في لحظة غضب نادرة للكاتب النادر جبران خليل جبران صرخ بصوت عالي ، صرخة قرأناها و لم نسمعها: “لكم لبنانكم و لي لبناني”..
أتبعو بعد عشرات السنين الكاتب الصحفي اللبناني غسان التويني و بعد اغتيال النظام السوري لابنو جبران و صرخ في اليوم التالي على افتتاحية جريدة النهار :” لكم جبرانكم و لي جبراني”..
تذكّرت هالحادثتين المنفصلتين بعد اللي صار اليوم في حمص ، و ذاكرتي قادتني لهونيك نتيجة القناعة اللي اترّسخت عندي من بداية الثورة بأنّو أحرار حمص ، كل حمص صرخوا من اليوم الاول : ” لكم ثورتكم و لي ثورتي ” ..
حمص الثورة لم تكن استثناء ، بل كانت القاعدة، و باقي ثوار سوريا كانوا الاستثناء لنعترف..
ساحة المدينة اللي ضمّت كل أهالي هالمدينة الرقيقة، أهاليها اللي اخدوا كل عذوبة نهر العاصي و رجولة صحراءها، و عند و شدّة رياحها ، خرجوا من الايام الاولى للثورة رجال و نساء، أطفال و شيوخ ، المثقف و الجاهل ، المتعلم و الأمّي ، الغني و الفقير .. خرجوا كلهون لإيمانهون بضرورة و أحقيّة خروجهون..
جابوها الشباب من أول يوم و من الآخر :
“الشعب يريد إسقاط النظام ” ، لا ضّيعوا وقتهم بصرخات الحرية، لإيمانهون انو رح يحصلو عليها بمجرد سقوط الاسد، و لا طالبوا بالكرامة ، لانهون مجبولين و معجونين و مطبوخين فيها..
و لمّا اشتد الألم ، و ضاقت الساحة فيهون، و بعد ما اخترق صفاء و نقاء هالثورة ضجيج دبابات الاسد ، و بعد ما عكّر الاسد سما حريتها بذيول نفاثات طيّارات الموت ، ما اترددوا بحمل السلاح و بدء الكفاح المسلّح ، و لا تودّدوا لحدا للحصول على هالسلاح..
ضحكونا بمواقف..
و أبكونا بمواقف..
و أذهلونا بمواقف و مواقف و مواقف..
ما اخدتي يا عديّة لقب عاصمة الثورة من فراغ.. و دفعتي تمن هاللقب كتير، فاتكسّرت حيطانك ، و اتهجروا أهلك ، و انتُهكت مقدساتك ، و اتشرّدوا أطفالك..
من خوفك و حزنك يا عديّة على ولادك صرختي فيهون مبارح : اخرجوا من بطني يا ولاد ، روحوا ارتاحو، كلو و نامو ، فمتل ما صمدت فيكون الف يوم ، ببركة سيدي خالد رح أصمد بلاكون..
روحوا يا ولادي الله معكون بس لا اتطولوا ..و لا تفكروا ترجعوا بلا ولادكون و نسوانكون و عواجيزكون، و بوعدكون افتح أبواب الساحة مرة تانية و من ورا الساروت و على صوت بيانو الجندلي رح نغنّي كلنا سوا :
جنّة جنّة جنّة .. جنّة يا وطننا..
يا وطن يا حبيّب ، يا بو تراب الطيّب..
حتّى نارك جنّة ..