جاءت عاصفة عام 2003 لتقتلع صدام ونظامه الدكتاتوري, وتزرع الأمل في ربوع العراق, بان تتنفس الجماهير نسيم الحرية والطمائنية, وتعود الحقوق لأهل العراق, عبر حل مشاكل الناس من قضية السكن والبطالة والصحة, وتوفير رواتب تحفظ كرامة الإنسان العراقي, أحلام تراقصت في مخيلة كل العراقيين ليلة قلع صدام, لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه, فهنالك عوارض وموانع وقفت على الضد من أحلام الناس , أما العوارض فهي متمثلة بجبهة الموالين لصدام وخلايا التكفير, وأما الموانع فهي متمثلة بقافلة الأحزاب, التي فشلت في أدارة الدولة, وانتهج بعضها منهج اللصوص, ودعم بعضها الأخر حيتان الفساد.
العراق أصبح عرضة للمخاطر, بسبب العوارض والموانع التي ذكرت, عندها كان تحرك المرجعية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه, فكانت فتوى الجهاد ضد الدواعش, حيث برز موقف المرجعية كمحامي عن العراق.
● سقوط الموصل وفتوى المرجعية
كانت لسياسة الدولة الفاشلة ومنذ الحكومة الأولى, أثرها السيء على عموم محافظات العراق, فالفشل يخلق التذمر, فكيف أذا تواجد عدو يتصيد العثرات, وبما أنها كثيرة فقد أعطى المبرر للأعداء, من قبيل البعثيون والوهابيون والإرهابيون, حيث كانوا يجذبون السذج عبر نقدهم لسياسة الدولة الخاطئة, مع خلطة تكفير وإباحة للدم, فكانت فئة واسعة قي الموصل والانبار وتكريت تقف على الضد من كل العملية السياسية, نتيجة قبولهم الأفكار المتطرفة من قبل التحالف الثلاثي ( البعث+القاعدة+الوهابية), والذي أنتج فيما بعد داعش, التنظيم المجرم الذي احتل المدن السنية الثلاث.
في تلك الايام المخيفة أصاب منظومة الجيش العراقي انتكاسة نفسية كبيرة, خصوصا بعد هروب قياداته ذات الرتب الكبيرة, وانكشف هشاشة التدريب والتسليح والخطط, وتجلت فضيحة لا تغطى للحزب الحاكم, فهرب مئات الجنود في المناطق الساخنة, وحصلت جريمة اسبايكر المؤلمة, لتضع الملح على الجرح, ويزداد الخوف من حصول مجازر لاحقة كما هدد الدواعش, وكنا أمام شبح تمدد داعش للوصول الى بغداد.
لكن فتوى المرجعية الصالحة أوقفت الهزيمة, حيث أفتى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي, فالتحق الآلاف من الشباب وحتى كبار السن, لرد الهجمة البربرية خصوصا مع غياب الحكومة وجيشها, وتم الأمر ورد كيد الدواعش, وبعدا اصطف كل العراقيون خلف فتوى المرجعية وتم تحرير المدن الثلاث, بفضل الله وفتوى السيد السيستاني, فصاحب النصر الحقيقي هو المرجع الأعلى وليس الساسة الذين مجرد تواجدهم كان اكبر مشكلة للعراق.
هنا نكتشف أمر مهم يجب أن يرسخ في المجتمع, وهو عندما يتوحد العراقيون خلف توجيهات المرجعية فان الخير يأتي للجميع.
● ضعف الأحزاب والطبقة السياسية
في الدول المتحضر تكون الطبقة السياسية قوية, فهي الأكثر خبرة, وحنكة, والأشد فهما, لأصول إدارة الدولة وملفاتها المهمة, لكن في العراق أنتجت الأحزاب طبقة سياسية جاهلة وضعيفة, تسببت بخيبة أمل العراقيين, فكأن العراق يسبح في بحر من الفتن والأزمات, التي أوجدها حلف الأحزاب في تنافسه على مغانم السلطة, خصوصا مع وفرة الإيرادات المتحصلة من بيع النفط, هذا الصراع السياسي تسبب في ضعف الدولة, فالصراع والفساد لا يبني دولة قوية, بل يجعل منها ورقة في مهب الريح.
الحل شخصته المرجعية, وهو قضية التغيير والتجديد, والتي تبنتها المرجعية الصالحة بحسب دعواها لانتخاب الأصلح, أو مقولة الشيخ الفياض “المجرب لا يجرب”, والتي لو التزمت بها جموع الجماهير في الانتخابات, لأنتجت لنا طبقة جديدة.
● الحل في الالتزام بإرشادات المرجعية
من الممكن الخروج من انتكاساتنا المتوالية بفعل الأداء السيء للطبقة الحاكمة, فتكون تجربة السنوات ال 14 شاخصة إمام أعيننا, وهذا الخروج يتم عبر التزام كل الجماهير بإرشادات المرجعية, أي تصبح الجماهير التي تشارك بالانتخابات ملتزمة بإرشادات المرجعية, وليست خاضعة للأحزاب والكيانات السياسية, عندها تفوز فقط الأحزاب التي تلتزم بإرشادات المرجعية التي تعمل فقط للعراق ولشعب العراق, من قبيل الإصلاح الحقيقي, وإقامة العدل, ومحاسبة المفسدين, وأعمار البلد, وتوفير السكن, وتقليل البطالة, وتحسين الصحة.
تصبح أرادة الشعب أقوى من الأحزاب, فقط عندما تخرج من سطوة الأحزاب, وتصبح مطيعة لإرشادات المرجعية, أي تكون الجماهير حرة.
عندها يحصل التغيير الحقيقي وتتغير المعطيات, فلا يصل لمركز القرار الا من كان ملتزما بإرشادات المرجعية الصالحة, والتي خبرها العراقيون وكل العالم, فهي دوما لمصلحة العراق والعراقيون.