تأملات…. انا أقلية
رعد موسيس
تسألني كل مرة.. اين أسكن؟
سؤال يحيرني ويحزنني جوابه… لكني سأقول لك..
انا يا صاحبي اسكن في بلاد بعيدة..بعيدة
انا اعرف شمس بلادي تنثر اشعتها ..كل شروق
… باحثة عني… تغرب ودموعها في عينيها
انا ابكيها هنا…. وهي تبكيني هناك
أفتقد دفئها…الشمس هنا باردة….باردة
لا أحس بدفئها….حرارتها ليست لي
هل سمعت عن غابات وادغال شمال كندا…انا هناك
هل سمعت عن محميات الهنود الحمر… سكان كندا الاصليين..انا هناك
هم ينعمون بالاحترام والحقوق والخيرات
وأنا محروم منها في بلدي..انا من سكنته الاصليين.
اذا لم تصلك رسائلي لفترة من الزمن.. فاعلم ياصديقي اما اكون في بطن ذئب… او دب.
ليس من السهولة التعامل مع السكان الاوائل هولاء وفي قمة تمردهم وغضبهم نظراتهم وعباراتهم لا تخلو من ازدراء وكأني بهم يقولون لنا ماذا تفعلون هنا ارجعوا من حيث اتيتم رغم احتياجهم الشديد لخداماتنا.
اين ارحل ياصاحبي فأنا أقليّة…اينما ذهبت انا أقلية
ولدتني امي بغير ذنب اقلية…عشت وساموت اقلية
من بلاد الرافدين..الى القطب الشمالي انا اقلية
دوراناَ الى القطب الجنوبي رجوعاً الى بلاد سومر انا اقلية
قل لي يا صاحبي هل بعد الموت هناك اقلية فإذا كان الامر هكذا؟؟
أفضّل ان ابقى حياً اقلية مع الذي اعرفه افضل من الذي لا اعرفه
في وطني قلت لهم انا عراقي ولست هندي
اجابوا انك لست محمدي بهذا تتساوى مع الهندي
الدين عباءة بالنسبة لي البسها انزعها امزقها اخيطها اغيّر الوانها لكن ماذا افعل بجيناتي وكينونتي وثقافتي اذا كنت ارمنياً او سريانياً؟
أأمسخها هذه كلها لأصبح أغلبية؟
ايّ قهرٍ هذا؟
يقتلونني يذبحونني يرفضونني يطردونني ولكني….
لن اتنازل عنهم مهما فعلوا بي لانهم اهلي وأحبائي وهم لا يدرون ما يفعلون.
الان احسست بعمق ألآم هذه التسمية….بعد هذا
لن ألوم قوم بعد اليوم لانهم انشئوا لهم وطناً يحميهم من هذه التسمية
الاقلية اصبحت اكثرية والاكثرية اصبحت اقلية فليشربوا من الكاس
التي اذاقوها لغيرهم.
آه… لو يعرفون كم الغنى الروحي والوجداني والانساني والثقافي
والعلمي والاجتماعي الذي املكه..وكم احب ان يشاركونني به وافيض
به عليهم..ولكنهم انّى لهم ان يعرفوا هذا؟؟
آه… لو يعرفون كم حبَتْني الطبيعة بخاصية النحل
احوِّل مرارتهم عسلاً كما حوَّل المسيح الماء خمراَ
آه… لو يعرفون قدرتي كالخميرة القليلة تخمِّر عجيناً كثيراً
آه… لو يعرفون كم هؤلاء الاغراب الذين اعيش بينهم يستنزفونني من العظم الى الجلد فأنا كنزٌ بالنسبة لهم
وألمي كيف وطني يتركني.
تحياتي
رعد موسيس