نزار جاف
حالة من عدم الاستقرار واللا امن تكاد تلقي بظلالها الداكنة رويدا رويدا على اكثر من بلد في منطقة الشرق الاوسط, ومع انعدام بدائل التصدي والمواجهة, او بالاحرى تواضعها في مقابل التحديات والتهديدات, فان كفة الميزان تميل بوضوح لمصلحة من يعملون على صناعة واعداد وتصدير التطرف الديني الى هذه الدول.
اثار بصمات او اقدام النظام الايراني, صارت واضحة بحيث لا تحتاج الى تحقيقات جنائية او للبحث والتمحيص, لان الاحداث والتطورات الاخيرة دلت بكل وضوح على ما يشير الى اكثر من تورط لهذا النظام في اكثر من شان داخلي في دول مختلفة بالمنطقة, والذي يثير السخرية ان هذا النظام وعوضا عن جهد يبذله من اجل العمل على انهاء تدخلاته تلك, فانه يعلن انه يعمل من اجل اقرار السلام والامن والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط.
العراق و سورية, لبنان واليمن, فلسطين والبحرين, كل هذه البلاد تعاني بصورة او باخرى من اثار البضاعة الكاسدة السامة الواردة من طهران التي تعمل على تغيير وتحريف الانتماء الوطني والماهية والمحتوى الانساني لمواطنين من اطياف محددة في هذه البلدان, وهو خطر كبير جدا ليس من السهل على هذه البلدان مقاومته والحد منه.
ان الكلمة الاخيرة للملك السعودي الموجهة للعرب والمسلمين و العالم كله, قد غلب عليها طابع من التشاؤم من جراء الاعتراف الضمني بقوة الهجمة السوداء المضادة التي تكاد شررها ان تصل الى الجميع من دون استثناء, وبطبيعة الحال فان المنطقة والعالم كله يشهد اجتماعات”العار”و”الضحك على الذقون”, بين مجموعة خمسة زائدا واحد وبين النظام الايراني, التي لم تحقق حتى الان اي تقدم الا بالاتجاه الذي يخدم نظام طهران.
خلال شهر واحد في الفترة بين 26 يونيو و27 يوليو الماضيين, سنحت لنا الفرصة لحضور مؤتمرين للمقاومة الايرانية في باريس, تم خلال هذين المؤتمرين التركيز على الدور التخريبي لنظام طهران من حيث تامره و تربصه بشعوب ودول المنطقة, وفي المؤتمرين اللذين حضرهما على التوالي ممثلون عن 69 و31 دولة من مختلف نقاط العالم, تحدث الكثيرون عن الشر والسوء المنبعث من هذا النظام, اذ اكد ساسة وبرلمانيون ومفكرون ومثقفون ورجال دين ونساء ناشطات, ان لا سلام ولا امن ولا استقرار في منطقة الشرق الاوسط الحيوية الستراتيجية ببقاء نظام نظام طهران الذي لا عمل له سوى المشي في جنازات قتلاه, وللحقيقة لم اتعجب انما ذهلت من ذلك الصبر والتحمل الكبيرين لدى سيدة المقاومة الايرانية مريم رجوي ورفاقها في النضال ازاء النفاق المكشوف للدول الكبرى والحذر والصمت المريب لدول المنطقة تجاه القضية الايرانية, حيث ان الجميع, بدءا من الدول الكبرى وانتهاء بدول المنطقة, ينتظر التغيير في طهران ويتمناه من اعماقه, لكن لا احد يتحرك ولو سنتيمترا واحدا من مكانه للامام باتجاه ذلك, كدعم تطلعات الشعب الايراني للحرية والديمقراطية والاعتراف بالمقاومة الايرانية مثلا, لكنهم مع ذلك مستمرون بحلمهم الوردي و ينتظرون التغيير وكانهم لا ينتظرون غودو الذي لا ياتي ابدا فقط, وانما ينتظرون ايضا تحرك الموتى من قبورهم كي يسقطوا عوضا عنهم نظام طهران!