لقد دخل نظام الأسد منذ زمن بعيد في حالة التصدّع. والأمم المتحدة تتحدث عن سبعين ألف قتيل في النزاع السوري العنيف، الذي دخل هذا الشهر سنته الثالثة. وكانت الأيام الأخيرة عنيفة بشكلٍ كبير، وواضح. حمام الدماء مستمر، والوضع في سوريا مماثل في جدله، وضجيجه المشروع النووي الإيراني، فالعالم كلّه يندّد، ويشجب، ولا شيء حقاً يتغير.
وفي خضمّ هذه الأحداث المتسارعة مازالَ الأسد في دمشق على يقين مطلق بأنه قادر على البقاء، والاستمرار. فهو على قناعة تامة بأنّ جميع الأقليات في دولته، بالإضافة إلى 30% من المسلمين السنة، خائفين من المستقبل الإسلامي لسوريا، أكثر بكثير من خوفهم من استمرار حكمه، أو زواله. كما أنّ الأسد على ثقةٍ كبيرة بأنّ الغرب في حالةِ قلقٍ، وخوف من أن يؤدي انهيار نظامه إلى اضطرابات دموية في لبنان، وفي الأردن. بالإضافة إلى أنّ الأسد يعرف تمام المعرفة بأنّ الغرب لا يعول على الثوار، ولهذا فهو لا يسارع إلى تسليحهم. ولهذا فهو يحافظ على السكينة والثقة. كما أنه على قناعة راسخة بأنه سينجح في هزيمة منظمات “الإرهاب” في سوريا، وأنّ الغرب لن يفعل شيئاً من شأنهِ أن يعجّل من سقوطه.
إلا أنّ هناك طرحاً سياسياً جديداً بدأت روسيا بانتهاجه، وذلك بالتنسيق والتعاون مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. فقد نشر موقع ديبكا الإسرائيلي المعروف بقربه من الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، معلومات تؤكّد أنّ روسيا، وأمريكا اتفقتا على إنشاء خطوط هدنة لتقسيم سوريا إلى قطاعات منفصلة، جزء منها ستكون تحت سيطرة الثوار(كتائب المعارضة)، والجزء الآخر تحت سيطرة نظام الأسد. وبالنهاية تقسيم سوريا إلى دويلات على حسب الانتماء القومي، أو الاعتقاد المذهبي، لتكون-ربما- أنموذجاً عربياً متقدماً على الفيدرالية العراقية. بعد ما شاعَ من أمر الاستعصاء العسكري على الأرض لصالح أحد الطرفين المتصارعين، فتذرعوا بعد الوصول إلى صيغة توفيقية ترضي أحد الطرفين المتنازعين. وستكون خطة التقسيم هذه حسب ما أفادته مصادر الموقع، أساس العملية السياسية الأولى التي ستطرح للاتفاق لإنهاء عامين من الحرب الأهلية القائمة بين الأسد ومعارضيه. وأنّ الدولتين مصممتان على المضيّ قدماً تحتَ الإشراف الروسي الأمريكي المشترك. وتضيف مصادر ديبكا أنّ هناك عملاً جماعياً بين واشنطن وموسكو في السعي وراء هذه الخطة، التي هي بمثابة وثيقة. كما اتفقتا معاً على الحصول على أنواع الأسلحة التي سيتمّ توريدها إلى كلّ مجموعة من المجموعات المتمردة، وتقاسم التكاليف.
وهذا هو جديد السياسة الأمريكية في سوريا، لأنه يقوم على اعتراف واشنطن بالوضع الجديد، وضرورة التعاون مع موسكو، بما في ذلك قبول حكم الأسد، من أجل إنقاذ بقايا النفوذ الأمريكي في معسكر المعارضة السورية.
إدارة أوباما كما يذكر الموقع وصلت في النهاية إلى استنتاج مفاده أنّ الطريقة الوحيدة لاحتواء القوى الإسلامية في سوريا، والإبقاء على قدر من السيطرة الأمريكية على المتمردين، هو السير مع خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه سوريا، حتى لو كانت تمرّ بالحفاظ على بشار الأسد في رأس السلطة حتى عام 2014.
هذا وقد نشر الموقع ذاته في فترة سابقة تفاصيل حصرية عن الإجراء الذي يحاول الرئيس أوباما تنفيذه بمساعدة من موسكو. وتتضمن هذه الخطوة السياسية التي تعمل عليها واشنطن وموسكو سوياً مع طهران على بلورة اتفاقيات بشأن الملف النووي الإيراني والوضع في سورية. مما يعني تقاسم النفوذ بين روسيا، وإيران، والإدارة الأميركية في سوريا، بحيث تضمن بقاء واستمرار مصالحها في منطقة الشرق الأوسط.
وكان الموقع قد ذكر أنّ: الإعلام الإسرائيلي نجح خلال الفترة الماضية في منع وصول هذه المعلومات، وكلّ ما يتعلق بهذه القضية إلى الرأي العام الإسرائيلي، وعدم ذكر أي شئ عن دور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في هذه الصفقة الجاري إعدادها بين أوباما، وبوتين، وخامنئي. وأكد الموقع الأمني الإسرائيلي أن هذه ليست إلا البداية لما سيحصل في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة.
*عنوان المادة الأصلي :קווי שביתת נשק וחלוקת סוריה
عن موقع ديبكا الإسرائيلي، 1/3/2013