استقبل بطريرك موسكو وعموم الروسيا في مقره في موسكو في ال 25 من اذار / مارس 2014 السفير المفوض فوق العادة للجمهورية العربية السورية في روسيا رياض حداد ورجل الأعمال الروسي السوري الأصل د. يوسف عربش ( صهر جورج حسواني ). وحضر الاجتماع نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية لبطريركية موسكو الأرشمندريت فيلاريت بوليكوف.
القى غبطة البطريرك كلمه موجزها:
“اننا نعلم ونتابع تفاصيل الحرب في سوريا، وأن الكثير من الناس – أكثر من مليون شخص – شٌردوا خارج بلدهم، وتوفي ما يزيد عن مائة ألف شخص – وقال قداسته – كما نعلم أنه وسط هؤلاء المشردين الملايين من أولئك الذين خرجوا من سوريا، مسقط رأسهم وارضهم الأم، الكثير من المسيحيين. ونحن نعلم أيضا أن العديد من المسيحيين هم ضحايا من بين القتلى. اننا نتألم ونشعر بالم الجميع وبالتساوي ممن اصابهم الموت من المسيحيين والمسلمين، ولا نشاركهم مصابهم على أساس ديني، وذلك لأن كل منهم نال مصابه كإنسان”.
وقال رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية “أن المسيحيين في سوريا والشرق الأوسط بصفة عامة، هم أقلية بطبيعة الحال. وفي نفس الوقت، أن الأرض السورية كانت – الأرض الأولى التى ظهرت منها المسيحية، وهي جزءا لا ينفصل من الأراضي المقدسة، حيث ظهر منها أتباع المسيح الذي اُطلق عليهم لاحقا لقب مسيحيين، وسوريا تضم أهم المعالم الأثرية في التاريخ المسيحي، وهي جزء من المنطقة، التي نسميها الأراضي المقدسة”.
“إن اختفاء وإضعاف الوجود المسيحي يغير، الرصيد الثقافي والتاريخي للمنطقة وهو امر مهم جدا” – وأضاف كيريل بطريرك موسكو وعموم الروسيا، معربا عن قلقه العميق إزاء هذا الاتجاه – “نحن نذكر ذلك ونتحدث عنه، حيث استطعنا، فضلا عن الحاجة الماسة إلى الوقف الفوري ل جميع العمليات العسكرية في سوريا، التي يمكن و يجب أن تُحل المشكلة السورية بالطرق السلمية. ونأسف على ان، جولتين من محادثات جنيف لم تؤد حتى الآن إلى أية نتائج خاصة، وبالغم من ذلك، لا يوجد طريقة أخرى: الا بالتفاوض، ومن الضروري حل المشاكل القائمة سلميا “- أعرب قداسته بكل ثقه .
وذكر قداسة البطريرك أنه خلال الصراع تم خطف اثنين من الأساقفة المسيحيين، كما انه عاد مؤخرا من الاسر القيّمة على دير معلولا ومجموعة من الأخوات الراهبات. وطلب قداسته أن ينقل امتنانه ل رئيس سوريا للجهود التي اتُخِذَتْ من قبل الحكومة من أجل إطلاق سراح الأسرى، واشار ايضا الى ان من قام بعملية الخطف فهو مؤشر كاف لطبيعة من قام بهذا العمل الشائن.
واضاف “اننا بطبيعتنا ك كنيسة لا نتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا – انه امر مرهون للشعب السوري وحده – قال قداسته ايضا – “أعتقد أن شعب هذا البلد لديه ما يكفي من الحكمة، والقدرة على التنظيم الذاتي الداخلي من أجل حل سلمي للمشاكل التي يعيشها المجتمع السوري، ونتيجة لقرار البعض من المجتمع السوري نرى ان سوريا دخلت مرحلة جديدة من تطورها التاريخي. نتمنى ان تكون هذه التغييرات جيدة وصحيحة في حياة سوريا، ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق بالقوة، لأننا نرى أن من بين أولئك الذين من المفترض أن تقاتل من أجل المثل العليا، منهم من تغلغل وظهر جماعات من الناس الذين ببساطة لا يمكن لنا إلا أن نطلق عليهم قطاع طرق- ممكن اقتحموا الأسر وقتلوا الناس وإحتجزوا الرهائن” .
