قصة تشبه قصص بلادي مقتبسة من رؤية إيطالية في فيلم جميل من 1977 ‘أبيض وأسود’
Un Borghese Piccolo, Piccolo’
بورجوازي صغير، صغير جداً’ إخراج مونيتشللي
Monicelli،
تمثيل ألبرتو سوردي
Alberto Sordi.
جيوڤاني موظف ذاتية في إحدى الوزارات، محدود المواهب، كاثوليكي محافظ، متزوج من سيدة محافظة لا تفوت قداساً في الكنيسة، وقد رزقا بولد يعشقه الأبوان كونه وحيد تجاوز السابعة عشرة، لكنه خامل لا يحب الدراسة.
كان جيوڤاني وزوجته مكتفيان بما قُدِّرَ لهما، يعيشان في بيت عتيق بالغ الصغر ويملكان كوخاً منعزلاً على ضفة بحيرة قريبة.
قرر جيوڤاني أن ينفض عن كاهله أحمال القدر وأن يجعل من إبنه وسيلته للترقي. كان جل ما يطمح إليه هو أن يبدأ إبنه في السلم الوظيفي من موقع أعلى من حيث سينتهي هو كمتقاعد. أحلام برجوازي صغير جداً ..
رأى في ولده نزعة الخمول فصار يُجلسه كل ليلة على طاولة المطبخ الصغيرة الوحيدة في البيت، ويبدأ بتدريسه بإصرار موقظاً إياه كلما داعب نعاس الخمول عينيه، بينما الأم تتفانى في إعداد السندويش وأنواع القهوة بالحليب …
مهمة شاقة فعلى الولد النجاح في البكالوريا ثم النجاح في مسابقة التعيين.
نجح الولد ماريو في البكالوريا وسط أجواء السعادة المنزلية، فقد حصل على شهادة لم يوفق جيوڤاني في الحصول عليها قبل أن يتوظف … وجاء الآن وقت الإستعداد لمسابقة التعيين.
لكن جيوڤاني كان يعلم أن ماريو بحاجة إلى ‘واسطة’ صلبة لكي يجتاز المسابقة.
ذهب إلى ‘ألبرتو’ مديره المباشر في العمل وقال له:
ألبرتو، ليس لي غيرك فأنا مقطوع من شجرة، ساعدني! وأخذ ينافق لألبرتو مبدياً إعجابه حتى بقطعة ‘القشرة’ التي كان ينفضها من شعره.
‘انظر يا جيوڤاني كم هي كبيرة’
‘مدهشة’ يجيبه المسكين
Phénoménale،
وبعد تكرار الرجاء، يعترف له ألبرتو بأنه عاجز عن المساعدة لكنه قدم له نصيحة العمر: عليك أن تصبح ماسونياً حتى يساعدوك، فهم يملكون نفوذاً لا حدود له.
عاد جيوڤاني إلى بيته ليستشير زوجته. يا لها من مصيبة، كيف سيسامحني يسوع! دخل إلى الحمام وأقفل الباب وبدأ يُصَلِّبُ طالباً من الرب الغفران، إذ لا توجد وسيلة أخرى لكي يُقْبَلَ ماريو في المسابقة ويتحقق حلمه.
ثم ينتقل المشهد إلى المحفل الماسوني، حيث يتم إعتماد جيوڤاني في سلسلة من الطقوس المضحكة إلى حد الوقوع أرضاً.
يصحب جيوڤاني إبنه ماريو في الاوتوبيس الى المسابقة ويلحظ في الباص الشبان التائهين الذين يتراقصون على أنغام ال
Walkman
بالمقارنة مع إبنه المهذب والأنيق الجالس قبالته، فيطمئن إلى أن الولد سيحقق آماله.
ينزلان في الساحة المقابلة لمكان المسابقة وفجأة … يلعلع الرصاص فلا يفهم ما الذي يحدث ثم يسمع صوتاً يصيح ‘انتبهوا، هناك سرقة بنك’. ينظر حوله فلا يرى إبنه … وبعد لحظة ينظر نحو الأسفل فيرى ماريو مضرجاً بدمائه وقد فارق الحياة.
تبدأ المأساة… ينهار جيوڤاني الذي فقد أمل حياته وتصاب الأم بالشلل، لنرى بعد ذلك جيوڤاني الذي قرر أن يُحَمِّل كل أشقياء العالم مسؤولية الجريمة ويعمد إلى دعوة أحد الشبان الذين يعتبرهم أشقياء والذين يلتقيهم في بار قريب من وقت إلى آخر، إلى كوخه على ضفة البحيرة حيث يقتله. ثم يأتي بوالدة ماريو المشلولة ليريها الجثة فتصدر صراخاً يصل إلى عنان السماء.
ميلودراما قل نظيرها تظهر مدى تضحية سكان المتوسط في سبيل بناء مستقبل أولادهم، ثم فُجاءَةُ الموت الذي لا يستحقونه وإتجاههم إلى الثأر ليستردوا حقهم بأيديهم.
كم من الأولاد والبنات فقدتي يا سوريا وهل سنقلد جيوڤاني؟ ساعين إلى الإنتقام العشوائي أم ننحوا إلى السلام، سلام التسامح وبناء الوطن.