بمجتمع يُحرم الحب ويُحلل الكراهيّة بأشكالها

ربّما لأوّل مرّة اتحدث عن شأنٍ اسريّ خاص ، لكن رأيت من اللازم الحديث عنه ، لكون هذا يمر به كثير من النساء بسبب muf16عادات إجتماعيّة وتقاليد حجريّة,فلدي أخت تعمل ممرضة ، وتعتبر من اوائل السعوديّات اللّواتي عملن في هذا المجال ، وقبل ثمانية عشر عاماً كان عمل السعوديّة كممرضة معيب وفاضح وتلحقها الألسنة الداشرة وقليلة الأدَب قذفاً ليس عليها فقط، بل حتّى على أسرتها بالكامل، رغم معارضة بعض الأخوة لعملها في هذا المجال، الاّ ان الظروف بشكل او بآخر تمّمت عملها في المجال التمريضيّ الطبّي حتّى هذه اللحظة التي صارت رئيسة الطّاقم التمريضي في مستشفى خاص شهير، ومعروف وكأسرة بمجتمعٍ متخلّف معبأ برائحة الإسلام ومشبّع بزيوته القاتلة، كان ولا يزال يلحقها الكلام السلبيّ! تصوّروا؟،، لا اخفي عليكم انّها قد تخطّت الأربعين الآن دون زواج وهذا السّن يُعتبر اجتماعياً بمثابة العانس تلك الكلمة الكريهه جداً التي اشمئزّ منها حقّاً وكل عاقل كذلك. لقد كان شرط من يتقدّم لها ان تترك عملها التمريضيّ المُختلط، لكنها ترفض تماماً هذا الشرط وفضّلت العمل على الزواج.

قبل ثلاثة اشهر من الآن جائتني ترقية بالعمل، واتّصلت بها لأبشّرها، فدعتني لوجبة عشاءٍ بمطعم ايطاليّ فاخر ، واستغلّيت هذه الفرصة لأتحدّث معها عن الحب والزواج .
كانت شقيقتي قد أبدَت ارتياحاً كبيراً في الحديث حول هذا الموضوع وهي تحدّثني عن زميلتها فلانه التي تزوجت بزميلها فلان واخرى تزوجت بطبيب تعمل معه! وكانت تُكثر من قول (خلاص الناس تغيّروا وهذا المفروض والله!)، لقد قررت انذاك ، ان اتعامل معها كصديقة وليست اختاً فقط، سيما انها تكبرني وانا شخصياً احترمها كثيراً واقبل رأسها في كل مرّة اسلّم عليها.
قلت مازحاً ربما هناك شخص يلفت نظرك في المستشفى، اليس هذا افضل ان يختار انسان شريك حياته؟ وتابعت : ليتني اعمل بمكانٍ مختلط، لربّما اخترتُ بنفسي شريكة حياتي واتزوّجها حباً كما تزوّجت زميلتك بزميلها الآخر.. حقّاً انا احسدهم على زواجهما! لكنها لم تجيب الاّ بضحكه

بعد اسبوعين مِن حديثنا ، اتّصلت بي وطلبت مني الحضور للمستشفى، فلديها بعض الأوراق التي تحتاج وجود محرم (!!) .وعندما انصرفت قالت وهي منهمكة بالعمل مع زميلتها الفلبينيّة ، سأبعث لك برسالة اقرأها .فبعثت اليّ رسالة من صيغتها وكثرة (الفيسات ذات ملامح خجوله) فيها اصفها بالرسالة الخجولة (!)، خلاصتها ان ثمة طبيب في قسم مجاور يريد التقدّم لها واقسمت انه لم يلمسها وكل مابينهم كلام فقط ، فرحت كثيراً، وأخبرتني بأنه زميلها طبيب، ويريد ان يتحدّث معي، وقلت له سأعتبره صديقي امام العائلة (!)، اعطته رقمي واتّصل بي، فطلبت منه الحضور لشقّتي وتناول القهوة عندي لأتعرّف عليه ، لا يهمني ما يكون، يكفي ان تكون اختي تعرفه جيّدا وهم يعلمون معاً لساعات طويلة ..فدوري هو امام اسرتي انّ هذا الشخص صديقي وقد اخترته زوجاً لأختي وصادق ان يكون بنفس المستشفى الذي تعمل به كي لا يُسبّبوا لأختي مشكلة لكونها على علاقة بشخص قبل الزواج، فكنت امثّل على اهلي انه صديقي وانه من المستحيل ان نجد افضل منه!
لقد سلكت الأمور على ما يُرام ونشتهي،وجرت خطبة رسميّة قبل اسبوعين من الآن.

*رغم انه موضوع اسري خاص، الا انّ مجرد حصول هذا لهو بحد ذاته فخر، قرّرت الكتابة عنه رغم تردّدي ، اجل فخر ان تجمع اثنان يُحبان بعضهما البعض وتكون سبباً في تقاربهما بمجتمعٍ يُحرم الحب ويُحلل الكراهيّة بأشكالها.

About عبد العزيز محمد - فكر حر

عبد العزيز مفكر سعودي حر
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.