شبكة البصرة
علي نافذ المرعبي – باريس
ربما كنت واحداً من قلة، ممن جاهروا بكتاباتهم أو أحاديثهم التلفزيونية، ومنذ سنوات بعيدة، بالتأكيد ان حزب الله هو أخطر مشروع فارسي في الوطن العربي، وأن ادعاءات “سلاح المقاومة” تتكشف زيفها أمام الرأي العام العربي يوماً بعد يوم، لأن من كانت تركيبته طائفية وسلوكه مذهبي ومرتبط بالأجنبي من المحال أن يكون مقاوماً، أو يوصل سلاحه للتحرير، وأجزم أن “الهالة” التي صنعت “أسطورة” حزب الله شارك بها طرفين إقليمين، الأول علناً ومباشرة، والثاني من خلف الكواليس. والقاسم المشترك بين هذين الطرفين هو إستهداف الوطن العربي والأمن القومي العربي من خلال تسويق مصالح الاول وتنفيذ مشاريعه، وضمان آمن الثاني وإستقراره.
الصورة الواضحة
إذا ما قرأنا بتروي الوقائع منذ غزو العراق وإحتلاله، تتوضح كل المعالم التي -ربما- غابت أو غيبت عن الرأي العام العربي، في ظل حملة سياسية وإعلامية مركزة ساهم بها الأطراف التي شاركت في احتلال العراق، ولا يمكن الآن لأحد أن يغلق عينيه عن الصورة التي ظهرت بكل معالمها وتفاصيلها.
إستهداف العراق ونظامه القومي، كان الهدف الأول لمحور الشر الامريكي – الصهيوني – الفارسي، كي يتم إزاحة النظام العربي الوحيد القادر بسياسته العربية المستقلة، وثقله الاقتصادي، وقوته العسكرية، القادر على التصدي بجدية وفعالية لهذه المشاريع وإسقاطها. لهذه الأسباب كان بجدية وفعالية لهذه المشاريع وإسقاطها. لهذه الأسباب كان لا بد لهم من إسقاط نظام البعث والرئيس الشهيد صدام حسين.
ولابد من التذكير، أن أكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية، والحديث المثير للسخرية عن المقابر الجماعية وما قيل عن “الأسرى الكويتيين” التي تكشف لاحقاً أن كل ذلك لم تكن سوى أكاذيب ومبررات للغزو والاحتلال. ولتوضيح الصورة أكثر في مقارنة بسيطة:
1 كانت لجان التفتيش الدولية التي لم تترك زاوية في العراق بما فيها القصور الرئاسية من التفتيش الدقيق، تؤكد بشكل واضح خلو العراق من هذه الأسلحة، والإدارة الامريكية كانت تصر على إمتلاك العراق لهذه الأسلحة لتبرير الغزو. بالمقابل فإن ايران تعمل على مشروعها النووي وتخصيب اليورانيوم علناً وأمام الملأ، والإدارة الامريكية تغمض عينيها وتصم آذنيها وتسوق التبريرات والتسويف. ومهزلة التصريحات الامريكية – الصهيونية عن نيتهم التصدي “للخطر الايراني النووي” لايخرج عن إطار الاعلام – السياسي الكاذب والمرواغ.
2 النظام السوري الآيل للسقوط، ومنذ إندلاع الحراك الشعبي العادل والمشروع، ارتكب من المجازر الوحشية وبمختلف أنواع الأسلحة بما فيها تدمير المدن والبلدات بالطيران الحربي لم يحرك لدى الغرب المنافق سوى مواقف اعلامية وسياسية مراوغة لتبرير عمليات النظام المجرم. في مقارنة مع ما جرى في ليبيا، حيث تحرك الناتو نحو التدخل العسكري المباشر و السريع لمجرد ما قيل آنذاك عن نوايا “مجرد نوايا” من كتائب القذافي بالهجوم على بنغازي. هذه المقارنة، أردت منها توضيح الصورة لا اكثر. ولا تعني بأي شكل من الإشكال أنها تبرير لأي تدخل أجنبي بالقضايا العربية، التي لن أكون سوى في الجهة المناهضة لها.
