لما بلغ الثمانين من العمر كتب ” جيته ” الأديب العالمي في يومياته العبارة التالية:
.
التغيير أو ما اصطلح على تسميته في الفلسفة الماركسية ” الديالكتيك ” هو ما نثق به كقانون للحياة وهو الذي يحملنا على التفاؤل بمستقبل البشر.والتغيير هو سر تقدم وتطور الإنسان .
حتى العقائد الدينية أكدت على أهمية التغيير وفي القرآن قوله ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “. وهي من ” الآيات ” التي تحمل روحاً مسيحانية. بيد أن التغيير دائماً يتجه نحو الأمام ، ولا يوجد تغيير نحو الماضي ، فالماضي لا رجعة له .
في العشرين عاماً الماضية حدث تغيير كبير في أولويات النضال السياسي . وانتقل اهتمام مختلف الحركات السياسية من مفهوم الثورة بمعناها الانقلابي الى مفهوم الإصلاح السياسي للنظام . خاصة في أعقاب تفكك بنية كتلة البلدان الاشتراكية.والتحولات الإقتصادية في الصين ” الشيوعية “.
ويبدو لي أننا في مرحلة تجاوزت ذهنياً فكرة الثورة بمعناها الكلاسيكي القديم . لكل عصر سمته ولغته المعبرة عنه. رغم ان المفكر الايطالي ” انطونيو غرا مشي ” تنبأ بذلك مبكراً لكن يبدو الأن أن حصاد السنين والاتجاهات الفكرية الراهنة ، تجاوزت الى حد بعيد ذلك الإعلان القاطع المعروف في الأدبيات الإعلامية القديمة ، ان هذا العصر هو عصر انتقال البشرية من الرأسمالية الى الاشتراكية ..الخ وهكذا بعد عدة سنوات قد لا تتجاوز العشرين عاماً القادمة ، ستبدو مفاهيمنا ومعارفنا ، وحتى قناعاتنا الراهنة في نظر الأجيال القادمة أفكار صبيانية ، وربما مضحكة مثل خرافات وأساطير العقائد الفضائية .
عشرون عاماً..! وهي عبارة عن جيلين لأن سرعة تطور العلوم والتكنولوجيا الكاسح وانعكاساته على المجالات الإجتماعية والاقتصادية والحريات العامة ، تترك أثرا كبيراً في الوعي العقلاني المتزايد لدى الناس والمستند الى فكرة الحرية السياسية والديمقراطية والعلم .
لكن والاهم هو تطور دور المعلومة والفكرة ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها. وانتقال المجتمعات من عصر المعلومة المذاعة الى عصر الصورة. وعلى ما يبدو أن عالمنا الأن دخل مستوى جديد من تطور المعرفة الإنسانية . ترى هل نحن على أبواب ” مجتمع معلوماتي ” على رأي عدد من الباحثين اليابانيين..؟ بأن فضاءنا الكوني يتألف من ثلاثة عناصر أساسية هي ” المادة، والطاقة، والمعلومات “..!؟ وبطبيعة الحال التكنولوجيا المتطورة.
خلال فترة وجودي في المستشفى مؤخراً قال أحد الأطباء المشرفين على علاجي..
” حسناً لقد جرى شحن ” البطارية ” الخاصة التي تزود قلبك بالطاقة وتحافظ على مستوى آداه وصلاحيتها لمدة عام كامل ، بعدها سنجرى فحصاً أخر … أما الأن فالأمور تحت السيطرة “.
هذا جزء من التغيير الذي حققه الإنسان، بفضل العلم والمعلومة والمثابرة واحترام قيمة الإنسان. قبل سنوات لم يكن بالإمكان إجراء عمليات من هذا النوع . بل أن في عالمنا العربي، لا زال هناك من يعالج بالرقى والتعاويذ، وقراءة الفنجان ؟؟.فيما العالم انتقل الى ثقافة الصورة الحية منذ سنوات .
وبتقديري فإن امتلاك المعرفة والمعلومات واستخدامها في المنافسة الإقتصادية والسياسية وفي التكنولوجيا ستلعب دوراً حاسما في نتائج الصراع في عالم تسوده تغييرات وتبدلات عميقة تمس مختلف الأسس البنيوية للمعارف السابقة . وعلى ما يبدو من وجهة نظري ان السلطة الفعلية في المجتمعات المعاصرة، تنتقل تدريجياً الى أيدي العلماء والمفكرين وأجهزة الأتمتة ذاتية الضبط والحركة .طبعاً قد يعتبر البعض أن هذه الأفكار تجسد في جوهرها أيديولوجية الرأسمالية المنظمة ..؟
ربما..؟! لكني في الجوهر مع تعبير ” هيغل ” القائل : أنا هو أنا :
تعبير أنا ليس كمصطلح نرجسي بل أنا التي تجسد روح الفرد وتحافظ على إنسانيته، وستعري كل الوعي الزائف بفكرة الأحزاب والجماعات السياسية. وكافة الأشكال التي تلغي الفرد لصالح الجماعة، أو تلك المؤيدة لفكرة العنف والتعصب الديني. سيتضاءل دور العنف في مقابل الدعوة لإرساء أساس اجتماعي عقلاني لحل المشكلات الإجتماعية . ورفض المنطق الطبقي أو ” الديني ” في حسم الخلاف.
وفي أوربا نحن نلمس بدايات حقيقية لقبول فكرة التعايش الأيديولوجي بين مختلف التيارات السياسية ذات التوجهات المتباينة. لصالح إرساء أسس مشروعة لمستقبل مشترك بين مختلف شرائح المجتمعات الأوربية، قائم على فكرة احترام حقوق المواطن بشكل عام.
والتأكيد على العلاقة المتبادلة بين فكرة الحرية والديمقراطية، فالحرية هي نتاج للديمقراطية والديمقراطية بدورها هي نتاج لفكرة الحرية. وعلى أهمية التحرير الذاتي من أوهام الماضي والنرجسية كأساس موضوعي لتفاعل الإنسان مع المستقبل. ومن اجل عالماً متحرراًً من كافة أشكال الخوف والإكراه والقهر. فلا توجد حرية أقل أو حرية أكثر.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
أحدث التعليقات
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **