هرعت أميركا على نحو طائش لشن حرب في العراق عام 2003. ولكن هذه المرة لا يستطيع أحد على أقل تقدير توجيه مثل هذا الانتقاد لها.
تسير الإدارة الأميركية على خطى حذرة لتنفيذ ما تعهد به الرئيس أوباما بـ«إضعاف وتدمير (داعش)». ويبدو بالفعل أن لديه استراتيجية يتبناها حظيت بالقبول من جانب حلفائه بالخارج، ولكن لا تزال كثير من عناصر تلك الاستراتيجية غير جاهزة حتى الآن.
قرار أوباما بشأن العراق وسوريا يشبه سياسية الحذر التي وصفها إبراهام لنكولن بـ«سياسة تتسم بالبطء»، في إشارة إلى الجنرال جورج ماكليلان. لا يزال يساور أوباما القلق بشأن التكاليف المحتملة في حال التعامل مع الأمر على نحو خاطئ؛ إنه بحاجة لمزيد من التركيز لمواجهة ذلك الأمر بشكل صحيح، بما في ذلك بناء دعم سياسي في الداخل.
ووصفت ليزا موناكو، مستشارة البيت الأبيض في شؤون الإرهاب، «داعش» بـ«خليط»؛ فهو عبارة عن منظمة إرهابية، وفي الوقت ذاته جيش مسلح. ورغم أن «العنف العشوائي» الذي يمارسه «داعش» يشكل تهديدا على منطقة الشرق الأوسط والأميركيين في المنطقة، قالت موناكو إنه «لا يوجد معلومات موثوقة» حول تخطيط «داعش» لشن هجمات على أميركا حتى الآن.
وبالتالي كيف تعتزم الإدارة إضعاف هذا العدو؟ تعد الاستراتيجية الأساسية معقولة، وهي تكمن في: العمل مع الشركاء والحلفاء، وجعلهم يخوضون في أعمال القتال على الأرض. لا للمزيد من ترك أصدقائنا يرتدون معطفنا، بينما نضطلع نحن بالأعمال القذرة. ففي هذه المرة، سوف تُقدم القوة الجوية والعسكرية الأميركية إلى الدول التي تبين أنهم يخوضون المعركة بأنفسهم.
إنها استراتيجية معقولة، ولكنها صعبة التنفيذ. تكمن المرحلة الأولى لهذه الاستراتيجية في موافقة العراق على تشكيل حكومة جديدة شاملة. ولكن أميركا تريد منهم الموافقة على برنامج أساسي – يقوم على اللامركزية، وإصلاح الجيش، وتقاسم العائدات النفطية، والتراجع عن بعض قواعد اجتثاث حزب البعث القاسية – قبل توزيع الحقائب الوزارية. فهذا من شأنه أن يضع الحصان قبل العربة بشكل سليم.
دعونا نفترض أن العراقيين قاموا بتشكيل حكومة متماسكة. الاستراتيجية الأميركية تفترض أن الجيش العراقي – الذي انهار بنحو كارثي في الموصل سوف يعاد بناؤه جنبا إلى جنب مع القوات الإقليمية، مع اعتزام وحدات يسيطر عليها السنة (تنتمي إلى المقاتلين القبليين) محاربة «داعش» في الشمال والغرب، وانضمام قوات البيشمركة وألوية شيعية إليهم – وجرى التنسيق بينهم جميعا، على نحو غير محكم، تحت إشراف وزارة الدفاع العراقية الجديدة.
وفي غضون ذلك، فتحت أميركا قناة خلفية هادئة لإيران لـ«الفصل» بين الاشتباكات المحتملة، نظرا لأن كلتا الدولتين تستخدمان القوة الجوية من أجل مهاجمة أهداف «داعش». هذه تمثل سياسة معقولة، وقد تمثل بداية لمناقشات أوسع نطاقا.
وتجمع المرحلة الثانية من استراتيجية الإدارة الأميركية الحلفاء في المنطقة لتشجيع المسلمين السنة في العراق وسوريا على محاربة «داعش». وحتى الآن يعد الحلفاء الثلاثة الرئيسيون هم: السعودية والأردن والإمارات.
ويكمن الجزء الأصعب من الاستراتيجية في سوريا؛ حيث يدعي البعض في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة تقصف المراكز اللوجيستية والتدريبية في سوريا التي تعد ملاذات آمنة لـ«داعش». قد تعد تلك الهجمات قادمة، ولكن يريد المسؤولون الأميركيون التأكد من أنه بمجرد بدء القصف الأميركي داخل سوريا، سيكون المقاتلون المعتدلون من الجيش الحر السوري على أهبة الاستعداد لملء الفراغ.
وقد دربت وكالة الاستخبارات الأميركية سرا بالفعل، أكثر من أربعة آلاف من المقاتلين التابعين للجيش السوري الحر، ويمكنها زيادة هذا العدد بشكل سريع. كما تعتزم أميركا أيضا التدريب العلني لعشرة آلاف أو أكثر من السوريين، في إطار قوة مستقرة يمكن أن تسيطر على المناطق التي اضطر متطرفو داعش إلى التخلي عنها.
هل ستعمل هذه الاستراتيجية؟ لقد شدّت من أزري التعليقات التي أدلى بها الشيخ أحمد الجربا، الرئيس السابق للمعارضة السورية، والآن هو رئيس غرفة العمليات المناهضة لـ«داعش». وفي مقابلة أجريت معه، كان يتفق الجربا مع الإدارة الأميركية في أن الغارات الجوية في سوريا «لن تكون فعالة إلا مع دعم المقاتلين على الأرض». وأوضح أن لديه أربعة آلاف من نشطاء الجيش السوري الحر في شمال سوريا يعملون بالتعاون مع عدد مماثل تقريبا من المقاتلين من أبناء العشائر السورية، مشيرا إلى أنه قام بتنسيق العمليات مع زعيم الأكراد مسعود بارزاني. وقال الجربا، مخاطبا الفريق الذي يعلن عن عمليات الذبح الوحشية: «معظم السوريين يعتقدون أن داعش أحمق»، وأضاف: «نحن السوريون لا نقبل بوجود هذا السرطان في جسمنا».
استراتيجية أوباما الناشئة ببطء ضد «داعش» سوف تنجح بقدر نجاح الجربا والآلاف من السوريين والعراقيين الجديرين بالاحترام في مواصلة العمل على تنفيذ هذا التعهد حتى النهاية.
* خدمة {واشنطن بوست}
تقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :