كلما طالب أحد رجال الأزهر وقادته بتغيير المفاهيم الدينية الداعية للتطرف، انبرى لنا شيخ الأزهر بمقولته الشهيرة إن ذلك -وإن تم- فلا بد أن يتمَ “دون المساس بالثوابت الدينية”.
والكل يخاف من هذه الكلمة بل ويرتعد حتى من الاقتراب من تعبير “ثوابت الإسلام”.
و علينا قبل أن نناقش هذا الموضوع الهام أن نفرق وبوضوح بين ما يسمى بالثوابت الدينية و بين “المُسَلَمات” فى الدين مثل الإيمان بالله و الملائكة و الكتاب و النبيين كما جاء فى الآية الكريمة “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ”. وليس هناك غضاضة في اعتبار هذه المسلمات ثوابت لا يكتمل الدين الإسلامى من دونها.
أما ما يطلق عليه البعض اليوم “الثوابت الدينية” فهي في أغلب الأمر ما يصفه الفقهاء بـ”المعلوم من الدين بالضرورة”. وهذا التعبير هو تعبير فقهي محض لا وجود له فى القرآن ولا حتى فى الأحاديث النبوية ولا علاقة له بالمُسَلَماتِ الدينية أو الإيمانية المذكورة في الآية السابقة.
و يحلو للبعض أيضا استخدام تعبير “إجماع الأمة” وزجر أي شخص حتى عن مجرد التفكير فى مناقشة ما “أجمعت عليه الأمة” كما يقولون. والعجيب هنا أنهم يستخدمون كلمة “إجماع” من دون وجود دليل واحد على أنه “إجماع” حقا.
فكلمة إجماع تعنى أنه لا يوجد ولو شخص مسلم واحد فى الأمةِ الإسلامية (أى ما يزيد عن مليار و نصف مليار مسلم) معترض عليه. و ذلك – أي عدم اعتراض ولو مسلم واحد عليه – يفوق المستحيلات حتى فى تصوره، فما بالنا بحقيقتِه التي تتناقض مع الواقع بصورة صارخة.
ومبدأ أن إجماع الأمة هو شيء لا يجوز الخوض فيه و لا يحق لأحد أن يناقشه أو أن ينقضه هو مبدأ يتناقض ليس فقط مع دعوة القرآن للتفكر والتدبر، ولكنه أيضاً يتناقض مع صريح القرآن الذى أقر بوضوح و من دون مواراة أن الغالبية والأكثرية تكون غالباً على ضلال “وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ،” ولذا فإن مبدأ وجوب الاتباع لمجرد أن عليه “إجماعا” أو أن الأكثرية توافق عليه هو مبدأ يتناقض مع القرآن ذاته.
والكارثة الحقيقية لا تكمن هنا فقط بل أيضا في ما توافق عليه من يسمون أنفسهم علماء الدين بشأن هذه “الثوابت الدينية”. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن قتل المرتد و رجم الزانية و إنهاء حياة المثليين بصورة وحشية وإعلان القتال على غير المسلمين لتخييرهم بين الإسلام أو الجزية أو القتل و أخذ النساء سبايا حرب لاغتصابهن و بيعهن رقيقا – هو عندهم من الثوابت الدينية التى لا يختلف عليها الفقهاء!
والحقيقة المؤلمة أن غالبية الفقهاء الإسلاميين لا يختلفون بالفعل على هذه “الثوابت”، وأن اختلافهم فقط هو على طريقة تنفيذها. فمثلا يكون اختلافهم: هل يا ترى يقتلون المثليين حرقاً أم ذبحاً أم بإلقائهم من فوق جبل عال؟ وهل يا ترى يعطون للمرتد فرصة للاستتابة أم يقتلونه فوراً فى بعض الأحيان مثل حالة سب الرسول؟ وما هو حجم الحجارة المناسبة لعملية رجم الزانية حتى تزهق روحها أمامهم دون أن يتحرك لهم ساكن؟
ولا يسعنى ها هنا إلا أن أقول -إن كانت هذه هى ثوابتكم- فتباً لهذه الثوابت.
أما إن كانت الثوابت الدينية هى احترام حرية العقيدة، ” فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”، و عدم العدوان على الآخرين، “وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” و رفض أخذ أسرى فى الحرب أو استرقاقهم، ” فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً”. فأنا أول من يقول في هذه الحالة – بل و يصرخ بصوت عال – أنه “لا مساس بالثوابت”.
وليتنى كنتُ أسمعكم تقولون إن الثوابت الدينية هى الرد على الإساءة بالإحسان،”ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ “، والتعامل ببر ورحمة مع كل من يعيشون معنا وبيننا فى سلامٍ مع اختلاف فكرهم أو عقائدهم الدينية كما قال القرآن: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” – فصوتى و صوت كل دعاة السلام في العالم حينئذ كانوا سيؤيدون دعوتكم إلى عدم المساس بهذه “الثوابت”!
و على رجال الدين الإسلامي وشيوخ الأزهر الأفاضل إما أن يعلنوا عن تغيير ما يسمونه (هم) بالثوابت الدينية، أو لا ينتظرون غير المزيد من الهجوم على الإسلام ووصفه بالوحشية و نعته بالهمجية.
و الخيار هنا ليس خيارا بين ثوابت وبين متغيرات بل هو خيار مصيري بين الإنسانية وبين الهمجية و بين الحضارة و بين التخلف وبين الخير وبين الشر.
و الأمر متروك لهم.
المصدر موقع الحرة
الثواب الدينية من السهل وضعها في ايطار دوله اسلاميه. اين هي اين هي؟ فلنتذكر ان الاسلام على اختلاف باقي الديانات والمذاهب ليس فيها “الباباويه” لذلك اي “ثوابت يتم وضعا لاحقا ستتفجر في تيارات تحزب و عنف ضد فئات من المجتمع
مشكلة الاسلام ان القران مليئ بالمتناقضات فهنالك آيات تدعو الى التسامح واحترام بقية الأديان في الوقت الذي هنالك آيات القتل وتحقير الاخر هذه حقيقة والمسلمين الشرفاء يعترفون بها. والمسلمين يتخبطون اي منها يطبقون أيهما الصحيحة وأيهما المنسوخة بالاضافة الى كتب اخرى للبخاري وابي هُريرة المليئة بالخرافات والتي يعترف بها كثير من المسلمين واني براءي أساؤوا للإسلام اكثر ما نفعوه . أيا كانت الثوابت فان أراد المسلمون ان يحترمهم العالم يجب ان تحترم حقوق الانسان وبقية الاديان وعدم احتقارهم والاساءة اليهم