النهار اللبنانية
على هامش “المنتدى الاقتصادي العالمي” لمنطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا، كانت لي لقاءات مع عدد من الشخصيات السورية المعارضة على طريقتها، اي المعارضة من دون ان تكون جزءا من الحراك المعارض المتنقل بين اسطنبول والدوحة. وهي على تواصل مع شخصيات وقوى من الائتلاف من دون ان تنخرط في اعماله. ولكن يجمعها وبقية القوى المعارضة الهدف نفسه المتمثل باطاحة نظام بشار الاسد وتخليص سوريا من “السجن العربي الكبير”.
في جلسة جمعتني مع وجه بارز ممن عرفوا النظام عن قرب، كان سؤالي الاول: هل اقتنع بشار بالحل السياسي الذي يقترحه حلفاؤه الروس، فقبل بالذهاب الى مؤتمر جنيف – ٢؟ اجاب: “إن بشار لم يؤمن يوما واحدا، منذ ازمة درعا في آذار ٢٠١١، بالحل السياسي او بأي حل آخر غير الحل الامني والعسكري. فتفكيره لا يذهب الى حد الايمان بالتفاوض او بايجاد حل سياسي للازمة الكبرى التي تعانيها سوريا راهنا”. اضاف: “لقد فوّت بشار فرصة ذهبية في درعا، وكان في وسعه ان يتدارك حمام الدم، وان يعيد بذكاء انتاج النظام بطريقة مختلفة عما سبق. لكنه حذا حذو من سبقه، اي حافظ الاسد، على قاعدة ان علامة من علامات الضعف يمكن ان تُقرأ على انها بداية انهيار للنظام. فبشار ابن مدرسة يؤمن كبار اركانها الامنيون والعسكريون والحزبيون بأن الشعب السوري “أزعر” ولا يفهم بغير العصا والبندقية، ولذلك لا ينبغي إظهار أدنى علامات الضعف أمامه”.
أضاف محدثي ونحن واقفان على شرفة فندق “كمبنسكي” على البحر الميت، وكان نسيم المساء دافئا: “إن بشار في حاجة الى اعتراف سياسي خارجي، وجنيف مناسبة عليه ان يستغلها في حملة العلاقات العامة التي يخوضها، لكنه يشارك لفظيا، هذا اذا حصل المؤتمر. وهو يؤمن ايمانا راسخا بانه قادر على حسم المعركة ميدانيا ضد المعارضة المسلحة. لذا فهو ذاهب وفي ذهنه انه يكسب وقتا ريثما يحقق مكاسب على الارض تكون ذات مغزى. وقد جرى اقحام “حزب الله” في المعركة على قاعدة انه يمكن تحقيق انتصار في مواقع استراتيجية، ولا سيما في القصير وحمص من ناحية، وريف دمشق من ناحية اخرى
أسأل عن تقويمه لتدخل “حزب الله”، فيقول: “لقد انتهى “حزب الله”، ففي سوريا سيغرق في مستنقع لا فكاك منه. وما لا يعرفه قادة الحزب والقيادة الايرانية انهم سيواجهون عشرات الآلاف من السوريين الذين يتدفقون على ساحات القتال في هذه المرحلة لمقاتلته بوصفه احتلالا اشد مضاضة من الاحتلال الاسرائيلي. ومن هنا أتوقع غرق “حزب الله” في بحار من الدماء في سوريا ستبدد القسم الاكبر من قوته البشرية في زمن قياسي. اما القصير، فلو سقطت، فان الحرب المفتوحة ضد الحزب ستستمر الى ما لانهاية، ليس في سوريا وحدها بل وفي لبنان”.
ويختم محدثي، الشخصية العارفة بالنظام عن قرب: “لقد ارتكبوا خطأ مميتاً”.