واشار غبطته “إلى أن الإرهاب اليوم هو خطر كبير على الشعب، ودعا قداسته لتسوية سلمية في سوريا، والتي هي طموح مهم لشعب هذا البلد من اجل حل مشاكله دون عنف، وضرورة الانفتاح لقادة أولئك الذين يتحدثون عن الحاجة للتغيير من الذين يهتمون بمصير البلد، بالعمل على إزالة صراع القوى الخارجية والمرتزقة وهم غير مهتمين بمصير البلد، حيث انها تسعى إلى تحقيق أهدافها الخاصة فقط”.
كما وصلت سوريا نتيجة الصراع القائم الى حالة اقتصادية صعبة للغاية. كما تم عرضه في اللقاء الذي تم بين الجانبين، وتمت الإشارة خلال الاجتماع الى المساعدات الإنسانية، التي قدمتها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، جنبا إلى جنب مع جمعية الإمبراطورية الفلسطينية الأرثوذكسية. والتي ذكرها غبطة بطريرك انطاكية وسائر المشرق يوحنا العاشر وشكر روسيا على ما قامت به أتناء الزيارة الرسمية إلى الكنيسة الروسية. وقال كيريل: “أود أن أقول إننا سوف نستمر في بذل كل ما في وسعنا ل مساعدة الشعب السوري للتغلب على الصعوبات في المقام الأول، من الناحية الإنسانية، لأن هذا هو مجال نشاط الكنيسة. نحن نصلي و سنعمل على وقف إراقة الدماء على الأرض السورية”.
وذكر قداسته أيضا أنه في الاجتماع الذي عُقِدَ مؤخرا في اسطنبول لأعضاء وممثلي الكنائس الأرثوذكسية المحلية، واُثير على وجه الخصوص، موضوع النزاع السوري. وكرس جزء كبير من المشاركين موضوع سوريا في اجتماعهم وأعربت جميع الكنائس الأرثوذكسية موقفها المشترك بشأن هذه المسألة.
وأخيرا قال بطريرك موسكو وعموم الروسيا كيريل: ” أود أن أعرب عن تأييدي للشعب السوري، و أعرب عن الأمل في أن إراقة الدماء ستتوقف وسوريا – بلد رائع بتاريخها الغني، وثقافتها الغنية الرائعة بتنوعها وهي ذات سوية عالية من العلاقات بين الأعراق والأديان – وانا على ثقة أن المحبة والسلام سيعود إلى عالم و حياة الناس، على الرغم من كل الاضطرابات، وستصبح هذه البلد أكثر ازدهارا”.
ومن جانبه أعرب سفير الجمهورية العربية السورية، عن شكره لصاحب الغبطة على هذا اللقاء، الذي اُتيحت فيه الفرصة للتحدث مباشرة عن الوضع في البلاد، ولا سيما وضع المسيحيين الذين يعيشون في سوريا. وأكد السفير رياض حداد ان الشعب السوري اليوم يقف ضد الإرهاب الدولي.
وقال: “المسيحية في سوريا ليست ظاهرة عرضية – وهي واحدة من المكونات الرئيسية لل مجتمع السوري”، مشيرا إلى أن المسيحيين يشكلون نحو عشرة في المئة من السكان – اي ما يزيد عن مليون شخص”. واضاف “انهم يمارسون طقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهم منتشرون في جميع أنحاء الأراضي السورية – وقال السفير ايضا – أن المسيحيين يعيشون في ما يزيد عن 2500 مدينة وقرية . وأود أن أشير أنهم جميعا وطنيون ومخلصون لبلادهم”.
وذكر السفير خلال الاجتماع بعض الأرقام. فقال رئيس البعثة الدبلوماسية السورية في روسيا الاتحادية: “انه تضررت جزئيا أو دُمِرَتْ بالكامل خلال النزاع المسلح في البلاد ما يقارب من ال 98 من الكنائس المسيحية، و سُرِقَت ممتلكاتها، و دُمِرَ ما يزيد عن ال 1900 مسجد و1600 مدرسة و 60% من المستشفيات السورية ودُمرت جزئيا أو بشكل كامل تماما، واختفت منها جميع المعدات الطبية”.
وهنا عَقّب البطريرك كيريل: ” أن هذه الأرقام تظهر أن ما يجري في سوريا هو لكارثة إنسانية حقا”.
وأعرب رأس الكنيسة الروسية أيضا بأنه “على ثقة بأن الأحداث لن تكسر معنويات وروح الشعب السوري”.
http://www.patriarchia.ru/db/text/3612242.html