بلا ” تليد ” بلا بطيخ … الاعدام بعصر البيضات

isisbeheading2

داعش تقطع رأس بوحشية

throwing a man isis

داعش تعدم برمي متهم باللواط من شاهق

د. أسامة فوزي
نشر هذا المقال اول مرة في عرب تايمز عام 2005 واعيد نشره بتصرف في 2016

* لا تمر مناسبة الا ويتحدث فيها الحكام العرب عن تاريخنا العربي ” التليد ” مع ان جميع الحكام لا يعرفون معنى كلمة ” تليد ” ومنهم لم يقرأ في التاريخ العربي اكثر من سيرة المهلهل وسيرة عنترة وسيرة الاميرة ذات الهمة …. وملك مثل ( عبدالله ال سعود ) لم يقرأ حتى هذه السير … لانه عاش ومات اميا لا يقرأ ولا يكتب .

* ولسبب اجهله كنت اكثر الناس كرها لحصة ” التاريخ ” في المدرسة وبقيت على كرهي لهذه المادة حتى عندما التحقت بكلية الاداب في الجامعة الاردنية عام 1969 … ولسبب اجهله ايضا اصبحت بعد ان تجاوزت الاربعين من العمر مصابا بداء التاريخ ومدمنا على قراءة كتب التاريخ الى درجة المرض فأنا لا استطيع ان انام قبل ان اقرأ كتابا في التاريخ وغالبا ما تركبني الكوابيس بخاصة عندما يكون الكتاب عن تاريخنا العربي ” التليد ” .

* لعل اكثر ما يقشعر بدني ونا اقرأ في تاريخنا العربي ” التليد ” هو حجم القتل والذبح وسفك الدماء والتفنن في عمليات الذبح مما لا اجد له مثيلا في تاريح الامم الاخرى و ما فعلته وتفعله الان داعش هو جزء لا يزيد عن واحد بالمائة بما فعله الامراء والخلفاء في تاريخنا العربي ( التليد ) … فنحن – العرب – مثلا اول من ابتكر وسائل القتل بالتوسيط والتفليق والتكحيل وعصر البيضات والشي في التنور والسلخ والتفصيص والنفخ والخازوق والتقطيع والدفن للاحياء والسحل … بل وتبادل الرؤس البشرية كهدايا وتذكارات .

* اما ” التوسيط ” فهو القتل بالسيف عن طريق قطع الانسان الى نصفين من الوسط اي من فوق السرة …ومن ذلك مثلا ما كان يفعله الامير صلاح الدين محمد بن ايوب الغساني الذي كان يعاقب من يخالفه الرأي مهما كان هذا الرأي تافها بالتوسيط حيث كان يشير الى ثلاثة من العبيد المرافقين له بالقول : وسطوه … اي اقطعوه من الوسط وهو نوع من القتل ابشع من ضرب العنق او القتل بقطع الراس او الرقبة على طريقة سياف ال سعود … او ذباح داعش

* أما ” التفليق ” فأكثر بشاعة … حيث كان الحكام العرب يأمرون بفلق خصومهم بالسيف بشكل عامودي من اعلى الرأس حيث يتم قطع الرجل الى نصفين وهو واقف .

* الخليفة العادل هارون الرشيد لم يكن عادلا الا في كتب التاريخ التي الفها المنافقون في قصره … اما واقع الحال فيقول ان هارون الرشيد ( ملك الغواني والجواري والساقطات ) كان يتفنن في قتل خصومه بوشاية تصل اليه او لخلاف على امرأة … كما فعل مثلا مع بشير ابن الليث الذي لم يكن له من ذنب الا كونه اخ ” رافع بن الليث ” احد خصوم الرشيد … فحين وقع بشير في قبضة الرشيد امر احد اللحامين ان يستخدم سكينا صدئة ( من غير تجليخها ) في سلخ بشير ابن الليث عظمة عظمة وهو حي … وجلس هارون الرشيد مع جواريه ليستمتع بمشاهدة هذا المنظر … ولعل ما فعله الرشيد مع صديق عمره ” جعفر البرمكي ” – وكان هذا اخا له بالرضاعة – يكفي للدلالة على وحشية هذا الخليفة الذي تصفه كتب التاريخ العربي ” المدرسية ” بالعادل … فقد قتل الرشيد جعفر البرمكي وقطع رأسه وامر بجثته ففصلت وعلقت على ثلاثة جذوع راسه في جذع وجسده على جذع وسائره على جذع …. ولما وشى البعض للرشيد بأن صديقه وجليسه الشاعر منصور النمري قد نظم قصيدة يذكر فيها احقية العلويين بالولاية بعث الرشيد الى النمري بجلاد وطلب منه ان يسل لسانه من قفاه ويقطع يده ورجله ثم يضرب عنقه ويحمل رأسه الى بغداد.

* هذا العنف الدموي في عهد الخليفة العادل هارون الرشيد انتقل الى اولاده من بعده … والحروب بين ولديه الامين والمأمون اسفرت عن قتل عشرات الالوف من العرب والمسلمين … وانتهت كما نعرف بقطع الاخ رأس اخيه وتعليقه على مداخل بغداد ليكون عبره لبقية اخوانه

* مثلا … عندما اختلف السلطان صمصام الدولة مع اخيه ( ابن امه وابيه ) السلطان شرف انقلب ( شرف ) على اخيه الصمصام ( تعشى به قبل ان يفطر صمصام به ) كما يقال فقام بتكحيله بمسمار محمى فأعماه … اما الخليفة القاهر بالله فبدأ عهده الزاهر بتعليق ام الخليفة السابق المقتدر – وهي امه بالرضاعة – من رجليها الى ان ماتت … ولما انقلب عليه الخليفة الراضي فعل به كما فعل هو بأخيه … اي كحله بمسمار محمي فعماه …. وتركه يتسول في شوارع بغداد وهو ” ملتف بكساء قطني وفي رجله قبقاب خشب ” كما ذكر ابن كثير في تاريخه ” البداية والنهاية ” . وهذا هو بالضبط ما فعله الشيخ سعيد المكتوم حاكم دبي وجد الشيخ محمد بن راشد المكتوم بأولاد عمه … فبعد ان اختلف معهم على مداخيل الامارة من الدعارة التي كانت انذاك ( في 29 مارس عام 1938 ) مزدهرة في خليج دبي .. غدر بهم .. حيث دعاهم الى فرح ( عرس ) ابنه راشد ( والد حاكم دبي الحالي ) وقبل الزفة عصف بهم … قام اولا بتكحيلهم ( حتى اصيبوا بالعمى ) ثم وضعهم عراة في قوارب ورماهم في مياه الخليج حتى يموتوا عطشا وتعرف هذه الواقعة في كتب التاريخ الاماراتي باسم ( يوم الوهيلة ) ولم ينفذ من العقوبة الا واحد من اولاد العم تأخر في حضور الفرح وهرب بعد الجريمة الى الشارقة التي لا زال اولاده واحفاده يعيشون فيها وكنت اعرف – عندما عشت في الشارقة في عام 1981 ثلاثة منهم … يومها دخل الشيخ راشد ( والد الحاكم الحالي ) على ابنة عمه ( الشيخة حصة ) ليحتفل بانتصاره وذبحه لاولاد عمه .. وانجب منها الشيخ مكتوم والشيخ حمدان والشيخ محمد ( الحاكم الحالي ) الذي تخلص من اخيه مكتوم في مسرحية موت مكتوم بالسكتة القلبية في اسطبل وهو في استراليا .. ثم وضع الاخ الثاني الاكبر منه ( الشيخ حمدان ) مع اولاده قيد الاقامة الجبرية .. وتولى الحكم

* ارجو ان لا يفهم ان هذا العنف الدموي في تاريخنا العربي ” التليد ” يقتصر على التاريخ القديم … ففي العصر الحديث ارتكب الحكام جرائم اكثر بشاعة تطورت وسائلها بتطور نوعية السلاح … وتحولت عمليات القتل الى مناسبات احتفالية يشارك فيها العوام … فالامير عبد الاله الوصي على العرش العراقي سحل في شوارع بغداد من قبل العامة حتى ذابت جثته وفقدت ملامحها … وجثة عبد الكريم قاسم اكلتها الكلاب وما تبقى منها اطعم للسمك … وجنرالات الانقلاب في سوريا ابتداء بحسني الزعيم تفننوا في القتل والتصفية … وجريمة تقطيع الفدائيين الفلسطينيين الجرحى في مستشفى البشير بعمان بالبلطات خلال مجازر ايلول على يد القوات الاردنية الخاصة لم تجد بعد من يسال ملوك الاردن عنها .

* اما ناظم الكراز رئيس المخابرات العراقية في السبعينات فقد تفنن في عمليات القتل وتفرد بها … فعندما رفض ثلاثون معتقلا من احد التنظيمات المعارضة الاعتراف على زملائهم خارج السجن احضر ناظم كزار تابوتا خشبيا ومنشارا كهربائيا الى مقر السجن ووضع رئيس المجموعة امام رفاقه داخل التابوت ونشر التابوت الى نصفين فانهار الجميع من هول الموقف واعترفوا بما ارتكبوه وما لم يرتكبوه .

* تاريخنا العربي ” التليد ” تاريخ غير مشرف … وما كان يدور في قصور حكامنا العرب من دعارة ولواط وسكر وعربدة وقتل وتعذيب ومؤامرات لا تجد مثيلا له في تواريخ الامم الاخرى … والعجيب ان هذه الجرائم التي لا يقرها عقل ولا دين كانت تتم احيانا تحت شعارات دينية وكان المجرمون يزعمون انهم خلفاء للامة العربية والاسلامية وانهم من الاشراف وبعضهم كان يزعم انه من سلالة النبي والهدف طبعا هو اضفاء الشرعية على عمليات القتل والسحل والاغتصاب والسرقة التي تمارس بحق الاخرين .

* التزوير في تاريخنا العربي ( التليد ) لم يتوقف … واصبحت له عدة اشكال ولم يقتصر على تأليف الكتب … فهناك المحطات التلفزيونية ومواقع الانترنيت والاذاعات … كلها اصبحت ميادينا للتزوير … ولجأ الشيخ محمد بن راشد المكتوم مؤخرا الى وسيلة تزوير جديدة … فهذا الشيخ الجاهل الذي لم يكمل تعليمه الثانوي ينشر هذه الايام اعلانات في مجلات الكومبيوتر … في اعلانه الذي تتصدره صورته عبارة تقول ” تفضلوا بزيارة الموقع الخاص بالفريق الاول سمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم حيث تلتقي فيهه اعذب الكلمات واروع المعاني مع الرؤية الحكيمة لفارس العرب واميرهم ” .

* هذا الشيخ الشخاخ اصبح ” فارس العرب واميرهم ” … فمن فرسه علينا ومن امره على العرب غير فلوسه واعلاناته ؟ … ومن المؤكد انه بعد الف عام سيقرأ العرب في التاريخ اسم المذكور موصوفا بلقب ” فارس العرب واميرهم ” فيختلط الامر على القاريء كما يختلط الان علينا امر هارون الرشيد مثلا … لان مشيخة قطر – مثلا – تقدم حاكمها السابق حمد ( زوج موزة ) والذي حلق لابيه على الناشف – وهو اتيس من محمد بن راشد – بصورة ” فارس العرب واميرهم ” … وابو ظبي لا ترى الفروسية الا في محمد بن زايد ( لا يحمل حتى التوجيهية الاماراتية ) … ومشيخة البحرين جعلت اميرها الفارس ملكا … وهلم جرا .

* الم اقل لكم … تاريخنا العربي التليد مزور .. بلا تليد بلا بطيخ

This entry was posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.