بغداد .. من اخر والي مملوك الى اخر والي عثماني-الجزء الثاني

((بغداد .. من اخر والي مملوك الى اخر والي عثماني ((الجزء الثاني

حريم السلطان

حريم السلطان

بقلم;عضيد جواد الخميسي

الوالي مصطفى عاصم باشا(1887 – 1889)
في ايام هذا الوالي ظهر صراع بينه وبين نقيب أشراف بغداد[ السيد سلمان الكيلاني] ، . وسبب هذا الصراع هو إن الوالي كان من اتباع[ أبو الهدى الصيادي] رئيس الطريقة الرفاعية، ولما كان للكيلاني حظوة لدى السلطان فأدى هذا الأمر غلى نفور أبو الهدى الصيادي ، .وقد عانى السيد سلمان الكيلاني طوال المدة التي كان فيها مصطفى عاصم باشا واليا على بغداد. وفي صيف 1889 ظهرت الكوليرا في العراق وقد هرب الموسرون والحكام والأجانب من بغداد متجهين نحو البراري حيث خيموا هناك وقد استمر الوباء ثلاثين يوما ثم اخذ يتضائل تدريجيا شيئا فشيئا . وخلال تلك الفترة توفي [ عبد الله إبراهيم سوميخ ] وهو رئيس الحاخامات اليهود في العراق ، ولم يشأ اليهود دفنه في مقابرهم العامة والتي كانت تقع في الجهة الشرقية من بغداد ، وقد حصل اليهود على إذن من الوالي بدفن الحاخام عند مرقد النبي[ يوشع] ، ولكن عندما أراد اليهود فتح باب المقبرة عارضهم سادن المقام وتطور الأمر إلى مشكلة كبيرة بين المسلمين ومعهم رئيس بلدية الكرخ [عبد الله الزيبق] وبين اليهود يساندهم أمير اللواء[ سعيد آغا] حيث قاموا بكسر باب المرقد ودفنوا الجثة داخل السور المحيط بالمرقد ، وعندما علم الوالي بالامر، أمر بالقاء القبض على رئيس الحاخامات الجديد ورفقاؤه الذين كانوا معه وحبسوا في الكنيس الخاص باليهود ، وقد إنتشر هذا الخبر في أوروبا وثارت ضجة حوله وقد طلب الوالي مصطفى عاصم باشا من السلطان عبد الحميد الثاني بإخراج جثة الحاخام من مدفنها ودفنها في مقبرة اليهود العامة وقد وافق السلطان بهذا الاقتراح ، وتم نقل الجثة في ليلة يوم 11 كانون الأول من نفس السنة وفي اليوم التالي غادر الوالي مصطفى عاصم باشا بغداد حيث تم نقله إلى ولاية أخرى .

تولى سري باشا (1890ـــ1891) خلفا لمصطفى عاصم باشا، وكان عهد هذا الوالي من أبشع العهود من حيث انتشار ظاهرة الرشوة والمحسوبية والتفسخ لدى مؤسسات الدولة في بغداد. وكما تميز عهد سري باشا باضطهاد البابيين فقد نفي رئيس الطائفة البابية في بغداد [الحاج محمد حسين الأصفهاني ]إلى الموصل في سنة 1891 ، وفي 1891 تبادل كل من حسن باشا (1891ـــ1896) والي ديار بكر مع سري باشا على أن كل منهما يحل محل الآخر في ولايته وقد دامت ولاية حسن باشا قرابة خمسة اعوام ، وفي عام 1896 عين عطاء الله الكواكبي(1896ـــ 1899) واليا على بغداد وقد دامت مدة ولايته قرابة ثلاثة أعوام وفي عام 1899 عين والي طرابلس الغرب نامق باشا (1899ـــ1902) والذي لقب بـ(الصغير) للتميز بينه وبين والي بغداد الأسبق نامق باشا (الكبير). حاول هذا الوالي بالتشبه بوالي بغداد الأسبق مدحت باشا من خلال قيامه بالكثير من الإصلاحات في الإنشاء والتعمير .
يبدو ان المنجزات التي قدمها الوالي مدحت باشا اثناء فترة ولايته لبغداد ، جعلت بعض الولاة الذين جاؤوا من بعده ، ان يحذوا حذوه في القيام ببعض المشاريع الاصلاحية ، وربما اراد الوالي نامق باشا ان يتفوق على سلفه مدحت باشا من حيث الانجازات والخدمات ، ومن تلك الاعمال التي قام بها نامق باشا -;-
1. انشأ اول مدرسة للاناث ، وانشاء مدارس جديدة في بغداد واخرى في الحلة والديوانية وخانقين ومندلي ، وحينما وجد صعوبة في استقدام معلمين من اسطنبول ، بنى داراَ للمعلمين في بغداد ،والحق بها قسم داخلي لسكن الطلاب الوافدين من كافة الالوية العراقية .
2. اعادة نشاط مدرسة الصنايع للايتام التي كانت قد اهملت بعد رحيل مدحت باشا ، وشارفت على الاندثار، اذ لم يبق فيها عند مجيء نامق باشا سوى اربعين تلميذا من اصل مائتي تلميذ !! ، فانبرى هذا الوالي لاعادة الحياة فيها من جديد ، فرمم بنايتها واضاف لها قسما خاصا بالنجارة ، كما ادخل مادة الموسيقى ضمن المناهج ، وجاء بطاقم تدريسي كاملا من اوروبا ، وقد وصل عدد الدارسين الى المائة والثلاثين تلميذا .
3. كان المستشفى الذي بناه مدحت باشا قد اهمل مثل مدرسة الصنايع ، حتي ان بناية المستشفى تحولت في 1896 الى مدرسة!!! ، ولما جاء نامق باشا اسرع الى تشييد مستشفى جديد في باب المعظم ، في الموضع الذي اقيمت فيه السجون بعدئذ ، وجهزت بالادوية والادوات والمستلزمات الجراحية والاسعافية من اوروبا .
4. واذا كان مدحت باشا قد اسس ترامواي الكاظمية، فان نامق باشا اسس شركة نقل بالعربات التي تجرها الخيول ، وتسير بانتظام بين بغداد وبعض المدن القريبة منها ، كالحلة وكربلاء وسامراء وبعقوبة ، وهي الشركة التي اطلق عليها [ الكومبانية ] واشتركت في تاسيسها بعض الاسر البغدادية وكبار تجارها ,,كعارف اغا,, واخرين .
5. الجسر الذي انشأه مدحت باشا ، قد تهاوى ، وكان كثيرا ماتتقطع اوصاله ،وفي كل مرة يقوم البغداديون باصلاحه!!! ، فما كان من نامق باشا الا ان اوعز الى مدرسة الصنايع ببناء جسر جديد، اكبر حجما ومتانة من الجسر السابق .واطلق عليه ,, جسر بغداد,, ومن المفارقة من أن الوالي نامق باشا قد عزل من منصبه كوالي بغداد يوم افتتاح الجسر وقد قام بافتتاح الجسر نيابة عن الوالي قاضي بغداد بصفته وكيلا للوالي سنة 1902
6. كان من اثار نامق باشا ,, سراي الكاظمية,, وكان سرايا فخما في حينه وقد جرى الاحتفال بوضع حجر الاساس في20/10/1900 ، والذي ارهق ميزانية بغداد ، والذي لم يصمد سوى نصف قرن!!،والذي ظل قائما حتى عام1951 .
بعدها تتابع الولاة في حكم بغداد ، وفي ولايتهم لم تحصل تغييرات كثيرة ،بل بقي الحال كماهو ، وهم-;- احمد فيضي باشا(1902ـــ1904) ، عبد الوهاب باشا(1904ـــ 1905) ، عبد المجيد بك(1905ــ1906) ، ابو بكر حازم بك(1906ـــ1908) .
وفي أواخر شهر أذار من سنة 1907 حدث في بغداد فيضان هائل والذي لم تشهد له بغداد مثيلا منذ زمن بعيد ، وقد سمي ذلك العام بعام الفيضان ، وفي سنة 1908 أعلن عن الدستور العثماني وباعلان الدستور هذا أدى إلى تغيرات كبيرة لدى المجتمع البغدادي.
إعلان الدستور العثماني
الاصلاح الدستوري أو (المشروطة):
كان هناك بوادر وعي ثقافي وفكري قد عصفت بالمحيط الجغرافي للمجتمع العراقي وخصوصا في ايران وتركيا لكون مجتمعات كل منهما على علاقة وتماس مع الآخر الاكثر تقدما، ففيما يتعلق بتركيا كانت علاقاتها مع العالم الاوروبي بكل ما يحمل من مغريات وانجازات الثورة الصناعية الاوربية والتطور الثقافي والفكري، وتاثر عدد غير قليل من القادة السياسيين والعسكريين وطلاب العلوم الحديثة بما لدى العالم الاوروبي من نظم ودساتير ومشاركة في الحياة السياسية، اما ايران فلقد كان لاتساع النفوذ البريطاني والروسي في المنطقة الاثر الاكبر في ظهور وانتشار مفهوم المشاركة السياسية واعلان الرفض للاستبداد. ويمكن القول اجمالاً ان هذه المفاهيم كانت تشترك في مرتكزاتها الاساسية في المناداة بالحرية والمساواة والعدالة، وتبلورت بعد حين لتصبح مطالب جماهيرية تنادي بضرورة وجود حالة تعاقدية مابين الحاكم والمحكوم، اي ماكان يطلق عليها بالمشروطة او الدستور الذي يحدد صلاحيات الحاكم مع الاقرار والاعتراف بحقوق الشعب، إذ يمكن القول ان هذه الحركة كانت واحدة من مرتكزات الوعي الوطني وتحديد العلاقة ما بين الحاكم والمحكوم وجعلها تسير وفق ضوابط اكثر عصرية وملائمة للحياة المدنية والعصرية. ولقد ظهرت حركة المشروطة في تركيا قبل ظهورها في ايران بثلاثين سنة، لكون تركيا اكثر احتكاكاً بالعالم الاوروبي، واطلاعاً على ما لديه من ثقافة وآراء وافكار فيما يتعلق بالحياة السياسية وعلاقة الحاكم بالمحكوم، كما ان ظهورها في تركيا كان بصورة اكثر سلمية، في حين ان ظهورها في ايران كان نتيجة لوجود عدة عوامل خارجية وداخلية، كان من ابرز عواملها الخارجية الدعم البريطاني لحركة المشروطة، ويأتي على رأسها الظلم والتعسف الذي كان يلاقيه الشعب الايراني من صهر الشاه “عين الدولة” في حين ان الشاه كان يتمتع في اوربا بملاذها وترفها… والشعب يلاقي ما يلاقي من صهره من ظلم واستبداد… والعامل الثاني الذي هو على درجة كبيرة من الاهمية، مساندة بعض رجال الدين لمطالب الشعب الايراني في المشروطة وهذه النخبة لها تاثير في الشارع الايراني على الرغم من ان رجال الدين كانوا منقسمين الى دعاة للمشروطة ومعارضين لها، أو ما يسمون بدعاة المستبدة، ومن ابرز انصار المشروطة كل من السيدين محمد الطباطبائي و عبد الله البهبهاني ولفيف من المثقفين، اما انصار المستبدة فكان من ابرزهم الشيخ فضل الله نوري والشيخ محمد اليزدي والمجتهد المعروف كاظم اليزدي.. وهناك عامل قد يكون على درجة كبيرة من الاهمية وهو ان هذه المدة الزمنية قد شهدت ايضا بروز ظاهرة الجمعيات التي كان اعضاؤها ينتخبون كمشرفين ومراقبين على الانتخابات البرلمانية، ولكنها اصبحت ذات ثقل جماهيري، وتاثير كبير في المجتمع حتى ان أعضاءها تم ايفادهم للاماكن والقصبات النائية بغية توعية الناس بضرورة مساندة ثورة المشروطة.
شكل إعلان عن الدستور العثماني لأول مرة في 23 تموز 1908 تغيرا جذريا كبيرا لدى المجتمع البغدادي ، وقد أدى هذا الأمر إلى تحرر الكثير من الشبان من القيود التقليدية متمثلة في أمر ثلاث وهي
1. كثرة انتشار الأسلحة ومن مصادر متنوعة .
2. انتشار الملاهي والحانات .
3. كثرة إصدار الصحف والمجلات وبروز ظاهرة الشتائم الصحفية.
بعد إعلان الدستور قامت جمعية الاتحاد والترقي(هي حركة معارضة و أول حزب سياسي في الإمبراطورية العثمانية. تحولت إلى منظمة سياسية على يد [بهاء الدين شاكر] ولتضم أعضاء[ تركيا الفتاة] في 1906 خلال فترة انهيار الإمبراطورية العثمانية.) بفتح مقار لها في جميع المدن العثمانية وكانت بغداد من بين هذه المدن التي تم فيها افتتاح مقر للجمعية ، وقد كان يرأس الفرع [مراد بك سليمان] وقد قام بإصدار صحيفة,, بغداد,, وقد كان من بين أعضاء الجمعية في بغداد كذلك الشاعران المعروفان[ جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي]. وفي 13 تشرين الأول 1908 قامت جماعة من الاتحاديين بالدخول إلى [جامع الوزير] والذي كان يقع باتجاه السراي الحكومي وكان المصلون فيه يؤدون صلاة العصر وقرأ معروف الرصافي بيانا لجمعية الاتحاد والترقي كانت قد ارسلته من مقرها في[ سلانيك]( مدينة يونانية ، وهي ليست العاصمة لمقدونيا والتي تحمل نفس الاسم) إلى بغداد ، . وإنتشرت الإشاعات المختلفة في بغداد حول هذا الأمر، وفي اليوم التالي خرجت مظاهرة في بغداد تنديدا بهذا الأمر، وحصلت خروقات كبيرة أثناء المظاهرة حيث تم نهب كل ما كان يقع بأيدي المتظاهرين وقد حاول والي بغداد آنذاك( ناظم باشا 1908 ) من تهدئة الموقف وأرسل إلى المتظاهرين بعض أعيان بغداد بغية إقناعهم وبعدها قام الوالي بإلقاء القبض على كل من[ عبد اللطيف ثنيان ومعروف الرصافي] لتهدئة المتظاهرين . .وتم التحقيق معهما ومن ثم تم إطلاق سراحهما بعد ثبوت عدم صحة ماشاع عنهما من قبل المتظاهرين. في خريف 1908 جرى انتخاب المبعوثين (النواب) في كافة الولايات العثمانية وقد فاز من مدينة بغداد كل من[ إسماعيل حقي بابان] و[علي الآلوسي] و[ساسون حسقيل] .

في نيسان من سنة 1909 تم خلع السلطان العثماني[ عبد الحميد الثاني ]وتنصيب أخاه[ محمد رشاد] سلطاناً على الدولة العثمانية. وفي اليوم التالي من خلع السلطان أصدرت [صحيفة بغداد] والتي كانت تنطق بلسان حال [[جمعية الاتحاد والترقي ـــ هي حركة معارضة وأول حزب سياسي في الإمبراطورية العثمانية. تحولت إلى منظمة سياسية على يد (بهاء الدين شاكر) ولتضم أعضاء تركيا الفتاة في 1906 خلال فترة انهيار الإمبراطورية العثمانية.]] تفاصيل واقعة خلع السلطان العثماني،. وأقبل أهالي بغداد على شراء تلك الصحيفة وبأعداد كبيرة. وقد شعر الكثير من أهالي بغداد بالفخار حين علموا بأن (محمود شوكت باشا ـــ وهو لعائلة بغدادية من أصل شيشاني ، أصبح والياً على كوسوفو عام 1905م، ثم قائداً لقوات الدولة في سلانيك فمفتشاً في الروملي. وعند أعلان الدستور (المشروطة) في السلطنة العثمانية عام 1908م، زحف من سلانيك إلى استانبول تأييداً للدستور الجديد وأحتل القصر وأجبر السلطان عبد الحميد الثاني على التنازل عن العرش) هو من كانت له اليد الطولى بخلع السلطان لكونه من أهالي بغداد .. في شهر أيار من عام 1910 وصل إلى بغداد وال جديد هو الفريق حسين ناظم باشا وهو غير الوالي ناظم باشا والذي سبق أن كان والياً على بغداد قبل سنتين ، وكان الوالي الجديد لبغداد الفريق ناظم باشا عازما على القيام بأعمال عمرانية وحضارية عديدة .
الوالي حسين ناظم باشا(1910ــــ1911)
الوالي ناظم باشا من الشخصيات المهمة في تاريخ بغداد ، ولقد كان له بصمات اصلاحية واضحة تركت آثارها على مجمل الحياة الاجتماعية في العراق. صدر فرمان تعيين ناظم باشا والياً لبغداد في عام 1910ويتضح من طبيعة الفرمان أن الرجل قد أوكلت إليه مهام كبيرة يأتي في مقدمتها قيادة الجيش السادس وتحقيق الأمن من خلال فرض سلطة القانون، وبالذات على العشائر، فضلا عن ذلك كلف بمسؤولية إحداث الاصلاحات اللازمة بكل من ولاية بغداد والموصل والبصرة، ومنح صلاحيات واسعة من خلال مسك السلطتين المدنية والعسكرية ،
ولعل من بين أهم إصلاحات الوالي ناظم باشا اهتمامه بالأمن العام، ومحاربته للمحتكرين واهتمامه بالجيش وبناء الثكنات العسكرية، والاهتمام بالمواصلات وتسييره للترام، والاهتمام بالصحة وعنايته بمسائل الري ، اهتم بنظافة المدينة وانشا صيدلية حديثة تفتح أبوابها ليلا ونهارا.
وفتح مدرسة كوجك ضابطان( أي صغار الضباط ) على النهر في جهة الكرخ. وامر بصرف رواتب الجنود المتاخرة ، واعطى اوامره بجمع الحيوانات السائبة وقتلها نظير مكافأة مالية. كما فتح شارع النهر وهدم جزء من القنصلية البريطانية لغرض عمل الشارع.
عمل الوالي ناظم باشا على تثبيت الامن والاستقرار ، ويبدو أنه كان على درجة كبيرة من المعرفة بالأمور والأحوال الاجتماعية. فعلى الرغم من أن الصفة الغالبة على المجتمع العراقي في تلك المرحلة هي الصفة القبلية والعشائرية ولجوء البعض إلى عمليات السلب والنهب والغزوات في كثير من الاحيان لطبيعة الظروف المعاشية والاجتماعية القاسية ،فكان ناظم باشا لايلجأ لاستخدام القوة معهم ابتداءاً حتى لا تكون هناك فتنة عشائرية تؤدي إلى تخريب ما كان في نيته. فكانت حنكته تتمثل في استصدار فتوى من رجال الدين المسلمين ومشايخهم بجواز هدر دم كل من تسول نفسه للقيام باعمال السلب والنهب لممتلكات الحكومة كالمعسكرات ومقرات الجندرمة ، والتجاوز على مخازن الميرة والتموين ،ولعل هذا الأمر هو من بين جملة أسباب وعوامل تضافرت على بقاء العشائر هادئة طيلة مدة حكمه.
وقع الوالي حسين ناظم باشا أثناء فترة ولايته بغرام فتاة أرمنية تدعى سارة خاتون في سنة 1910 ، وقد عرض عليها الوالي حسين ناظم باشا الزواج فأبت سارة الزاوج منه. وقد تسربت أنباء غرام الوالي إلى أوساط العامة في بغداد ، إستطاعت سارة خاتون بعدها من الهرب من بغداد متنكرة إلى باريس بعد تعرضها لمضايقات من قبل الوالي، وقد ساعد سارة خاتون في هربها القنصل الروسي في البصرة والمقيم البريطاني في مدينة بوشهر السير بيرسي كوكس .
في يوم 7 آب من سنة 1910 نشرت جريدة (المؤيد) المصرية الأسبوعية مقالا[ لجميل صدقي الزهاوي ] بعنوان “المرأة والدفاع عنها” والذي شرح فيه مضار الحجاب ومعاناة المرأة المسلمة من الظلم المستمر في المجتمع. وقد قامت جريدة( تنويرالأفكار) البغدادية من أن تحصل على نسخة من الجريدة وقامت بنقل المقال عنه. وقد اثارت هذه المقالة ضجة كبيرة لدى أهالي بغداد وسارت مظاهرة نحو السراي الحكومي تطالب بالقصاص من الزهاوي وقد طلب السيد( مصطفى الواعظ) مبعوث الديوانية من الوالي الفريق حسين ناظم بااشا بإنزال العقوبة الرادعة للزهاوي. فلبى الوالي طلب الواعظ وقام بعزل الزهاوي من وظيفته التي إذ كان يعمل مدرسا في مجلة( الأحكام العدلية) في مدرسة الحقوق، وقد قام الزهاوي بنشر بيان يوضح فيه موقفه في جريدة (الرقيب) للتوضيح ولكن هذا لم ينفعه بشيء فلم يغير الوالي رايه حول هذا الأمر.
في يوم 17 أذار من سنة 1911 ورد الأمر من إسطنبول بعزل الفريق حسين ناظم باشا عن منصب والي بغداد. وعند شيوع خبر عزل الوالي نظم أنصار الوالي بأيعاز من بعض الأشراف والذين كانوا من حزب الوالي مظاهرة تأييد للوالي وقيل أن عدد المشاركين فيها بلغ عشرين ألفا. استمر التوتر في بغداد حوالي الثلاثة ايام وقد ارسل عددا من الضباط برقيات إلى إسطنبول يهددون فيها بالاستقالة ولكن هذا لم ينفع شيئا، تم تعين أمر اللواء( يوسف آكاه باشا) واليا على بغداد بالوكالة ،.وقد عمد الأخير إلى استعمال الشدة في قمع المظاهرات وزج القائمين عليها بالسجون، فهدأت الحال في بغداد نتيجة هذه الإجراات القمعية للوالي الجديد. وفي صباح يوم 20 أذار ركب الفريق حسين ناظم باشا باخرة من بواخر( لنج) متوجها إلى مدينة البصرة ومن هناك ذهب إلى إسطنبول عن طريق بومبي .

الوالي جمال باشا(1911ـــ1912)
دامت ولاية جمال باشا حوالي سنة تقريبا. كان جمال باشا عكس سلفه الفريق حسين ناظم باشا لايهتم بالامور الدينية ، وقد كان يحضر الحفلات الراقصة والتي كانت تقيمها الجالية الأوربية التي كانت تسكن بغداد بين فترة وأخرى، وقد اعتاد جمال باشا بشكل خاص من أن يحضر الحفلات التي كان يقيمها مدير البنك العثماني وهو كان رجل بريطاني وأن يراقص زوجته . ولم يكن المجتمع البغدادي آنذاك قد الف هذا الأمر من قبل اي والي عثماني سابق.
في اواخر شهر ايلول/ سبتمبر من نفس السنة، قامت إيطاليا بالهجوم على طرابلس الغرب وخرجت المظاهرات في بغداد تنديدا بالهجوم وسارت إلى السراي الحكومي، ولم تخلوا هذه المظاهرات من حادث مأساوي إذ إلتقى في منطقة باب المعظم موكب محلة( باب الشيخ) بموكب (الحيدر خانه) ونشب قتال بين المحلّتين نتيجة وجود خلافات سابقة بينهما ، وانتصر متظاهروا محلة باب الشيخ في هذا القتال .

في سنة 1912 قام حزب( الحرية والائتلاف) بتأسيس فرع له في بغداد برئاسة السيد [مصطفى الواعظ ]. وقد انضم إلى هذا الحزب المعارض لحزب الاتحاد والترقي الكثير من الشباب المتعلم وقد حاول الوالي جمال باشا باجتذاب السيد مصطفى الواعظ إلى حزب الاتحاد والترقي الحاكم بشتى الطرق ولكنه فشل، وفي ربيع من سنة 1912 جرت الانتخابات البرلمانية وقد كان الفوز في بغداد من نصيب الاتحاديين على نظرائهم الائتلافيين . قدم جمال باشا استقالته من منصب الوالي بعد تسلم الائتلافيين الحكم في الدولة العثمانية في تموز من ذلك العام وقد غادر جمال باشا بغداد في يوم 17 آب من نفس السنة. ومن الجدير بالذكر من إنه خلال ولاية جمال باشا إجتاحت بغداد موجة برد شديدة مما أدى إلى تساقط الثلج وذلك في عام1911 ..

في بداية شهر آب من سنة 1914 ومع نشوب الحرب العالمية الاولى أعلن النفير العام أو (سفر برلك) كما كان يطلق عليها بالتركية .وقد تحولت لفظة سفر برلك التركية بين السٌن العامة في بغداد إلى ((سفر علّك) أي ,,حرب الهرب,,
كان عدد الفارين من التجنيد الذي تم فرضه من قبل الدولة العثمانية يزداد يوما بعد يوم وفي أواخر شهر شباط من عام 1915. وجرى في بغداد أول إعدام لاحد الفارين من أداء الخدمة العسكرية وكان لمجند يهودي يدعى( بنيامين بن يعقوب) من محلة,, قنبر علي ,,
وبعدها أخذت مشاهد الإعدامات تتابع في مدينة بغداد، وكانت قبل إعلان النفير العام تصدر فيها عددا من الجرائد والمجلات منها (الرقيب )لصاحبها ,,عبد اللطيف ثنيان,, و(المصباح) لصاحبها ,,عبد الحسين الآزري,, و(صدى بابل) لصاحبها ,,داود صليوه,, وغيرها من الجرائد والمجلات.

((فيضان عام 1914 ))
في منتصف الليل من مساء يوم 29 تشرين الثاني/ نوفمبر1914، أصيبت بغداد بفيضان مدمر في نهر دجلة ، وكانت الحكومة المحلية في المدينة قد تلقت قبل حدوث الفيضان برقيات من الموصل تنبئ بسقوط مطر غزير هناك، وإن في النهر سيول غير اعتيادية قادمة إلى بغداد، ولكن الحكومة المحلية في بغداد لم تعر اي اهتمام لهذه البرقيات الواردة إليها. وقد أصابت المحلات التالية الواقعة في الجانب الشرقي من المدينة الضرر نتيجة هذا الفيضان : ((الفناهرة، السنك، المربعة، العوينة، قهوة شكر، فضوة عرب، الكولات، بني سعيد، الطاطران، زين العابدين، الشيخ سراج الدين، فرج الله، الخالدية، الجوبة، العزات، طوالات، الدركزلية، خان لاوند، المعدان وقهوة حوري)) وقد استمر هذا الفيضان حوالي ثلاثة ايام وتهدم نتيجته ما يقارب 2000 دار. وتجدر الإشارة من إن جانب الغربي من بغداد لم يصب بالغرق كحال الجانب الشرقي من المدينة. وقامت السلطات العثمانية عندها بعزل [عزت بك الفارسي] رئيس بلدية الرصافة وقامت بتعين[ رؤوف بك الجادرجي ]كرئيس لبلدية الرصافة بالوكالة ..
وعند تولي (نور الدين باي 1915ـــ1916) منصب الوالي وقائد الجيش العثماني في العراق في سنة 1915 أمر هذا الوالي بإغلاق جميع الصحف الموجودة في بغداد وبنفي أصحابها في أماكن نائية وقرر إصدار جريدة خاصة بالحكومة أطلق عليها اسم (صدى الإسلام)، ونيطت إدارة سياسة هذه الجريدة برئيس بلدية بغداد( رؤوف بك الجادرجي) وقد صدر العدد الأول من هذه الجريدة في يوم 23 تموز من سنة 1915 .
وقد قام كذلك نور الدين باي بنفي نفر من وجهاء كلا الطائفتين اليهودية والمسيحية إلى الموصل .
وبعد انتصار القوات العثمانية على الجيش البريطاني في الكوت في سنة 1916 حيث تم جلب الأسرى واستعراضهم في مدينة بغداد على شكل دفعات اما قائد القوات البريطانية (الجنرال تاوزند) فقد تم نقله مع أفراد حاشيته الذين تم أسرهم والجنرالين (ديلامين ــ و مليس) بدار القنصلية الإيطالية ببغداد ، ثم قام وزير الحربية العثماني( أنور باشا) بعد هذا الانتصار بزيارة إلى مدينة بغداد تفقد خلالها جبهات الحرب في عدة مدن عراقية . بعد هذا الانتصار قام الوالي (خليل باشاـــ 1916ــ1917) بشق شارع في بغداد ممتدا بطول المدينة من محلة ,,الباب الشرقي,, إلى محلة باب المعظم بموازاة نهر دجلة وقد بدا العمل بإنشاء هذا الشارع في شهر أيار من سنة 1916 وقد تم افتتاحه في يوم 23 تموز من نفس السنة احتفاء بذكرى إعلان الدستور العثماني وقد أطلق على الشارع اسم[ خليل باشا ـــ شارع الرشيد حاليا] ..وقد كانت للرشاوى التي كان يتلقاها القائمون على أمر هذا الشارع الأثر الكبير في تحديد مساره بين الدور الواقعة في طريقه ..

((الطيران.. لاول مرة في سماء بغداد ))
إن أول ظهور للطائرة في سماء مدينة بغداد كان في 5 تشرين الأول/اكتوبر من سنة 1915 ، حيث شاهد أهالي بغداد طائرة إنكليزية في عصر ذلك اليوم . فأنتشر الخوف بين الناس عند سماعهم لصوت ازيز الطائرة وصعد مغاوير المحلات والأشقياء إلى المنائر وفوق السطوح العالية وأخذوا يرمون الطائرة بالرصاص ولكن بدون فائدة تذكر ،وبعد عشرة أيام ظهرت في سماء بغداد طائرة إنكليزية أخرى وكان ذلك في وقت الصباح ،بعدها صار منظر ظهور الطائرات في سماء بغداد أمرا اعتياديا. وفي نفس الشهر اي شهر تشرين الثاني من نفس العام تم أسر طائرة إنكليزية مع اثنين من طياريها عندما كانت تحاول قطع خط التلغراف الواصل ما بين مدينتي بغداد وسلمان باك حيث إرتطمت الطائرة بأحد أعمدة التلغراف قرب نهر ديالى وتم أسر الطائرة مع طياريها من قبل الخيالة الأعراب. وقد قرر القائد التركي للمنطقة إرسال الطائرة مع الرجلين إلى بغداد لعرضها على الناس، وقد خرج الناس للتفرج على الطائرة وكانوا يبصقون على الطيارين . وبعد هزيمة الإنكليز في[ سلمان باك] إنقطع ظهور الطائرات عن بغداد وفي كانون الثاني من عام 1917 عاودت الطائرات تحليقها فوق بغداد وفي يوم 20 كانون الثاني قامت ثلاث طائرات بقصف مدينة بغداد بسبع قنابل على كل من,, ثكنة المدفعية,, أي القلعة فأصابت رجلا فقتلته وجرحت آخر وعلى ,,المدرسة النعمانية,, وعلى نهر دجلة بالقرب من باخرة ألمانية كانت راسية هناك وسفطت القنبلة الرابعة على محطة القطار ,,غربي بغداد,, والخامسة على مقربة من السراي الحكومي (القشلة) . وقد أصبح منظر الطائرات مألوفا وهي تحلق في سماء بغداد بعد سقوطها بيد الإنكليز.

(( سقوط بغداد 1917 ))
في أواخر شهر شباط من سنة 1917 كانت القوات البريطانية قد وصلت إلى( العزيزية) والتي تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة بغداد .وفي يوم 5 أذار تحركت تلك القوات من العزيزية صوب مدينة بغداد ,وفي اليوم التالي الموافق 6 أذار أصدرت الدولة العثمانية أمرا بوجوب مغادرة الموظفين من مدينة بغداد، فغادرها الكثير منهم بعد صدور الأمر. وفي مساء يوم 10 أذار اجتمع القادة العثمانيون برئاسة( خليل باشا) والي بغداد في كشك من الخشب بالقرب من (جسر الخر) الواقع في الجانب الغربي من بغداد ومعهم بعض الضباط الألمان للمداولة في كيفية مواجهة القوات البريطانية ،وسرعان ماظهر الخلاف في الاجتماع إذ انقسم القادة إلى فريقين، فريق يرى بوجوب الصمود والدفاع عن المدينة، وكان يرأسه الوالي العثماني خليل باشا، وفريق ثاني كان يرى بضرورة الانسحاب من المدينة قبل من أن تتمكن القوات البريطانية من تطويقهم ويضيعوا بذلك الخيط والعصفور معا. وكان يرأس هذا الفريق قائد الفيلق 18( كاظم بك). وقد احتدم النقاش بين الفريقين حول هذا الموضوع وبعد شد وجذب وافق خليل باشا على الانسحاب، وأبرق إلى وزير الحربية (أنور باشا) يعلمه بالقرار الذي اتخذ.
وبدأ الأتراك مع انسحابهم من المدينة بنسف كافة مخازن الذخيرة والمنشآت العسكرية والتي يمكن أن يستفيد العدو منها ،وقد عمت بغداد حالة من الفوضى والفلتان الأمني مع الانسحاب التركي وغياب وجود أي سلطة حقيقية في المدينة فأخذ بعض الاشخاص بالقيام بعمليات السلب والنهب في أي مكان ممكن أن تطال ايديهم فيه.. وفي صباح يوم 11 أذار دخلت القوات البريطانية مدينة بغداد وقد تم رفع العلم البريطاني على سطح القلعة القريبة من منطقة,, الباب معظم ,,وبعد مرور 45 دقيقة نقل العلم إلى برج الساعة في ساحة القشلة ورفع هناك لأنه اكثر ارتفاعا، وبدأ الجنود البريطانيون بمطاردة اللصوص وذلك بإطلاق النار عليهم لإرهابهم، وفي الساعة الرابعة والنصف من مساء ذلك اليوم وصلت إلى بغداد سبعة مراكب حربية تحمل الجنرال (ستانلي مود) وحاشيته فنزل الجنرال مود في دار القنصلية البريطانية الواقعة على النهر ..
وبذاك الحدث ، انتهت حقبة الحكم العثماني في العراق ،وبدأعهد جديد . ولازال القادة الاتراك يستذكرون بفخر تلك الفترة المظلمة من حكم اسلافهم للعراق والمنطقة …

لقد استوفينا المراحل السياسية للعراق ،من اخر والي مملوك على بغداد1816 الى اخر والي عثماني 1917 ولو بشكل موجز، وكانت هذه مرحلة موجعة ايضا من مواجع العراق المزمنة ، والتي اخذت مااخذت منه ،ولازال العراق وعاصمته بغداد محط اطماع الاشرار من كل صوب وناحية ، ولكن لابد لنا المرور على الاوضاع الاقتصادية والثقافية والتعليمة وحياة الناس بتلك المرحلة العصيبة من تاريخ بغداد والعراق ..

شهدت الساحة الاجتماعية العراقية عددا غير قليل من المتغيرات والعوامل الذاتية والموضوعية التي كان لها الاثر الفعال والممهد لدخول العراق عالم الحداثة والتجديد والاصلاح كيما تكون اطلالته ودخوله القرن العشرين من اوسع الابواب ، وعلى الرغم من كون هذه العوامل والمتغيرات من الكثرة بحيث يصعب تغطيتها بالدراسة والبحث وبما يضمن تبيان دورها الحقيقي في احداث نقلة نوعية في الحياة الاجتماعية العراقية ، سواء اكانت في جوانبها السياسية ام الاقتصادية او الفكرية .
على الرغم من الكم الهائل من التحديات والاشكاليات التي كانت تواجه المجتمع في تلك الحقبة ، والتي يكفي ان نعرف من خلال ما متوفر من التخمينات الاحصائية عن العراقيين ، وصور رسمها بعض الكتاب والمستشرقين لطبيعة الحياة الاجتماعية وما كانت تتسم به من هيكلية مختلفة نتيجة الكوارث وامراض اجتماعية من جهل وانحسار حضاري ،وتناقص عدد سكانه على نحو خطير ، حتى قدر عددهم في العقد السابع من القرن التاسع عشر بما لايزيد على 1,280,000 نسمة ، ومعدل نمو لايتجاوز 1,3% ، ومما اوصل عدد السكان في اوائل القرن العشرين الى مليونين وربع المليون .
توزع السكان في منتصف القرن الماضي الى-;- نصف مليون من البدو(35%) ، واكثر من ذلك بقليل من سكان الارياف (41%) ، واقل من ثلث مليون، سكان المدن(24%) ، فالمؤشر الاقتصادي يدلنا على انسحاب الحياة الحضرية من خلال هبوط نسبة السكان فيها بسبب انعدام البنى التحتية ، وبالتالي ضعف الحصول على فرص عمل جيدة .
وكان الاجدر ان يكون دخول العراق اعتاب القرن العشرين افضل حالا مما كان ،وليشهد نهضة فكرية وعلمية وتكنولوجيا اصلاحية وذلك لعدة اسباب،واهمها كالاتي-;-
1ـ ــ ظهور التكنولوجيا الحديثة من مكائن ومعدات ، فضلا عن دخول البواخر الحديثة التي تعمل بالبخار وكانت لها رحلات منتظمة على طول نهري دجلة والفرات ، كما ان الاتصالات الحديثة في تلك الحقبة والمتمثلة بالتلغراف ومراكز البريد كان لها الاثر البالغ في تسهيل الاتصالات بين العراق ومحيطه والعالم ، وهذه الاهمية تتمثل في اخراجه من العزلة التي كان يعيش فيها .
2 ـــ ان افتتاح قناة السويس ، تعد خطوة متقدمة ملاحيا وتجاريا ،وبالتالي انعكاسها على الحالة الاقتصادية ،كما وبشكل مباشر على الوضع الثقافي ، وان لازدهار الحركة الفكرية و انتشار الطباعة في مصر كانت لهما اصداؤهما في العراق ،حيث وصل النتاج الثقافي المصري ليد العراقيين وبالاخص الشباب منهم ،مما ساعد على ظهور العديد من الاقلام والمفكرين والمبدعين المجددين للنهوض بالحركة الفكرية العراقية بالرغم من قلة عددهم لانحسارهم في المناطق الحضرية الاّ ان تاثيرهم كبير وهم كانوا النواة في قيام النهضة الثقافية الكبرى .
3 ـــ بعض المشاريع الاصلاحية التي قادها الوالي مدحت باشا ، والتي كان لها اثر بالغ في وضع الحجر الاساس في بناء اركان( دولة) في ظل الصراعات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم اجمع.

ولكي نفهم طبيعة حركة الحداثة والاصلاح في المجتمع العراقي من عام 1831 ــــ 1917م وتسليط الضوء على بعض العوامل والمتغيرات التي كان لها الدور الابرز في الانتقالة بالعراق والمجتمع العراقي وتحديدا في فترة الوالي مدحت باشا من حياة هي اقرب في معطياتها الى حياة البداوة الى حالة البروز المظاهر الحضرية بصورة جلية مع التراجع في البداوة لصالح حياة الاستقرار والدعة ، ولعل من بين اهم هذه العوامل -;-
ـــ دور بعض الولاة العثمانيين في الحركة الاصلاحية/ ، وعندما كان العراق مقسما الى ولايات ، وهذه الولايات تابعة من الناحية الادارية والسلطة السياسية للامبراطورية العثمانية ، والتبعية الكاملة لها ،فان المتوقع ان يكون اي اصلاح اداري او سياسي نابعا من السلطة المركزية والمتمثلة بالمستعمر ، الذي يقف على رأس قمة هرم السلطة فيه الوالي العثماني . ولعل من سوء حظ العراق والعراقيين ان يكون بين دولتين ، هي الدولة الايرانية والدولة العثمانية اللتان تمتلكان النفوذ والعد البشري ، وخصوصا وانهما كانتا تتبادلان الادوار في احتلال العراق ، فالدولة الايرانية بكل بثقلها الامبراطوري تعد العراق جزءا من ممتلكاتها ولها الحق التاريخي بان يكون جزءا من ارثها ، والامبراطورية العثمانية وجدت في العراق الأوزة التي تبيض ذهبا . والمشكلة ان العثمانيين لم يكن يعنيهم من العراق غير ما يمكن ان يقدمه من ضرائب ومكوس سنوية لها ،لذا فان العراقيين عانوا من الامرّين من جرّاء كل من كان يحكمه من هذا العثماني او ذاك الفارسي .
وفيما يتعلق بالدولة العثمانية ، فان علاقتها بالولاة الذين كانو يحكمون ولاية العراق كانت متباينة من وقت لاخر بحسب قوة سلطة الدولة والسلطان في اسطنبول ، ولذلك نجد في بعض الفترات ان اهالي بغداد واعيانها هم من كان ينتخب الوالي والذي يعتقد من لديه الكفاءة والقدرة ، ورغبة الاهالي في تولي امرهم ، والسلطان يصادق على فرمان التعيين طالما يرسل اليه الضرائب بانتظام ، اما كيف تجنى هذه الضرائب ، فهناك وسائل وطرق عديدة لجمعها ، والقاسم المشترك بينها ، التعسف والظلم والحيف ، الامر الذي كان يؤدي باستمرار الى حدوث مصادمات من سكان الحواضر والارياف مع السلطات ، اما العشائر فان حالة الصدام بينها وبين الجباة والولاة هي الحالة الاكثر حضورا .
ــــ الحالة الاقتصادية في العراق/
كانت الصناعة في العراق. بدائية تعتمد بصورة كبيرة على اليد العاملة وبعض الآلات البدائية لانتاج مايسد الاستهلاك السوق المحلية.
ولعل من بين اهم الصناعات التي كانت منتشرة في ذلك الوقت هي النسيج، والحياكة والخزف، والفخار، والطابوق، والزجاج وعصر الدهون، والدباغة، وتقطير الكحول.
ولكن حدث تغيير واضح على ذلك الواقع، بفعل تطور التجارة الخارجية الذي كان نتيجة تفاعل بين الطلب الأوروبي المتزايد على المواد الزراعية والمواد الخام الذي تعزز بعد فتح قناة السويس في 1869.
بيد ان هذه الصناعة المحلية قد واجهت خطر المنافسة مع المنتوجات والبضاعة المستوردة، والتي عرفت طريقها الى العراق وصارت تتدفق بشكل كبير جداً بعد افتتاح قناة السويس.خصوصاً ان هذه المنتوجات المستوردة كانت اقل كلفة وافضل من حيث النوعية والكمية وذات مواصفات ممتازة، لكونها مصنعة بطرق ووسائل حديثة.
وتشير إحدى أقدم الإحصاءات العائدة إلى نهاية العهد العثماني والتي يستشف منها إضرار هذا الانفتاح على البضاعة الاجنبية، بالحالة الاقتصادية للمجتمع العراقي الذي زادت فيه نسبة البطالة الى عدد السكان، كما هبطت نسبة السكان في المنطقة الوسطى من العراق هبوطا شديدا من 41% عام 1867م، إلى 15% عام 1905م، من نسبة سكان العراق، كان سببه انقراض الصناعات المحلية اليدوية البغدادية تحت ضغط منافسة الصناعات المستوردة الرخيصة، الامر الذي ادى إلى ارتفاع نسبة البطالة. ومن ثم الهجرة والنزوح الى اماكن أو مناطق اخرى تتوفر فيها فرصة عمل والحصول على رغيف الخبز. الامر الذي يمكن ان نفسره على وجود حالة طردية ما بين هبوط نسبة السكان والبطالة. وما يؤكد ذلك ان ارتفاع نسبة السكان من 1930-1947 في المنطقة الوسطى من 15%-36%، كان مرده إلى التحسن في الوضع الاقتصادي والمعاشي للمواطن العراقي آنذاك، والذي يعود في احد جوانبه إلى اكتشاف النفط في العراق عام 1925 .
كما اننا يمكن كذلك ان نلحظ مسألة في غاية الاهمية هي ان التغيرات في النشاط الاقتصادي، والهجرة الداخلية، اديا بدورهما الى ان تتغير تبعاً لذلك اهمية بعض المدن والمناطق التي كانت عامرة بالحياة والنشاط الاقتصادي، لتكون مراكز ثانوية بعد ان هجرها سكانها الى اماكن اخرى مكونين مدناً واحياء جديدة انتعشت فيها الحياة الاجتماعية من خلال ما تؤديه من ادوار اقتصادية.
ولعل من ابرز هذه المدن التي نمت أو تأسست في هذه المرحلة هي:
العمارة 1861، المحمودية 1864، العزيزية 1865، قلعة صالح 1868، الكوت 1869، الهندية1870، الرمادي 1870، الناصرية1870، شيخ سعد 1871، الصويرة1872،قلعة سكر1873، الشطرة1873 .
وبدخول العراق النظام الاقتصادي الرأسمالي وارتباطه باحتياجات السوق الدولية، ازداد الإقبال على المنتجات الزراعية والحيوانية، كما ازداد التبادل السلعي لتلك المنتجات زيادة واضحة، وبذلك اتسعت المساحات المزروعة بوتائر سريعة .
ومع تطور الحركة التجارية ـــ ازدادت قيمة الصادرات من 150,000 باون سنويا 1864-1871 إلى حوالي ثلاثة ملايين باون عام 1913، كما ظهرت فئة متوسطة (برجوازية) فرضت نفسها على المجتمع وقدر لها أن تؤدي دورا كبيرا في مستقبل العراق من خلال المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية فلقد جمعت هذه النخبة بين المال والسياسة وتركت بصمات واضحة على الحياة السياسية والاجتماعية في العراق .

ـــ الأحوال الثقافية والعلمية/
يمكن القول إن الآلات الحديثة الخاصة بالطباعة والمطابع قد برزت منذ العهد الحميدي (السلطان عبد الحميد) ونشط دورها بصورة كبيرة في بدايات القرن العشرين ،إذ شهدت الساحة العراقية حركة لم تكن مسبوقة من إصدار للصحف والمجلات والنشرات والكتب المتعددة، حتى صار وصول المطبوعات إلى يدي القارئ العراقي من الأمور الميسورة ، ومن بين أبرز المطابع التي كان لها حضور هي مطبعة الرياض عام 1910، ونينوى عام 1910، والصنايع عام 1900 ومطبعة عبد الله الزهير عام 1912، والمطبعة المحمودية في البصرة، اضافة إلى عدد غير قليل من المطابع الأخرى .
أما فيما يتعلق بالصحافة، فلقد كان لها دور كبير في نشر الوعي والشعور الوطني، خصوصا إذا عرفنا أن هذه المدة قد حفلت بالعديد من الكتاب والمصلحين الذين تناولوا موضوعات الحرية والاصلاح الاجتماعي. ولقد شهد العراق صدور أول صحيفة رسمية(الزوراء) في عام1869 وأعقبتها العديد من الصحف والمجلات الأهلية والرسمية.
ويكفي أن نعرف أن المدة من 1909 وحتى 1913، بلغ عدد الصحف في بغداد وحدها (44) صحيفة، وفي البصرة (12) صحيفة، وفي الموصل (3) صحف، وفي كربلاء صحيفة واحدة والنجف كذلك. ومن نافلة القول، أن هذه الصحف تحمل أكثر من توجه واتجاه، منها ذو التوجه السياسي، إذ أن (37) من هذه الصحف كانت سياسية، و(10) ذات أبعاد فكاهية، في حين أن (10) صحف كانت رسمية.
وفيما يتعلق باللغة المعتمدة لدى هذه الصحف فإن (32) صحيفة منها كانت تعتمد اللغة العربية، و (25) صحيفة تعتمد اللغة العربية إلى جانب اللغة التركية، في حين أن هناك صحيفتين كانتا تصدران باللغة الفارسية، وصحيفة واحدة باللغتين الفارسية والتركية، وصحيفة واحدة بالكردية والتركية.
وإذا كانت هذه الحال بالنسبة للصحف فإن المجلات كان لها أيضا حضورا لا يستهان به في الساحة الثقافية العراقية، إذ صدر منها من عام 1910-1913، (16) مجلة كانت حصة بغداد منها (14) مجلة، وفي كركوك واحدة وفي النجف مجلة واحدة، وكما تنوع اهتمام الصحف العراقية، تنوعت كذلك المجلات، إذ أن (11) منها كان اهتمامها منصباً على النواحي الأدبية، واثنان كان اهتمامهما على التاريخ، واثنان بالنواحي العلمية، و(11) من هذه المجلات كانت تعتمد اللغة العربية، ومجلتان بالتركية والعربية، ومجلتان بالتركية، ومجلة واحدة بالفارسية .
والكلمة كان لها الدور الكبير في قض مضاجع السلطات، وكانت ردود فعل السلطة انذاك الغاء امتياز معظم الصحف العراقية بموجب قانون ينظم الصحافة والصادر في 15 اذار 1911 ، بحجة انها لم تصدر بانتظام حتى لم يبق غيرالصحف والمجلات التالية-;-
الزوراء، والزهور، والرياض، المصباح، وصدى بابل، النوادر، ولغة العرب. ومع كل ذلك فإن الصحافة العراقية كانت امينة في نقل معاناة وواقع الانسان العراقي في مجمل ما يتعلق بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما اسهم في توسيع افق القارىء العراقي ووضعه في ساحة الاحداث القائمة في العراق آنذاك.
ـــالتعليم في المدارس/
مما لاشك فيه ان الترابط العضوي بين مفردات الحياة الاجتماعية يجعل من اي تغير أو تطور في اي قطاع من قطاعات الحياة الاجتماعية ينعكس بصورة مباشرة أو غير مباشرة على بقية القطاعات. ويبدو ان الحراك الذي شهدته الحياة الاقتصادية والاطلاع على ثقافة الاخر… كان له الاثر الكبير في زيادة اهتمام العراقيين بالجانب العلمي والتعليمي الرسمي، إذ شهد الناس مدى الفائدة أو المكاسب التي يحصل عليها المتعلم من خلال تعيينه في الوظائف الرسمية سواء اكانت هذه المكاسب مادية أم معنوية.
واذا كانت بداية انشاء المدارس في ولاية بغداد على يد الوالي مدحت باشا فإن هذه المدارس استمرت بالانتشار وان كانت بصورة بطيئة.. ومع ذلك فإن هناك اكثر من اتجاه يسير جنباً الى جنب مع المدارس الرسمية، كالمدارس الاهلية أو التبشيرية . وتم تأسيس اول مجلس للمعارف في بغداد سنة 1884، واعقبه تأسيس مجالس مماثلة في الموصل والبصرة وكان في كل ولاية مديرية للمعارف ، وعلى الرغم من ان التدريس في تلك المرحلة كان باللغة التركية ،الا ان تعطش المجتمع العراقي للتعليم لم يكن ليقف حائلا امامه حاجز اللغة كما ان المدارس سرعان ما صارت ترفد نفسها بالمدرسين العراقيين الاكفاء الذين صاروا ينافسون اقرانهم من المدرسين الاتراك.
ويمكن ان نتلمس العديد من الشواهد الدالة على تحمس العراقيين للتعلّيم حتى بات يخطو خطوات كبيرة في ظروف قياسية، فلقد ساد التنظيم في الدوام وطبق في بعض الاحيان حتى الزي الموحد، ويمكن القول ان السياسة التعليمية في نهاية العهد العثماني قد تميزت بالاهتمام بالمدارس الراشدية(المتوسطة) حتى تكون هذه المدارس رافداً مهما في توفير الخريجين الذين يتولون مهام ووظائف ادارية في الدولة العثمانية وولاياتها الكثيرة ..
تمثل سنة 1889 بداية الاهتمام بانشاء المدارس الابتدائية في ولاية بغداد، إذ تم انشاء اربع مدارس ابتدائية هي( الحميدية ، والكرخ، وجديد حسن باشا، والعثمانية)، فضلا عن ستّ مدارس في الاقضية التابعة لولاية بغداد، وظل الامر في حالة تصاعد بطيئة حتى حل عام 1905 فكان هناك عشرون مدرسة في بغداد. اما في الموصل فلقد بلغ عدد المدارس ثلاثين مدرسة عام1905. وفي ولاية البصرة فإن المدارس الابتدائية قد بلغ عددها سبعاً وعشرين مدرسة .
اما فيما يتعلق بالمدارس الراشدية فإن اول مدرسة راشدية تأسست سنة 1870 في بغداد ، وفي الموصل كان تأسيس اول مدرسة راشدية في عام1890، ومما يذكر أنه كانت محاولة الإنشاء مدرسة راشدية في ولاية البصرة الا ان الامر لم ينجح لعدم وجود المدرسين في البصرة عام 1882، وفي حدود عام 1894 تم انشاء اربع مدارس موزعة على كل من الموصل وكركوك وراوندوز والسليمانية. وفي عام 1900 كان هناك مدرسة في كل من البصرة والناصرية والعمارة والحي .
ولقد احتوت مناهج هذه المدارس المواد الدراسية ،كالمثلثات والحساب، مسك الدفاتر، الاقتصاد ، القانون ، الفلك، علم الاحياء، الهندسة، الجبر، الدين، الاداب التركية، اللغة العربية، اللغة التركية، اللغة الفرنسية، اللغة الفارسية، الجغرافية، التاريخ، الكيمياء، المعلومات المدنية، الفيزياء، حفظ الصحة، الميكانيك، الرسم، حسن الخط.
ان هذا العدد من المدارس وهذا التدرج في التعليم الرسمي من الابتدائية ثم الراشدية ثم الاعدادية ، والعدد المتزايد من الطلبة المقبلين على الدراسة ،تطلب استحداث [دار المعلمين] لتزويد الحياة العلمية بالمزيد من المعلمين وذلك لسد الحاجة الملحة لهذه الشريحة المهمة في العملية التربوية، ولقد تم افتتاح اول دار للمعلمين 1899 اعقبها افتتاح دار للمعلمين بقسم مسائي. كما تم افتتاح دور اخرى في كل من البصرة والموصل في عام 1900، اما المدة المقررة للدراسة فكانت اربعة سنوات. كما ان عام 1876 شهد تخرج الوجبة الاولى من طلبة مدرسة الصنايع.
بيد ان هذا الاهتمام بالتعليم كان منصبا على الذكور في حين ان تعليم الاناث لم يكن بنفس القوة، وذلك نظراً إلى الثقافة الاجتماعية المحافظة في ذلك الوقت فيما يتعلق بالمرأة ودورها في الحياة الاجتماعية، والعادات والتقاليد المتمثلة بالعيب والحرام …. ومع ذلك فإن ولاية الموصل كانت رائدة من حيث تاسيس مدارس الاناث ويرجع السبب في ذلك الى وجود الارساليات التبشيرية ، إذ كانت مدرسة( اخوات المحبة) من اولى المدارس الحديثة للبنات والتي اسست عام 1873 ، ويرجع الفضل الكبير في تاسيس اول مدرسة رشدية حديثة للبنات 1899 في بغداد وقد سجلت فيها عند افتتاحها (95) طالبة.
ولعل خطوة تاسيس مدرسة للبنات، غاية في الجرأة والشجاعة وخصوصا وان العراقيين في تلك المرحلة كانوا قد اقامو الدنيا ولم يقعدوها لان الحكومة العثمانية أرادت احصاء الاناث والذكور في الموصل، الامر الذي عده اهل الموصل انتهاكا لحرماتهم وتجاوز على شرف نسائهم، وهذا مما لايمكن السكوت عنه أو تجاهله باي حال من الاحوال ولذلك فإن المظاهرات كانت على قدم وساق، ولم تؤدي الاعتقالات الا الى مزيد من الاحتقان، الأمر الذي ادى في نهاية المطاف الى العدول عن فكرة الاحصاء. فكيف والحال بالذهاب الى المدرسة والتعلم، ولعل الامر لايقل صعوبة لدى الأهل الذين ارسلوا بناتهم لهذه المدارس، فلقد كان الاباء يتهمون بالكفر والزندقة…. لانهم ارسلوا بناتهم للمدارس..
كما ان هناك مشكلة كبيرة واجهت تعليم الإناث، وذلك لقلة الكادر التدريسي النسوي، وصعوبة جلب المدرسات من اسطنبول الى العراق، الأمر الذي استدعى ان تقوم نساء الموظفين الاتراك بوظيفة التدريس وكان التدريس يتم باللغة التركية ،وكذلك تم الاستعانة بزوجات بعض الموظفين الاجانب.
وتعد هذه الجوانب الاقتصادية والثقافية والتعليمية ، هي المؤشرات الاكثر بروزا في تركيبة المجتمع العراقي ، اما قطاعات الصحة، والاعمار، والزراعة، والقضاء، والنقل، والاتصالات ، وكذلك القطاع المصرفي والمالي،.. واخرى ،لم تنل اي اهتمام او رعاية من الوالي العثماني ….

المصادر والمراجع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوسف عز الدين ـــ داود باشا ونهاية المماليك في العراق ــ1967
د.علي الوردي ـــــ. لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث. الجزء الثاني والثالث والرابع.
سليمان فائق ــــــــ. تاريخ بغداد. بغداد 1962.
جيمس بيلي فريزر ـــــ. رحلة فريزر. ترجمة جعفر الخياط. بغداد 1964
مصطفى نور الدين الواعظ ـــــ.الروض الأزهر في تراجم آل السيد جعفر. الموصل سنة 1948.
عباس العزاوي ــــ تاريخ العراق بين احتلالين. الجزء السابع والثامن.1955
بيير دي فوسيل ـــــ. الحياة في العراق .1814 – 1914.
احمد امين ـــ زعماء الاصلاح في العصر الحديث، المكتبة العصرية ، صيدا ، بيروت،2007.
عبد الرزاق الهلالي ــــ تاريخ التعليم في العراق، بغداد، 1959.
– فليب هاتي ــــ موجز تاريخ الشرق الادنى، ترجمة أنيس فريحة، دار الثقافة، بيروت، 1965.
د. محمد سلمان حسن، دراسات في الاقتصاد العراقي، دار الطليعة، بيروت، ط1، 1966 .
حنا بطاطو ــــ العراق الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية ــــ مؤسسة الابحاث العربية، بيروت، 1990 .
بهنام فضيل عفاص ـــ تاريخ الطباعة العراقية ـــ 1983
عبد الوهاب القيسي ـــ حركة الاصلاح في الدولة العثمانية وتاثيرها في العراق 1839- 1877، مجلة كلية الاداب، جامعة بغداد،1961.
توفيق السويدي ــــ مذكراتي، نصف قرن من تاريخ العراق والقضية العربية ـــ بيروت 1969.

About عضيد جواد الخميسي

كاتب عراقي
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.