علي نريماني – كاتب ومحلل ايراني
بعد إطلاق الصواريخ من البارجة الأمريكية في البحرالمتوسط و التي استهدفت قاعدة «الشعيرات» الجوية العائدة للنظام الأسدي المجرم، أظهرت الآثار السياسية لهذه العملية في نظام ولاية الفقيه بكل زمره في مسرحية الإنتخابات الرئاسية في الشهر المقبل وأن الجناحين الحاكمين يحاولان أن ينتفع كل واحد من ذلك لصالحه ويستفيدها ضد خصمه رغم أنه تتحدث كلتا الزمرتين غالبا بعبارات متشابهة عن الحادث الا ان لديهما مطاليب وأهداف متباينة تماما.
ففي كلمة أدلى بها حسن روحاني يوم السبت 8 نيسان و لا بد أن نعتبرها خطابات دعائية انتخابية إذ شرح حول فوائد أداء حكومته وما يسمى إنجازات حكومته و ثم أشار إلى الهجوم الأمريكي على سوريا قائلا:« اليوم علينا ان نوحد وننتبه أكثر من ذي قبل لأن من جاءوا إلى السلطة في أمريكا لا نعرف أحلامهم بخصوص المنطقة والعالم. علينا ان نكون أكثر انتباها وبوضع برامج نهيئ ونستعد أكثر حيال مختلف الاحتمالات. وتظهر إنتخابات نزيهة قدرة إيران وقدرتنا الوطنية.
وشطب تلفزيون نظام الملالي التابع لزمرة خامنئي العبارات اعلاه من خطاب روحاني، لكن لماذا؟ بامكاننا ان نجد الاجابة في صحيفة «كيهان» التابعة لخامنئي في عددها الصادر8 نيسان: «هناك تيار ينتمي للغرب(المقصود روحاني وزمرته) وأيديه فارغة من الإنجازات يقوم بتبرير تواصل حضوره بهذا التوهم اذا جاء آخرون الى السلطة وغيرموافق على التساوم مع آمريكا فهناك تهديد جدي لهجوم آمريكا العسكري!».
في الحقيقة روحاني وزمرته تحت غطاء هجوم آمريكا وعمليتها العسكرية الأخيرة في سوريا يبرزون خطر الحرب وتنفيذ أعمال مشابهة في إيران ليقدموا أنفسهم الحل الوحيد لتصدي الخطر ودرئه. نظرة إلى تصريحات عناصر هذه الزمرة و وسائل الإعلام التابعة لها يوضح الأمر أكثر:
– اذا إتخذت إيران مواقف مناسبة ومدبرة ولا تعطي ذريعة بيد «ترامب» ستكبح الادارة الأمريكية جماح ترامب على ان تقوم إيران بضبط النفس وتعمل بتدبير في اتخاذ المواقف.(بهشتي بور-موقع آريا 7نيسان)
– «مازال غير معلوم ماذا تريد ان تفعل حكومة ترامب».(موقع آفتاب نيوز-8 نيسان).
– مقال إفتتاحي لـ صحيفة «ابتكار» تحت عنوان«أهداف خارج الهجوم الصاروخي على سوريا»:« المعارضون الإيرانيون يطالبون برد سريع على غرار تنفيذ بعض الحوادث مثل هجوم آمريكا الصاروخي على سوريا، وعلى طهران أن تدرك ما يطلبه المعارضون الإيرانيون من الضروري تأمين نفسها داخليا حيال تهديدات من خارجها». الا انه كيف يتم الحصول على توفير الأمان «حيال التهديدات الخارجية »؟ و عبارة آخرى من المقال توضح بكل وضوح: «ليس من الصدفة أن أحال الأمريكان خطوة لاحقة ضد إيران إلى ما بعد الإنتخابات في الشهر القادم».
الكلام واضح ولكن صحيفة «كيهان» التابعة لخامنئي توضحها أكثر في «مذكرة اليوم» (9 نيسان) تقول:« اي شخص بمن فيهم الأمريكان بعد تحليل أجواء إيران الداخلية يدرك أن هذه الدعايات التي تظهرها حكومة روحاني لمنع وقوع حرب ولذلك فلابد من التصويت لصالح روحاني لم تحصل نتيجة ولم يهتم بها الشعب الإيراني. اذن لابد أن يجري عمل لتغيير أجواء إيران الداخليه لصالح روحاني ». و يستنتج نفس المقال في نهايته بكل صراحة: « في هذين اليومين نحن نشاهد موجة من التحاليل في الشبكات الإجتماعية المدعومة من قبل الحكومة الإيرانية التي تؤكد هذا الموضوع لولا تريدون الحرب فصوتوا إلى من يفكرون في الهدوء ومستعدون لدفع ثمنه اي يساومون مع المهاجمين العسكريين».
كما وصف «مهدي محمدي» من بيادق زمرة خامنئي بان هجوم آمريكا الصاروخي كان «ركيزة يتكأ عليها المنبهرون بالغرب المفلسون».
وكتبت وكالة الأنباء«تسنيم» المحسوبة على قوة القدس الإرهابية في عددها الصادر9 نيسان مقالا تحت عنوان « قصف سوريا والإنتخابات في إيران» تقول:« هذه الخطوة هي نوع من الرسالة لزرع الخوف في قلوب الايرانيين(مقصود رؤوس الملالي وعناصره) حيث بوجود ترامب في البيت الأبيض اختلف الوضع عما كان عليه سابقا في المعادلات والتوقعات، فمن الضروري انتخاب اشخاص مواكبين معه للحيلولة دون بروز هكذا حوادث». و تابع المقال : اذا كان هكذا موضوع صحيحا « فعلا يكون ابطالا لإدعاء بعض المسؤولين الذين يدعون عن طريق الإتفاق النووي رفع التهديد (مصنوع في أذهانهم) عن إيران الإسلامية».
إن القاسم المشترك في كلا التحليلين والرؤيتين هو أن هجوم أمريكا الصاروخي قد هزّ أركان النظام برمته و جعله متخبطا وأجج الصراع بين زمرتي النظام بخصوص الإنتخابات المزيفة. الا ان هذه الضربة لصالح اي جناح ويضرلاي جناح آخرفهو مسألة فرعية مقارنة مع الضربة التي لحقت بكل نظام ولاية الفقيه وجعلت عمقه الستراتيجي عرضة للإنهيار.