تاجرُ الدينِ فاجرْ , وإن لم ينتمِ !
إعتدتُ عند صحوتي في الصباح فتحَ التلفاز أولاً على قناة ال
BBC ,
كي اُتابع آخر أخبار بلادنا البائسة .. وباقي الدُنيا .
ولماذا ال بي بي سي بالذات ؟ ليس لأنّها معروفة بحرفيّتها العالية , ودسامة أخبارها وتنوّعها .
لكن أصوات المذيعين المريحة ووجوه المذيعات الجميلات وإبتسامتهنّ ,تفتح النفس على يوم جميل ,وتُخفّف من وقعِ الأخبار المؤلمة على النفس والمعدة .
اليوم بالصدفة خالفتُ تلك العادة , ففتحت موقع (المصري اليوم ) لأتابع أخبار الدستور المصري الجديد . فإذا بي اُصدَم بصورة بائسة لوجه كريه وتحته عنوان بالبُنط العريض ,يقول :
[ برهامي: شاركنا في لجنة الـ50 لنمنَع الكُفر البواح وليس موالاةً للعلمانيين ] .
هذا على أساس أنّ العلمانية جريمة أو شيء مُخجل لا يجب موالاتها .
وعن مثل هذا المخلوق البائس وأمثالهِ الظلاميين ,سجناء العقل المغمورين من الرأس حتى القدمين بعلامات من الماضي ( نيتشه ) .. أكتب مقالي !
****
الدستور الجديد
أنا واثق أنّ الدستور المصري الجديد لن يطلع علينا مثالياً . أو كما ننتظر ونحلم بهِ كدستور يقود مصر الجميلة (وهي الرائدة في منطقتها) للإلتحاق بركب العالم المتطوّر .
وهذا متوّقع جداً نظراً لهذهِ الردّة الشعبية العامة لو جاز التعبير وهذا (المّد الإسلامي) كما يُسميّهِ أصحابهِ والمشتغلين بهِ ,الذي بدأ مع ثورة الخميني تقريباً .
وهم فرحين بأنفسهم كأنّهم ينشرون دعوتهم في بلاد الكُفر والوثنيّة !
الدستور لم يُنشر بعد , لكنّه يبدو كما جرت العادة يُسهب بالتفاصيل الى حدّ الملل والشلل .
ويبدو كذلك أنّه لم يُخصص ( كوته ) مُحترمة للمرأة , وهذا نقص في ظنّي في بلد كمصر عمل الظلاميّون كثيراً على طمس وهضم حقوق المرأة والطفل !
ولو كان الأمر لي لجعلتُ كوتة المرأة 50% لمدّة 20 عام على الأقل , حتى ينهض المجتمع ويفهم أنّ سيّدة متعلّمة ومثقفة تسوى ألف من أصحاب اللحى والزبيبة , الذين يملأ النكاح كلامهم وعقولهم المتعفنة .
لكن مهما يكن من أمر , فهذا دستور ألغى سابقه الإخوانجي الظلامي والمادة المثيرة للجدل ( 219 ) المتعلقة بالشريعة الإسلاميّة وأدلتها وقواعدها الأصولية والفقهية … الخ الجنجلوتيّة .
وأظنّه ألغى مجلس الشورى أيضاً , ليُقلّل من ترهّل وفساد الدولة .
وهو في ظنّي مجرّد خطوة أولى خجولة على الطريق !
واُمنيتي في هذا الصدد أن يكون الدستور القادم مقتصراً على 20 مادة مثلاً تتحدث عن حقوق المواطن الأساسية وواجباتهِ في بلدهِ .
ولا يُذكر البتّه الدين وشرائعه في أيّ دستور .وكلّ المشاكل والتفاصيل تُعالج بقوانين خاصة تتغيّر حسب حاجة المجتمع ومستجداتهِ .
وبالنسبة لأمثال هذا ( البرهامي ) وكلامهِ المسموم , فأنا أدعو أصدقائي المصريين التنويريين أن يُجاهدوا لإضافة مادة في الدستور المصري , تُجرّم مَن يتطاول على شعبهم النبيل , عن طريق تكفيرهِ أو تحقيره . ففي البلاد الحُرّة يكون الدين لله والوطن للجميع . والناس يعبدون ربّهم دون إكراه أو رقابة من المشعوذين أو تجّار الدين .
و صورة معبّرة في الفيس بوك , (والصورة بألف كلمة) لرجلين شكلهم إرهابي أفغاني , كُتِبَ عليها ما يلي :
إذا قتلوا .. فهو جهاد الكفّار .
و إذا زنوا .. فهو جهاد النكاح .
وإذا سرقوا .. فهي غنيمة .
وإذا رفضهم الشعب , فهي ردّة .. والعياذ بالله !
*****
الخلاصة
عذراً لعنوان مقالي أعلاه , الذي ربطتُ فيه قولين لرجلين / أحدهما عظيم الشأن , والآخر طاغية وخسيس .
الأوّل علي بن أبي طالب الذي قال (التاجر فاجر) , لكن هذا جزء من كلامهِ, وحديثه وردَ كما يلي :
[ رويّ عن الأصبغ بن نباتة , أنّه قال: سمعتُ أمير المؤمنين ( يقصد علي بن ابي طالب ) يقول على المنبر: يا معشر التجار / الفقه ثمّ المتجر و كرّرها ثلاثاً ]
إلى أن قال:
[ التاجر فاجر , والفاجر في النّار, إلاّ من أخذ الحقّ وأعطى الحقّ ]
وللأسف ,فإنّ الجزء الثاني من العنوان مقتبس من قول الطاغية صديّم
( كلّ العراقيين بعثيين وإن لم ينتموا ) , شايفين النذالة ؟
***
يقول الكاتب المصري التنويري / د. خالد منتصر عن نفس الموضوع ما يلي :
حزب النور لم تعجبه المادة 89 من الدستور الجديد لدرجة أنّ يد مُمثلهِ قد إرتعشت حتى ظننتُ أنه سيصرخ «شُلت يدى» من هول الإحساس بالذنب والإثم , وهرباً من الخطيئة . ولم يستطع الضغط على زر التصويت الإلكترونى من فرط المأساة وضغط الكارثة .
وبلغت حدة الصراع النفسي أوجها حتى إنهمرت دموعه وخضّبت ذقنه وصرخ وادستوراه !
وإمتنع عن التصويت إلى أن ضبطه متلبساً السيد عمرو موسى رئيس اللجنة .
و هذه المادة قالت عنها السيدة هدى عضو الحرية والعدالة عندما ناقشها الدستور الغريانى المرساوى الإخوانى النورانى المقبور أنها كمواطنة تشعر أن هذه المادة خادشة للحياء !
تخيلوا رقة إحساس عضوة الإخوان ورهافة شعورها , تجعلها مخدوشة الحياء من مادة تحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان وتجارة البشر والجنس .
بينما لا يُخدش حياؤها من طفلة قاصر يتاجر فى لحمها لثرى خليجى كهل يسحبها معه كالبهيمة إلى بلده ليجرب فيها كل كبته وعقده وشذوذه وانحرافه وأحياناً يشاركه الأبناء والأحفاد ! ثم يتركها بعد أن تتحول إلى شبح إنسانة تتسول ثمن تذكرة العودة إلى أهلها المجرمين حيث تستعد لرحلة ضياع داخلية وطنية محلية تنتهى إما بالشارع أو بيوت المتعة الرخيصة !
وينتهي بالقول :
نحن لن نكون عبيداً لإرضاء نزوات النصف الأسفل لمجموعة من المرضى المشوّهين .
آن الأوان لكى نتحرر من خفافيش الظلام .
يكفى رفضهم لهذه المادة لكى نطردهم من حياتنا إلى الأبد ! إنتهى
*************
الروابط
الأول / تصريح برهامي
http://www.almasryalyoum.com/node/2372161
الثاني / مقالة د. خالد منتصر
http://www.cairo-now.com/news-13-32506.html
تحياتي لكم
رعد الحافظ
2 ديسمبر 2013