بشار الأسد: الديكتاتور الفاشل!
بقلم: طلال عبدالله الخوري
يعتبر الرئيس بشار الأسد ديكتاتوراً فاشلاً بكل المقاييس, وسياسياً قليل الحنكة, على عكس والده حافظ الأسد والذي كان ديكتاتوراً ناجحاً, وسياسيا محنكاً!
في هذه المقالة سنمر مع القارئ على بعض المواقف والقرارات التي اتخذها كل من الأسد الأب والوريث لكي نقارن بين نجاح الأول وفشل الثاني, وسنثبت بأنه لو كان الأب بالحكم الآن لكان عمل وفق النصائح التي عرضناها على بشار الأسد في مقالاتنا رسالة الى بشار حافظ الأسد1,و2 , (والموجودتان في موقع الكاتب على النت), تلقائيا ومن دون ان ينصحه احد, ولقد اظهرنا بهذه المقالة جوانب مهمة من حنكة الأسد الأب.
لقد كان الأب حافظ الأسد يحكم سوريا كما لو كان نبياً, وكلامه منزلاً, وكانت مهمة بقية افراد النظام هو تنفيذ ما يقوله النبي والذي هو ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى! وبالفعل كان الأب يسبق الجميع بمراحل في الحنكة و التفكير والتخطيط الاستبدادي وهو الذي تمرس في الاستبداد على يد اعته الاساتذة بالاستبداد, مثل صديقه منذ الدراسة بالاتحاد السوفييتي أندروبوف رئيس الكي جي بي وهو تلميذ نجيب ووفي لمدرسة بريجنيف بالاستبداد والذي كان رئيس سابق للاتحاد السوفياتي.
(بعد سقوط الاتحاد السوفياتي, قال لي مدير معهد جلشكوف للسبرانية بكييف مازحاً وهو يغمز من حوله بمكتبه: كيف تقبلون, انتم السوريون, بأن يحكمكم نفس الرئيس لمدة اكثر من ثلاثين عاما؟؟ فقلت له: باسم الشعب السوري, نحن نشكركم على هذه التربية التي أنشأتموه عليها!! فضحك جميع من كان بمكتبه واعجبوا بردي الجرئ واصبحوا من اصدقائي.).
بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991, توقعت سقوط كل الديكتاتوريات العربية وخاصة نظام الأسد بسوريا والذي كان الاتحاد السوفييتي بالنسبة له الرئة التي يتنفس بها من اجل استمرار بقائه؟ ولهذا السبب بذلت كل جهدي لكي اتمم دراستي هناك, وطرت بأول طائرة متجهة الى دمشق لكي لا يفوتني متعة المشاركة باسقاط النظام من البداية وحتى النهاية, وانا الذي عايشت و اكتسبت خبرة من سقوط رمز الديكتاتورية بالعالم وهو الاتحاد السوفيياتي؟؟
كنت في ذلك الوقت طالبا بالاتحاد السوفيياتي, ولقد لاحظت من خلال قرأتي لجريدة تشرين السورية الرسمية الحكومية التي كانت تصل لموسكو, غياب لكل المقالات المعتادة بشتم اسرائيل والامبريالية واميركا وتمجيد القومية والصمود والتصدي السوري بوجه المؤامرات والتي لا يقرأها احد من كثرة تكرارها وسفاهتها! (نحن لا ندري اذا كانت النسخ من الجريدة التي ترسل للخارج تختلف عن ما يكتب للداخل السوري, فكل شئ محتمل هنا) ولاحظت ايضا, بان هناك مقالات تنشر بهذه الجريدة, هدفها تحضير الشعب السوري للسلام مع اسرائيل؟ وعلى ما اذكره ايضا بانني قرأت بجريدة تشرين عن مسرحية للمسرحي السوري سعدالله ونوس تدعو للسلام مع اسرائيل أيضا, ولقد تم عرض هذه المسرحية, بذلك الوقت, في كل من مصر وسورية؟ أرجو من القراء ممن لديه معلومات موثقة عن هذه المقالات او عن المسرحية التي تدعو للسلام مع اسرائيل, أن يشاركنا بها بتعليق لان معلوماتي هذه من ذاكرتي!
