عندما قرأت الحوار الذي أجري مع زياد الرحباني في موقع “العهد”، أَسِفت كثيراً. وتساءلت: كيف يكون فنان لامع على هذه الحال من الشقاء الفكري والسياسي. بل كيف يتجرد فنان من كل رحمة، أو عاطفة أو حتى شفقة؟ كيف يصير مثل هذا الفنان شخصاً بلا قلب، وبلا ضمير وبلا منطق وبلا توازن، يلقي الكلام جزافاً بلا مسؤولية ولا مراجعة؟ بل والأخطر كيف يتحول زياد مجرد ببغاء بذاكرة معلبة، مجرد ببغاء لإعلام “حزب الله” والنظام السوري وإيران؟ ذلك لأنني رحت أبحث عن فكرة جديدة نطق بها أو رأي خاص به.. لا شيء.
تقيأ زياد بهمة عالية كل الكليشيات التي يطلقها الحزب ومرتزقته والنظام وأبواقه. زياد الرحباني بات مجرد بوق إعلامي. فما أشقاك يا زياد. كل ما قاله عن سمير جعجع والشهيد وسام الحسن والرئيس الشهيد رفيق الحريري والسعودية وإيران والتكفيريين والسلفيين سبق أن سمعته مراراً ومراراً من أفواه بعض الصحافيين من 8 آذار وقرأته في صفحاتهم. لا شيئ. لم يكن هناك شخص اسمه زياد الرحباني. ولم يكن هناك فنان اسمه زياد الرحباني: تبخّر! لا شيء. صدى متلاشٍ. أفكار مستعارة. كلمات ممجوجة حتى قلت أيهما كان زياداً: المحاور، أم زياد، فالأسئلة أجوبة والأجوبة جاهزة بلا عناء. لا مخيلة. لا لمعة. لا لحظة استدراك بل تناقض . تشابك . تضارب. قرأت ظلاً لظل وشبحاً آتياً من شبح. وصوتاً يشبه الأصوات المتراكمة على تلفزيونات 8 آذار. لن أتوقف عند كل ما “تقيأه” ولو عرفنا منه انه ينتظر زيارة موعودة للسيد حسن نصرالله وأنه يخوض مشروع إنشاء اذاعة…
أترى الزيارة والمشروع الإذاعي متصلين؟ لكنه وعلى الرغم من هذه الببغائية والحماقة المتذاكية والرعونة الغامرة شعرت بخوف من هذا “الولد” الذي لم يعرف لا كيف يكبر ولا كيف ينضج ولا كيف يتخلص من كونه “غنوج الماما” و”غنوج البابا” من أيام “نزل السرور”.
نعم شعرت بخوف من وحشية هذا الولد. من بربريته. من احتفاله بدماء الشعوب والناس والأفراد، سواء في ما “يسميه” بلده لبنان أو سوريا..! وحش يتكلم . متواطئ مع القتل يتكلم. نابش قبور يتكلم. مسخ يبتسم امام مجازر الطغاة بكل تشف. مسخ يبرئ القتلة ويتهم الضحية.
عندما سئل هذا الولد الشقي الذي بتُ أخافه والتبسه حتى مع الجلادين فكأنه ابن جلاد أو ابن طاغية، عندما سُئل عن دور الشهيد وسام الحسن في اغتيال الحريري اجاب وبثقة “وسام الحسن بيعمل ربا!” ويضيف ان هذا الأمر قابل للتصديق فعلاً! لا مفاضلة بين الحسن و”حزب الله” … فأنا اشك بديهياً بالأول.
بديهياً؟ ثم لا أشك (يعني منطقياً) وقابل للتصديق وفعلاً! ثم وضع الحسن في مرتبة دنيا من “حزب الله” “لا مفاضلة” هذا ما سمعناه في وسائل اعلام الحزب و8 آذار. ردده زياد بلا مشقة. ولا تفكير. لكن بترجرج ذهني ولا توازن حتى إنساني.
وتذكر بغبغان 8 آذار بأن حزب الفضيلة والأخلاق ومنصات المرتزقة (هل صرت مرتزقاً يا زياد؟ اذاً طَالب بتلفزيون لا بإذاعة! فميشال ليس أفضل منك) سبق أن اشاع بلبلة بعيد اغتيال الحريري. فجاء بأبو العدس هل تذكره يا زياد؟ واتهموه بتفجير ألف كيلو (ألف كيلو لاغتيال شخص ايها المجرم؟ وانت تتفاكه وتتفاقه وتتذاكى في الموضوع). ثم اتهموا الحجاج الاستراليين.. ثم استقَر القرار على اتهام اسرائيل… واليوم الجوقة ذاتها (وانت طبّالها) تتهم وسام الحسن… كل ذلك لتضليل التحقيق.. واشاعة مناخ من ضرب صدقية المحكمة، والشهود والأدلة.
رائع! في الماضي سمعت انك اتهمت اسرائيل! رائع! وربما (تشفيت وانتشيت باتهام ابو عدس. لكن هنا اذكرك ايضاً يا صاحب “الجاز الشرقي” (لم ليس الجاز العربي الافريقي) بأن احد المسؤولين في جريدة “تشرين” السورية اتهم سعد الحريري بقتل والده ليرثه. واحيلك على الجنرال عون الذي صرح اثناء وجوده في باريس و”مين غير السوريين قتلوا الحريري” ثم وبعد عوده المظفر المقاوم والممانع الى لبنان صرح “يمكن هيدي مواضيع بين الحريري وبين اطراف!” ومعزوفة اتهام 14 آذار باغتيال رموز 14 آذار سمعناها وقرأناها. مثلاً يا خواجة زياد صرح بعض 8 آذار ان الذي قتل سمير قصير هو وليد جنبلاط. ثم اتهم الرئيس امين الجميل باغتيال ابنه بيار ليرثه اما جورج حاوي فقد صرح جنرال المقاومة عون (نابليون الممانعة: العوذ بالله) ان اغتياله نتيجة خلاف مع بعض الأطراف والتنظيمات. وبعد محاولة اغتيال بطرس حرب وسمير جعجع (هل كنت تتمنى ان تتشفى بدمهما ايها الرفيق الحنون يا صاحب “العود الرنان” الذي صار عوداً طناناً!) واكتشفوا المجرم هربوه الى كانتون الضاحية ليحميه الحزب الحنون، العذب، الرقراق كالزيت والزيتون. والمجرم منتم الى حزب الله!
لكن السؤال من قتل وسام الحسن؟ هل ترى بمنطقك المريض وهو منطق القتلة والمجرمين المتسلسلين، ان 14 آذار هي التي قتلته لانه اغتال الحريري! رائع! قلت يا ولدي ان الحسن له دور في اغتيال الحريري، لكن من له دور في اغتيال الحسن: نذكرك بان فرع المعلومات ايام الشهيد الحسن (رغماً عن انفك) اكتشف نحو 26 خلية اسرائيلية وبعضها داخل البيئة الحاضنة للحزب، وداخل الحزب من دون ان ننسى اكتشافه العميل الاسرائيلي العوني الممانع فايز كرم. ونذكرك بان وسام الحسن هو الذي اكتشف يا زياد مؤامرة المتفجرات التي ارسلها نظام البراميل والمتفجرات والكيماوي بتخطيط علي المملوك وتنفيذ ميشال سماحة! واتهام الكيان السوري (لم يعد هناك نظام في سوريا يا زياد باي باي) بهذه العملية التي كان من اهدافها احداث فتنة سنية شيعية. عندها بالذات شنت حملات شعواء وارسلت تهديدات الى وسام الحسن، كيف يكتشف جريمة في حجم هذه الجريمة وينكشف النظام اللابعثي! ومن منا لم يكن خائفاً على وسام الحسن من انتقام الحزب ونظام الأسد منه. وكان عليك ان تكحل عينيك، وتُشنف أذنيك المُرهفتين (كيف تعزف على البيانو بهاتين الاذنين اللتين أصمّهما موت الضمير والاحساس). وكثيرون حذروا الحسن، وطالبوه بالحذر. لكن محترفي القتل طاولوه وقتلوه!
فمن قتل وسام الحسن؟ ربما بعد ايام، وعلى “لِسنَك” سيقال ان اشرف ريفي اغتاله، أو 14 آذار.. أو ابو عدس جديد.. أو حاج من الحجاج.. أو قريب أو قريبة له.. لنستعيد بذلك سيناريوات قتل الحريري و14 آذار.. وتضليل التحقيق! وأنت، كمتواطئ (وكل متواطئ مع جريمة مجرم كامل الأوصاف)، تشارك بحماقة قل نظيرها، بهذا التضليل. ولهذا أنا شخصيا (أطالب باستدعائك للتحقيق كشاهد، لتفسر ما هي المعطيات والأدلة التي جعلتك تتهم الحسن باغتيال الحريري. بديهياً! قلت! العوذ بالله، الآن يا خواجة زياد، صاحب “المشروع الاذاعي” المنتظر وصاحب “الدعوة الموعودة” المباركة لزيارة السيد حسن نصر الله، بتنا نسمع النغمة ذاتها التي سبقت اغتيال الحريري ووسام الحسن، لتركز على اشرف ريفي.. فان قلت “الله يحمي حسن نصر الله” (ونحن معك) فنقول الله يحمي ريفي من شر النظام السوري والحزب الايراني في لبنان.
اما النقطة الثانية التي تكشف ما آل اليه زياد من تماه بالقتلة والطغاة، فعندما رد بكبرياء وشفافية وامل عن سؤال: “البعض ينتقدك لتأييدك النظام السوري”، نطق بالدرر “لو كنت مكانه (اي النظام) لفعلت الأمر نفسه”. أف إلى هذا الحد وصل جنونك الاجرامي يا زياد. في الماضي قلت ان ستالين قتل 3 ملايين روسي، وايدته. لمعلوماتك يا زياد ولإهاجة حبورك بالقتل: ستالين قتل 20 مليوناً، وماوتسي تونغ (زميله وابنه) 22 مليوناً! هذه المعلومة نقدمها هدية مجانية لك لتحتفل بها! عال! تحب ستالين لانه طاغية. برافو. ومن باب المنطق والانسجام ان تحب القذافي وصدام حسين ومبارك وبن علي وعلي صالح والجنرال بينوشيه وبول بوت: هؤلاء هم سُلالتك الحقيقية غير البيولوجية: قتلة شعوبهم! ولكن اليوم عبّرت عن تمنٍ مديد لو كنت انت تقوم بهذه المهمة. أي تتمنى ان تكون طاغية لتمارس ما يفعله الطغاة. الهذه الدرجة تعطشك الى الدم لتمارس ما يفعله الطغاة. وسأعطيك معلومات – هدية مجانية حول جرائم النظام السوري، لتلتبس بها، وتختلط وتتمرغ بدماء الأطفال والشيوخ والنساء: النظام السوري يا زياد قتل وكان مسؤولا عن قتل نحو 200 الف سوري ولبناني وفلسطيني وعراقي منذ 1973، ولم يجرح أي جندي اسرائيلي لا في جولان ولا في أي مكان آخر. لمعلوماتك الأخرى: حزب الله قتل من الشيعة واللبنانيين اكثر مما قتل من الاسرائيليين افرح وأروِ غليلك! كأنني هنا ارى فيك مصاص دماء أطفال ونساء ورجال. رائع يا زياد. وأذكرك انه سقط لحزب الله حتى الان في سوريا دفاعا عن “مقام السيدة زينب” وعن دور ايران في سوريا، مئات القتلى من خيرة الشبان اللبنانيين.
وهنا بالذات سأسألك يا زياد، واذا كنت “شجاعاً” و”بطلاً” (وأنت تلعب دور البطل الخارق بحماية 40 الف صاروخ : مَنْ قتل هؤلاء: مهدي عامل ود. حسين مروة، وسهيل طويله (رفاقك في الحزب الشيوعي)، ومن قتل رينيه معوض، والعلامة الكبير الشيخ صبحي الصالح، والمفتي حسن خالد وقبلهم كمال جنبلاط وبعدهم رموز 14 آذار؟ أخبرنا! ما دمت تشبّح علينا:
من صفّى المقاومة الوطنية؟ من أسقط تل الزعتر؛ من أدار حرب المخيمات.. من ضرب المقاومة الفلسطينية؟ اسرائيل وحدها، أم بالتضامن والتآخي مع نظام البعث. أخبرنا يا زياد: لماذا استبدلت المقاومة الوطنية العلمانية (الحزب القومي، الشيوعي، منظمة العمل الشيوعي) بمقاومة مذهبية (هل يُسمح لك ان تنضم الى المقاومة فعلياً!) اكثر: ما دمت متماهياً الى حدود الحلولية والصوفية بحزب الله، فمن اسس هذا الحزب واين؟ ومن صنع المقاومة المذهبية؟ ولماذا مقاومة تقتصر على طائفة معينة!
أتراه نقصاً عاطفياً يصيبك عندما تتمنى ان تكون انت ملقي البراميل المتفجرة على الاحياء؛ اترى خلخلة في حواسك الطبيعية، عندما تتمنى ان تكون انت من يقتل 1500 اعزل، يا كيماوي! هل كنت انتشيت حتى الثمالة لو فعلت ذلك، اكنت تتمنى ان تسجن بيدك 150 الف معتقل في السجون السورية اليوم..
أكانت اصابتك: “قشعريرة” المتعة وانت تسحب زلاعيم المغني القاشوش بدلا من شبيحة النظام.
أكنت تتمنى انت ان تكون قائد فرقة من الشبيحة تستبيح المنازل، وتمارس التعذيب، وتنهب المنازل، وتعتدي على النساء! أهذا ما افهمه من كلامك “لو كنت مكان النظام لفعلت الأمر نفسه”!
هو فعل ذلك، ولم يحتجْ اليك. فاسرائيل معه، والغرب معه، وروسيا معه، وايران.. يحتاج فقط هذا النظام ومعه الحزب الالهي الى طبالين ومتواطئين مع جرائمهم، ليبيضوا باقلامهم السوداء وأفواههم التي تشبه المقابر.. صفحة الاجرام..
وأخيراً متى سيُخلع عليك احد القمصان السود لتكتمل امنياتك الفنية والتاريخية والوطنية والانسانية!
وأخيراً اشتممت من حوارك انتهازية فوجئت بها، بل اكثر: اشتممت تسولاً كنت اظنك اكبر منه!
وللحديث صلة اذا اقتضت الضرورة!
منقول عن المستقبل