برعم جديد في شجرة الحرية

no4extrimismعلي الكاش كاتب ومفكر عراقي

في الوقت الذي تتساقط فيه أوراق خريف نظام الملالي الحاكم في إيران، يظهر برعم جديد في ربيع شجرة الحرية التي ترعاها منظمة مجاهدي خلق وتسقيها بدماء شهدائها الإبرار سواء داخل إيران أو خارجها، سيما في مصنع الأبطال مخيم أشرف وسجن الحرية (ليبرتي). تتوالى الإنتصارات في المحافل الدولية يوما بعد يوم كنتيجة طبيعية للسياسة العقلانية التي تنتهجها المنظمة وحكمة الرئيسة الإيرانية المنتخبة السيدة مريم رجوي في التعامل مع الملفات الإيرانية الداخلية والدولية، مما جعلها محط أنظار المجتمع الدولي الذي لم يخف إعجابه بقوتها وإداراتها السديدة للمنظمة. وهذا ما يتجلى في الحضور الكبير للشخصيات السياسية والبرلمانية الإعلامية علاوة على النخب الإجتماعية من مختلف دول العالم للمشاركة في مناسبات المنظمة التي تعقد في باريس.
في الوقت التي يتناقص فيه رصيد مكانة نظام الملالي الدولية بسبب سياسات القمع والإضطهاد التي يمارسها داخل إيران، إضافة إلى تدخله السافر في الشئون الداخلية لدول المنطقة، يرتفع رصيد الحركات المعارضة لنظام الملالي بوتائر عالية. فقد تكشفت الحقائق عن الطبيعة العدوانية لنظام ولاية الفقية، مما أثبت صحة الإنتقادات التي كانت توجهها حركات المعارضة الإيرانية له سيما منظمة مجاهدي خلق التي شخصت كل مواطن الخلل في النظام بدقة متناهية، ورسمت الحلول الناجحة لتجاوز الخلل. بهدف تحقيق نقلة نوعية للشعب الإيراني من دياجير الإضطهاد والإستبداد إلى رحاب الحرية والديمقراطية.
وضعت السيدة رجوي بحكمة وعقلانية علامات الطريق لهذه النقلة عبر خطوات تمهيدية، أولها إسقاط النظام الفاسد الذي أتعب المجتمع الدولي بتحديه، وتهربه من إلتزاماته الدولية وتلاعبة بالملف النووي، وأرهق دول المنطقة أيضا جراء سياسة تصدير الثورة البائسة التي فشلت في الداخل ويعمل على تصديرها للخارج، علاوة ودأبه المستمر على إعادة الشعب الإيراني إلى عصور الظلم والإضطهاد.
إن النقاط الإستراتيجية التي أعلتنها السيدة الرجوي في باريس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حاضر إيران وتأمين مستقبل الأجيال القادمة للشعب المقهور الذى عاني الويلات من نظام الملالي، إنما هي الحلول الحتمية والناجعة لإيران المستقبل، إيران الحرية والديمقراطية والمساواة، إيران السلام والأمن وإحترام سيادة الدول، إيران الرخاء والرفاهية.
الحقيقة إن إستراتيجية السيدة رجوي، تتجاوز محنة إيران، لتشمل جميع الدول التي تعاني من قوى الشر والظلم والإضطهاد والإستبداد وقمع الحريات، وإنتهاك حقوق الإنسان. لقد رسمت خارطة الطريق الجديد الذي يجسد أحلام كل الشعوب الراغبة في الأمن والسلام وليس إيران فحسب.
من الذي لا يرغب بدفء الحرية، ونسمة الديمقراطية، وظلال الديمقراطية؟ من الذي لا يرغب في صفاء السلام والأمن؟ من الذي لا يرغب بإحترام السيادة وعدم التدخل في شؤون الغير؟ ومن الذي لا يرغب بالخروج من حلبة الصراع النووي لإسعاد شعبه؟ من الذي لا يرغب بأن تستثمر ثروات بلده للبناء والتقدم والتنمية، وليس للحروب وإثارة الفتن والقلاقل وسباق التسلح؟ ومن الذي لا يرغب بالخروج من صدفة الظلام إلى مطالع النور؟
لقد توالت إنتصارات المعارضة الإيرانية منذ صدور قرار المحكمة البريطانية ومحكمة العدل الأوربية بإلغاء صفة الإرهاب عن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وجاء في حيثيات القرار الصادر في 12 من كانون الأول عام 2006 ” إن المحكمة تلغي قرار المجلس لتجميد أرصدة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية”. كما ورد” إن منظمة مجاهدي خلق الإيرانية تم تأسيسها في عام 1965 بهدف استبدال نظام الشاه ثم الملالي بنظام ديمقراطي”. والحق إن هذا القرار الحكيم رغم تأخره كان فاتحة الكتاب لرفع الغبن والظلم الذي لحق بالمنظمة طوال عقود، بسبب المجاملات السياسية والضغوط الإقتصادية وضبابية المعلومات التي زود بها نظام الملالي الحكومات الأوربية مما ولد شكوكا حول طبيعة ونضال المنظمة نحو التحرر، من ثم تبين بطلان المعلومات وعُرف الغرض منها.