بعد ذلك لاحظت توقف هذه المقالات التي تدعو للسلام مع اسرائيل فجأتاً, وعودة المقالات اياها, والتي تمجد الأب القائد وتمجد القومية والصمود والتصدي السوري بوجه المؤامرات….الخ الخ من هذه الهراءات المعروفة.
تفسير الكاتب الشخصي لما حدث بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991:
سأقوم بتفسير ما حدث من وجهة نظري الشخصية, وللقارئ الحق في قبول او رفض هذا التفسير.
ان ما حدث حسب رأي الكاتب هو التالي: بعد سقوط الاتحاد السوفياتي استشعر الداهية حافظ الأسد بخطر سقوط نظامه, وكسياسي محنك اراد ان يستبق الامور ويخطو خطوة الى الامام لكي يكون صانعا للسياسة وليس كمن يقومون بسياسة رد الفعل على ما يصنعه الاخرون من سياسات, وهذا الفرق بين السياسي المحنك حافظ الاسد والوريث الفاشل بشار الأسد, وهذه الخطوة للأمام كانت الصلح مع اسرائيل والتي تضمن له استمرارية نظامه لاكثر من ثلاثين عاما للامام على الأقل؟
نحن نعتقد انه في هذه الفترة ارسل حافظ الأسد مبعوثيه من اجل ترتييب مفاوضات صلح يستطيع من خلالها نظام الأسد ضمان الاستمرارية والاستقرار لحكمه لسورية, اما استرجاع الأراضي السورية المحتلة فهي لم تكن من ضمن مصالحه الا من حيث استخدام مسألة الأرض المحتلة كشماعة يعلق عليها جرائم القمع لمعارضيه بحجة ان الاولوية هي لتحرير الأراضي المحتلة ومواجهة المؤامرات الامبريالية؟؟
وهنا, برأي الكاتب, بدأنا نجن نلاحظ بأن جريدة تشرين توقفت عن شتم الامبريالية والصهيونية وتمجيد الصمود والتصدي وبدأت تغازل اسرائيل بمقالات عن السلام وبنفس الوقت تحضير الشعب السوري للسلام مع اسرائيل؟
الكاتب يعتقد بأنه لم يكن أي مصلحة لاسرائيل بإجراء معاهدة صلح رسمية مع سورية اسوة بمعاهدة كامب ديفيد مع مصر, والسبب بسيط, وهو ان اسرائيل اقامت صلح رسمي مع مصر ولم تجن من وراءه اي مكاسب تذكر, وكل ما حصلت عليه اسرائيل من هذا الصلح هو غرفة باربعة جدران بوسط القاهرة لا يستطيع حتى السفير الاسرائيلي حتى الظهور بشوارع القاهرة, هذا عدى عن عدم الالتزام المصري بالتطبيع, والمماطلة به, والاكثر من هذا اطلاق يد الاسلاميين بالشارع المصري لشحن الشارع المصري ضد التطبيع؟
يعتقد الكاتب بان الجانب الاسرائيلي والداهية حافظ الأسد توصلوا الى معاهدة سلام شفهية بين عائلة الأسد واسرائيل يتم بموجبها ان يلتزم الأسد بالهدوء والاستقرار على الحدود السورية الأسرائيلية وبالمقابل تلتزم اسرائيل بدعم نظام الأسد بالمحافل الدولية وتلميع صورته؟
وبالفعل كان للاسد الأب سمعة دولية بأنه رجل كلمة, ويحفظ كلمته مهما كلفه الثمن, وعندما يعد بشئ يلتزم به على عكس الوريث الذي اصبحت مصداقيته بالوحل. لقد التزمت عائلة الأسد بمعاهدة السلام الشفهية مع اسرائيل حتى الآن وهي معاهدة مقدسة بالنسبة لنظام الأسد, ولم تكن تصريحات رامي مخلوف ابن خال بشار للشبكة التلفزيون الأميركية عندما قال بأن امن اسرائيل من امن سوريا قد أتت من فراغ؟ فهي تستند الى معاهدة السلام الشفهية التي تمت بين الأسد واسرائيل! طبعاً على مدى هذه السنين لم تنتهك هذه الاتفاقية الا مرة واحدة وذلك عندما اراد بشار الأسد ان يرسل رسالة الى اسرائيل لكي يذكرها بمعاهدة السلام الشفهية بينهما فأرسل بعض المغلوب على امرهم من المخيمات الفلسطينية بدمشق لكي يجتازوا الحدود مع اسرائيل وحدث ما حدث!
ولكي ندعم تحليلنا, نريد ان نذكر بان كولن باول, وزير خارجية اميركا, زار دمشق بعد الحرب العراقية وهدد نظام الأسد بالاطاحة به كما حصل لصدام حسين, فطار ماهر الأسد الى مقابلة الاسرائيليين بالاردن ليذكرهم بفضل نظام الأسد على امن الحدود السورية الاسرائيلية ويطلب دعم اسرائيل بمواجهة التهديدات الاميركية! وبالفعل قامت اسرائيل بما تعهدت به واخمدت التهديد الاميركي من كولن باول ولمعت صورة النظام!
لقد خرج الداهية حافظ الأسد واسرائيل بربح وفير من هذه المعاهدة السلمية الشفهية. فالأسد ضمن دعم اسرائيل لأستمرارية نظامه بعد خسارته الكبيرة من سقوط الاتحاد السوفييتي, والأكثر من هذا فهو لم يحتاج الى توقيع معاهدة رسمية مع اسرائيل وبذلك احتفظ لنفسه بورقة الصمود والتصدي والقومية لكي يلعب بها على الداخل السوري ويشهرها بوجه اي معارض وطني, وهذا يفسر أيضا عودة المقالات عن الصمود والتصدي بجريدة تشرين بعد توقفها؟
بالجهة المقابلة, ربحت اسرائيل كثيرا من هذه المعاهدة ايضا, حيث ضمنت السلام على الجبهة السورية الاسرائيلية من دون ان تعيد اي شبر من الأرض السورية المحتلة, والزمت بهذه الاتفاقية بان يسحب الاسد كل الجيش السوري واسلحته الهجومية من الجبهة مع اسرائيل الى شمال دمشق ولم يبق على الجبهة هناك الا شرطة الحدود لمنع اي اختراق للحدود من اي كائن كان حسب الاتفاق, فقط لا غير؟
مما سبق نرى بأن الأسد الأب كان محنكا سياسيا, لديه القدرة على النظر الى عشرات السنوات الى الامام في المستقبل, وكان يقوم بالخطوات الاستباقية قبل وقوع الحدث على عكس الوريث والذي لا يملك القدرة على النظر بأبعد من انفه؟ لذلك نحن لم نبالغ عندما قلنا لبشار الأسد بمقالنا: رسالة الى بشار حافظ الأسد: لو كان والدك بالسلطة لاختار الاصلاح الديمقراطي مسبقا وقبل ان يصل حبل المشنقة الى رقبته ليقلل من خسائره قدر الامكان ولكي يتجنب مصير صدام حسين والقذافي.
بعد ان استعرضنا جوانب من حنكة ودهاء الاسد الأب بهذه المقالة وبمقالتنا السابقة : رسالة الى بشار حافظ الأسد, سنقوم بما تبقى من هذه المقالة لاستعراض جوانب فشل الوريث بالحكم وايصال نظامه الى الموت على يد شباب الثورة السورية.
عندما استلم الوريث الحكم قام باعطاء مساحة من الحرية للشعب السوري؟؟ ونحن لم نفهم هذه الخطوة على الاطلاق, وكنا نشك بهذه الخظوة والتي لا يقدم عليها طالب مبتدئ بمدرسة الاستبداد والديكتاتورية, لأن الديكتاتورية والحرية لايمكن ان يعيشا مع بعضهما البعض؟ فلماذا اقدم على هذه الخطوة اذا كان يعرف بأن صلب نظامه واستمراريته يعتمد على قمع الحرية وعلى الاستبداد, و ليعود بعد ذلك ويقمع الحرية مجدداً ولكي يظهر كرئيس مهزوز يبصق ويلحس بصاقه و قراراته؟
على ما اذكر بأنه قام بزيارة لألمانيا الاتحادية, والقى بها خطاباً تم اتهامه على اساسه بالعداء للسامية ؟ فكان رد بشار الأسد: باننا نحن ساميين فكيف نعادي السامية؟؟ رئيس سوريا لا يعرف معنى العداء للسامية؟؟ رئيس سوريا وكل مستشاريه لا يعرفون معنى العداء للسامية؟؟ حتى جعل كل الاوروبيون يضحكون عليه وعلى رده بأنه هو من الساميين؟ طبعا العداء للسامية تم تجريمه بسبب ان الكثير من اليهود بأوروبا تم قتلهم وتم اضطهادهم لسبب ديني وهو انهم حسب المعتقد المسيحي, اليهود هم قتلة المسيح؟ وقد اضطر الكثير منهم للتحول الى المسيحية لتجنب القتل والاضطهاد؟؟ ولكي تكفّر اوروبا عن هذا التاريخ المشين لها, تم تجريم اي قول يعادي اليهود لانه يذكرهم بتاريخهم الأسود بقتل اليهود؟ فهل الأسد تم اضطهاده باوروبا لانه يهودي حتى يقول بانه سامي ولا يمكن اتهامه بمعادات السامية؟؟
وقمة فشل بشار الأسد هو قتله لرئيس وزراء لبنان رفيق الحريري بهذه الطريقة الاجرامية؟؟ وهو يعرف وزن رفيق الحريري الدولي ؟؟ مما أدى بالتالي الى خروج قواته المهين من لبنان وتسليم ذقنه هناك الى حزب الله وايران؟؟ هل كان حافظ الأسد يقوم بمثل هذه الأخطاء؟؟
ومن شطحات الوريث الاسد انه قد قال في مقابلة نادرة له مع محطة التلفزيون الاميركية (اي بي سي ) منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية إنه لم يصدر أوامر باستخدام العنف الدموي ضد المتظاهرين ضد نظام حكمه ولا يشعر بالذنب من جراء ما حصل. وقال لباربارا والترز مراسلة القناة إن “أي عمل وحشي ارتكب كان فعلا فرديا لا مؤسساتيا، هناك فرق بين وجود سياسة قمع وبين ارتكاب بعض المسؤولين اخطاء، والفرق شاسع بين الحالتين”.
مما جعل الخارجية الأميركية بان ترد على هذه المقابلة والتي اجرتها محطة اي بي سي الامريكية وتقول على لسان الناطق باسم الخارجية الامريكية مارك تونر بأن الرئيس السوري بشار الاسد بانه اما منفصل عن الواقع او مجنون؟؟
ان النتيجة التي نريد ان نصل اليها هو ان هذا الزمان يختلف عن زمان الأسد الأب, وما كان ممكنا بالسابق اصبح من المستحيل بعصر الانترنت والاجواء المفتوحة, وان الشعوب تتواصل وتتقارب وتؤيد بعضها البعض, والرئيس الذكي هو الذي يفهم ويعي بان العالم قد تغير, ويقوم بالتغييرات المناسبة ببلده, قبل ان يفوت الآوان ويصل به الأمر الى مصير صدام حسين ومعمر القذافي فهل يفهم هذا بشار الأسد؟
طلال عبدالله الخوري
هوامش: