لماذا السنة والشيعة فرقتان ينتميان لأله واحد ونبي واحد وكتاب واحد والكثير من الأمور المشتركة فيما بينهم لكنما منقسمتان ومتنافرتان ولا يجتمعان إلا على الخلاف والشقاق والنفاق.
هل لأن ألههم يٌريد هذا، وهذا هو قدرهما المكتوب عليهما أم لأن التاريخ الديني الفقهي مازال متجذر في هذه الدول اللتين هما مركز الفقهين السني في السعودية والشيعي في إيران؟
وهل ما بينهما من انتماءات مختلفة بباقي البلدان العربية وهذه الانتماءات هي شخصيات شعبية وحركات دينية وحزبية وسياسية واقتصادية مسلحة وغير مسلحة؟
أم هل دخل الدين في السياسة ببنية هذه المجتمعات بطريقة خارقة أصبحت متجذرة ايضاً وأصبح لكل منهما مشروع سياسي وديني يناضل لتحقيقه بكل الوسائل الممكنة دون النظر لأي أدنى اعتبار للحريات ولحقوق الانسان وتقدم هذه المجتمعات وعلاقاتها السليمة فيما بينها وتعدديتها.
نعم هذا ما جنيناه في هذا السياق التاريخي من بعد موت النبي والانقسام على الخلافة بين الشيعة والسنة إلى وقتنا الحاضر. فالتاريخ مازال يُقسمنا بشوائبه وصراعاته بالفقه الديني المنغلق المليء بالتكفير والرفض بكلا الطرفين. وما زلنا متأثرين بالمعارك والغزوات التي حصلت عبر التاريخ.
أما آنّ الأوان بأن نتجاوز هذه المهزلة التاريخية الفقهية التي مازالت متجذرة في الدول والعقول، وما آن الأوان بأن نواجه هذه المشكلة الحقيقية من جذورها. الاغلبية يتفق معي ويقول: نعم؟ إنه الأوان ولكن الأغلبية تتوقف عند الخوف والجهل الفقهي الديني وعند نحن الحق هم الزناديق والكفرة ونحن نحمل الحجة السليمة وهم هراطقة والعكس كذللك الأمر من الطرف الأخر.
المشكلة ليست هم الصح وأنتم الخطأ او أنتم الخطأ وهم الأصح المشكلة هي تاريخ وماضي حافل بالفقه ولاهوت القرون الوسطى الذي مازالت كتبه محشوه في رؤوسنا وفي الذين يقودون هذه الدول يحملونه كإيمان مطلق وحقيقة ثابتة واشخاص يبنون أحزاب وحركات نحن نعطيهم الولاء ويحركونا عواطفنا ومشاعرنا وتجيشنا بالطرق والوسائل المختلفة؛ لنكون في تنافر وانحطاط أخلاقي ولا أنساني. ونعتبر أنفسنا بأننا نحمل الحقيقة المطلقة عند كل طرف.
والسؤال المطروح على كل فرد ينتمي لهذين الطرفين باي انتماء كان: هل بقاؤنا على هذه الحالة هو لمصلحتنا جميعاً ومصلحة بلدننا ومستقبلنا بالوضعية الراهنة؟ أم يجب علينا نبش التاريخ الفقهي والأخطاء الماضية وإصلاحها من جذورها ورفضها وإيجاد فقه آخر يلمّ شمل هذه الامة ويوجهها لمنظار أخلاقي إنساني عقلاني أكثر من الذي ورثناه ومازال متجذر مؤثر ؟
فرجل دين في هذه الفترة كالعرعور ومحمد حسان وغيره من الأصوليين يستطيع تجيش الجماهير لقضية يريدها أكثر من مئة مثقف وكاتب حر يحمل قضية إنسانية مستقلة.
هذه هي معاناة شعوبنا رجل دين يقودها لتحطيمها وقتلها أكثر من مثقف وكاتب يريدٌ تحريرها من معانتها وارهاصات ماضيها.
والسؤال الأخر هل هذه الحدة المتراكمة والتي تظهر في العلاقات كل فترة وبالأخص هذه الأيام هي لتوجيه المنطقة لجرب طائفية ضروس وتقسيمها على أسس ومرتكزات جديدة ديمُغرافية مذهبية والتفاعل معها بالمشاعر والعواطف الدينية بالعقلية القديمة المؤسسة في هذه الشعوب.
أم فعلاً هو حدث لنخز عقولنا ومشاعرنا ومواجهة حقائقنا وتاريخنا وفقهنا والاتجاه لثورة فكرية عقائدية واحداث تغيير في أسس وبنية هذه الدول وصياغة تعاليم وقادة جدد ينطلقون في تأسيس بلدانهم وعلاقاتهم ليس بمنظور طائفي مذهبي بل بمنظور انساني عقلاني ومصالح وقيم مشتركة تحافظ عليهم وعلى حقوق وسلامة شعوبهم؟
كلا هذه الأمور مهمة في التوجه عند أي فرد في التعامل معها في وضعنا الحالي فكرياً ومعرفياً وعقائديا وإلا سوف نٌدمر بعضنا البعض بأفيون الشعوب.
فإيران اعتبرت أن الحرب في سوريا هي حرب مقدسة لانتهاك الثورة السورية وحق السوريين في التغيير ومساندة نظام مستبد حليف لها واداة بيديها وهذا هو الفقه اللعين الموجه من قبل شخصيات تؤثر في عواطف ومشاعر الشعوب والشباب. ولو كان احياننا بشكل معتدل لكنَ الغاية موجودة والاساس موجود على حاله. وكان محمد حسون واعظ هذا النظام الذي يساهم لتحقيق أهداف أيران.
والسعودية دعمت حركات إسلامية واصوات اسلامية لتستغل الثورة السورية ولجعلها أداة تواجه المشروع الإيراني المقدس بحربها، وتحويلها لصبغة إسلامية.
وكلاهما جلب لنا حرب ضروس أهلية طائفية غيرت مجرى الثورة التي بدء بها السوريون بقضية عادلة محقة وما إلى هنالك من تدخل هذين البلدين في وضعية البلدان العربية الأخرى كاليمن والبحرين ولبنان وتحويلهما لساحات صراع مذهبي أو مسلح أو سياسي أو ديني تبشيري بالأصوات الأصولية التكفيرية ضد بعضها البعض لتشعل الناس بالعواطف والمشاعر الدينية؛ لتحقيق الأهداف المختلفة لكلا الطرفين
ولا أنكر بأن هناك أصوات تنويرية تناضل لواقع أفضل ولكنها لا تجدي نفعاً أمام الأغلبية الساحقة من الأصوات والمشايخ الأصولية التكفيرية ولا أمام هاتين الدولتين العملاقتين إيران والسعودية ببنيتهما الفقهية القديمة ومشاريعهم الدينية والسياسية وتأييد شعوبهما لهم سواء كان عن رضى او غير رضى فهما موجودتان وتحكمان هذه الشعوب ويوجهانها.