كما تم إستكمال القرار الأوربي بقرار صاعق أرعب نظام الملالي وجمد إطرافه الضعيفة، تمثل بقرار محكمة الإستئناف في واشنطن بتأريخ 16/7/2010 فقد إعتبرت المحكمة إدراج منظمة مجاهدي خلق كمنظمة إرهابية مخالفة صريحة للقوانين النافذة وروح العدالة. فأعادته إلى وزارة الخارجية الأمريكية لإعادة النظر فيه. لم يكن قرار محكمة الإستئناف مكرمة أو فضلا منها لمجاهدي خلق بقدر ما هو إقرارا للحق ورفع للحيف والظلم الذي الصق بالمنظمة طوال السنوات الماضية. وقد
جاء القرار متزامنا مع خطوات أخرى عرت نظام الملالي من ورقة التوت الأخيرة، وتركت أثرا طيبا في نفوس الكثير من المناصرين لمنظمة مجاهدي خلق بإعتبارها المُعبِر الحقيقي عن آمال وتطلعات الشعوب الإيرانية.
ولأن الحق كنور الشمس لا بد أن يشرق مهما تلبدت الغيوم وأكفهرت السماء، فقد جاء القرار الفرنسي الجديد الذي جعل نظام ولاية الفقية مترنحا كالملاكم الخاسر في الحلبة مستندا على حبال اليأس. فقد أسقط المدعی العام الفرنسی التهم المتعلقة بالاختلاس المالی ضد عناصر منظمة مجاهدي خلق. وذكر (ولیام بوردون) محامی المجلس الوطنی للمقاومة الایرانیة ” ان قرار المدعي العام كان نقطة نهایة لهذا التحقیق المضنی وغیر القابل للتحمل. وبذلك فقد ثبت شرعیة وكرامة والسمعة الطیبة للمجلس الوطنی للمقاومة الایرانیة”.
من الجدير بالذكر إن هذه التهمة الباطلة قد إخترعها نظام الملالي وألصقها بالمنظمة لغرض التسيقط السياسي، وبدأت التحقيقات منذ عام 2003 عندما لاحقت السلطات الفرنسية قيادة المنظمة بتهمة الإرهاب وفق صفقة سياسية مع نظام الملالي، وتم حينها إقتحام مكتب المنظمة في باريس بطريقة تعسفية مع إن الأبواب كانت مفتوحة أمام القوة الفرنسية المداهمة، وأحيل (24) من قيادات المنظمة لغرض التحقيق بتهمة الإرهاب، وفي عام 2011 تم إسقاط التهم، وإنكشفت الحقيقة أمام الرأي العام الدولي، وفشلت صفقة الملالي فشلا 1ريعا وفضائحيا.
لقد إستغرقت التحقيقات الفرنسية فترة طويلة، وكان نظام الملالي يتعمد تأخير إنجاز التحقيقات لغرض إبقاء وصمة الإرهاب بالمنظمة ومن خلال الضغط على الحكومة الفرنسية، وتزويدها بمعلومات مضللة، ولكن محاولاته كلها بائت بالفشل، إنه فشل طبيعي لأن التهم بُنيت على باطل والباطل كالظل سرعان ما يزول ولا يترك أثرا ورائه.
إن القرار الفرنسي الجديد له أهمية بالغة سيما في هذا الوقت الذي يتعرض فيه نظام الملالي إلى العقوبات الدولية بسبب تعنته وعدم إنصياعه للشرعية الدولية فيما يتعلق بالملف النووي والتدخل في شئون دول المنطقة. فبقدر ما دعم القرار الفرنسي منظمة مجاهدي خلق ورفع الظلم والحيف عن المنظمة، بقدر ما كشف فضيحة نظام الملالي الذي يتهم معارضية بالإرهاب، فكل من يعارض النظام هو إرهابي، وهذا هو حال أقزامهم في العراق، حتى اللاجئين الإيرانيين في سجن ليبرتي هم إرهابيون حسب رؤية النظام الإيراني وتابعة الذليل في العراق.
الحق إن نظام الملالي نفسه هو نظام إرهابي ويجب إستأصاله من جذوره المتشعبة إلى خارج إيران، فهو عامل إضطراب وعدوان وعدم إستقرار لدول المنطقة، وهذه ما يشهده العراق وسوريا ولبنان واليمن ودول الخليج. كل التنظيمات الإرهابية ذات النزعة الطائفية تُمول وتُسلح وتُدرب في ولاية الفقيه. الحرس الثوري الإيراني وحزب الشيطان بإذرعة السرطانية في المنطقة وفيلق بدر وجيش المختار وعصائب أهل الحق وجيش المهدي وتنظيم الحوثيين وغيرها كلها تنظيمات إرهابية، نشأت وترعرت برعاية نظام الملالي الحاكم في إيران.
نظام الملالي هو الحاضنة الأولى والمفقسة الرئيسة للإرهاب في المنطقة.
ومن المخجل بل والمثير للسخرية في نفس الوقت، دعوة هذا النظام الإرهابي للمشاركة في المؤتمرات الدولية المخصصة لمكافحة الإرهاب. فالإرهاب لا يكافح بالإرهاب!
في الختام هنيئا لمنطمة مجاهدي خلق بهذا النصر الجديد، فيوم بعد يظهر الوجه الجميل للمنظمة، ويوم بعد يوم يظهر الوجه القبيح لنظام الملالي. وطالما إن المنظمة هي المعبر الحقيقة عن آمال وتطلعات الشعب الإيراني، فهذا يعني إنها الأصلح، والبقاء دائما للأصلح.
علي الكاش

About علي الكاش

كاتب ومفكر عراقي . لدي مؤلفات سابقة وتراجم ونشرت ما يقارب 500 مقال ودراسة. لدي شهادة جامعية في العلوم السياسية واخرى في العلاقات الدولية شاركت في العديد من المؤتمرات الدولية لدي خبرة واسعة جدا في الكتب القديمة والمخطوطات
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.