المقاومة المزعومة
كانت قضية شعب فلسطين العادلة، هي المدخل الذي حاولت ايران تسويق نفسها لدى الشارع العربي. وملأت الدنيا ضجيجاً إعلامياً لم يرتق إلى المستوى السياسي على الأقل. مارست “دعارة” إعلامية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني ومدلولات. وفي الحيز الفعلي، هل قدم نظام الملالي مباشرة أو من خلال أدواته “العربية” من منظمات وحركات وأحزاب، أو حتى من رديفه نظام الردة في دمشق أي شئ للقضية الفلسطينية؟!!!
على النقيض من ذلك، كانوا يستهدفون الشعب الفلسطيني في أكثر من مكان قتلاً وحصاراً وتشريداً. وهل ننسى ما قامت به عصابات حركة أمل في ما سمي حرب المخيمات في بيروت عام 1985 أو الرعاع من مجموعات حزب الدعوة في العراق بعد احتلاله، وصولاً إلى الطوق الأمني لحماية الكيان الصهيوني الذي فرضه حزب الله منذ عام 2006 تحديداً في جنوب لبنان بمنع أي مجموعات فلسطينية أو لبنانية من تنفيذ أي عملية ضد العدو إنطلاقاً من الجنوب اللبناني وخاصة خلال العدوان الهمجي على قطاع غزة عام 2012.
هذه الشعارات البراقة المزيفة لإيران وأدواتها “العربية” التي ملأت الدنيا صخباً وضجيجاً، إستطاعت -مع الأسف- تضليل قطاع واسع من الشارع العربي، ومن هنا تمكنوا من التسلل المريب والمشبوه. وكانت أصوات الخيرين من العرب لاتلقى – مع الأسف أيضاً – إذناً صاغية.
المعادلة العارية
مع تطور الحراك الشعبي السوري العادل والمشروع. بدأت صورة المعادلة العارية تظهر بشكل جلي، عارية حتى من ورقة التوت التي حالوا طوال سنوات ستر عوراتهم بها، وما أكثرها. فالصورة باتت كالشمس التي لم يعد بالإمكان حجبها بغربال.
كان واهماً من أعتقد، أن النظام السوري يلقي الدعم من روسيا والصين وايران وحسب. فقد أكدنا منذ الأيام الاولى أن العدو الصهيوني هو الحليف المستتر لهذا النظام. كما أكدنا ان الغرب من الولايات المتحدة إلى أوروبا، هم أيضاً لا يريدون أن يسقط نظام الردة السوري. لأن “خدمات” هذا النظام كانت كبيرة للمصالح الغربية. أضافة إلى أنه حافظ على أمن العدو الصهيوني منذ عقود. إضافة إلى حربه الشرسة ضد المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية. وتوج قمة “خدماته” بمشاركته العسكرية في تحالف حفر الباطن المشؤوم ضد العراق.
حزب الله في سوريا
مع إزدياد ضغط المعارضة السورية على النظام، كان لابد “للحلفاء” من الظهور علناً على مسرح الأحداث. وكان أبشعها المشاركة العلنية لحزب الله، والمجاميع المذهبية المرتبطة بايران والقادمة من العراق المحتل. وشكلت هذه المشاركة الصورة الأبشع لأدوات ايران “العربية”، خاصة أنها تمت بشعارات مذهبية كريهة، وفي أساليب غير مسبوقة.
مشاركة حزب الله في العدوان على الشعب السوري الشقيق، سابقة خطيرة سنرى تداعياتها لاحقاً. وإذا اعتقد حسن نصر الله ان “انتصاره” على بلدة القصير السورية حققت أغراض ايران في دعم النظام الآيل للسقوط، فهو أكثر من واهم، فالأمور لا تحسب بالأيام، ولا تقاس ببضعة كيلومترات. وفي حساب الربح والخسارة، فأن حزب الله سيكون الخاسر الأكبر.
خسارته الأولى والآنية أمام الرأي العام العربي، أنكشاف حقيقته المذهبية والمرتبطة بولاية الفقيه الايراني. وكل النفاق الذي مارسه سنوات طويلة كحزب “مقاومة” سقطت على أبواب بلدة القصير.
تحية لبلدة القصير التي فضحت بدماء ابنائها الوجه القبيح لحزب الله…