوبي الأردن.
من الغريب أن يبقى العرب لأكثر من مئة سنة بعد التاريخ المفترض لظهور الإسلام لا يعرفون مكة. لا يوجد أي أثر أركيولوجي يبرهن على وجود مكة قبل فترة عبد الملك بن مروان ولا يوجد أي أثر يدل على أنها كانت ممرا تجاريا مهما ورئيسيا بين الجنوب والشمال. وهي إن وجدت فلم تكن مدينة يسهل الوصول إليها وربما من هذا الباب اتخذها ابن الزبير ” أو زعيم نصارى الحجاز” ملجا وحصنا يناوىء منها سلطة عبد الملك.
الرواية الإسلامية تقول إن مكة كانت منذ أيام إبراهيم وإن إبراهيم وابنه إسماعيل هما اللذان قاما ببناء الكعبة. لكن التاريخ لا يذكر شيئا عن مكة حتى القرن الرابع للميلاد. وبعد ذلك ليس هناك أي إشارة في أي مصدر غير إسلامي إلى هذه المدينة إلى أن ذكرت في المرويات الإسلامية على أنها مركز تجاري مهم ومهد الدين الجديد. كما انه لا يوجد أي دليل على أن مدينة مكة كانت موجود في زمن محمد المفترض.
وبحسب سليمان بشير هناك من الحقائق والأدلة التاريخية ما ينبه إلى أن دخول مكة الإسلام وتحولها إلى أهم مركز لشعائره وإلى عاصمته الدينية على الإطلاق لم يتم في الواقع إلا في الربع الأخير من القرن الهجري الأول وربما كان ذلك بواسطة الاحتلال العسكري الأموي المباشر زمن عبد الملك بن مروان.
في بحث طويل ودقيق يستغرب الدكتور رأفت عماري أن مدينة قديمة دينية تعد مركز التوحيد بحسب الإسلام لا ينتبه إليها أحد في القرنين الثالث والرابع خصوصا في ضوء الادعاء بوجود معبد كبير فيها هو الكعبة. مع أن اليونان أحصوا كل معبد على وجه الأرض لكن مكة لم تذكر ولم يعرف شيء عن الكعبة. ولو كان الادعاء الإسلامي بان مكة كمركز لديانة التوحيد موجودة منذ أيام إبراهيم فإنها حينئذ ستلفت نظر العابدين من القبائل العربية وخصوصا في اليمن. كما أنها ستكون محط اهتمام بعثات الإسكندر. ولم تكن أي مدينة أخرى أكثر أهمية منها ليحدثوا عنها زعيمهم الذي عرف عنه اهتمامه الشخصي بالأديان وبتاريخ الشعوب. كما انه من المستغرب أن اسم مكة مفقود من على الخرائط القديمة. صحيح أن الخرائط لا تبين كل مدينة وقرية وناحية ولكنها بالتأكيد تذكر وتشير إلى الأماكن المهمة المشهورة. من العجب انه ليس من خريطة واحدة قبل عام 900 للميلاد ذكرت اسم مكة.
تقول باتريشيا كرونة في كتابها: تجارة مكة وظهور الإسلام، إن مكة كانت بقعة جرداء والأماكن الجرداء القاحلة من الطبيعي ألا تكون محطة تجارية مريحة. وإن وجدت مثل هذه المحطات فقد تتوفر على مسافة مجاورة لمحيط أخضر. فلماذا تنزل القوافل في طريق شديد الإنحدار إلى مكان قاحل مثل مكة بينما بإمكانهم التوقف في منطقة الطائف الخضراء الغناء.
هذا جانب من جوانب البحث العجيب في سيرة مكة. ولكن ثمة حقائق أخرى أكثر غرابة. إن مكة بهذا الإسم قد تكون فعلا مدينة تجارية هامة ولكنها ليست في الموقع الذي هي فيه الآن. فالموروث يقول إن مكة تقع في وادي غير ذي زرع وأن بالقرب منها ثمة مجرى مائي صغير. لكن هذا ليس حال مكة المعروفة اليوم. هذا الوصف ينطبق على مكان آخر قريب من مدينة البترا في جنوبي الأردن. يشير أحد الباحثين إلى أن الكعبة التي دمرها الحجاج قد لا تكون في مكة. بل في منطقة البترا. فهناك وجدوا حجارة المنجنيق ولم يجدوا أي حجارة منجنيق في مكة.
ولكن مهما يكن من أمر مكة وسواء كانت الكعبة فيها أم في البترا فإن عبد الملك بحسب المرويات الإسلامية قام ببناء قبة الصخرة لتكون كعبة وقبلة ومحـجا للمؤمنين الذين جمع شملهم بكتاب جديد. يقول اليعقوبي: ومنع عبد الملك أهل الشام من الحج وذلك أن ابن الزبير كان يأخذهم بالبيعة فلما رأى عبد الملك ذلك منعهم من الخروج إلى مكة فضج الناس. فقال لهم: هذا ابن شهاب الزهري يحدثكم أن رسول الله قال لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد… المسجد الحرام ومسجدي ومسجد بيت المقدس وهو يقوم لكم مقام المسجد الحرام. وهذه هي الصخرة التي يروى أن رسول الله صعد منها إلى السماء تقوم لكم مقام الكعبة. بطبيعة الحال هذه رواية إسلامية متأخرة، ولكن لنلاحظ المفردات المستخدمة: ليس فيها أي ذكر لاسم محمد، وفيها حديث عن الصعود. ويقال إن الصخرة التي بنيت عليها القبة هي الصخرة التي صعد منها يسوع المسيح إلى السماء. وكان النصارى يعتبرون المسيح عبد الله ورسوله.
لفترات طويلة كانت كثير من المساجد تتجه في قبلتها بعيدا عن كعبة مكة. الآثار الأركيولوجية المكتشفة في المساجد التي بنيت لغاية القرن الميلادي الثامن تشير إلى أنها كانت تتجه ناحية مكان يقع إلى الشمال من مكة. فهل هي البترا؟ أم بيت المقدس؟
مسجد الكوفة المبني سنة 670 للميلاد يتجه في قبلته نحو الغرب وليس الجنوب. كما أن مخططات مسجدين من العصر الأموي في العراق، مسجد واسط ومسجد بغداد تشير إلى أن القبلة باتجاه الشمال وليس مكة. وفي رسالة من يعقوب الأوديسي وهو شاهد عيان ورسالته موجودة في المتحف البريطاني، يقول إن العرب في مصر يصلون باتجاه الشرق نحو أراضي آبائهم الأصليين، نحو فلسطين وليس نحو مكة. كما أن مسجد المشتى في الأردن وهو منطقة فيها قصر أموي، يتجه في قبلته نحو البترا وليس مكة.
كما يشير البلاذري إلى أن بعض مساجد الكوفة كانت تتجه في قبلتها نحو الغرب وليس نحو مكة. وفي المئة سنة الأولى من عمر الإسلام الرسمي كانت المساجد تتجه نحو البترا ولكن بعد عام 207 للهجرة صارت كل المساجد تتخذ كعبة مكة قبلة لها.
تقع البترا جغرافيا شمالي المدينة المنورة، يثرب، أما مكة فتقع جنوبها. ويلاحظ دان جبسون انه عند وقوع معركة المدينة فإن الجيوش هاجمتها من الشمال ودافعت المدينة عن نفسها من خلال خندق في شمالها. وعندما هاجمت جيوش المدينة “المدينة المقدسة” يقصد مكة فإن الجيوش سارت نحو الشمال. وهذه مواصفات تدل على أن المدينة المقدسة تقع في الشمال.
براهين عديدة على أن الحرم كان في شمال الحجاز، القدس الفلسطينية وليس مكة الحجازية حتى بداية القرن الميلادي الثامن. وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون المسلمون الأوائل مخطئين في اتجاه القبلة وإنما كان مفروضا عليهم اتباع القبلة التي يرضاها الحاكم. والتغيير الذي حصل في تحويل القبلة من بيت المقدس باتجاه كعبة مكة، لم يحدث في السنة التي تشير إليها المرويات الإسلامية الرسمية وهي سنة 624 للميلاد وإنما تم ذلك بعد انتصار عبد الملك على ابن الزبير وضم الحجاز إلى ملكه وفرض العقيدة الجديدة بالإسم الجديد على كل مناطق مملكته. وتم بعدها هدم كثير من المساجد وإعادة بنائها للتوافق مع القبلة الجديدة.
هناك أدلة على أن الحجاز ومكة لم تكن مهد التوحيد العربي الذي تطور إلى الإسلام. فأول نص عربي يحاكي نص القرآن وجد في منطقة الطائف حوالي سنة 660 م بينما الاكتشافات الأثرية في الحجاز لم تثبت وجود الجاهلية. وهذا يشير بوضوح إلى أن التوحيد العربي لم ينطلق من بطحاء مكة بل من منطقة ما بين سورية وفلسطين. ولكن غرض تعريب الدين احتاج انتسابه إلى منطقة عربية خالصة. لذلك فإن عملية تعريب الإسلام وازدياد وزن العرب فيه دفع إلى تبني مكة. رغم عدم وجود إشارات تدل على تحديد موقع الكعبة فعليا غير أن الكشوف الأثرية في مسجدين أمويين في العراق تشير إلى انهما كانا منحرفين باتجاه اليمن.
خلاصة القول إن مكة لا يمكن أن تكون المسرح الذي نشا عليه الإسلام. فالقبلة كانت القدس وما زالت كثير من المساجد تكتشف وقبلتها متجهة نحو القدس. لكن الانتقال من قبلة القدس إلى قبلة مكة لم يكن فقط لاسترضاء اتباع ابن الزبير وبناء سيرة جديدة تستهوي الأتباع ولكنها كانت أيضا لتكريس الإنفصال النهائي عن اليهودية التي توافقت معها النصرانية الشامية.
في عام 2002 سال دان جبسون مؤلف كتاب مكة في جغرافية القرآن، سأل عدة علماء آثار عرب عن سجل الآثار حول مكة. من المؤسف أنهم لم يرغبوا في إعلان أسمائهم لكنهم اتفقوا على أنه لا يوجد أي سجل آثار لمكة قبل سنة 900 للميلاد. لقد افترض جبسون أنهم سيبلغونه عن مدينة قديمة ذات أسوار كانت هناك مليئة بالبيوت والجنان والمباني والمعابد لكنهم قالوا: لا… لم يوجد أي شيء من مثل ذلك.
تاريخ الإسلام المبكر 8 القرآن العربي
(تاريخية النص القرآني)
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم
ثم يقولون هذا من عند الله
لم يكن ينقص العرب بعد أن أقاموا الدولة وسيطروا على جوارهم إلا كتاب ينسبونه إلى السماء، كما هي حال الأمم التي حولهم، يكون بلغتهم وأبجديتهم يرون فيه محليتهم ويقوي فيهم عصبيتهم العربية ليتكتلوا حوله كأمة ناشئة فتية تبحث عمن ينقذها من صراعاتها المحلية وينقلها إلى ساحة السياسة الدولية.
من المعروف أن اللغة السريانية وهي لغة شقيقة للعربية كانت سائدة في جميع أنحاء البلاد السورية وكذلك في العراق. وكان منها السريانية الشرقية التي يتكلم بها الأشوريون ومنها السريانية الآرامية التي يتكلمها أهل الشام. وعندما سعى عبد الملك والسلطات الدينية في عصره لجمع كتاب بلغة أهل البلاد يوضح الفكرة النصرانية والعقيدة التوحيدية التي يؤمنون بها في مواجهة المسيحية الهللينية استعملت الكلمة التي يستعملها السريان في وصف كتاب القراءات الليتورجية: قريان.
إن رواية جمع القرآن التي تحدث عنها الموروث الإسلامي وأفرد لها فصولا طوالا وناقشها المستشرقون والباحثون قد لا تعدو كونها قصة إكليروس عبد الملك في جمع القراءات الإنجيلية والتوراتية التي كانت سائدة في بلاد الشام. منها الأناجيل القانونية وتوراة موسى ومنها الأناجيل المنحولة والأساطير التي نشأت حول العقيدة المسيحية وقصص القديسين وخلق العالم وغيرها من القصص التي يسهل رصدها وتعيينها ومعرفة أيها استخدم في أي قصة قرآنية.
طفق المكلفون بالجمع يجمعون القصص التوراتية والإنجيلية ويسمعون من الناس ومما هو محفوظ في اللوح. أي لوح هذا؟ اللوح المحفوظ لا بد أنه نسخة من التوراة باللغة الآرامية كانت محفوظة في مقر كنيسة أنطاكية ونسخ منها بعض الروايات والقصص التوراتي والإنجيلي. ويرى أبو موسى الحريري في كتابه عالم المعجزات: بحث في تاريخ القرآن أن اللوح المحفوظ هو كتاب موسى من قول القرآن نفسه: ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة، ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما. وكتاب موسى الإمام قد يكون هو أم الكتاب إذ يصرح القرآن انه في أم الكتاب لدينا. على أي حال كانت قصة جمع القراءات في قريانة واحدة على شكل مصحف هدف يقصد به مناصرة العقيدة النصرانية في مواجهة العقيدة المسيحية. وتم هذا من خلال جمع كل النصوص التي تتحدث عن ضرورة موافقة العقيدة لشريعة موسى من أجل إقامة التوراة والإنجيل معا بعيدا عن غلو المسيحية الهللينية في تأليه يسوع، وبعيدا عن عقيدة الخلاص المسيحية التي بشر بها بولس الذي اعتبروه مرتدا عن شريعة المسيح وموسى.
لم يتقصد النصارى وضع إنجيل جديد ولا كتاب جديد ولكن أرادوا أن يجمعوا من كل ما يتوفر حولهم نصوصا تعلم الناس العقيدة الجديدة المتوافقة أو التي يجب أن تكون متوافقة ومسلمة بشريعة موسى وتوراة اليهود وإنجيل متى الذي وضع للعبرانيين لكي يعرفوا قصة يسوع استنادا إلى مراجع متى العبرانية من توراة وتلمود وتقليد عبراني كان معروفا في عصره.
بالنظر إلى كل هذه الحقائق تبدو قصة التنزيل السماوي للقرآن ضعيفة ولا يمكن أن تصمد أمام البحث الدقيق. فالبحوث الأركيولوجية لا تدعم وجهات النظر التقليدية بشأن ما يسمى حفظ النص القرآني. فمعظم المخطوطات القديمة وجدت بعد الوقت المفترض لجمعها من قبل عثمان بحوالي مئة سنة على أقل تقدير. وكثير منها يختلف عن النص المتداول حاليا والتي تعد النسخة النهائية المعتمدة. من بعض النسخ التي يعتقد أنها من الأقدم للمخطوطات القديمة ما يعرف بنسخة اسطنبول ونسخة سمرقند لكن الخبراء ينفون أن تكون تلك المخطوطات أصلية فعلا أو أنها من عصر عثمان.
ترى الرواية الإسلامية الرسمية أن القرآن هو عين كلام الله جاء به جبريل مباشرة من اللوح المحفوظ ولقنه للرسول. والنص الموجود حاليا في رأيهم هو نفسه حرفيا وشكليا الذي أنزله الله مع جبريل ووصل إلينا كما هو عبر التواتر والحفظ. ويرى المفكر التونسي منصف بن عبد الجليل في ندوة حول تاريخية القرآن أن “المسلمين يعتبرون القرآن كلام الله المنزل على محمد بدون أي تدخل بشري بلغة عربية بليغة سليمة معجزة. ووحدة القرآن تشكل مفهوميا مثل وحدة الله”. والمسلمون يؤمنون بهذا إيمانا يقينيا لا يأتيه الشك ولو مجرد قيد أنملة.
لكن كثيرا من الباحثين الموثوقين يرون أن أول نص قرآني متكامل جاهز للقراءة كما هو الآن موضوع في القرن العاشر الميلادي بينما المخطوطات الأخرى السابقة على هذا التاريخ تحمل قراءات مختلفة مثل نسخة صنعاء. ولذا يميل كثير من الباحثين إلى أن القرآن نص تم تأليفه وتحريره وتنقيحه من قبل عرب سوريا والعراق وفيه قراءات مختلفة واحتاج قرونا ليظهر في نسخته النهائية التي نعرفها اليوم.
فمعظم النسخ المكتشفة “باللغة العربية” تعود للقرن الثامن الميلادي على أقدم تقدير. نصوص منسوخة بالخط الكوفي وهو خط ظهر في أواخر القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر وهو خط قليلا ما كان مستخدما في أماكن أخرى من العالم الإسلامي إلى أن استبدل بخط النسخ.
لذلك يمكن القول باطمئنان أن القرآن احتاج على الأقل إلى مئة سنة من التنقيح والتعديل إلى أن ختم بنص نهائي معتمد. وهناك إشارات من الباحثين والعلماء إلى أن أكثر من مؤلف تدخل في كتابة القرآن. والقرآن الموجود الآن لا يمكن أن يكون نفسه الذي بدأت كتابته في القرن السابع كما أنه بالتأكيد ليس قرآنا نزل من السماء على نبي في مغارة مكة. ومع أن الرواية الإسلامية التقليدية تصر على أن القرآن هو عين كلام الله غير أن الدلالات والبراهين التاريخية صارت موضع تحدي غريب في الزمن الأخير. فالمخطوطات والوثائق والبراهين الأيديولوجية أخفقت في إثبات كثير مما يعلنه الإسلام.
هل يمكن أن يكون عثمان بن عفان هو رئيس الفريق الذي كان كبير كتابه زيد بن ثابت الأنصاري؟ ربما. فالرواية التي تتحدث عن إشراف عثمان على جمع القرآن وكيف نقحه وحرق النسخ الأخرى توحي بسلطته وصلاحيته في فعل ما فعل. وبطبيعة الحال نقلت الرواية الإسلامية الحدث إلى زمن آخر ومنحت هذا الشخص صفة الخليفة وما إلى ذلك من قصة معروفة.
صدق كثيرون على مدى مئات السنين الرواية الإسلامية بشأن نزول القرآن ولكن لا براهين على ذلك بل كل المؤشرات تدل على أن القرآن كان نتاج عملية تطور نصي. وفي الوقت الذي يفترض فيه وفاة النبي وباعتراف كتب الموروث الإسلامي كلها لم يكن القرآن مجموعا في مصحف ولو كان كذلك لما طلب عثمان من زيد القيام بذلك. وعندما قام باحثون في الإسلام بكل جرأة بالتدقيق في الأصول والمصادر الإسلامية تم الكشف عما يمكن أن يثير الشك والتساؤل حول كثير من الأمور التي كانت بمثابة مسلمات بشأن الإسلام ومحمد والقرآن.
في كتابها الهاجريون تقول باتريشيا كرونة انه لا يوجد أي دليل على وجود القرآن قبل نهاية القرن السابع الميلادي وقد تم الانتهاء من نص القرآن في عام 705 على يد الحجاج في العراق. لقد جمع الحجاج كل كتابات الهاجريين ووضع بدلا منها ما أراد على حسب أهوائه. ومن هنا بدأ وضع وتأليف القرآن ولم تنته هذه العملية قبل منتصف أو آخر القرن الثامن الميلادي.
تعترف مصادر إسلامية متأخرة أن الحجاج تلاعب في النص القرآني على هواه. ويورد السجستاني في كتابه المصحف تحت باب ما غير الحجاج في مصحف عثمان ويحصي له أحد عشر موضعا. وهذه الأعمال لا تسيء إلى الحجاج بل تظهره قويا على قدرة وفهم سمح له بالتجرؤ على المقدس في إطار مشروع بناء الدولة الذي كان يعمل على إنجازه. وينسب إلى الحجاج قيامه بكثير من التبديل والتغيير في القرآن وإتلاف النسخ المخالفة.
ظل القرآن يخضع لعملية تأليف وتنقيح وتحرير وإعادة كتابة طوال عشرات السنين. فهو اعتبر في البداية كتاب قراءات ولم يقصد به كتاب تشريع أو كتابا يكون بديلا عن التوراة أو الإنجيل العبراني الذي كان معتمدا لدى النصارى. ومجموعة النصوص التي وضعت فيه واعتمدت في وقت لاحق كان فيها نصوص ريما وجدت قبل العصر الذي يفترض فيه وجود النبي. ويقول أحد المختصين في قراءة وتحليل مخطوطات مصحف صنعاء المكتشف أوائل السبعينات في العاصمة اليمنية: “في رأيي أن القرآن كشكول من النصوص لم تكن موجودة أيام محمد وربما يكون بعضها أقدم من الإسلام بمئة سنة مثلا”.
يرى علماء أن التنوع اللفظي في القرآن دلت عليه الاكتشافات الحديثة لبعض المخطوطات التي تحتوي على نصوص مختلفة عن النص المتداول. وهذه التباينات واضحة جلية في المسكوكات النقدية الأولى وفي زخرف الآيات المنقوشة على مسجد قبة الصخرة داخليا وخارجيا التي تختلف عن النص الحالي. وفقدان بعض المخطوطات الأولى تدل على أن القرآن لم يكن موجودا في سنوات “محمد المفترضة”.
تباينات يعزوها البعض إلى فكرة أن القرآن “انزل” على أكثر من شخص واحد. وتم جمعه وتنقيحه من قبل مجموعة أشخاص على مدى مئات من السنوات. وان القرآن المتداول حاليا ليس هو الذي كان في منتصف القرن السابع لكنه نتاج القرنين الثامن والتاسع. القصد من هذا أن القرآن من تأليف أو إعداد أكثر من شخص واحد. وقد لا يكون بحسب ما يعتقد ونزبرو عمل مجموعة قليلة بل انه تطور عضوي احتاج عشرات السنين وربما المئات. لكنه لم يوضع أو يجمع في مكة وإنما في بغداد حيث اتخذ “الإسلام” شكله النهائي وصار دينا مستقلا. وهذا رأي مجموعة من الباحثين أبرزهم ونزبرو، شاخت، كرونة وريبين.
مصادر كثيرة أشارت إلى أن القرآن لم يكن مكتملا قبل القرن العاشر. ويقال إنه تم جمعه في سبع نسخ (ربما هذا سبب الحديث عن سبع قراءات). أما الإشارات من خارج العالم الإسلامي إلى كتاب يدعى القرآن فكان في حوار يرجع إلى نهاية الحقبة الأموية بين العربي والراهب الذي من بيت جالا. لكن ذلك الكتاب ربما يكون مختلفا عن القرآن الذي بين أيدينا الآن. وكما تقول باتريشيا في كتابها الهاجريون: في حين لا توجد أسس خارجية متماسكة لرفض الرواية الإسلامية فإنه لا يوجد أي أسس داخلية متماسكة للقبول بها.
استمر القرآن في تطوره حتى العقد الأخير من القرن الميلادي السابع. إضافة إلى ذلك فإن أكثر ما نعرفه عن الإسلام كان من خلال كتب السيرة والحديث التي يرجع تاريخ وضعها إلى ما بين مئة وثلاثين إلى ثلاثمئة سنة بعد الزمن الافتراضي للنبي.
في رأي ونزبرو تطور القرآن تدريجيا طوال القرنين الثامن والتاسع الميلاديين من أصل روايات شفوية عن طريق تعديلات وتنقيحات جرت عبر قرنين ثم أعطيت شكلا رسميا وصادف ذلك بروز التفاسير القرآنية وكانت هذه العملية مماثلة لما حدث في تقويم الكتاب المقدس لليهود.
أما غيرد بوين الذي درس مخطوطات صنعاء فقد وضع ثلاثة استنتاجات تبدو قوية ومقنعة:
1. إن النص القرآني تطور عبر الزمن وهو ليس من إعداد شخص واحد وان ثمة أجزاء منه كتبت قبل زمن محمد
2. المخطوطات لم تكتب باللغة العربية وكلماتها ذات جذور آرامية وهذا شبيه باستنتاجات لوكسنبرغ.
3. النص القرآني تطور تدريجيا خلال القرنين السابع والثامن وكان شفهيا ولا توجد أي مخطوطة ترقى إلى مرحلة ظهور الإسلام بحسب الرواية الرسمية.
لقد عجز علم التاريخ عن إيجاد قرآن يسبق عهد عبد الملك بن مروان وهذا بتأييد الرواية الطبرية. فالطبري مثلا ينقل ما نسب إلى “النبي” في حجة الوداع إذ قال: تركت بينكم ما لن تضلوا بعده، كتاب الله وسنتي. لم ينسب إليه قوله: تركت فيكم القرآن. فعن أي كتاب يتحدث النبي؟ أو لنقل عن أي كتاب يتحدث الطبري؟ هل كان المقصود التوراة؟ أم هو كتاب القراءات التي وضعه النصارى تجميعا من مصادر مختلفة؟
تتحدث الرواية الإسلامية عن جهود قام بها أحد قادة عبد الملك وهو الحجاج بن يوسف الثقفي في إعادة كتابة القرآن. وربما كانت الكلمة الأصح: تنقيح القرآن.
تستنتج باتريشيا كرونة في أحد كتبها أن القرآن يفتقد البنية المتكاملة وغالبا ما يكون غامضا وغير متسق سواء في اللغة أو المضمون، سطحي في ربط المواد المتفاوتة ويتميز بالتكرار. ولذا يمكن الاعتقاد أن هذا الكتاب هو نتيجة عمل أكثر من شخص كما أن تنقيحه غير كامل إذ اعتمد على تقاليد متعددة. من السهل الاعتقاد أن القرآن هو مجمع فصول مختارة من الكتب المقدسة السابقة التي سبق أن ترجمت إلى اللغة العامية وهي لغة مركبة من العربية والسريانية لكي تقرأ بلغة قريش. كتابة ترجمت في مفاصل عربية، كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا. وترى هذه الباحثة المتخصصة في شؤون الإسلام إن القرآن نص له تاريخ لكن أحدا لا يعرف تفاصيل هذ التاريخ. وتقول في كتابها: عبيد على الخيول إن الجميع كان يأخذ الأمر مسلما به بأن كل شيء يقوله المسلمون بشأن القرآن وأصله ومعانيه كان صحيحا. لكن الواقع انه مر بتحولات نصية طوال مئة سنة بعد وفاة النبي المفترضة. والنصوص التي كانت منقوشة على جدران قبة الصخرة والمسكوكات الأموية تشير إلى نصوص مختلف عن التي بين أيدينا.
لكن غيرد بوين وهو باحث ألماني مرجع في الدراسات القرآنية واللغة العربية يرى أن القرآن مجرد كوكتيل من النصوص لم تكن مفهومة حتى في عصر “محمد” (القصد هو العصر الذي كتبت فيه) وربما كان بعضها سابق الإسلام ومحمد بمئات السنين. وفي التقليد الإسلامي ثمة تناقضات هائلة وفيه فكر مسيحي باطني. يقول القرآن عن نفسه انه مبين أي واضح وفصيح ولكن بالتدقيق فيه نجد أن كل أربع جمل تكون الخامسة غير مفهومة ولا معنى لها. أن خمس القرآن غير مفهوم وهذا ما أعاق الترجمة. وما دام غير مفهوم من قبل العرب فلا يمكن ترجمته لأي لغة كانت.
ويعتقد وانزبرو انه من الواضح أن القرآن مركب من ألفاظ ونصوص تم جمعها على مدى عشرات السنين إن لم تكن مئات السنين من القراءات المسيحية والنصرانية التي كانت منتشرة في المنطقة. ويرى العلماء انه ليس هناك دليل على ظهور القرآن حتى سنة 691 أي 59 سنة بعد الوقت المفترض لوفاة محمد حين تم بناء مسجد قبة الصخرة في القدس الذي ضم نقوشا لبعض الآيات القرآنية. وتختلف هذه النقوش إلى حد ما عن نسخة القرآن التي جرى تداولها خلال القرون مما جعل الباحثين يستنتجون أن القرآن استمر في تطوره حتى العقد الأخير من القرن السابع.
والقرآن عند جاي سميث مجموعة من المصادر المختلفة والمتباينة والمتفرقة المنحولة من الآداب المحيطة وقصص وروايات محلية فولكلورية وتقاليد شفهية كانت شائعة ومنتشرة في القرنين السابع والثامن جرى تطعيمها على أيدي جامعي ومصنفي العصر العباسي الذين يصفهم بالجهلة.
بالنسبة لبعض المفكرين والباحثين لم يكن يقصد من القرآن أن يكون كتابا دينيا مستقلا. فافتراض انه مجرد مختارات ومجمع فصول من الكتب والأناشيد السابقة يعني أنه لا يزعم من الأصل أن يكون سوى كتاب قدسي يتضمن تفاصيل مختارة من الكتابات السماوية وليس بكتاب مستقل في ذاته
ما هي حجج الذين يقولون بتطور القرآن طوال قرنين قبل أن يثبت على ما هو عليه الآن؟
1. إن المصادر التاريخية الإسلامية ليست معاصرة “للزمن المفترض” للدعوة الإسلامية ولا يمكن تصديقها.
2. إن الحفريات الأثرية في الجزيرة العربية خصوصا تلك التي جرت في منطقة نجف كشفت العديد من النقوش القديمة تدل على عدم وجود القرآن في القرن الهجري الأول.
3. إن المخطوطات القرآنية القديمة التي عثر عليها في صنعاء تشير إلى تطور القرآن خلال فترة طويلة تصل إلى مئتي سنة.
4. إن نقد النص يشير إلى أخطاء في نسخ القرآن.
تظهر المخطوطات الخاصة بالقرآن والسابقة على النسخة الحالية تعرض القرآن للتنقيح والتبديل والتصحيح. كثير من المخطوطات وخصوصا مخطوطات صنعاء أظهرت أنها احتوت على كتابة سابقة أي أن النص الأصلي مسح وكتب فوقه، أي انه تم تعديل النص القرآني وإعادة كتابته على الورقات نفسها.
تعد مخطوطات صنعاء من أهم وأبرز المخطوطات التي تجري مناقشتها حتى الآن. هذه المخطوطات اكتشفت صدفة عام اثنين وسبعين عندما سقط سقف أحد المساجد القديمة في العاصمة اليمنية فظهر الكثير من أسرار القرآن. لقد أدت الصدف إلى اكتشاف نسخة من القرآن في مخطوطة قديمة تشير بوضوح إلى قرآن مختلف. تولت مجموعة خبراء برئاسة غيرد بوين وهو من الثقات في موضوع الدراسات القرآنية القديمة دراسة وتحليل تلك المخطوطات. لكن يبدو أن العلماء الألمان الذين بدأوا البحث في الموضوع لا يرغبون في إثارة الأمور بشكل يؤدي إلى إحراج الحكومة اليمنية وبالتالي دفعها لاتخاذ موقف يمنع أي بحوث مستقبلية. حتى الآن تمت دراسة وإعداد خمسة عشر ألف صفحة من مخطوطات صنعاء والسلطات اليمنية مترددة في إتاحة المزيد من المخطوطات للباحثين.
وقد فتح العثور على مخطوطات صنعاء أفاقا أثريه جديدة وأتى بأدلة وكسر المعتقد الذي يزعم أن كل ما بين دفتي مصحف القرآن هو منزل. فالمخطوطات أوضحت أن القرآن خضع للتنقيح والتغيير عبر الزمن وقد ساعدت المخطوطات العلماء في إثبات أن للقران تاريخا كغيره من الكتب. وكتب بوين في مجلة أتلانتيك الأميركية أن هذا القرآن في مخطوطة صنعاء لا يشبه القرآن الحالي. فالكلمات لا تحتوي التنقيط ولا التشكيل ولا الهمزة ولهذا يمكن أن تعطى الكلمة عديدا من المعاني. وكشف مصحف صنعاء وهو الإسم الذي أطلق على المخطوطات المكتشفة كشف عن تبديل في النص واختلاف في الخط والأسلوب. أي أن النص جرى عليه تطوير وتعديل وليس هو النص المفرد أو كلمات الله التي كانت معروفة أيام محمد المفترضة في القرن السابع.
لقد كشفت بحوث بوين عن ترتيب لآيات القرآن بصورة غير تقليدية. ووجد اختلافات نصية ونماذج أسلوبية مختلفة ونادرة تختلف عن النسخ المعتمدة فيما بعد. بعضها مكتوب بلغة الحجاز المبكرة فثمة نصوص كثيرة بدا أنها مكتوبة فوق نصوص تم محوها مما يفند الادعاء بألوهية النص القرآني.
يرى أندرو ريبين أستاذ اللاهوت والدراسات الدينية في جامعة كالغاري أن القراءات المتعددة وترتيب الآيات كلها لها دلالات ومعاني. والكل يوافق على هذا. وتلك المخطوطات تقول إن التاريخ المبكر للنص القرآني عبارة عن سؤال مفتوح أكثر مما يعتقد الكثيرون. فالنص كان اقل استقرارا واقل سلطة مما كان يعتقد ويظن حتى الآن.
يتبع قسم ثالث