جيمس تروب- واشنطن بوست: الاتحاد
تملك إدارة «أوباما» على الأقل وسيلة افتراضية لإحراز تقدم في العراق، ولكن ليس في سوريا، التي تعتبر حالياً الملاذ الخلفي لقوات «داعش» التي تحاصر العراق. وبمرور الوقت، فإن خطتها طويلة الأجل لتدريب العناصر الثورية لقتال كل من «داعش» ونظام الأسد ستحقق ما تصبو إليه، ولكن لن يكون هناك سوى القليل من سوريا لإنقاذه، حتى مع افتراض أن الإدارة ستأخذ خطتها على محمل الجد، الأمر الذي أثبت التاريخ أنه لا يحدث. فما الذي يمكن القيام به، إذن، لإيقاف المذابح السورية؟
في الأسبوع الماضي، أشار «ديفيد إيجناتيوس» في «واشنطن بوست» إلى وثيقة تم تسريبها وتقترح مجموعة من اتفاقات لوقف إطلاق النار المحلية بين المتمردين السوريين والنظام، والتي قد تؤدي في نهاية الأمر إلى مصالحة سياسية. وقد أثار العمود زوبعة من التوقعات من جانب عدد من الخبراء السوريين. وجعل هذا بدوره «ديفيد هارلاند»، رئيس مركز الحوار الإنساني المسؤول عن الوثيقة، إلى إعداد تقرير نهائي حول الاقتراح وإرساله لي. ويجب أن يؤخذ هذا التقرير على محمل الجد من قبل أي شخص يهتم بسوريا.
يذكر أن مركز الحوار الإنساني ومقره جنيف يقوم بعمل جاد في حل النزاعات، وله أنشطة بارزة في هذا المضمار في تونس وأفغانستان، وما زال يبذل جهوده للتوصل لاتفاقات لوقف إطلاق النار في سوريا. وقد كتب هذا التقرير «نير روزين»، وهو صحفي سابق متخصص في تغطية النزاعات في الشرق الأوسط وأمضى السنوات الأخيرة في سوريا يعمل مع النظام، ما جعل البعض يزعم أنه موالٍ له. وهذا بالطبع يجعل أي تقرير يكتبه لاقتراح اتفاق سلام مع «الأسد» محل شك عميق.
والفرضية التي يقوم عليها التقرير، الذي يحمل عنوان «خطوات لتسوية النزاع السوري»، هي أنه لا النظام ولا المتمردين قادر على هزيمة الطرف الآخر. والجمود الفظيع بين الطرفين يخلق الظروف المواتي لـ«داعش»، و«جبهة النصرة» التابعة لـ«القاعدة»، للازدهار. والأسوأ من ذلك، أن التعاسة التي تسود الجماعات المتمردة قد أثرت على صفوفها ليتحول الأفراد إلى الراديكالية والسلفية وينضمون بصورة متزايدة إلى «الجهاديين». وفي الوقت ذاته، فإن الدولة السورية تقترب من الانهيار. وبينما يزداد ضعف الدولة، تزداد العناصر الإجرامية والميليشيات قوة، وتملأ قوات «داعش» و«النصرة» الفراغ في الحكم. وقد تنهار سوريا مثل الصومال. لذلك فهناك حاجة ملحة للحفاظ على الدولة، حتى وإنْ كان هذا يعني الإبقاء على «الأسد» في السلطة.
ويعمل مركز الحوار الإنساني، إلى جانب الأمم المتحدة، على التوصل لاتفاقات لوقف إطلاق النار. ولكن في كل حالة تقريبا، كانت النظام يسعى إلى تجويع المتمردين لإجبارهم على الخضوع، وعند هذه النقطة كان المعارضون المسلحون يرضخون لمعاناة السكان المحليين. ونادراً ما تصمد هذه الاتفاقات، وهي نوع من الابتزاز، أو تؤدي إلى أي شيء يشبه الحكم الذاتي. وفي المقابل، يتصور التقرير اتفاقا تمت صياغته بوساطة الأمم المتحدة لإنشاء كيان يسمى «سلطة السلام والمصالحة» لتقوم بتنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار، وتعمل كسلطة مؤقتة.
ويؤكد التقرير أن المقترحات التي يقدمها «تنبع من السوريين» الذين سينفذونها بدلاً من تدخل الغرباء، بينما سيقوم المجتمع الدولي بدفع تكاليف إعادة الإعمار. إنهاء حملة القصف العشوائي التي يقوم بها النظام سينقذ أرواح المدنيين، ويقلل من قدرة «الجهاديين» الذين لن يكون بوسعهم القيام بدور القوة الوحيدة القادرة على الدفاع عن السُنة ضد وحشية النظام الشيعي. ويقترح التقرير أنه في أعقاب اتفاق السلام، يمكن لكل من الجانبين تركيز قوته على محاربة «داعش». ويشير التقرير إلى أن مصير «الأسد» سيحدده الشعب السوري بعد إنهاء الحرب وإصلاح الدستور وإجراء انتخابات تحت إشراف دولي.
ومن الأسباب التي قد تؤدي إلى فشل الخطة وجود جزء متزايد من سوريا تحت سيطرة «النصرة» و«داعش» اللذين يشكلان خطراً قاتلاً لاتفاق السلام الهش هذا. وتتوقع الخطة وجود نوع من العمل المنسق بين قوات النظام السوري والمعارضين المعتدلين للاضطلاع بـ«الجهاديين»، لكن النقاد يرون أن هذا بمثابة خيال. فهل صحيح أن كلا الجانبين أصبح مستنفدا للقيام بتضحيات لا يمكن تصورها؟ يقول مسؤول بالبيت الأبيض أنه لا يرى أي بوادر على أن الثوار مستعدون لتوقيع اتفاق يبقي على «الأسد» في السلطة وأن الأخير بدوره، ليس لديه ما يجعله يمنح الثوار حكماً ذاتياً.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»